الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا ترتبط الزعامة المصرية للشرق العربي مع تدهوره وسقوطه؟.......

محمد سيد رصاص

2009 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عبرت معركة ( حطين ) 5 تموز 1187م عن إستيقاظ مؤقت للهلال الخصيب = الشام والعراق في وجه الاختراق الغربي. رغم ذلك ، فإن هذه الصحوة المؤقتة لم تكن قادرة على أكثر من الحفاظ على الذات أمام ذاك الطوفان الغربي الذي مثله الصليبيون ( 1098 - 1303 م ) ، حيث عجزت عن إيقاف الشرق العربي ، من جديد ، على قدميه ، و سرعان ما عاد إلى سياق تدهوره الذي عبر عن أبعاده سقوط بغداد عام (1258 م) على يدي المغول ، وما عناه من فقدان ( الهلال الخصيب ) لدوره المركزي للمنطقة ، وانتقال ذلك إلى مصر ، زمن المماليك .

صحيح ، أن دحر الصليبيين كان مهمة عبرت عن بقاء بعض المناعة الذاتية في الجسم الشرقي ، إلا أن الشرق لم يعد قادرا على مواجهة بوادر و مفاعيل الإستيقاظ الأوروبي الذي كانت الحروب الصليبية أحد تجلياته غير الناجحة بعكس عمليات إستئصال الوجود العربي في البر الأوروبي التي بدأت مع سقوط طليطلة ( 1085 م ) لتنتهي بسقوط غرناطة عام ( 1492 م ) ،ماأنهى السيطرة العربية على الأندلس التي بدأت عام ( 711 م ) .


إن سرعة عودة مركز الثقل السياسي و الفكري إلى القاهرة مع المماليك ( 1250 - 1517 م ) – بعد قضاء صلاح الدين الأيوبي (الآتي من الشام )على الدولة الفاطمية (المنافسة للعباسيين) في عام 1170- قد ترافق مع ركون الشرق العربي و إستسلامه إلى تدهوره،الذي تزامن بدء تدهوره في القرن التاسع الميلادي بالزمن العباسي مع بداية استيقاظ مصرية عبر الدولة الطولونية،ثم بداية دخول أرض النيل في منافسة بلاد الرافدين كمركز للمنطقة مع الإخشيديين ثم الفاطميين ،ماكان أرضية موضوعية لبداية الإختراق الغربي لشرق المتوسط مع الصليبيين.

لقد رأينا ذلك بعد سقوط ( بابل ) عام ( 539 ق.م ) على يد الفرس ، و بدء ظهور السيطرة اليونانية و الرومانية ، و ما رافق هذه السيطرة من بروز الإسكندرية كعاصمة فكرية للشرق الخاضع لأثينا وروما ، ولم يستطع تجاوز ذلك سوى الإسلام الذي لولا إمتلاكه ، بعد اليرموك والقادسية ، للهلال الخصيب و تعبيره عن مكنوناته و طموحاته ، ما كان من الممكن أن يدخل مسرح الفعل التاريخي العالمي ،في تكرار لدورة تاريخية لمَاكان نهوض الهلال الخصيب،كمافي زمن الأكاديين والبابليين والكلدانيين،مرادفاً لنهوض الشرق الأوسط بكامله وأخذه لدور عالمي،فيماكان العكس في فترات تدهوره التي كانت تنتج عن سقوط الهلال الخصيب أمام الإختراق الخارجي كماحصل بعد سقوط بابل على يد قورش الفارسي،أوبعد سقوطه بيد الإسكندر المقدوني بعد هزيمته للفرس عام331ق.م وماتبع ذلك من سيطرة يونانية ،ورومانية بعد سقوط سوريا بيدهم عام64ق.م، ثم بيزنطية- ساسانية على كامل المشرق.
كانت زعامة أرض النيل للشرق العربي في زمن المماليك مترافقة مع وتيرة متسارعة في عملية تدهوره،حتى انتهى هذا كله مع سقوط الهلال الخصيب وأرض النيل بيد العثمانيين،بعد قليل من انتصار الأخيرين على الصفويين في معركة جالديران1514،التي كانت نتيجتها محدِدة لمن سيستولي منهما على تلك"الثمرة التي أينعت وحان قطافها".بالمقابل،فإن التدهور في قوة العثمانيين كان مترافقاً مع استيقاظ للقوة المصرية،كماحصل في عهد محمد علي باشا1805-1849،ومتزامناً مع بداية الغزو الغربي الإستعماري للمنطقة ،ماجعل مصر قبلة الشرق العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، في السياسة أولاً=محمد علي باشا،جمال عبد الناصر،ثم في الثقافة والأدب والفن،فيماظلت مصر- إذا استثنينا سيد قطب- فقيرة في توليد الأفكار السياسية العربية المولِدة للتيارات السياسية الكبرى التي نبعت من بلاد الشام =رشيد رضا أستاذ حسن البنا،ساطع الحصري،ميشال عفلق،أنطون سعادة.
في يوم 5حزيران من عام1967وصلت الزعامة المصرية للشرق العربي إلى حالة دراماتيكية من الفشل في موضوع اسرائيل،فيماكانت قد وصلت لحالة مماثلة في يوم28أيلول1961بموضوع الوحدة العربية،وربما- ويمكن التأكيد-أدى هذا إلى ذاك،فيما قادت هاتين المحطتين إلى بداية تحكم وإعادة سيطرة الغرب – عبر زعامته الأميركية- بأجندات معظم المشرق العربي،بدءاً بمصرمنذ توقيع اتفاقيات كامب دافيد=1978 التي حجَمت الدور المصري ليس فقط في آسيا العربية وإنما أيضاً في مشاكل السودان =الجنوب ودارفورحيث تجري مياه النيل التي تحمل شريان الحياة لمصر،إلى أن وصلت الأمور لذروة دراماتيكية مع عودة الغرب إلى ممارسة الإحتلال كماجرى من قبل واشنطن تجاه بغداد التي سقطت في يوم 9نيسان2003، وهو أمر ماكان يمكن أن يتم لوكان الشرق العربي ناجحاً في موضوعي(الوحدة العربية)و(اسرائيل).
أما حان الوقت لكي يطرح العرب هذا السؤال،وخاصة مع وصول مصر وقيادتها السياسية إلى مستوى من التدهور المريع في الأداء و"اللادور"،كما في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة:"لماذا ترتبط الزعامة المصرية للشرق العربي مع تدهوره وسقوطه ؟"...............









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قضية ستفرض نفسها
قاريء ( 2009 / 1 / 17 - 23:31 )
ملاحظة صحيحة الى حد كبير، حتى لو اختلفنا مع تعويمها ، ونزعها من ظروفها المصرية الجيوسياسية .
فالقضية طرحت نفسها حقا على تاريخ المنطقة مرات عدة. وتتعاظم اهميتها بشكل خاص في الظرف الراهن .
استقصاء سياسات النظام الرسمي العربي ،...في المسار الفلسطيني والسوري واللبناني والعراقي والخليجي ..، سيقود الى خلاصة قريبة من هذا الاستنتاج على الاغلب وهي: ا
لدور الكبير للنظام االمصري القائم ، في مآل المنطقة الحالي، وفي كل خبايا الصفقات والسياسات التي مررت او فرضت على المنطقة.
وما يحصل في غزة اليوم سيكون للاسف اسوأ واخطر تلك الادوار.
المنطقة وموازين القوى لم تتعافى منذ كامب ديفيد. والقادم هو الاخطر
في النهاية وربما قريبا .
القضية ستفرض وتطرح نفسها على شعوب المنطقة
شكرا لهذا الموضوع


2 - عن اي زعامة مصرية تتحدث
سعد السعيدي ( 2009 / 1 / 18 - 13:21 )
مقالة ممتازة مع ان الاجابة على كل اسئلتك فيها ـ المباشرة واللواتي في الثنايا ـ موجودة في المقالة نفسها. لنبدأ مع سؤالك الاخير,

لماذا ترتبط الزعامة المصرية للشرق العربي مع تدهوره وسقوطه ؟

اظن لا يتوجب طرح الموضوع هكذا. فكأني بك تقول لماذا تستغل مصر هبوط او لماذا تتواطأ مصر مع الآخرين ... لقد اوضحت بما فيه الكفاية في المقالة بان هناك صراع على قيادة الشرق الاوسط بين جناحيه المصري والعراقي. وطبيعي في هذه الحالة ستبلغ المنافسة حدآ بشكل يفضي الى ان صعود احد القطبين يعتمد على سقوط القطب الثاني سواء من نفسه او بتأثير العامل الخارجي كما اوضحت في مقالتك.
واضح ايضآ ان هذه هي دورة الحياة في هذه المنطقة منذ الازمنة الغابرة إلا اذا حاولنا ايجاد ارضية اخرى للتفاهم.
لكن مرة اخرى مع سؤالك ما نراه الآن هو عدم وضوح الزعامة المصرية. اين هي هذه الزعامة ؟ ما اراه هو انها تستهلك تدهورها الذي بدأته منذ زمن بتأثير العامل الخارجي. ان ما لم توضحه في مقالتك السريعة (ولعله سيأتي في مقالة قادمة) هو ما جرى على الارض في فترة الانحدار والانحطاط هذه وكيف في نهايتها ستبدو بداية نهاية الفترة هذه ؟

انتهي من مساهمتي مع الاستنتاج لاجابة اسئلة الثنايا هو ان ريادة المنطقة لاي دور عالمي تأتي من خلا

اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر