الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم السلطة وسلطة الوهم

فاتح الخطيب

2009 / 1 / 14
القضية الفلسطينية


لقد عادت القضية الفلسطينية لتحتل المرتبة الاولى اعلاميا وسياسيا على الساحة العالمية, ولا تزال حركات التضامن العالمية الغير مسبوقة تتزايد باضطراد. وبينما نحن بامس الحاجة لتكريس هذا التضامن من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب للقضية الفلسطينية, نتساءل عن كيفية قراءة فتح لكل ما يحصل. وفي معرض ردود الفعل الغاضبة من اصدقائي الفتحاويين حول ما ذكرت في مقالتي (نداء الى كل شرفاء فتح), حيث اتهمني البعض منهم بانني انصر حركة المقاومة حماس على فتح, وعدم فهم الابعاد السياسية للاجندة التي تتبناها حماس سيما في خدمة الاجندات الاقليمية. وعلى الرغم من ضعف تلك الحجج, اجمل هنا اهم ما ورد بها:

• قال بعضهم بان حركة المقاومة حماس انما هي صنيع اسرائيل, وانها اسست لضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية, ولكي تكون بارائها الراديكالية الحجة الاقوى لاسرائيل عدم ابرامها اية اتفاقية سلام, وبذلك لن ترى الدولة الفلسطينية النور.
• وان حماس انما تخدم اجندات اقليمية, وهنا يقصدون ايران.
• قضية حماس الاولى هي مادية بحتة, حيث تقوم حماس بجمع الاموال الطائلة باسم الشعب الفلسطيني, وتوظفها لخدمة مصالح الحركة الخاصة.
• وان حماس قد انقلبت على الشرعية في غزة, واستولت على السلطة عنوة.
• وهذه الحرب التي تقودها حماس في هذا الوقت انما من اجل السيطرة على معبر رفح, او على الاقل ان يكون لها تمثيلا مباشرا فيه.

لا بد وان الحرب الدائرة في غزة والتي لا تشبه ابدا حرب (الستة ايام), انما تؤكد بان تصفية حركة المقاومة حماس هي الهدف لهذه الهجمة المسعورة للجيش الاسرائيلي, وبالتالي فان الحجة مرفوضة منطقيا بان حماس انما تخدم الدولة العبرية, سيما وان اسرائيل تراهن على سمعتها بهذه الحرب الهمجية الغير مسبوقة على شعب محاصر لاكثر من سنتين وباستخدامها اكثر الاسلحة فتكا ودمارا والمحرمة دوليا, لتشوه صورتها من جديد ليس امام الشعوب العربية فحسب, بل امام شعوب العالم, والتي طالما عملت الانظمة العربية طيلة الثلاثين سنة الماضية على تلميعها.

وامام هدنة ظالمة بابقاء الحصار على غزة وغلق المعابر, كان لا بد لحماس عدم القبول بتمديدها, وبالتالي فان خيار المقاومة هو الحل. وما العيب اذا التقت مصلحة المقاومة مع اية جهة كانت سواء ايران ام حزب الله او مع اي عدو لاسرائيل. الم نفرح عندما حقق حزب الله نصرا عظيما في تموز 2006 بصده العدوان الاسرائيلي؟ وفي الوقت الذي طالما طبلت وزمرت قوى الرابع عشر بان حزب الله انما يخدم اجندة ايرانية, جاء نصر المقاومة اللبنانية الباسلة بصواريخ حزب الله الى ما بعد حيفا لتؤكد ان النصر كان للمقاومة. الم يبطل حزب الله نظرية الرعب التي ربتنا عليه انظمتنا العربية, بان الجيش الاسرائيلي لا يقهر؟ وماذا عن تصريحات السيد (محمود احمدي نجاد) بما يتعلق باسرائيل, الم تزدنا تصريحاته الواحد تلو الاخر غبطة؟ أما وقد انتصرت المقاومة في جنوب لبنان, وهي تشبه الى حد بعيد الذي يحصل في غزة, ماذا حصل لقوى الرابع عشر؟ لذلك فانا لا افهم حقا الاصوات التي تطبل وتزمر بان حماس تخدم اجندة ايرانية, ام يريدون الاستمرار بخدمة الاجندة الامريسرائيلية؟ الا يخشون ان تتركهم الادارة الامريكية والاسرائيلية للموت السريري؟ وما العيب ان التقت المصالح الفلسطينية في هذه المرحلة مع المصالح الايرانية او الفنزويلية, او حتى مع اية امة كانت؟

عندما يأتي الحديث عن الفساد المالي والاخلاقي, لن يكون هناك ابلغ من الحديث عن القيادي في حركة فتح السيد (محمد دحلان), الذي جمع ثروة هائلة بسرعة قياسية في ظروف غامضة ومريبة, حيث وظف جزء منها لتمويل قوة خاصة له في قطاع غزة, وحسب تصريحاته بانه يصرف على قوة تصل الى عشرة الالف رجل. هذه القوة التي لم تمتثل لشرعية الحكومة المنتخبة ديمقراطيا وهي حكومة حركة المقاومة حماس, والتي لم تنقلب على نفسها - وكيف ينقلب المرء على نفسه- وبذلك كان دحلان احد اسباب الانقسام الذي جرى في الصف الفلسطيني. وكلنا يتذكر الحالة الامنية ما قبل وما بعد الانقسام, لنجد ان الامن قد استتب في القطاع عندما فر السيد دحلان الى اسرائيل, وهذا يؤكد بان دحلان وعصاباته هم من كان يتسبب بالفوضى عندما عاثوا فسادا في القطاع. ومن الواضح تماما بان السيد دحلان لم يع الدرس جيدا, ليعود الى العريش على رأس قوة مكونة من 400 عنصر, بعد ثلاثة ايام من الاجتياح الاسرائيلي على غزة املا ان يدخل غزة على جثة حماس ليأخذ زمام الامور هناك. وما يدعوا للتساؤل حول شخصية السيد دحلان المثيرة للجدل, بانه يتوعد بالانتقام من كل من شمت به حتى من الفتحاويين الذين فرحوا بما حصل له في غزة. والذي يؤكد بانه شخص غير مرغوب به حتى في اوساط الفتحاويين.

واذا كنا ندرك تماما ابعاد المواقف للانظمة العربية المتخاذلة دائما والمخزية الان من الحرب على غزة, واذا استطعنا فهم موقف الرئيس المصري (حسني مبارك) اشتراكه المباشر في حصار غزة وعدم فتحه معبر رفح, وارساله قوة امنية هائلة الى الحدود المصرية مع غزة يومين قبل الاجتياح الاسرائيلي لغزة, وفهمنا لموقف وزير خارجيته (ابو الغيط) مشاركته ( تسيبي ليفني ) تهديدها حرق غزة في مؤتمرها الصحفي يوما واحدا قبل المجزرة. فاننا لا نفهم موقف بعض قادة حركة فتح من كل ما يجري حتى هذه اللحظة على الساحة الفلسطينية, فها هو السيد الرئيس (محمود عباس) يدين المقاومة ويرفضها اذا تسببت بقتل الشعوب, وكأن خيار السلام الذي يتبناه قد منع مجزرة جنين, ومنع القوة العسكرية الاسرائيلية من ان تعتقل ايا كان في الضفة الغربية, وكأن خيار السلام قد اوقف الجدار العنصري, او انه جمد المستوطنات, او انه على الاقل قلل عدد الحواجز في الضفة الغربية, بل على العكس تماما, فكل ما ذكرناه حصل ضمن خيار السلام. ولا نفهم ايضا موقف السيد (ياسر عبد ربه) اعطاءه حماس مدة 24 ساعة لقبول المبادرة المهينة المصرية. ماذا سيفعل ان لم توافق حماس؟ هل سينضم للجيش الاسرائيلي, ام سيفتح جبهة اخرى ضد حماس للقضاء عليها؟ وانا هنا لا انصر حركة المقاومة حماس على فتح, بل ان حماس بصمودها في وجه الطغيان هو عينه النصرة لهذه الحركة.

بعد كل هذه السنوات من المفاوضات, وبعد كل هذا الهراء من تلك العبثية التي لم نجن منها سوى قبلة نطبعها تارة على خد (مادلين اولبرايت) وتارة اخرى على خد ( كونداليزا رايس ), وصورا نأخذها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي هذا او ذاك, أو صورة تذكارية نأخذها مع رئيس اخرق في البيت الابيض, لكي يعطونا في الاخر دولة من ورق, لا نملك حتى ان نرفع بها علما او نصدح بها نشيدا للوطن.
الم يدرك اخوتي في فتح ان المقاومة هي الحل؟ وعدى ذلك انما ضحك على الذقون؟ نعلم تماما ان القادة في فتح ابتداء من السيد الرئيس ( محمود عباس ) مرورا بالسيد (احمد قريع) والسيد (ياسر عبد ربه) وانتهاء بالسيد (محمد دحلان), انهم مقيدون في اطر صنعتها الدبلوماسية السياسية, وربما كان الجدار الذي بنوه بين ضمائرهم وبين الحقيقة عاليا جدا, في الوقت الذي كانوا يبنوا الجدار حول الضفة؟ لكننا لا نفهم عدم تحرك القاعدة الشعبية للحركة في الضفة الغربية, بانتفاضة تعيد لها امجادها.

ان حرصي الشديد ان تأخذ هذه الحركة مكانها المناسب في هذه المرحلة المهمة, وهو هاجسي الحقيقي من هذه الدعوة. فانا اعرف اصدقائي في فتح شخصيا سواء سفيرا كان, ام امين سر, ام ناشطا في اي مجال من مجالات النضال, اعرفهم تماما, انهم رجال بل هم الابطال, ولا بد انهم ينتظرون الوقت المناسب للخروج من صمتهم, ان لم يكن اليوم فربما غدا, هذا التحرك الذي ينتظره كل طفل وامرأة ورفيق كفاح في غزة, بل ينتظره كل حر في فلسطين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلمت يداك
ola abdelhadi ( 2009 / 1 / 14 - 10:21 )
اجل هذه هي المعادلة وهذا هو الواقع
اجل ستثور حركة فتح على نفسها وسيولد الشرفاء فيها من جديد


2 - لكل زمان دولة ورجال
Ibrahim M. Alkhateeb ( 2009 / 1 / 14 - 12:18 )
عجزت عن تفسير ما يحدث في حركة فتح .. أين هم شرفاؤها الذين نسمع بهم دائماً ؟ أليس منهم رجل رشيد ؟؟؟!!! ألا يكفي كل ما حدث حتى يستيقظوا من سباتهم ومن غفلتهم ؟ وإذا كان لحماس أجندة إقليمية -إيرانية-سورية - فإن لفتح أجندة إسرائلية - أمريكية ، وإلا ما معنى أن يثور العالم ولا تثور الضفة ؟؟؟!! أين هي الانتفاضة الثالثة يا أيتها السلطة- الإسراطينية- لقد منعوا الناس من التظاهر إلا ما يظهر للإعلام أن هناك حركة وغضب .
يا أخ فاتح ؛
لكل زمان دولة وجال ، وقد كان لفتح زمانها ورجالها ، وما لم يخرج أبناء فتح -الشرفاء- عن صمتهم فلن تقوم لهذه الحركة قائمة ولن يكون لها زمان كالذي ذهب وانقضى .
وعاشت غزة حرة أبية .. وعاشت فلسطين عزيزة كريمة
اللهم انصر أهلنا في غزة وأنزل عليهم الملائكة تقاتل معهم وتطئنهم وتثبت قلوبهم .
اللهم عليك بهذا العدو الغاصب المجرم فإنه لا يعجزك .. اللهم إنا نجعلك في نحره ونعوذ بك من شره .. اللهم عليك بكل متآمر خوار جبان .
اللهم آمين ..


3 - شكرا لك
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 14 - 14:52 )
مقال مهم جدا ولكن...لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لاحياة لمن تنادي


4 - تحية لوقفتك الشجاعة
صائب خليل ( 2009 / 1 / 14 - 19:00 )
مقالتيك في الحوار المتمدن صرخة فلسطينية: كفى لمداراة الفساد واللصوص بحجة الوحدة الوطنية!!
نعم على الشعب الفلسطيني أن ينفض عن كتفه هذا الحمل الثقيل من العملاء إن اراد أن يكون لنضاله فرصة في النجاح، وعندها فقط يمكن أن يكون للوحدة الوطنية معنى حقيقي.

اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة