الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عروس السفائن .. لن ينطق الحجر

كريم الهزاع

2009 / 1 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


سأحكي لكم هذه الحدوتة : " نزل أحدهم إلى البحر ولأنه لا يعرف السباحة شارف على الغرق ، رآه أحدهم يستغيث وهو أيضاً لا يجيد السباحة فأطلق استغاثته نحو المارة ، توقف أحدهم وسأله المستغيث :
- هل تعرف السباحة ؟
رد عليه بأن نعم ، ولكن لماذا هذا السؤال ؟
أخبره بأن أحدهم شارف على الغرق ولا يجيد السباحة ، رد عليه من يجيد السباحة :
- إذا كان لا يعرف السباحة لماذا نزل إلى البحر ؟
رد عليه المستغيث :
- يا هذا أنقذه من الموت أولاُ ثم بعد ذلك حاسبه . "

ما يهمني في تلك الحدوتة أن الكثير من المحللين " الاستراتيجيين " كلما سئل عن الوضع في غزة والوحشية الصهيونية رد بأن حركة حماس هي المتسبب ، أو هذه الأحداث وراءها إيران وسوريا وحزب الله ، وهذا المحلل " الأستضراطي " والكثير من كتبة المقالات والتقارير والتحاليل السياسية يشبهون تماماً ذلك " السباح " الذي في الحدوتة والذي يتنفس الهواء الطلق بشراهة بينما الغريق يبحث عن نفس أخير لكي يعبر للحياة ، وهذا النوع من " البطرانيين " هم تماماً مثال لمن صمت دهراً ونطق كفراً ، إما من لاذوا بالصمت وكأن على رؤوسهم الطير ، فأني مازلت أسئل عن غيابهم وغياب الكثير من طائفة " اللحى " الطويلة ، فأين شيوخ الميكي ماوس عن ما يجري من وحشية ؟ أين معجزات زغلول النجار ؟ أين كل فقهاء الظلام ؟ .. من ألجمهم حجر ؟ من كمم أفواههم ؟ وهل سيجيء اليوم الذين ينطقون به كفراً بعد أن صمتوا دهراً ؟ .. الميكروفونات مشتاقة لكم جداً وشاشات التلفزه ، وصورة وجوهكم البهية غابت عن الصحف ، وكل الجماهير الساذجة الذين قمتم بغسيل أدمغتهم بانتظار جرعة أفيون من عطاياكم الكريمة وخطاباتكم وفتاواكم المبجلة .. متى ستخرجون عن صمتكم ؟

تخرجون من جحوركم أو لاتخرجون لم يعد الأمر يجدي ولم تعد الأمة بحاجة لكم ، لقد غسلنا أيدينا بالماء والصابون من كل رائحة تمت لكم بصلة ، وإذا كان كل هذا الدمار الذي يحل بالبشرية المنكوبة في فلسطين لم تحرك شعرة من رؤوسكم ، فكيف سيحركها سؤال ، وإذا كان نحيب كل الثكالى هناك وصراخ الأطفال لم يحرك شعرة واحدة في جسدكم المقدس فلن تحركها كلمات مرصوصة هنا أو تساؤل ، ولتعرفوا بأن كل الأمة وكل الشعوب قد عرفت بأنكم شاركتم بدم المنكوبين في فلسطين بصمتكم هذا ، وليسجل التاريخ ، ولتشهد كل البشرية بأن موقفكم المتخاذل هذا لن ينسى .


فأما أنت يافلسطين لك الله .. ولك منا أكياس متراصة من المؤن والأدوية التي تداوي الجسد ولا تداوي القلوب ومجموعة من الأسرة لنستقبل بها الجرحى والمنكوبين ومجموعة من الصور لهم تثبت لكم بأننا معكم، وحملة من المساعدات المالية يسبقه خطاب يشجب وبشدة كل تلك الوحشية التي تتلقونها على أيدي الصهاينة، فهل هذا يكفي ؟ .. لايكفي .. تريدون قليلاً من الدعاء .. لانسنطيع ، لأن دعاؤنا لايرتفع ، ولأنه لايشبه تماماً دعاء الاستسقاء السنوي بمباركة رجل الأرصاد الجوية ، فهل وصلت لكم الرسالة ؟ وشكراً لكم لأنكم قبلتم دور الضحية ، شكراً لروح كبش الفداء فيكم ، مع أنكم تأخرتم كثيراً على أن تكونوا معنا نحن هذا اللفيف من المستضرطيين والفقهاء ، لذا لا تغضوا مضاجعنا بموتكم ، واحتفظوا بجرحاكم هناك ، وبالأطفال الذين يموتون في الشوارع ، لم يتبدل شيء ، نحن مثلما كنا وكما عرفتمونا ، والمشهد نفس المشهد ، والصوت ذاته للشاعر مظفر النواب في قصيدته التي يبكي فيها على " عروس السفائن " :
" وهذي الجنازة أصغر من أصبعي .. فادفنوها
وأم الجنازة يكسرها الانحناء
وجد الجنازة أعمى يتأتئ
والعينُ يرشح منها على الصمت ماءُ
فقيل لنا: مبلغٌ يحسم الأمرَ
فاجتمع الفقراءُ
فللمال أفعاله يستفز
هنا دفن الطفل في آخر الأمر
يا أرض غزة فاسترجعيه
لئلا مقابرهم تستفزُّ ".
عروس السفائن أعذرينا كنا بشر ، إلا أن نظرة من " ميدوزا " احالتنا إلى حجر ، وهل ينطق الحجر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا