الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة بين سندان حماس الأصم وحمم المطرقة الإسرائيلية الخرقاء

سامر عنكاوي

2009 / 1 / 18
القضية الفلسطينية


ماذا أعددت حماس لمثل هذا اليوم المشؤوم ومع من تشاورت من الفصائل الفلسطينية ليعد لهذا اليوم ومع مَن مِن العرب نسقت لكي يستعد للنصرة ومَن مِن العالم أخبرت لكي يسندها ويدافع عنها بالمنظمات الدولية والحقوقية قبل أن تقدم على قذف صواريخ عشوائية تمهد للقتل من طرف واحد؟.

بتقديري تشاورت مع إيران وسوريا وحزب الله وهذا عمل محمود, ولكن لم يتحرك منهم احد. هل توكلت على الله؟ ولم تأتي طيور أبابيل بعد, ولم يهدي أو يعاقب المعتدين بعد, ولم يسقط طائرة أو يحرق دبابة أو يغرق بارجة أو يحول دون سقوط فسفورها الحارق على رؤوس وأجسام الأطفال والنساء بعد, ولا تلام حماس أو الإسلام السياسي العقائدي في زحمة الأحداث والإرادات إذ حسب عقائدها إن الاتكال على الله هو النصر المؤزر والفوز العظيم والحل الشامل, والفرق كبير بين الله السلاح الغيبي وبين العلم السلاح الفعال, بين السيف ( مجازا ) والتقنية المتقدمة في صناعة الأسلحة, بين المشاعر التي لا تكفي لخوض حرب وتحرير بلد, وبين العقل الذي يصنع المعجزات.

بتقديري يجب تحرير الإنسان أولا من العبودية للعقائد والمرجع الديني والحاكم لكي يعرف كيف يفكر ومتى يتحرك وأين يحارب ليحرر الأوطان والإنسان, كيف يعد العدة لهذه المهمة النبيلة, كيف يهيا الشروط اللازمة للمضي إلى الأمام, أما نحن فما دمنا في دوامة " تكفير التفكير " فلا تحرير للإنسان ولا خلاص للوطن واللعب بنا ماضي من خلال توظيف عقائدنا لتكريس فرقتنا,واستثمار عواطفنا وتعصبنا ومركب النقص فينا. العاقل يشعل النار ليستدفئ بها ... والأحمق يشعلها ليحترق بها.

شعب غزة عاش مجسم الألم بأنواعه والمعاناة العريضة بأشكالها والحسرة بلا حدود وعاش شح الماء والكهرباء والوقود والتعليم والغذاء, ولم يكن متوفرا وبكثرة غير الدين وحماس التي تريد تطبيق شرع الله على الأرض بدعم وإسناد من رجال الدين المعممين العاطلين عن العمل وغير المنتجين الغارقين في عدة زوجات, اللذين يعيشون على حساب حياة أطفال غزة وعرق إبائهم.

كيف يعيش أهل غزة سعداء وهم يعانون ألما وأوجاعا فوق سندان حماس الأصم الصلد الساخن, بدون مسرح أو مقهى أو سينما أو انترنيت أو ستلايت, بدون رياضة ونوادي وخاصة للنساء, بدون حدائق عامة ومتنزهات ومدن ألعاب ورياض أطفال يعيشون الحرمان من كل آليات وأدوات الثقافة وما يبهج النفس والجسم والروح, كل شيء محرم يلهي عن ذكر الله, وقد يصل الحال الى حرمان البنات من المدارس والتعليم كما حركة طالبان, غير مسموح إلا بالألم واستذكار الآم القبر والموت ما دام حقا.

إلى متى ستستمر الحركات والأحزاب الدينية في الإيغال والتوغل و(التغوّل)* بالعقائد الدينية وإقحامها بالسياسة والحكومة, وتكبيل المجتمع بأوامر ونواهي إلهية منزلة, غير مسموح حتى التفكير بصحتها أو إمكانية تطبيقها أو مدى قبول العقل بها, وتطبق بالقوة ورغما عن الرافضين, وتصفية المعارضين جسديا واجب الهي. هل يمكن في مثل هذه الأجواء أو في هكذا مجتمع أن يكون هناك إبداع أو إنتاج أو حرية؟.

بتقديري إن الذهاب بعيدا في إقحام الدين بالسياسة مضر بالسياسة والدين وسيبعدنا كثيرا عن المجتمعات البشرية, وقد نصل إلى حد نفقد معه لغة التواصل ونعجز عن بناء الجسور مع الآخرين, ونتقوقع في الذات ونصبح غرباء والعالم الخارجي غريبا, وبالتالي ليس أمامنا غير السلاح والحرب والقتال والدم والموت والدمار لحل هذه المعضلة وسيكون جنونا مطبقا أن ننتحر ونضحي بأولادنا ومستقبلنا. ونحن لا نصنع ولا نملك السلاح, ولا العلم لصناعة السلاح, ويبقى الآخر متفوقا في كل الأحوال, وأصبح التكرار مملا:- في الحرب نخسر أرضنا ورجالنا وأطفالنا وكل ما بنيناه والتاريخ يشهد, بتقديري لم تكن الحرب في صالح العرب والمسلمين في العصر الحديث يوما ولن تكون أبدا, وتخلفنا في العلم والصناعة واضح فاضح, علينا أن نسحب ونستدرج كل من لنا خلاف معه إلى الحوار والمنطق والقانون قدر الإمكان حتى يتم فصل الدين عن السياسة وننطلق في فضاءات التفكير والعلم والصناعة والتقدم.

حماس سندان ساخن كالجمر تحت أقدام شعبنا في غزة, والنار فوق رؤوسهم, طائرات في السماء تقذف حمما وعلى الأرض دبابات وفي البحر بوارج كأنهم جميعا مراهق مندفع مجنون اخرق متعطش للدماء, يضرب بعشوائية وطيش في كل الاتجاهات والأنحاء " مع إمكانية الدقة في التصويب " ما دام الضحية فلسطيني والربح مضمون سواء أكان من حماس أو فتح أو طفل مذعور أو امرأة ترتجف خوفا على أطفالها أو جنين لم يتنفس الهواء بعد, عدو غاشم يتلذذ بما يرى, لا يسمع, أصيب بالصمم من كثر ما رمى من نار وقنابل وصواريخ وحمم, لا يسمع صراخ الأطفال وبكاء الأمهات وحسرة الآباء, لا يسمع الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية ,لا يسمع الآلاف في تظاهراتها ضد الحرب والقتل والتدمير.

عدو يطرب لسيمفونية دموية لأصوات ليست موسيقية تزرع الرعب والموت في شعب اعزل يقال انه صامد ولا اعرف إن كان هذا حقيقة أم ادعاء.

بتقديري هذه الحرب تؤكد هزيمة منطق الصمود أمام صمود منطق العقل. وهل يسمى صمودا عندما لا يكون هناك بدٌ من الصمود, عندما لا تعرف العائلة إلى أين تهرب بأطفالها. في كل مكان من هذا العالم الصمود يصنع النصر والتحرر إلا نحن الصمود عندنا يصنع الموت فقط,

الصمود هذه الكذبة التي ضل السياسي يرددها حتى صدق نفسه, ويدعي ألان بان الشعب صامد, هل يملك شعب غزة الفلسطيني القدرة على رفض الصمود؟ وهل يعرف الطفل ما هو الصمود؟ ومن اخذ رأي الناس بالصمود أم لا؟. أي صمود والناس تستغيث محاصرة بالنار والدخان.

نحن نعيش أنظمة استبدادية قاهرة لا حرية فيها ولا حقوق, الشعب لا لسان له, لا يستطيع إبداء رأيه أو ضيقه أو تبرمه, ويبقى معنى الصمود في قلب الشعب المقهور.

إذا أراد السياسي أن يصمد فهو حر ولكن بعيدا عن الأطفال والنساء والأبرياء, متى يتقدم رجال المقاومة حماس أمام جموع الدروع البشرية لحماية الأطفال ونيل شرف الشهادة؟ متى يخرج الشعب الفلسطيني في غزة من هذا الإيقاع الظالم والظلام؟ من هذه المعصرة أو المثرمة البشرية التي لا تكل ولا تتعب من التهام وابتلاع الأطفال والنساء والرجال والبناء؟
الخسارة كبيرة, الشهداء والجرحى والمعوقين من الأحياء اللذين لن يكونوا أسوياء بعد القصف والرعب وأصوات القنابل ورؤية جثث أبنائهم وآبائهم وأمهاتهم.

الأطفال خلقوا ليعيشوا لا ليموتوا وتقطّع أطرافهم ويمزقوا إرضاء لله أو أي عقائد دينية أو لأي أهواء أو رغبات أو مبادئ, وهذا ينطبق على حماس والإسرائيليين الأمريكان.

على العقلاء في كل أنحاء العالم والمنظمات الدولية والحقوقية إيجاد الحلول المرضية لكل الأطراف أو أي تسوية تحفظ دماء " الملائكة " الأطفال الأبرياء. ولا يعفى البابا القابع في روما من مسؤولية ما يجري في غزة .

غزة ناقوس يدق ليعلمنا بانا لم نقم بواجبنا الإنساني كما يجب.
صور الأطفال في غزة تخبرنا بانا لم نتصرف بمسئولية تجاه الحدث.

بتقديري إن العراق ومحتمل الخليج مستقبلا ولبنان وغزة هي ساحات للصراع بين أميركا وإيران للسيطرة والهيمنة على المنطقة, اقتصاديا بالنسبة للأمريكان, وعقائديا بالنسبة لإيران ونحن العرب الخاسرون.

تراجي ذهب :- الحق يجب أن يقال في كل مقام ومقال

* التغول من الغول: أي الكبر, التعملق












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إلى متى سيستمر هذا المنطق الأعوج؟
صائب خليل ( 2009 / 1 / 17 - 21:56 )
أبو بسيم، اليس هناك من نهاية لهذا الخطاب الأعوج؟
حتى لو فرضنا انك تعتبر حماس مسؤولة عن المجزرة بالتساوي مع إسرائيل، وهي قسمة ضيزى مهما كان اقتناعك بخطأ حماس في تقديرها، إلا إذا كنت تريد أن تقول أن حماس سعيدة بما جرى، بينما من الواضح ان إسرائيل هي مرتكب الجريمة المباشر على الأقل فلماذا يبدأ عنوان مقالتك بحماس ثم بإسرائيل؟ ولماذا ترد كلمة حماس في مقالتك 9 مرات بينما لم ترد إسرائيل سوى مرتين؟ حتى إيران ورد لومها 3 مرات، فهل تجد أنك توزع اللوم بشكل يرضي ضميرك؟
والآن لنفرض ايضاً ان الذنب ذنب حماس اكثر مما هو ذنب إسرائيل، وأنك -حزين- على -الأبرياء- و -الأطفال- الخ ، افلا تعلم ان ما يمكن أن يوقف الموت على هؤلاء هو تسليط الضغط على إسرائيل لتوقف طائراتها؟ أم ان حزنك على القليل من الإسرائيليين اكبر؟ فكيف يسهم خطابك هذا في إيقاف هذه الوحشية؟

من أين لك هذا الكلام:-رجال الدين المعممين العاطلين عن العمل وغير المنتجين الغارقين في عدة زوجات, اللذين يعيشون على حساب حياة أطفال غزة وعرق إبائهم.-؟؟؟

-الصمود هذه الكذبة التي ضل السياسي يرددها حتى صدق نفسه-
لو قال عزيز الحاج مثل هذا الكلام لفهمناه منه، فلماذا أنت؟ سأذكّرك بهذه العبارة يوماً يا صاحبي، وسأذكّرك في أي ظرف قلتها!


2 - بالحق نطقت
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 1 / 18 - 05:44 )
الاستذ سامر عينكاوي
المصيبة الحماسية على الشب الفلسطيني نتيجة الهوس الديني الذي غذته الجماعات السلفية الاصولية،وحماس اضرت بالقضية الفلسطينية بسبب ارتباطاتاالخارجية البعيدة عن المصلحة الوطنية والدين كما يدعون فليس واقعيا ان تلتقي حماس السلفية السنية مع ايرانالشيعة ولكن الهدف السياسي هو الذي جمع الاثنين والمهلومات المتسربة عن دوائر غربية تشير الى علاقات حميمة بين حماس والمتشددين الصهاينة وان هناك اموال تدفع للحماسين اذن ليس القضية الوطنية هي الدافع لحماس اوتحرير الارض وانما اجندات حارجية لا تخدم الشعب والوطن تحياتي


3 - مقال واقعي
اسماعيل ميرشم ( 2009 / 1 / 18 - 10:49 )
اعتقد ليس من الصواب ان من يكون عدو عدوي فهو صديقي وهذه هي ماساة من عماهم الايديولوجية او رؤية الامور من منظار احادي مهما كانت توجهاتها لانه هذا مقياس غير دقيق وغيرعملي وغير مبدئي وهل ننسى دور المثقف ان يكشف عن جذور الكارثة والمحاولة لاستكشاف وسائل كسر حلقة العنف ومسلسل القتل في منطقتنا الموبؤة بالسلاطين والحكام الدايناصوريين الذين ينبعث من كراسيهم رائحة دماء ضحاياهم من شعوبنا المبتلية بيهم وبخطاباتهم الثورية النارية وافعالهم الازدواجية الانتهازية ومن جهة اخرى مصالح الذاتية وسياسات الدول العظمى الاستعمارية
الاخ الكاتب مقالتكم واقعية ولكن الا تعتقد نحن نبحث عن افاق مستقبلية لتقوية شعوبنا فباعتقادي كلما قوت الشعب لا تستطع الحكام وبشتى الوانهم استعمالهم قربانا لكراسيهم واحلامهم المريضة بل يجيد الشعب العيش منعما بالسلام والرفاهية

اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك