الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان حركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين – العراق بصدد مصادقة مجلس الحكم الانتقالي على الدستور المؤقت

اتحاد الشيوعيين في العراق

2004 / 3 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تمخضت الازمة والنزاع الحاد الذي استمر مدة طويلة في اروقة مجلس الحكم الانتقالي العراقي عن توافق بين تياراته وباشراف امريكي، وانتهت باقرار "قانون ادارة العراق للفترة الانتقالية" في 8/3/2004.
ومما لاشك فيه بان سلطة الاحتلال الامريكي ومخططاتها في العراق واجهت وبسرعة قياسية تخبطاً شديداً اجبرت الادارة الامريكية على تغيير خططها بشان مستقبل العراق وظروفه الراهنة واستمرار تواجده العسكري المباشر.
لقد جاء اتفاق تشرين الثاني 2003 بصدد نقل السلطة الى العراقيين وسن دستور مؤقت اذعانا من سلطة الائتلاف وسعياً لاحتواء المطلب الشعبي المتزايد في العراق الداعي لانهاء الاحتلال واقامة ركائز الدولة الحديثة ومؤسسات المجتمع المدني القائم على قاعدة ديمقراطية ينعم فيها الشعب العراقي بالحريات السياسية كخطوة ضرورية نحو اقامة الحكومة والدولة العلمانية الحرة. كما اتت هذه الخطوة الامريكية بسن الدستور المؤقت كمسعى للخروج من ورطة التداعيات الثقيلة للاحتلال والحرب واستمرار الخلافات الدولية بشان مستقبل العراق وعجز امريكا عن توفير الشرعية الدولية تحت مظلة الامم المتحدة كغطاء لتمديد بقاء قواتها وكذلك بهدف ايداع السلطة السياسية لائتلاف احزاب وقوى البرجوازية العراقية التي تسير في ركابها او المنتفعة من نتائج الحرب والتدخل الامريكي. ان ماتمخض عن كل ذلك ومانجم عنها خاصة من سن الدستور المؤقت جاءت متناقضة مع اغلب تطلعات واهداف جماهير العراق ومطاليبه الملحة.
اننا ولاهمية الحدث وكونه يمثل منعطفا مهما في المسيرة السياسية الراهنة في العراق وآفاقه المستقبلية ونظراً لاستمرار الصراع السياسي حول العملية الدستورية نرى من الضروري وانطلاقا من مصالح واهداف الملايين من الجماهير العاملة والكادحة والفئات التواقة للحرية، تسجيل بعض النقاط الجوهرية:ف
1/ فيما يطالب الشعب العراقي باقامة حكومة ونظام سياسي علماني تؤكد وثيقة الدستور المؤقت على الهوية الاسلامية للشعب العراقي وعلى كون الاسلام هو الدين الرسمي للدولة. ولايتناقض ذلك مع الحقائق الصارخة التي تؤكد عليه نضال جماهير العراق في ضرورة فصل الدين عن الدولة مثلما اثبتت ذلك عن طريق موجة الاحتجاجات العارمة ضد قرار 137 بل يعطي ذلك الضوء الاخضر لاسلمة المجتمع والتشريعات المقبلة وهي تشكل كذلك خطوة في ارساء ركائز الدكتاتورية والاستبداد الديني. ان الدولة ليست لها دين او اديان واعتناق الدين عن عدمها مسالة فردية بحتة.
2/ يكرس الدستور المؤقت الطائفية ويضفي عليها الشرعية. فالمجلس الرئاسي وغيرها من مؤسسات الدولة يعزز الانقسام الطائفي والعرقي في العراق كما هو جار في مجلس الحكم.
ان مايسمى بديمقراطية تاتي بها هذه العملية ورغم تطعيم الدستور ببعض البنود التي تؤكد على المواطنة وعدم التمييز بسبب العرق او الدين او المعتقد وغيرها، ماهي الا ديمقراطية للنخب السياسية الطائفية وتكريس آخر لتقسيم السلطة وفقا للانتماء العرقي والمذهبـي والديني وايداع السلطة السياسية للقوى البرجوازية ذي الاتجاهات الدينية والمذهبية والقومية.
3/ وكما اكد سائر اعضاء مجلس الحكم الانتقالي اثناء مراسيم التوقيع على القانون فقد ولد الدستور الحالي اثر توافق بين التيارات السياسية المتمثلة في مجلس الحكم وحده ووفق منطلق طافي بحت تم فيه وبشكل مقصود و واع تغييب كامل لجماهير الشعب العراقي بكل مكوناته وشل ارادتهم ودورهم وتدخلهم بصدد هذه المسالة الجوهرية.
لقد جرت المداولات بشان هذه الوثيقة منذ اليوم الاول كما تمت صياغتها وتمرير سائر مراحل اقرارها خلف الكواليس وفي جو مليء بالسرية ومشحونة بروح التآمر والخديعة بين القوى الاساسية في مجلس الحكم ووفق سيناريو امريكي.
كما بينت الجولات الماراثونية بين الكتلة الشيعية في المجلس بين بغداد والنجف وتشاورهم في كل كبيرة وصغيرة مع المراجع الدينية وخاصة السيستاني التي لاتتمع بأي اهلية وشرعية دستورية، مدى الدور الذي يلعبه حفنة من الاشخاص في املاء مواقفهم وآرائهم مقابل التغييب والتهميش التام لدور وارادة ورأي الملايين من ابناء الشعب العراقي.
4/ في الوقت الذي ناضل الشعب العراقي وضحى بمئات الآلاف من أبنائه ضد الدكتاتورية البعثية البائدة ومن اجل نيل الحريات السياسية والمدنية والفردية يكرس الدستور المؤقت بصورة صريحة سياسة تقزيم الحريات وتقييدها في حدود (احترام الهوية الاسلامية للعراق) وجعل الدين احد مصادر التشريع وكذلك قولبة تلك الحقوق الجوهرية للشعب العراقي في اطار قوانين خاصة تستخلص من الدستور المؤقت الحالي.
5/ اما فيما يخص حقوق المرأة وضرورة مساواتها التامة مع الرجل في سائر التشريعات والقوانين ومجالات المجتمع الاخرى وعلى الرغم من المعاناة الهائلة لهذه الشريحة الاجتماعية المهمة سواء اثناء الحكم البائد او الهجمة الشرسة التي تتعرض لها منذ سقوط النظام، فقد اختار الدستور السكوت التام عن كل ذلك واثارة بعبع اسلمة المجتمع وجعل الاسلام احد مصادر التشريع بكل ما يحتويه ذلك من تهديد صريح لحقوق المرأة العراقية خاصة. ان معيار أي دستور تقدمي هو نصها واقرارها الصريح، في ظل الظروف الخاصة والاستثنائية في العراق، على المساواة بين الرجل والمرأة في شتى ميادين المجتمع وخلق آليات عملية دقيقة تضمن ترجمة ذلك.
6/ وبصدد المسألة الكردية فان الدستور وبالرغم من التهليل الواضح للقوى القومية الكردية له بوصفه يستجيب للمطاليب التأريخية للشعب الكردي فانه خلت من اية بنود واضحة تؤكد على حل القضية الكردية عن طريق اقرار حق الشعب الكردي فقط في تقرير مصيره بنفسه ومعالجة آثار الغبن والاضطهاد الفضيع الذي تعرضوا له طوال اكثر من ثلاثة عقود متتالية. ان الدستور الحالي ماهو الا تعبير عن التفاف واضح على المطلب الاساسي والآني لجماهير كردستان بضرورة اجراء استفتاء حر لصياغة شكل العلاقة بين الاقليم الكردستاني والسلطة المركزية.
ان الفيدرالية الراهنة وما يحتويه الدستور من منح جملة من الامتيازات السياسية للاحزاب الكردية ومنحها الشرعية في سلطتها اللاديمقراطية في كردستان العراق لايمكن تمريرها وتصويرها بانها حل للقضية الكردية بالصفة التي اشرنا اليها اعلاه.
ياجماهير الشعب العراقي :
يواجه العراق بعد اقرار الدستور وتنفيذها مرحلة حساسة جديدة.
ان اقامة نظام سياسي جديد في العراق يخدم تطلعات البرجوازية العراقية والقوى السياسية الاساسية في صفوفها كالتيار الشيعي والقوى القومية الكردية والتيارات القومية العربية التي تحاول لم صفوفها والسائرة جميعها في ركب السياسة الامريكية والتي تهيأت لها فرصة تبوء السلطة اثر الحرب والتدخل الامريكي في العراق، بالاضافة الى قولبة وتمييع مطاليب الشعب العراقي الآنية كانهاء الاحتلال واقامة مجتمع بديل مناقض لما ساد اكثر من ثلاثة عقود في ظل الدكتاتورية البعثية البائدة وكذلك سعي امريكا الحثيث للخروج من ورطة الاحتلال المباشر ومارافقه من تداعيات خطيرة عن طريق التسريع بنقل السلطة واقامة ذلك النمط من النظام السياسي الذي يخدم طموحات واهداف امريكا ذاتها، هي من جملة اهداف ومبررات سن الدستور الحالي.
ان المؤسسات التي تنبثق من الدستور المؤقت ومايتضمنه من بنود خطيرة تتنافى كلية مع مبادىء العلمانية والمدنية كالهدف الرئيسي الآني للشعب العراقي والاشكالات الجوهرية والتناقضات الصارخة فيه كالاعتراف شكلياً بحق المواطنة والحريات من جهة و وصم المجتمع العراقي بالاسلامي في الوقت ذاته ولفلفة الدستور الحالي بعيداً عن رأي وتدخل الشعب العراقي وخاصة عن طريق استفتائهم الحر بشأنها تدل كلها على زيف ادعاءات امريكا ومجلس الحكم حول الديمقراطية والتحول من الدكتاتورية الى بزوغ فجر الحرية في العراق.
كما ان سكوت بل وانجرار بعض القوى والاطراف التي تدعي العلمانية والدفاع عن الحقوق المدنية والحريات السياسية بشكل ظاهري خلف هذا الدستور وبذلك المحتوى يؤكد على زيف ادعاءات اولئك وبعدهم عن مصالح الجماهير وكون فتات السلطة همهم الرئيسي.
الا ان سن الدستور المؤقت عاجز عن حل ازمة السلطة التي تتوالى فصولا في العراق مثلما تؤدي الطبيعة الانتقالية للدستور واستمرار الفراغ الدستوري وعدم القدرة على السيطرة على تداعيات كل ذلك والخلافات المتواصلة بين اركان مجلس الحكم الى استمرار الازمة الراهنة.
ان الحل الوحيد يكمن في الشروع في اجراء تغيير واصلاح جوهري على العملية الدستورية وانتخاب مجلس تأسيسي بشكل مباشر لصياغة مشروع الدستور الدائم واجراء استفتاء جماهيري حر بشأنه كمقدمة لاجراء انتخابات عامة وكل ذلك باشراف دولي مباشر.
لقد انطلقت المسيرة باتجاه اعادة بناء المجتمع العراقي والسلطة والسياسية ومؤسسات الدولة واتخذت زخما جديدا بعد اقرار الدستور المؤقت. ومازال الطريق سالكا امام الجماهير العاملة والكادحة ومجمل الفئات التواقة للحرية والديمقراطية والعدالة في العراق خلال هذه الفترة الانتقالية. فلا تدعو التحدي الراهن ولحين طرح قضية الدستور الدائم في غياب دوركم وارادتكم الثورية. لاتدعو مجلس الحكم الانتقالي الفاقد لكل اشكال الشرعية والذي اثبت طوال الشهور الماضية بعدها الصارخ عن تطلعاتكم واهدافكم ومطاليبكم العادلة والحقة المتمثلة في بناء عراق حر وعلماني ومدني مستند لارادة الشعب قبل كل شيء، برسم ملامح الدولة والسلطة الجديدة بطابعها المتخلف.
ان السبيل الوحيد للحيلولة دون تمرير هذه المرحلة الحساسة وفق مشيئة الامريكان ومجلس الحكم هو في رص صفوفكم وعدم الانجرار وراء الاحزاب البرجوازية والقومية ونبذ كل تلك النزعات التي تضع بعضكم في مواجهة البعض وتوحيد صفوفكم للمطالبة باقامة عراق ينقش على رايته سعيكم لمجتمع علماني حر وسلطة ومؤسسات تستند على ارادتكم كي تكون وسيلة لاجراء اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية ثورية وتقدمية في اوضاعكم المزرية. لا تدعو ان تمر الحلقة التالية من صياغة العراق ومجمل مؤسسات الدولة بعيدا عن مشاركتكم التي هي مصدر الشرعية الوحيدة ومن خلال الصفقات والمساومات بين التيارات الاسلامية والقومية الكردية والعربية والوطنية البرجوازية والاشراف الامبريالي الامريكي الوقح عليها.
لقد كانت المرحلة الماضية ولحين اقرار الدستور المؤقت قبل ايام امتحاناً صعبا وتعبيرا عن حلقة اخرى من استمرار مسلسل رسم ملامح مجتمعنا من خلال الصفقات والمساومات بين الاطراف الرجعية المؤثرة في المعادلة السياسية في العراق وخاصة بين اطراف مجلس الحكم وبينها وبين امريكا.
ارفعوا صوتكم عاليا، نضموا صفوفكم، طالبوا بالشفافية والعلنية في العملية الدستورية، دعوا الى عقد المؤتمرات الدستورية الشعبية، طالبوا بالحاح بعقد اجتماعات جماهيرية وشعبية لمناقشة الدستور ومساءلة مجلس الحكم، دونوا مذكراتكم بهذا الصدد ومارسوا اوسع واكثر مايمكنكم من ضغوط للمطالبة بحقكم في اقرار الدستور عن طريق استفتائكم الشعبي الحر كالمصدر الوحيد للشرعية.
لا لدستور يكرس الطائفية ويضفي الهوية الاسلامية على المجتمع العراقي
نعم لاقامة مؤسسات الدولة العلمانية والمجتمع المدني
عاشت الاشتراكية

حركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين العراق
اللجنة المركزية
11/3/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح والعلاقات بين مصر واسرائيل .. بين التوتر والحفاظ على الم


.. الجدل المتفاقم حول -اليوم التالي- للحرب في غزة.. التفاصيل مع




.. حماس ترد على عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-.. فما انعكاس


.. قتلى ومصابون في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #ر




.. جدل مستمر وخلاف إسرائيلي وفلسطيني حول مستقبل حكم غزة | #التا