الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن أهداف الحرب على غزة

سلامة كيلة

2009 / 1 / 16
القضية الفلسطينية


ما الهدف من الحرب على غزة؟ سؤال أجيب عليه بصيغ متناقضة، حيث كان التركيز في كثير من وسائل الإعلام، وممن كان يصنّف في اليسار، على صواريخ حماس، سواء كسبب لدى البعض، أو كمبرر لدى آخرون. ورغم موقفي الواضح من حماس ومن إطلاق الصواريخ، أقول بأن هذا المنطق سطحي إلى حدّ أنه يكرر المبررات الصهيونية.
طبعاً يمكن مناقشة مسألة إطلاق الصواريخ من الزاوية العسكرية للقول بأنها مثمرة أم لا. ويمكن حتى مناقشة مسألة "المقاومة" كلها انطلاقاً من ميزان القوى الراهن. لكن أن تصبح المقاومة والصواريخ هي سبب الحرب التدميرية على غزة فهذا ما يعني بأن "العقل" الذي يحكم كل الذين يركزون على هذه المسألة هو سطحي إلى أبعد الحدود، لأنه يرى الحدث، ولا يرى كل الصورة، ويتجاهل خلفياته. فهل إذا ما توقفت الصواريخ سيتوقف القصف والقتل والتدمير الصهيوني؟ لقد جرى وقف لإطلاق النار لأشهر مرات دون أن توقف الدولة الصهيونية القصف والقتل والتدمير. وكانت تختلق المبررات دائماً.
المسألة التي يجب أن ترى بوضوح هي أن الممارسة العسكرية الصهيونية تنطلق من سياسة محددة لوضع قطاع غزة، كما لوضع الضفة الغربية، ولوضع القضية الفلسطينية كلها. ومن لم يفهم ذلك سوف يبقى يكرر مواقف تافهة. هي في التحليل الأخير جزء من سياق الاستسلام الذي بات هو سمة فئات اجتماعية في الوطن العربي، هي الرأسماليات التابعة. الاستسلام الذي يتأسس على تحوّل هذه الفئات إلى كومبرادور تابع للرأسمال الإمبريالي، وبالتالي منفذ لسياسات هذا الرأسمال. وهنا تتكئ مواقف الليبراليين ومقالاتهم.
إن الانطلاق من أن الدولة الصهيونية "محايدة" تتصرف مستفزة فقط يعني بأن الرؤية "ممسوحة" (كما العقل). فالدولة الصهيونية هي أساس الفعل وبالتالي الباقي ردود أفعال (صحيحة أو خاطئة). ولهذا يجب أن ينصبّ التفكير في ما الهدف من الحرب على غزة؟ أو بالتحديد هذا الشكل من الحرب على غزة؟ ومن ثم يمكن البحث في السياسة والمقاومة. ويمكن الإشارة إلى خطأ سياسة وصحة أخرى.
وبالتالي فإن الانطلاق من أن ما يجري هو نتيجة إطلاق صواريخ يخل بكل تصور سليم، ويغطي على سياسة صهيونية تعمل بشكل مستمر لاختلاق الأعذار من أجل القتل والتدمير والحرب. لهذا يجب ترك الموقف من حماس جانباً الآن، لأنه ليس الأساس، والتنبه لما تريده الدولة الصهيونية من حربها هذه. كما من الحروب الأخرى التي سوف تشنها على غزة، وربما على الخليل، وأيضاً رام الله ...ألخ. كما فعلت في جنين ومخيم جنين ونابلس.
ربما كان تقريع الذات هو الذي يدفع إلى الهروب من رؤية الآخر. وربما يكون الشعور بالعجز هو أساس ذلك، لكن يجب أن نرى هدف الآخر. أن نعرف ما يريده وما يعمل على تحقيقه. أيضاً ربما كان الموقف من حماس، والخوف من الأصولية الإسلامية هما اللذان يفرضان هذا الميل لاتهام حماس، ولرفض "مقاومتها"، وكل المقاومة، لكن كل ذلك يصبّ في سياسات الدولة الصهيونية، ويخدم ما تروج له. ليست المعركة الآن مع حماس، رغم كل التناقض الذي يقوم معها، بل المعركة ضد الدولة الصهيونية التي لازالت تعمل من أجل إفراغ فلسطين من سكانها. هنا يجب أن نلتقط الأساس، ونتلمس الهدف. وكما أشرت فإن المشجب سوف يظل موجوداً سواء ظلت حماس أو انتهت، لأنه ضروري لإنجاح هذه السياسة. لهذا يجب أن نكف عن ترك "الجمل" و"الدق في البرذعة".
ما تريده الدولة الصهيونية هو فلسطين بدون سكانها. وإذا كانت قد استخدمت المجازر سنة 1948 لترحيل هؤلاء السكان، فهي الآن تستخدم المجازر، لكن في شكل حرب. وتتعلق بأي سبب لكي تكمل التدمير والقتل. ولهذا وقعت اتفاق أوسلو، حيث بدا أنها قد أوجدت سلطة أخرى، وهو الأمر الذي بات يبيح لها التصرّف ليس كقوة احتلال بل كـ "دولة" تتعرض للقصف من "دولة" أخرى. وبالتالي استطاعت عبر هذا الوهم أن تقصف بالدبابات والطائرات مدناً عديدة دون أن تلحظ بأنها لازالت دولة تحتل هذه المدن. وهي تستطيع كذلك أن تحاصر المدن، وأن تتحكم في وسائل العيش وفي كل شيء دون أن يعتبر ذلك جريمة تقوم بها قوة محتلة.
لهذا يجب التركيز عن ما تهدف إليه الدولة الصهيونية بغض النظر عن كل المبررات التي تسوقها. فالأساس هو ما تهدف إليه، وليس أي شيء آخر. رغم ما يمكن أن نقوله عن حماس وصواريخ حماس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مدار العقل المغلق
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 1 / 15 - 21:44 )
الاستاذ سلامة كيلة
تحيتي
لو قدم اي كاتب في الحوار المتمدن ادانته المطلقة لحماس وفكرها الظلامي ودور الحكومة الاسرائيلية في تقديمها كحكومة منتخبة للشعب الفلسطيني بغايات شيطانية ومالية مدعومة من انظمة التبذير العربية ,وقدمت كل الادلة لذلك
لووجهت بالاستياء (تعليقا وتصويتا ) وذاك لانك تثلم شيئا من ديمقراطية دولة اسرائيل المعتدى عليها من قبل الاطفال الفلسطينيين الهمج بغية اجتثاث النصب الحضاري الوحيد في الشرق الاوسط
وهذا -مع الاسف- النجاح المؤكد الذي حققته الراسمالية الامريكية البشعة من خلال لبرلة اليسار العربي القديم عن طريق المنح والجنسيات وحقوق اللجوء الانساني والسياسي الفخرية
انها حكمة فؤاد مرسي قبل ربع قرن يوم كتب مؤلفه النبوئي
(الراسمالية تطور نفسها )
!!قاصدا ومنذرا بالطبع ,مقلوب الجملة فيما يخص الاشتراكية
فمن بين ظهراني اليسار العربي -اكثر مما هو من بين ظهراني يمينه -ستحقق اسرائيل سطوة وهيمنة الراسمالية النهابة في المنطقة


2 - سؤال بلا اجابة
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 1 / 16 - 00:28 )
استاذ سلامة كيلة المحترم
هل برايك انه يتم تحديد اهداف الحرب على غزة بجملة واحدة هي
ما تريده الدولة الصهيونية هو فلسطين بدون سكانها :
هل تعتقد انك بهذه الجملة قد اجبت فعلا عن السؤال الكبير الذي طرحته بعنوان مقالتك ؟؟
ولو كان هذا السبب الوحيد فلماذا لم تتفضل بتوضيح حيثيات هذا الاكتشاف العظيم ..
ملاحظة هامة : رغم كل القصف والموت والقتل لم يغادر مواطن غزي ارضه ....؟؟؟؟؟؟


3 - ما هو المطلوب؟
خالد عبد الحميد العاني ( 2009 / 1 / 16 - 01:12 )
أخي سلامة
إن إنتقاد حماس لا يعني تبرير ٍ سياسة إسرائيل العدوانية كما وإن العدوان على غزة لم يكن بسبب صواريخ حماس ورفض التهدئة فالعدوان مبيت والعدو لا يبني سياسته على ردود فعل أنية ولكن في كل مرة نقدم للعدو الأعذار وقد حصل ذلك عام 82 عشية العدوان على لبنان والذي أودىإلى إحتلال أول عاصمة عربية حدث أيضا عام 2006 عندما أختطف جنديين من قبل حزب الله مما أدى الى شن إسرائيل العدوان على لبنان وقد إستبدل الجنديان مقابل عدد من الأسرى ولكن لبنان فقد 1500 مواطن وأضعاف العدد من الجرحى و ما بين 10-15 مليار خسائر البنية التحتية ولا أعرف ماذا حقق حزب الله غير تبادل الأسرى وما يجري في غزة اليوم هو تكرار بشكل أسوء لما حصل في لبنان في 2006. الى متى نقبل أن تقودنا كالأغنام قوى فاقدة لكل شعور بالمسؤولية لا تملك أية رؤوية واضحة لكيفية إدارة الصراع مع العدو متسلحة بشعار الله ينصرنا دون أن تقول لنا كيف ينصرنا الله. أخي سلامة الى متى يستمر الأستخفاف بعقولنا, أرجو أن تسأل نفسك لماذا تحررت كل الشعوب ما عدا الشعب الفلسطيني يرزح تحت الأحتلال؟ أنا أسألك ماذا كانت حماس تتوقع أن يكون رد الفعل الأسرائيلي على صواريخها؟ ألا تعرف حماس أن إسرائيل تعد العدة لتدمير غزة وإنها تنتظر الفرصة للأنقضاض؟ ماذا أعدت حماس لمو


4 - أوافق الأستاذ سلامة كيلة
jm_ali ( 2009 / 1 / 16 - 12:01 )
أوفق الأستاذ سلامة كيلة على رأيه، وأعتقد أن ستارالصواريخ ليس إلا حجة من حجج المشروع الصهيوني لتفريغ الأرض وطرد الفلسطينيين خارج حدود 67.


5 - سياسة ممنهجة
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 16 - 12:33 )
الاستاذ سلامة المحترم
مقالكم مهم جدا لمن يقرا ويفهم دون احكام مسبقة

ياسيدي ان المشكلة الاساسية بتقديري هو النهج العدواني للدول الامبريالية التي وجدت على اساس الاستيطان اذ ان هذه الدول لاتستطيع العيش دون وجود او اختلاق عدو خارجي يهدد وجودها من منطلق اقتصادي ومن منطلق سيكولوجي.
وقمة الماساة تتجسد فيما ذكره المبدع ابراهيم البهرزي وهو لبرلة اليسار القديم واضيف اليه التجهيل الممنهج الذي تتبعه الانظمة الدكتاتورية لشعوبها رامية بها في اتون خيارين احلاهما هو السعير الاول ان تكون خادمة للانظمة والثاني ان تتجه نحو التطرف الديني البغيض.

ملاحظة هامة: لم يغادر اي غزاوي ارضه لعدم وجود المخرج

تقبلوا احترامي وتقديري وان اختلفت معكم في مواضيع اخرى


6 - تعليق
رديف شاكر الداغستانى ( 2009 / 1 / 16 - 17:18 )
نؤيد ماجاء فى مقال زميلى سلامه كذلك رده على كاظم حبيب .. لم يعلمنا معلق اى دول تحررت ؟00للاسف ماوصل اليه أدعياء اليسار0وشكراً لـسلامة على مقاله المتصدي للافكار المعولمة0


7 - تشخيص صائب
جمال محمد تقي ( 2009 / 1 / 16 - 17:21 )
الاخ سلامة كيلة ما جاء في مقالتكم حول الاهداف الحقيقية لحرب اسرائيل على شعب غزة ومقاومتها وحصارها وجعلها منطقة معزولة وغير قابلة للحياة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لم يكن وليد حرب 67 فقط بل ما قبلها منذ 47 لان غزة حسب التقسيم الاممي كانت ثلاث مرات اضعاف غزة الحالية من حيث المساحة وقد اصبحت لاحقا مخزن لتكديس من طرد من فلسطينيي العمق المهم ما ذكرته هنا يصب في اتجاه ما ذهبت انت اليه اتفق تماما مع كل محتويات ما كتبت شكلا ومضمونا تقبل فائق احترامي


8 - هدف استراتيجي وهدف مرحلي
فضيلة يوسف ( 2009 / 1 / 16 - 17:37 )
قد يكون ترحيل الفلسطينيين هدف استراتيجي لاسرائيل لكن اعتقد ان هناك الان هدف مرحلي وهو السيطرة على مناطق قليلة الكثافة السكانية الضفة مثلا غير انها غير معنية بمنطقة شديدة الكثافة السكانية مثل غزة وباعتقادي اننا يجب ان نعي الهدف المرحلي لنستطيع مواجهته والتصدي له وايضا نحن الفلسطينيون هدفنا الاستراتيجي تحرير فلسطين من النهر الى البحر لكنه غير واقعي الان انه حلم ومن حقنا ان نحلم به


9 - الى متى يبقى البعير على التل
ابو العز ( 2009 / 1 / 16 - 18:32 )
لست ادري ان كنت قد فقدت بوصلة تفكيري وانا اتبع ما تكتب رغم احترامي لرأيك الشخصي حول الموضوع . غزة
يا ريت اعطيت بعد السرد الاحادي الجانب الحل الحد والواضح بان تخرج القضية من قمقمها القومي والاقليمي الى الواقع المر والذي اصبح علقما بعد وصول حماس وتحويل غزة الى مملكة سلفية وهابية الطابع والشكل.
بودي ان اطرح عليك بعد الاسئلة الانية الملحة
هل تتصور حل للقضية الفلسطينية بدون موافقة المجتمع الدولي واسرائيل الصهيونية؟
هل يمكن عمليأ ولست بالاماني فقط تحقيق دولة فلسطينية؟
هل تكفي مشاعر وعواطف الفرد العربي المضطهد المتعاطف مع الفلسطيني لحد القضية الفلسطينية؟
هل الطبقة البرجوازية والحكام العرب لهم مصلحة منفصلة عن الكيان الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية؟

عندما تقول لندع حماس جانبأ الان كانك تعنع طفلا بان يترك اللعب مؤقتأ لكي يكف عن البكاء لحين. وتنسى ان ما جرى كما كتب الكثير انما هو اكبر خدمة لاسرائيل في الزمان والمكان ..... اليس هذا ما ذكرته انت بان اسرائيل تبحث عن مبررات

يا حبذا لو تكون اكثر واقية في رؤية لخدمة من يجري ما يجري وايضأ يجب ان لا تنسى ان حماس صرحت كما حزب الله قبله بان النصر قريب وربما قريب جدأ
ماذا ستقول عند سماعك ذلك ام انك تعامل حماس كمن لا يتح

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ