الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسار الداخل يتجول بين شارع المتنبي والفردوس

جميل محسن

2009 / 1 / 18
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


الفكرة

خلع راسه الشخصي , فصله عن رقبته ووضعه امامه , امسك بخصلات شعره , رفع الجلد العلوي وحز بالسكين سقف الجمجمة , ضهر سطح دماغه مكشوفا عاريا تلافيف وفصوص مخترقة بشبكة ممتدة متغلغلة يتسارع فيها جريان السائل الاحمر , مد يده وضغط باصابعه على لوحة الاسفنج , وعند المنتصف دفع بانامله التي غاصت في عمق مظلم تبحث في دهاليز المخ عما يفتقده العقل , استشعر اوتار تتقطع , وتنفس رائحة كهوف رطبة مبللة لاتؤوي مايبحث عنه , اصابه الضجر بعد التعب , ثم الوهن اثر مرور الزمن , سحب يده كانت اصابعه تقطر دما , خطر بباله ان مالمسته الانامل هي الفكرة حتما , حمراء اللون كما وصفت له دوما , اعاد بناء راسه وثبته في مكانه , هو اذن يمتلك المعنى ! , ابتسمت شفتاه , وابتدأت قدماه مسيرتها الاولى الى امام .

-----------------------------------------------

ينار

في ساحة الفردوس اسطورة الزمن العراقي الذي يتهاوى , الجندي المجهول تهدمه الشفلات ويرحل قطع من الاسمنت والحديد , ثم تمثال يرتفع وينحني ثم ينحني ويغطى ويتهاوى ليرتطم بحجارة الارض والجلود , وقيل لنا , من بين الركام سينهض المستقبل , وفي صباحات الحرية الموصوفة تتحرك عشتار مرة اخرى , عراقية , وكأن لا احد في الميدان سواها , تتقدم بطقوس دينية تذكرنا باشور وبابل , تحيطها كاهنات المعبد , تستجلب بالتضحيات الخير والمطر لوادي الرافدين , تتحدث , يعلو صوتها وسط الفردوس وتصرخ , كل ظنها انها ستوقض الحاظر والمستقبل , ويتهامس رجال اشداء صناديد , ملئهم الحيرة والعجب , وربما بعض الاستنكار .

- من هذه الانثى التي يضارع فعلها الذكور ؟

و يجيبهم صدى الريح والاعصار الذي خلفه مقدمها ورحيلها .

- انها ينار ..... ينار .

وقرب المقر العائدة اليه , تسأل ينار محمد الفتيات من حولها .

- متى موعد الخروج القادم الى ساحة الفردوس ؟

-------------------------------------------

ابو شاكر

لايكل ولا يمل من التجوال , وهو الجالس في مقصورة ال60 , اميزه عن بعد مرتديا قبعته الشهيرة التي اعود واجدها مرمية على اي طاولة او كرسي جلس عليه ثم تركه للتو ليعود بعد حين مبتسما قائلا

- نسيت الكاسكيته .

ثم بعدها راكضا بين عمله ومن حوله , في جريدة يتحمل العبأ الاكبر من تبعات اصدارها , الى نقاش ومشاحنات رفاق وجدل حاد يداومون عليه طوال ال40 عاما الماضية , ولكنهم لاينتهون , يتلمس باللسان والقلم طريق اليسار المتعثر , ولا اراه الا حامل شموع في الليل والنهار , يشعلها ويضعها امام ابواب المقاهي والشوارع ودروب الرفاق وتجمعات العامة , عل وعسى ! , تنير الطريق لمن لايرى الحق واضحا وسط سطوع شمس النهار , لايهمه بعدها سخرية البعض فقد تفهم المرحلة وتعود ازاحة الاحجار لتبقى الطرق سالكة تشهد للداغستاني ... ابوشاكر

-----------------------------------------------

ابو ايمان

اتعجب لنظرتي اليه , فلا اراه الا وحيدا ! مهما اجتمع من حوله الناس , الكبار والصغار , الرجال والنساء , ويعود بي الزمن 5 سنوات للوراء , اشاهده للمرة الاولى يقف وحده ايام الجمع والزحام في شارع المتنبي وامامه طاولة تراكمت فوقها منشورات حزبه يوزعها للراغبين .

عرفت بعدها ان فلاح علوان هو رئيس اتحاد المجالس والنقابات العمالية , شاهدته بعدها مرارا اما في مقره العمالي عند شارع الزعيم وسط اعضاء النقابات , او خطيبا في المضاهرات وتجمعات ساحة الفردوس , ولم اعجب او ادهش من محاولات تقزيمه بانشاء اتحاد عمالي مواز من داخل حزبه وبين جماعته , فهل يستوجب ان يكون للعمالقة ظل حتى لا يشعروا بالوحدة !؟

--------------------------------------------

مازن لطيف

- مازن راح ... مازن اتى .. مازن كان هنا , ذلك ما اسمعه كلما حاولت ان احادثه او اتلمسه بيدي , فيتسرب كهواء في شبك ! , ولكنه يملأ شارع المتنبي بوقع اقدامه وافعاله , فمن خريج الى صاحب بسطية الى ادارة دار نشر الى صحافة واعلام , وصولا الى مؤسسة الحوار المتمدن , وكتابات ناضجة بعضها عن اشخاص مروا نجوما واقمار في تاريخ العراق الحديث ينساهم الاخرين ويتذكرهم , يده للجميع , ولكن الشاطر من يستطيع الامساك بها حين يجده امامه , حينما تراه تحسبه كحارس قديم نادر وامين اخر لايام شارع المتنبي المستمرة بالمرور بحلوها وعلقمها .

-------------------------------------

ابو ربيع

- في ايام المزادات القديمة كانت حنجرته تصدح , لا احد مثله يجيد الصنعة والتغزل بالقديم من الكتب , خاصة تلك التي يكون قدمها هو سر ارتفاع قيمتها وثمنها , ثم يقضي باقي الوقت جالس على كرسي عند باب مكتبته في شارع المتنبي , علم وراية , يستدل بمكانه الغرباء والزائرين , تسأل وتاتيك الاجابة

- عند مدخل الشارع تسير ثم قبل او بعد مكتبة الشطري .

ويحزر السائل ويفهم طريقه الصحيح وموقع اقدامه عند البحث , لاينافسه في الشعبية هناك وخاصة بين العامة الا رمضان الجايجي جاره القريب , الا اذا استثنينا مقهى الشابندر الابعد موقعا ,

وسط المدى بين سقوط بغداد وانفجار الشارع ازدهرت ايامه مع الجديد والحديث من الكتب والمطبوعات والزائرين , ثم اصفرت وذبلت وتساقطت الاوراق , ولم يعد يسمع من الاصوات غير رشقات الرصاص تحيط بشارعه من كل جانب , كنت امامه في بناية مقابل مكتبته , اعمل بورشة لصنع الحقائب لهاشرفة تطل عليه , واستمع مثله للعنة ولعلعة الاطلاقات حتى قبل انتصاف النهار, لتبدأ المحلات المجاورة بالاغلاق السريع وكان العمل والرزق ينتهي مع اذان الضهر ! , وتصمت حتى مولدات الشارع الصغيرة , وتتسرب الاقدام والحياة مبتعدة عن المتنبي , ويبدأ القلق , واتطلع من الشرفة والشباك كارها قدوم الصمت , ولكني اجده , يبقى هو (مفتح) من غير بيع او شراء وكأن الامر لا يعنيه , واشعر بالراحة كما العاملين معي , ونقول لايزال هناك ابو ربيع ضمن الشارع , مكشوف للنوائب , رغم ان الكرسي الذي يجاوره فارغ , وحكايته اشد غرابة , واقصد الكرسي العجيب , الذي يمكن وصفه بسهولة , بانه مقعد حكايا وهموم اليسار في العراق , يتسابق الرفاق على اختلاف ميولهم للجلوس واسماع احاديثهم لابي ربيع .

فماذا بعد الانفجار الكبير وتطاير اشلاء نصف شارع المتنبي واهله ؟

بقي الشطري على حاله وجلسته ! ربما نهض ومشى واخترق حواجز الغبار والحرائق والدخان , متسائلا عن مصير الاحبة والاصحاب عند الشابندر والمصرف والمكتبات والمطابع , وقد يكون بكى بصمت ثم عاد , وتحدث قليلا وتصبر , اما انا فقد انقطعت عن العمل بعد ان تحطم نصف زجاج الشقة واهتز البناء والمكائن وتناثر الاثاث , وهرب العمال فلا شغل بعد ان انقطعت كهرباء حتى مولدة الشارع واصابني الاحباط , ولكن بعدها وبين فترة واخرى , اسبوع واخر , اعود للاصلاح واراه , يراقب العمل ومرور الايام ورفع الانقاض , وبناء جديد (لواجهة ) جسد قد يتعافى ماديا , بانتظار عودة الروح والربيع , وزوار ابا ربيع .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من شخص لايستطيع الوصول لبغداد
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 1 / 17 - 19:54 )
اخي الغالي جميل محسن
استحلفك بكل غال لديك
استحلفك بحقوق الامانة
ان تقبل لي كل من ورد ذكره في مسلتك النبيلة هذه
ارجوا ان تعدني وعد رجل نبيل
من اخيك
ابراهيم

اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول