الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساكين أطفال غزة مساكين حكامنا

محمد جمول

2009 / 1 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


لا يسع المرء إلا أن يشعر بالأسى والحزن على الحكام ـ الحكماء من العرب. قلبي عليهم وعلى أطفال غزة. فإسرائيل لا تترك أيا منهم يستمتع بحياته. الأطفال يُقتلون ومن يبق حيا يحرم من كل شيء حتى اللعب في الأزقة والساحات لأن قذائف الطائرات والمدفعية حلت محل الكرة التي يلعبون بها. والحكام لم تبق لهم شيئا من الكرامة أو القيمة لدى شعوبهم، التي أقالتهم منذ زمن. لم تبق لهم القوى المتجبرة سوى جزء من لعبة التظاهر بالحكمة والأهمية والقوة أمام هذه الشعوب بعدما كانت تترك لهم منطقة صغيرة في إحدى زوايا الخشبة يلعبون عليها ويستعرضون قدراتهم على الكلام. لكنها الآن، وبعد المواجهة الحقيقية المباشرة مع إرادات الشعوب في غزة وقبلها في جنوب لبنان، سحبت حتى هذا الدور التافه لأنه لم يعد يقدم لها شيئا مهما.
مساكين أطفال غزة لأنهم من غير مستقبل إذا ما تمكن هذا الوحش المدجج بالحقد الصهيوني العنصري ـ الذي تُظلم النازية إذا ما قورنت به ـ من ابتلاعهم. ومساكين حكامنا لأنهم من غير ماض ولا مستقبل بعد أن أقالهم الأسياد وكشفتهم الشعوب التي قررت أن تتولى مصيرها بنفسها، وبعدما اقتنعت إسرائيل أن حكمتهم لم تعد تغني عن استخدام الطائرات والأسلحة الفوسفورية وكل الأسلحة المحرمة والمحللة دوليا . سيكون أطفال غزة أحسن منهم حالا، على كل حال، لأنهم سيقدمون للبشرية معلومات جديدة، منها أن من يدافع عن أرضه لا يموت بدليل ما قيل عن أطفال رضّع وجدوا متمسكين بجثث أمهاتهم بعد أيام من قتلهن رافضين بغريزتهم أن يموتوا بآلة الموت الأميركيةـ الإسرائيلية بعدما رفضوا الموت بسلاح حكمة الحكام العرب الذين قدموا كل ما لديهم من دون أن يحققوا شيئا لشعب يخسر كل يوم شيئا من أرضه وأبنائه إما بزحف المستوطنات وامتدادها أو بقتل وأسر الفلسطينيين.
عشرات السنين من الحكمة والاستسلام والواقعية والاعتدال لم تعن سوى رفض العدو لكل ما من شأنه أن يمهد للسلام. أمر يدعو للشفقة على هؤلاء الحكام ـ الحكماء العقلاء الذين لا يريدون شيئا ولا يطلبون شيئا سوى السلامة، ومع ذلك لم تعد مضمونة بعد اليوم، لأن السادة أقالوهم بعدما انتهى دورهم، ولأن الشعوب قررت تولي أمورها بأيديها.
غريب أن يقيلهم الغرب حتى من هذا الدور الذي لا يقدم ولا يؤخر، ولا يسمح لهم حتى بعقد مؤتمر قمة لن يقدم ولا يؤخر. فهم بالأصل لا يريدون شيئا، ولا يطلبون شيئا، ولا يشكلون عبئا إلا على شعوبهم. وغالبا لا مانع لديهم من تقديم بعض ما تبقى لهم، على الرغم من قلته. ومع ذلك كانت الولايات المتحدة تصر على " جرجرتهم" من مؤتمر إلى آخر ومن مبادرة إلى أخرى لتعدَهم بما لم يطلبوه بالأصل، وما يعرفون أنهم لن يحصلوا عليه أبدا. وعلى الرغم من هذا، يسارعون لتلبية طلبها كلما دعتهم. أمر محزن أن لا يقيم لهم أحد وزنا أو لأنهم لا يريدون أن يكون لهم وزن مادام الله كفاهم سكوت شعوبهم الدائم ورضاها بهم.
محزن أن لا يخطر ببالهم التساؤل لماذا كانت حصتهم على خشبة المسرح تضيق وتنحسر كلما تنازلوا وتراجعوا وانكفأوا، ومنذ أيام التبختر على مرابع كامب ديفد ومؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو وورقة تينت وكل خرائط الطرق الأميركية وعمليات الاحتيال والنصب " وطبخة البحص" التي بدأتها اللجنة الرباعية قبل أن يعهد بها إلى توني بلير كي يسرق منها حتى الماء الذي يمكن أن يكون مفيدا في غسل جرح طفل غزاوي.
مسكين حكامنا لأنهم لم يفكروا أبدا كيف يحشوهم الغرب المتسلط وإسرائيل بالأفكار ثم يضغط على الزناد لتُطلق على شعوب المنطقة وبيوتها. لم يدركوا أن إسرائيل ومن وراءها كانت كل يوم تجردهم من شيء من مبررات وجودهم وهيبتهم ابتداء من مؤتمر الرباط في الثمانينات وحتى آخر مبادراتهم لاستجداء السلام واعتباره خيارا استراتيجيا. والأغرب من ذلك أن شعوب المنطقة لم تعلم أن أحداً منهم حاول مجرد أن يعرف على أية مزبلة كانت كل مبادراتهم ترمى، أو لماذا كنا نحن العرب، من بين كل شعوب الأرض، الأوفر حظا فقط في استخدام الفيتو الأميركي، وكأن أميركا ليست بحاجة إليه إلا لتستخدمه ضدنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا