الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العثمانية الجديدة

محمد سيد رصاص

2009 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين أوصدت أوروبا الباب أمام دخول تركيا إلى (الجماعة الأوروبية)،التي أعلن المستشار الألماني هيلموت كول في نهاية عام1997 أنها"نادي مسيحي"،مااستدعى رداً غاضباً من رئيس الوزراء التركي العلماني مسعود يلماظ ،آنذاككرر هذا الرئيس الفرنسي السابق ديستان ،الذي لعب دوراً محورياً في لجنة صياغة معاهدة ماستريخت.
كان هذا نهاية لحوالي ثمانين عاماً من الإتجاه الأتاتوركي لجعل تركيا أوروبية ولإدارة الظهر للعالم الإسلامي الذي قاده العثمانيون لأربعة قرون سابقة،وبداية لصعود انتخابي للقوى الإسلامية التركية،ظهر أولاً مع حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أرباكان الذي قطع"انقلاب أبيض"في28شباط1997استمراره في رئاسة الوزراء،ثم في وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة عبر أغلبية برلمانية مريحة في انتخابات عام2002،الشيء الذي عبَر ليس فقط عن انقلاب سياسي سلمي في اللوحة السياسية التركية وإنما أيضاً عن صورة اقتصادية-اجتماعية جديدة تمثلت في ازدياد قوة الفئات الوسطى والفقيرة بالمدن الثلاث الكبرى=استانبول- أنقرة- إزميروفي مدن اقليم الأناضول وبالمدن الساحلية على البحر الأسود،التي أعطت أصواتها لحزب رجب طيب أردوغان،بعدما كانت سابقاً هذه الفئات تعطي أصواتها لأحزاب وسطية بين العلمانيين والإسلاميين(حزب العدالةسليمان ديميريل+حزب الطريق القويمديميريل وتانسو تشيلر)فيماكان العلمانيون في حزب الشعب يستندون إلى بورجوازية تلك المدن الثلاث وفئات الإدارة والتكنوقراط والمتعلمين إضافة للجيش.
ترجم رئيس الوزراء التركي أردوغان هذا التحول المفصلي في موقع تركيا الجيو- سياسي،عبر إدارة النظر نحو العالم العثماني القديم،بدلاً من تيميم وجه أنقرة نحو الغرب الأوروبي.وعملياً،فإن محاور السياسة التركية،في السنوات الستة السابقة،قد كانت متركزة في المدى الجغرافي الممتد بين البصرة وغزة(من دون نسيان كابول وطهران)،وأيضاً في الشمال الشرقي بالقفقاس بين باكو وتبليسي،وكذلك في البلقان الذي أعطى الزمن المعاصر تكراراً لماحصل فيه في القرن التاسع عشر لما كانت استانبول في صدام مع اليونانيين والصربيين.
الشيء الجديد في سياسة أردوغان هو اشتغال رئيس الوزراء التركي على هذه المحاور الثلاث من خلال تحالف وثيق مع واشنطن ،التي هناك مؤشرات كثيرة على أنها أعطت ضوءاً أخضر لأنقرة،أولاً لتحجيم بلغراد (المدعومة روسياً) التي أظهرت شوفينية قومية صربية أحرقت الأخضر واليابس في بلقان نهاية القرن العشرين،وثانياً لكي تكون سداً عبر التحالف الأذربيجاني-الجيورجي –التركي مجسداً في أنبوب نفط باكو-تبليسي- جيحانأمام الإمتدادات الروسية الناظرة من جديد جنوباً بعد الإنهيار السوفياتي لإستعادة مواطىء النفوذ القديمة في القفقاس الذي يضم 18% من احتياطيات النفط العالمي،وثالثاً وهذا هو الأساس أميركياً(وربما تركياً)لوضع حاجز موازٍ لايملكه أحد الآن سوى الأتراك أمام الإمتدادات الإيرانية غرباً في نطاق منطقة الهلال الخصيب الممتدة بين البصرة وشرق المتوسط ،وخاصة بعد تخبطات الأميركان في منطقة الشرق الأوسط وعدم نجاحهم في إدارة ملفاتها بالسنوات التي أعقبت غزوهم للعراق عام2003=العراق-أفغانستان- فلسطين- لبنان- تسوية النزاع العربي الإسرائيلي،وهو مااستدعى سياسة معاكسة من واشنطن التي كانت في الفترة الفاصلة بين(11أيلول2001)والنصف الثاني من2005تمنع أي طرف اقليميكماحصل من الأميركان تجاه السعودية ومصر حيال العراق المغزو والمحتلمن أن يشاركها(أوحتى أن تستمع لرأيه أوتراعي مصالحه)في إدارة ملفات المنطقة المشتعلة أوالساخنة،ماعدا ايران التي حالفتها في غزوي أفغانستان والعراق حتى جرى الإنشقاق الإيراني- الأميركي في شهر آب2005مع استئناف طهران لبرنامج التخصيب النووي.
يترافق هذا البروز بالدور الإقليمي التركي،الذي يمتد من العراق إلى ملف المفاوضات السورية – الإسرائيلية وأيضاً إلى الملف الفلسطيني،مع حالة فراغ القوة عند العرب ومع عدم قدرة محور(الإعتدال العربي)بالسنوات الثلاث السابقة على مجابهة أوتطويق أوالحدِ من الإمتدادات الإيرانية،ماجعل ذلك الدور التركي يلاقي هوى اقليمياً،إضافة لذلك الدولي الذي تظهره واشنطن،ولوكان هذا بالتزامن مع فتور كامن أوظاهر أوروبياً.بالمقابل،فإن هذا الدور التركي المستجد في"المدار العثماني"،وبالذات في الحدود الجنوبية لتركيا عند (الهلال الخصيب)،يستند إلى تأييد شعبي تركي كبير،عند الإسلاميين والمتدينين،وعند رجال الأعمال الذين أصبحوا يعتقدون أن الآفاق الإقتصادية لتركيا لم تعد في ذلك"النادي الأوروبي" وإنما في الجنوب.
بين تموز1908ونيسان1909تمت عملية نزع سلطات ثم عزل السلطان عبد الحميد من قبل ضباط(جمعية الإتحاد والترقي)التي كان مصطفى كمال(أتاتورك لاحقاً)أحد أعضائها،ماأنهى سياسة السلطان في(الجامعة الإسلامية)وأسَس لدكِ عرى التواصل بين العرب والأتراك على إثر سياسة التتريك التي انتهجها أولئك الضباط ،وهو مادفع العديد من العرب لكي يضعوا بيضهم في السلة الإنكليزية- الفرنسية من خلال"الثورة العربية الكبرى"في عام1916،التي اعتبرها الأتراك آنذاك ولفترة طويلة لاحقة بأنها كانت"طعنة في الظهر"،والتي لم تفض عملياً إلاإلى تمهيد الطريق أمام(سايكس- بيكو)و(وعد بلفور):السؤال الآن هو"إلى أين ستؤدي (العثمانية الجديدة)التي ينتهجها رئيس الوزراء التركي أردوغان؟........."









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي