الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة ام مقاطعة

عبد العالي الحراك

2009 / 1 / 13
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


المشاركة في العملية السياسية بالنسبة لليسارالعراقي كانت مشاركة خاطئة,ليس لانها تمت تحت الاحتلال فقط, وانما لطائفيتها وقوميتها وعشائريتها,ولسيطرة هذه القوى عليها بشكل كبير, ولضعف القوة اليسارية الوحيدة المشاركة فيها ,التي ابدت كثير من التنازل والابتعاد عن المفاهيم والمباديء اليسارية الاساسية في العمل السياسي الذاتي والتحالفي. ولا مجال للكلام عن مقاطعة اطراف اخرى للعملية السياسية, فقد استثنيت منها بعضها و(العملية السياسية) ذاتها موجهة بالأساس ضد الاخرى. مرت ستة سنوات ولابد ان تتحرك المواقف ولو قليلا,لان الاحوال والظروف تتغير,ولان الزمن يتقدم ,والمأساة العراقية مازالت دون اقتراب من حل او نهاية..ان طبخة الانتخابات المستعجلة السابقة جاءت بالقوى السياسية التي طبختها,وهو امر حتمي ومسلم به,وهي قوى طائفية وقومية وعشائرية,أي انها اتحاد قوي للتخلف والظلام. لقدعاش العراق تحت ظل هذه العملية السياسية السنوات الخمسة الماضية معاناة كبيرة وما زالت مستمرة.. وترتفع الان اصوات بعض العراقيين بعدم المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي على الابواب ,بحجة ان الاشخاص الذين انتخبوهم في المرة السابقة لم يقدموا لهم شيئا. لكن جربوا وانتخبوا غيرهم.. فالاجواء الامنية قد تغيرت وهناك بعض الامل في التغيير بالاتجاه الافضل.
اصحاب المنطق الايديولوجي المجرد الذين رفضوا العملية السياسية,لانها تمت تحت الاحتلال,يرفضون ايضا المشاركة في الانتخابات الان,ويدعون الى مقاطعتها لانها تتم تحت الاحتلال .وهذا منطق نظري مقبول اذا نظر اليه بصورة تقليدية مجردة ومعزولة عن تغيرالاحوال وتطورالاحداث ومتابعتها.. لكنه يصبح خاطئا اذا بقي جامدا معزولا تنتاب اطرافه ورموزه الصراعات الشخصية والمصالح الذاتية التي تفقدهم المصداقية والقبول الشعبي. ان الموقف من العملية السياسية ليس حكرا عليهم بل هو منطق من رفض العملية السياسية وما زال يرفض ,لأنه يبحث عن مخرج وعن فعل في سبيل الخروج من المأزق,لا قولا مجردا في احتدام الصراع. ان عدم المشاركة اولا في العملية السياسية ثم مقاطعة الانتخابات ثانيا دون فعل مؤثر في الاحداث امرلا طائل فيه. لو كانت المشاركة نشطة بعض الشيء رغم خطئها لأنتجت شيئا ايجابيا ,ولن تكن مقاطعة الانتخابات ايجابية باي شكل من الاشكال,لانها ستقوي مواقع اصحاب الطائفية والقومية والتخلف.
عموما اني مقتنع جدا بضرورة المشاركة الشعبية الواسعة في انتخابات مجالس المحافظات القادمة,مهما سيكون فيها من مساوئ وعليها من انتقادات,لان الغرض من المشاركة هو اعطاء فرصة لقوى التقدم والديمقراطية,كي تنافس قوى الطائفية والظلام ,وهو جانب من جوانب المقاومة السلمية الصحيحة المتطورة حسب المراحل ومجرى الاحداث.. فلو كنت في العراق لأعطيت صوتي الى شيوعي اعرفه في مدينتي المنكوبة البصرة ولطالبته بمزيد من العمل والنشاط,رغم اختلافي معه في الرؤى والمواقف الاجمالية وخاصة تحالفاته الحالية ومستقبلها.
باب ابداء المرونة والاعتدال في الطرح والخطاب وتجريب امكانيات الاخرين واستعدادهم للعمل والعطاء المتجدد دون البقاء المتجمد على الماضي ضروري جدا,لتحريك الاجواء وعدم الانغلاق على الذات. فلا يمكن الاعتماد على المنطق النظري فقطو بل الحركة الاجتماعية بين الناس تنتج اكثر مما ينتج المنطق النظري المجرد .توجد في العراق الآن حركة وطنية ديمقراطية وتوجه انتخابي فيه من الوعي ما يحتاج الى دعم وتشجيع,فلنكن مع تلك الحركة وليس مع السكون. المشاركة في الانتخابات ضرورية لتحديد تحرك الطائفيين وتحجيم تأثيرهم على بسطاء الناس,ولأعطاء امل لظهور قوى التقدم والديمقراطية.
ان عدم مشاركة بعض القوى السياسية اليسارية في الانتخابات ودعوتهم لمقاطعتها يتفق ومنطقهم الرافض لمبدأ الديمقراطية,بحجة انها تجري تحت الاحتلال..لكن يجب ان لا ينسوا بانهم يقفون مع قوى سياسية قومية واسلامية سلفية لا تؤمن اصلا بالديمقراطية بل تعمل لعودة النظام السابق تحت مسميات (المقاومة الوطنية) واخواتها وهم لا يقلوا تأثيرا سلبيا على حياة الشعب كما هي العملية السياسية الطائفية. ليس عذرا التشبث بوجود الاحتلال,بل يجب تجاوزه بفعل ديمقراطي حضاري متمدن يؤمن بالديمقراطية ,ويعتبرها خيمة عامة لجميع المواطنين تكفل فيها حقوقهم وتحدد واجباتهم وتقف بوجه الممارسات الطائفية الضارة. عدم المشاركة في الانتخابات يعني اضاعة فرصة للعمل بين الناس والحوارمن اجل توعيتهم في السياسة والاعيب الطائفيين والقوميين الانتهازيين.
الموقف من الحزب الشيوعي العراقي يجب ان يستمر ويتجدد ,من خلال النقد السلمي وتبيان المواقف الخاطئة القريبة والحالية وعدم الخوض في الماضي حتى لا تضيع حبال الوطن وتقتل المودة بين الناس الطيبين. يجب بلورة الموقف الصحيح وعدم مجاملة الكوادر الجيدة فيه ,بل وضعها امام مسؤؤلياتها . المشاركة في الانتخابات لا تعني السيرعلى اخطاء الحزب, بل محاولة طيبة لتصحيحها وتقويمها ,فقد تكون المشاركة في الانتخابات لجميع اطراف اليسار فرصة جديدة لبلورة طريق جديد يخرج الشعب من ازمته التي اوجدتها العملية السياسية الفاشلة ..وهذا يتطلب الانتقال من النطاق الضيق في التفكير والعمل لقوى اليسارالى النطاق الواسع الذي يستخدم اسلوب المحاورة والحجة الواقعية ..عدم وجود الحوار وفقدان الاتصال دليل على ضيق الافق (الحوصلة صغيرة) وعدم استيعاب المسؤؤلية الكبيرة,كما ان استغلال السياسة للامور الشخصية امر خطير.
ان اصرار الحزب الشيوعي على مواقفه السلبية ازاء بقية اطراف اليسار, يعطيها الحق في توجيه النقد المستمر له واختزان النوايا غيرالسليمة للبعض ضد البعض الاخر.. نأمل ان تكون وحدة الموقف من المشاركة في الانتخابات فرصة للحوار وفاتحة لعمل يساري جديد.
ادعو الناس ان يصوتوا للقوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وبالخصوص لمن هو اوفر حظا في تحقيق نتيجة ايجابية(الحزب الشيوعي العراقي) , دون ضياع في الاصوات لمرشحين غير معروفين ولتنظيمات جديدة غير متحالفة مع الاخرى..الدعوة بالمشاركة موجهة للمثقفين والكوادر الواعية الملتزمة بقضايا الوطن وليس لأصحاب المواقف الايديولوجية الجامدة.. فلهؤلاء مواقفهم المجردة عن الفعل في الواقع ,معروفة ولا يمكن ان تغيرها دعوات من هنا او هناك... كما ان موقف الحياد موقف غير مسؤؤل ولا يخدم الا اعداء الوطن والشعب .فتوجهوا الى الانتخابات يا ابناء الشعب العراقي واكسروا شوكة الطائفية ..كي تعجلوا اخراج المحتلين جميعهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت
خالد عبد الحميد العاني ( 2009 / 1 / 12 - 21:08 )
الأخ عبد العالي الحراك
ألا ترى معي أن المحاصصة الطائفية لم تكن معزولة عن مستوى إدراك الشارع العراقي الذي وجد نفسه متخندق طائفيا وهذا له أسبابه حيث ممارسات النظام السابق لم تترك له الخيار أو البديل لعملية سياسية تكون المواطنة هي العامل الأساس في إختيارات من يمثلون الشعب . عندما دخل الحزب الشيوعي الى العملية السياسية كان يدرك طبيعة هذه العملية وإن الدخول فيها لا يعني الموافقة على كل عللها بل العكس هو الصحيح. أنت تنظر الى الحزب الشيوعي عام 2003 وكأنه عام 1959 والفرق شاسع بين الزمنين. عندما سقط النظام في نيسان عام 2003 كان الحزب الشيوعي جذورا بلا سيقان وأوراق فدخل العملية السياسية من أجل إصلاحها من الداخل وعدم فسح المجال للقوى الطائفية الأستفراد بالوضع السياسي على الرغم من عدم التكافؤ بين الكفتين ولا أعتقد أن عدم دوخله العملية السياسية سيكون أفضل من دخولها لأ، تشتت اليسار ليس بسبب دخول الحزب العملية السياسية بل أن الأسباب أكثر من ذلك بكثير. إن عملية إصلاح العملية السياسية هي عملية تراكمية طويلة وتحتاج الى صبر ونفس طويل وأنا أعتقد أنه بعد 6 سنوات من العمل الشاق والمضني نجد أن هناك صحوة كبيرة في الشارع العراقي تجسدها إدراك الكثير من أبناء الشعب مساوىء الحكم والفساد المستشري في كل


2 - شكرا للأخ الحراك
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 1 / 12 - 21:43 )
اخي العزيز ابو حيدر
الطرف اليساري الذي شارك في العملية السياسية أجتهد فأن أخطأ فله حسنة وأن أصاب فله أربعة،ولكن الاطراف الأخرى التي لم تشارك في العملية السياسية في ظل الأحتلال هل أستطاعت القيام بعمليات عسكرية لمقاومة المحتل أم اكتفت بالوقوف متفرجة بانتظار انقلاب عسكري بعثي عروبي غاشم يطيح بالفسحة المتوفرة من الديمقراطية،لم نكن في العهود السابقة نتمتع بجزء من الحرية التي نمتع بها الآن كشيوعيين لا في عهد قاسم أبان ذلك المد الثوري العظيم والهيمنة على الشارع العراقي ولا في عهد لجبهة الكسيحة ابان الحكم البعثي الساقط.
لو وازنا الأمور بشكل عقلاني لوجدنا أن الظروف المهيئة الآن هي أفضل بكثير من أي ظرف تهيأ للشيوعيين في العراق ،وقد يكون المستقبل أكثر أشراقا اذا استطاع الحزب أعادة بناء مرتكزاته التنظيم ومد الخطوط مع الجماهير وعندها سيلتحق الكثير ممن تخلفوا عن المسيرة بعد أيجاد التبريرات لموقفهم الجديد مع أحترامي لأي رأي مخالف لأن أختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ولعله من بواعث القوة والسرور أنتصار الفصائل اليسارية وامتداد نفوها وقوتها لأن قوة أي طرف وطني شريف هي قوة للآخر ونجاح لكل الوطنيين الشرفاء


3 - الاخوان العزيزان
عبد العالي الحراكa ( 2009 / 1 / 13 - 07:55 )
تحية وطنية
ان اسباب المشاركة او عدم المشاركة في العملية السياسية عديدة ونتائجها السلبية كانت على الحزب الشيوعي العراقي اكثر من ايجابياتها ولا يمجال للتطرق لها الان وفي مقدمتها حالة الانقسام والتشتت وضعف النشاط والحركة والاضرار بالوحدة الوطنية التي انفردت بها احزاب الطائفية والقومية الانعزالية ولا يمكن اغفال هذا الجانب اذا اريد لحالة الاصلاح والترميم في جسم اليسار العراقي ان تتم بخيروجديةكما لا يجب ان ننظر الى ما فعلته اطراف اليسار خارج العملية السياسية فبعضها مخطئ جدا والبعض الاخر ضعيف المهم النظر الى الذات وتقييم الامورحسب معطيات الواقع وتنشيط الحركة الوطنيةنامل ان يتقدم اليسار خطوة الى الامام وقيادة الحركة الوطنية الديمقراطية العراقية ولفترة ال59 تجربة لابد من دراستها والاستفادة منها والابتعاد عن اخطائها


4 - شكرا لك
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 13 - 12:37 )
خطاب منطقي عقلاني واقعي.

اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30