الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرائم الانتخابية .. الإجراء والجزاء

طالب الوحيلي

2009 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


القاعدة الفقهية تنص على ان درئ المفاسد أولى من جلب المنافع ، فإذا ما وقعت مفسدة تهدد المجتمع فلا بد من قوة ردع تحول دون طغيانها وانتشار آثارها في المجتمع ، وهنا لا بد من تقنين القواعد المنظمة للعلاقات القائمة وتحديد الحدود بين المباحات والمحظورات ، ووضع النصوص العقابية لفرض تلك القواعد على الأفراد اذ لا عبرة بالقانون العقابي دون عقوبة او جزاء يتناسبان مع الفعل المرتكب ضد الأفراد أو الجماعات ، فإذا ما استهدف الأمن العام اي استهداف النفس والمال والقيم الروحية والسيادية ولم يتعلق بحق فردي مجرد ، عند ذلك يكون استهداف للحق العام الذي لا يمكن الاتفاق على مخالفته او التنازل عنه حتى لو تنازل عنه المجني عليه نفسه .
هذا تفسير يسير لأهمية اقتران القاعدة القانونية الملزمة بالعقوبة وعدم التنازل عنها اذا كانت من الحق العام ،ولعل أهم أشكال الحق العام في المرحلة الحالية التي يعيشها هي القواعد الدستورية المنظمة للحياة الديمقراطية في تعاطي السلطات وفي الوصول الى قمم الهرم الإداري لحكومات المحافظات ، اي العملية الانتخابية التي تعتبر اليوم وبحق ميزة التغيير السياسي منذ سقوط النظام البائد ، وبذلك فلا بد من وجود قانون يحمل في طياته عناصر قوته التي تستطيع جعله عنصر نجاح لهذه العملية التي قد تعاني الاخفاق الكبير في العديد من دول العالم حتى الأكثر عراقة في الديمقراطية منها .
إذن تنفيذ قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 ونجاحه في تنظيم الانتخابات في ظل ظروف غير قياسية في المفهوم الواقعي بسبب كثافة المشاكل والتنافس الشديد الذي أفرزته وقائع التجربة السياسية الجديدة وما يكتنفها من تقاطعات حادة ، قد يمنحها ذلك حصانة كبيرة اذا ما تحقق التنافس العادل والشريف ونال كل مجتهد نصيبه كما يقال ، وجدوى هذا النجاح تكمن في القواعد الآمرة والعقوبات المادية او الجسدية ضد من يخالفها سواء كان فردا او كيانا سياسيا ، حيث تتراوح بين الغرامة والحبس وحرمان الكيان السياسي من الأصوات التي حصل عليها في المركز الانتخابي الذي وقعت فيه الجريمة الانتخابية ، او الحرمان التام للكيان السياسي في المشاركة في الانتخابات .
والسؤال الملح هو اي سلطة تختص بالحكم بهذه العقوبات وكيفية التنفيذ وقبل ذلك من يحرك الشكوى في الجرائم الانتخابية ؟ لقد حدد النظام رقم 11 لسنة 2008 الصادر من مجلس المفوضية العليا للانتخابات إجراءات تقديم الشكوى وفق الآتي : يحق لأي شخص عدا مراقبي الاستفتاء او الانتخاب تقديم طلب الى المجلس يتضمن شكوى او نزاعا بشأن عمليتي الاستفتاء او الانتخاب .
وتقدم الشكوى مكتوبة وموقعة من قبل الشخص الذي شهد الواقعة أساس المخالفة او من ينوب عنه خلال ثلاثة أيام من تاريخ حدوثها ، واذا كان المشتكي كيانا سياسيا فيجب توقيع الممثل المخول عنه على الشكوى. ويجوز تقديم الشكوى في مرحلة التسجيل الى مدير مركز الاقتراع او مدير المكتب الانتخابي في المحافظة ، اما في مرحلة الاقتراع فتقدم الشكوى الى مدير المحطة او مدير مركز الاقتراع او مدير المكتب الانتخابي في المحافظة او المكتب الوطني مباشرة ، ويجوز تقديم الشكوى عن طريق البريد الالكتروني بموجب استمارة الشكوى الموجودة في موقع المفوضية الالكتروني , ولمجلس المفوضية ان يستدعي شهود او أطراف الدعوى ويعقد جلسات استماع يمكن ان تكون عامة او خاصة حسبما يرى ، كما ان له طلب استلام الأدلة ذات الصلة في هذه الجلسات بكل الطرق الممكنة ، فيما يجب تثبيت جميع الأدلة التي يطلّع عليها المجلس بموجب محضر وترفق مع الشكوى . بعد ذلك يبلغ المشكو منه تحريريا متى ما أمكن ذلك وتتاح له فرصة الرد في موعد محدد لتقديم الرد ، ويجوز تقديم الرد في اي مركز انتخابي للمفوضية ، وعلى المكتب الانتخابي في المحافظة تسليمه الى مجلس المفوضية بصورة سرية وفي أسرع وقت ممكن ، ويستمر المجلس في نظر الشكوى حتى في حال عدم تقديم رد من المشكو منه ، ويجوز إعادة النظر في الشكوى في حال توفر أدلة جديدة او إذا كان هناك تأخر في وصول الرد الى المجلس بعد تقديمه في الموعد المحدد .
قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (11) لسنة 2007 في الفصل الثامن وتحت عنوان الشكاوى نص في المادة (8) منه السلطة الحصرية فيما يتعلق بالتنفيذ المدني لإجراءاته وأنظمته ويجب على المجلس ان يحيل أية قضية جنائية الى السلطات المختصة اذا وجد دليلاً على سوء تصرف بنزاهة عملية انتخابية . وفيما لم ينص قانون المفوضية العليا على عكس ذلك يملك المجلس السلطة الحصرية لحل النزاعات الناجمة عن إعداد وتنفيذ الانتخابات وطنية إقليمية او على مستوى المحافظات ويجوز له ان يفوض الصلاحية للإدارة الانتخابية لحل المنازعات لحظة وقوعها. وتقوم محكمة التمييز بتشكيل هيئة تسمى الهيئة القضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة اليها من مجلس المفوضين او المقدمة من قبل المتضررين من قرارات المجلس مباشرة الى الهيئة القضائية التي يجوز استئناف قرارات المجلس النهائية أمامها .
و تنشر قرارات مجلس المفوضية في (3) صحف يومية لمدة ثلاثة أيام على الأقل وبالغتين العربية والكردية ويجب ان يتم استئناف القرار خلال ثلاثة أيام تبدأ من اليوم التالي للنشر من قبل الكيان السياسي المعني بالقرار ويقدم هذا الاستئناف الى المكتب الوطني او أي مكتب انتخابي للمفوضية في الأقاليم والمحافظات .
كما ان على الهيئة القضائية للانتخابات الفصل في الاستئناف خلال مدة لا تتجاوز العشرة أيام من تاريخ إحالة الطعن من قبل مجلس المفوضين وان قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن بأي شكل من الأشكال . و تضع الهيئة التمييزية القضائية عند تشكيلها إجراءات الطعن أمامها في قرارات مجلس المفوضين بما لا يخالف ما ورد في هذا القانون واستثناء من قانون المرافعات المدنية النافذ والمعدل رقم (83) لسنة 1969 والقوانين الإجرائية الأخرى .

المحامي طالب الوحيلي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم