الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان صدام مغامرا شريفا؟

عبدالمنعم الاعسم

2004 / 3 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ترسيم آخر لما حدث
الموقف مغامرة.. يصح هذا في السياسة وفي غيرها، أيضا.. ومن لا يغامر يتآكل، أو كما يقول يفجيني بريماكوف في مذكراته "يتوارى" .
والمغامرة شجاعة، لكنها تكف عن ان تكون كذلك حين لا يعترف المغامر باخفاقه، أو حين يكرر مغامرة باءت بالفشل، مرة أخرى، متواكلا على الصدف، وقد يقال بان الشجاعة مغامرة ، وليس هذا القول من جنس الفذلكة إذا ما تأملنا قلة الشجعان بحيث لا نراهم بالعين المجردة فيما يملأ المنبطحون الشاشات الملونة.
لكن المغامرة غير المقامرة..الاولى دهاء، قد يجر الى انتكاسات وكوارث، والثانية طيش قد يفتح ابواب المجد والثروة، ولكن المغامرين والمقامرين ، إذ يتحاربون ويفترسون بعضهم قد يتصاهرون في لحظات تاريخية، وقد يتحالفون لتقاسم غنيمة أو لتقسيم كعكة، وفي السياسة وفرة من الامثلة عن تحالفات غير مبدئية أملاها عارض تاريخي أو حكمها التقاء في هامش من الصراع، سرعان ما تنفرط ويعود كل الى مربعه.
المغامرون، على خطاياهم الكثيرة، اكتشفوا امريكا واعلى قمة في هملايا واسرار الفضاء والمجرات، وكسبوا معارك اسطورية ضد المستحيل فسهلت اكتشافاتهم ونجاحاتهم للبشرية الدخول الى عصر المنجزات الكبرى، فيما المقامرون لم ينفعوا -إن نجحوا- إلا انفسهم ودائرة ضيقة من مساعديهم.
والمغامرة في جزء من آياتها، فروسية، تسعى بصدق الى التحدي وكسب الرهان اعتمادا على ثقة مفرطة بالنفس، أو تواكل على الصدف والرغبة في قهرها، وهي تفيض احيانا بالتسامح أو بالكرم، وقد تصلح لميدان السياسة لتفكيك بعض أبوابها، خلاف المقامرة التي حرمها (ارسطو) على اليونانيين في كتابه(الاخلاق) بوصفها ممارسة غير محترمة، والتي تنطلق، في البداية، من كراهية المقامر لسلطة والديه، ورغبته الجامحة، لا لكسب المعركة، فالانتصار هنا ليس مهما له قدر مزاولة إذلال الخصم الذي يصبح وهميا في بعض الاحيان.
وليس من دون مغزى ان تنص قوانين الدول على منع مزاولة القمار على الفتيان دون سن الـ18 عاما، ويعيد العالم النفساني(بيرجلر) ذلك الى خطر وقوع المقامر الصغير لقمة سائغة للرغبة في تحطيم الذات و(الانتحار البطئ)، ويقال ان لعبة الروليت الدموية انتشرت أولا بين فتيان في سن مبكرة قبل ان تصبح لعبة لمقامرين من عيار ثقيل لا يتورعون عن المقامرة حتى ببلدانهم.
مناسبة الحديث عن المغامرة والمقامرة تتصل بما كتبه محلل مغربي عن شخصية صدام حسين وخلص فيها الى القول انه كان(مغامرا شريفا) في خطيئة معرفية تخلط بين المغامرة والمقامرة.
لم يكن صدام حسين مغامرا، فللمغامرة بعد فروسي يفيض بالكرم والتسامح ما كان يفتقده الرئيس العراقي المخلوع حتى إزاء المقربين به ممن فتك فيهم بوحشية تأنفها الذئاب، بل كان مقامرا مهووسا بعاهة الكسب في ملعب السياسة ..اما قضية(الشرف) التي أدخلها الكاتب المغربي الى السياق فانها استهلكت منذ أن قال برنارد شو (كل يبحث عما يفتقده) حين سؤل عن السبب الذي يدعوه الى الكتابة عن المال وليس عن الشرف.
ومضة:
"قالوا للذيب إسرح بالغنم.. صار يبكي"
مثل عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال غزة: من أهوال الحرب إلى نقص المواد الأساسية


.. جون كيربي: -خريطة طريق- جديدة لإنهاء الحرب في غزة




.. بين عزلة وانهيار الحكومة.. خطة بايدن تضع حكومة نتنياهو بمفتر


.. على وقع تصعيد خطير في جنوب لبنان.. بيروت أولى محطات وزير خار




.. سقوط 3 صواريخ بالجليل الأعلى واعتراض آخر في إيلات