الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب ظاهرة فوق صوتية !

طارق قديس

2009 / 1 / 15
القضية الفلسطينية


أذكرُ جيِّداً أنني حين قرأت كتاب (العرب ظاهرة صوتية ) للكاتب عبدالله القصيمي، والذي صدر بطبعته الأولى عام 1977، كيف وقفت منه موقفاً سلبياً ، وكيف انتابتني ثورة عارمة من الحقد نحو المؤلف، حتى أني أذكر كيف قذفت بالكتاب إلى الأرض بعنف ، ومن ثم أسندت ظهري إلى المقعد، فيما أنا أمسح وجهي قائلاً : " ما هذا الهراء؟ العرب ظاهرة صوتية فقط ! يا له من كلامٍ فارغ ".

أذكر جيداً كيف كنت أرفض رفضاً مطلقاً تلك المقولة التي تقول أن العرب أمة أقوالٍ لا أفعال، وأرفض ما يُقال بأن الأمة العربية أمة اعتادت منذ نشأتها على فن الخطابة فقط ، ونسج القصائد – خاصة قصائد الفخر – حتى في الفترات التي كانت تحاول أن تتمدد بها عسكرياً على أكبر مساحةٍ ممكنة من الأرض ، فالشعر وحده ظل بوقاً لتلك الأمة في فترات صعودها وفي فترات انكسارها ، فظل معه بذلك صوت العرب هو الأعلى أينما حطلوا رحلهم ، حتى على صوت السيوف وطبول الحرب حين تُقرع !

أذكر جيداً ذلك الموقف الذي وقفتُ نفسي عليه لسنوات طويلة ، ووضعته نصبَ عينيَّ ، غير أنني لم أكن أن أتوقع أن تدور بي الأيام، فأرى نفسي أنقلبُ على نفسي درجاتٍ كثيرة، فأصبح من المتشككين بما آمنت به، وأن تصل بي المواصيل إلى أن أجد العذر لمن نادى من قبلُ بأن العرب ظاهرة صوتية ! خاصة في الظروف الحالية للعرب وتواصل العدوان الإجرامي على قطاع غزة من قبل القوات الإسرائيلية برَّاً وبحراً وجوَّاً.

فالأمة العربية لم تستطع أن تأخذ موقفاً موحداً فاعلاً ومؤثراً تجاه العدوان الدامي على أهالي القطاع ، للدرجة التي جعلت البلدان العربية غير قادرة على التحرر من أسر الخطاب الدبلوماسي المتنقل بين الشجب والإدانة والاستنكار، وغير مستجيبة لمطالب شعوبها التي رأت في المسيرات والمظاهرات وسيلة حضارية للتأثير في المواقف الرسمية العربية ، وذلك لنصرة أبناء غزة المرابطين تحت وطأة المدافع والحصار.

فعبارات الشجب والاستنكار المتنقلة عبر الأثير ظلت تتطاير بين البلدان العربية ، في الوقت الذي كان فيه عدد الشهداء والجرحى يتزايد ساعة فساعة ، فظلَّ معها الموقف الرسمي العربي كما هو دون تغيير، ودون أن تتمكن أصوات الجماهير الغاضبة في العالم كله من أن تُحدث ولو إزاحة بسيطة في فيه تجاه الأزمة الراهنة، وقد جاءت النتيجة مخيبة للآمال بشكل يدعو إلى الدهشة والسخرية معاً ، ولعل الدليل الأكبر على ذلك هو أن جامعة الدول العربية لم تتمكن حتى الساعة من عقد اجتماعٍ عربي طارئ تناقش فيه الأوضاع الحالية في فلسطين على مستوى الدول العربية، فيما هيئة الأمم المتحدة قد استطاعت إلى الأمر سبيلاً !

ومع تزايد عبارات الشجب والاستنكار يوماً بعد يوم ، زاد يقيني بدرجة كبيرة الحكومات العربية أصبحت مقتنعة هي ذاتها بأن العرب ظاهرة صوتية غير ذات تأثير على المستوى الدولي، لذا فهي في كل مرة تعمد لتأكيد هذه المقولة في أذهان الجماهير التي تسعى دوماً إلى التغيير ، أملاً بمجيء غدٍ أفضل، كما أنه زاد يقيني بشكل أكبر أن من ينادي بأن العرب ظاهرة صوتية غير مُلام البتة ، بل إنه ربما يكون ممن يسعون إلى تجميل الواقع ، حيث أن كل الدلائل أصبحت تشير لدى كثير من المحللين أن العرب ما عادوا مجرد ظاهرة صوتية فقط، وإنما قد تخطوا هذه المرحلة منذ زمن وذلك لكي يحصلوا على مرتبة أعلى ، بأن يصبحوا ( ظاهرة فوق صوتية ) !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كغثاء السيل
abed ( 2009 / 1 / 15 - 19:33 )
نحن أمة كغثاء السيل تسير كما يسير التيار بلا أساس أو ثقل... فيا ترى إلى متى نلحق بهم حتى و لو دخلوا جحر ضب و ندعي حينها بالقول -إننا نسعى للحاق بركب التمدن و التطور- !
يا جماعة إن المسألة ليست مسألة فكر بل مسألة شعوب مسلوبة... ليست مسلوبة العقل بل مسلوبة الارادة...أو الادارة!
لسنا نسعى هنا بالمشاركة بالرجم و اللعن، بل هي لحظة نستقطعها لأنفسنا لنتطلع على داخلنا قبل خارجنا... لنعلم ما اّلت إليه نفوسنا و تحجرت به مشاعرنا!

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي