الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية للسياسة الأمريكية المتوقعة لعهد الرئيس (أوباما)

عبد الحميد الموساوي

2009 / 1 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


لان كان انتخاب الرئيس (باراك اوباما) يعدّ حدثاً تاريخياً- ثوريا- في الولايات المتحدة الأمريكية، فهل إن سياسته في الشرق الأوسط ستكون كذلك سياسة تاريخية- ثورية-؟
وهل ستطوي إدارة الرئيس (اوباما) صفحة الانحرافات التي شابت مدة حكم الرئيس (جورج واكر بوش) المنتهية ولايته تلك الصفحة التي تمثلت في:
- غزو أفغانستان واحتلاله.
- غزو العراق واحتلاله.
- تجاهل الصراع العربي الإسرائيلي.
- فتح سجن غوانتانامو.
إن من ضمن بواعث الابتهاج، والسرور، والفرحة التي طرحت على اثر انتخاب (باراك اوباما) هي الطريقة الجديدة التي سيتمكن من خلالها الرئيس الجديد (اوباما) بعد توليه المسئولية هي كيفية تناول مشكلات الشرق الأوسط بشكل حقيقي؟. فهل سيكون الرئيس الجديد الواسطة او الوسيلة في صياغة توجهات جديدة نشطة وايجابية للسياسة الشرق الأوسطية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة؟
وهل يمكن الاعتماد والركون أو المراهنة على أصوله العرقية -الأفريقية-الزنجية، أو المسحة الإسلامية العابرة في تاريخه؟ لاسيما وانه كان قد رفع شعار (التغيير) في أثناء حملته الانتخابية في الداخل والخارج عبر تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، فضلا عن وقوفه في اليوم الأول بعد ترشحه للرئاسة يوم 4 حزيران 2008م، أمام منظمة (ايباك)، وأعلن: "أن امن إسرائيل مقدس إليه، وان مدينة (القدس) المقدسة للعرب والمسلمين هي وقف يهودي صرف، وستبقى العاصمة الموحدة لإسرائيل" مضيفاً: "انه مستعد لفعل كل شيء لمنع إيران من تحدي إسرائيل نووياً أو تهديدها عسكرياً".
في الحقيقة يتفق اغلب المراقبين على أن الرئيس الجديد المنتخب (اوباما) لن يقلب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط رأسا على عقب، وإنمّا سيحافظ على ما وصفوه باركان السياسة الأمريكية المتمثلة في:
- تقديم الدعم القوي لإسرائيل.
- ضمان إمدادات النفط.
- الحفاظ على علاقات وثيقة مع الدول العربية الصديقة تقليديا للولايات المتحدة الأمريكية.
وسيعتمد كل ذلك على مدى فهم الرئيس اوباما لمنطقة الشرق الأوسط، وتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود في سياساته.
وتواجه الرئيس المنتخب تحديات كثيرة على المستوى الدولي، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، فإذا كان الرئيس بوش المنتهية ولايته قد سعى سابقا إلى تغيير الشرق الأوسط بالقوة وفقا لتصورات المحافظين الجدد الإيديولوجية، فانّ الرئيس (اوباما) سيكون أمام محاولة إصلاح ما أفسدته سياسة عدم الاستقرار الخلاق-الفوضى الخلاقة- التي أشاعت الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط عن طريق إستراتيجية جديدة متكاملة عنوانها ((استعادة التوازن)).
لقد حصلت متغيرات هائلة في المنطقة خلال السنوات الثماني الأخيرة على عهد الرئيس (جورج بوش) وسيختبر (اوباما) في مدى قدرته على التعامل معها بحصافة وموضوعية،
وتشمل هذه المتغيرات:
أولا: غياب مرجعية فلسطينية وحيدة عليها الإجماع بعد أحداث الانقسام بين حركتي فتح وحماس، والذي تجسدت في الانفصال السياسي-الجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة- الضفة الغربية، وقطاع غزة-
ثانيا: هشاشة النظام السياسي الإسرائيلي بعد اختفاء الزعامات التقليدية فيه- رابين، وشارون، واحتمال صعود تيار اليمين المتمثل في (الليكود) إلى سدة المواجهة.
ثالثا: تنامي الطائفية والاستقطاب الحاد في المنطقة.
رابعا: انهيار مصداقية الردع الأمريكي-الإسرائيلي بعد الحرب على العراق، وتعثر الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق الاستقرار فيه، فضلا عن الحرب الإسرائيلية ضد (حزب الله) في لبنان العام 2006م، والتي فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها.
خامسا: انحسار دور ومكانة الحلفاء العرب التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة، ولاسيما مصر، والمملكة العربية السعودية.
سادسا: تنامي دور إيران ونفوذها المتزايد في منطقة الشرق الأوسط.
لقد حصل تراجع في نفوذ وتأثير الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعتها إدارة الرئيس (جورج بوش) خلال المدة الماضية، وهو الأمر الذي يفرض على الرئيس الجديد (اوباما) أن يبادر بعرض مجموعة من السياسات التي عن طريقها يستطيع التعامل معها بفاعلية، وبما يخدم الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، فبعد سنوات عدة من توقف عملية التسوية يحتاج الصراع العربي الإسرائيلي إلى أن يكون أولوية مهمة لدى الإدارة القادمة، إذ أنّ الفشل في التوصل إلى اتفاقية سلام سيقوض من سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لانّ هذه القضية هي العدسة التي عن طريقها يرى العرب السياسات الأمريكية في المنطقة، فضلا عن أن الفشل سيخلق مجموعة تحديات أخرى، إستراتيجية، وأخلاقية.
ولذلك، فانّ أجندة الرئيس المنتخب الشرق أوسطية ستكون مزدحمة بين الحرب على العراق، وبرنامج إيران النووي، والصراع العربي-الإسرائيلي، والحرب على الإرهاب، والحفاظ على الإمدادات من الطاقة، ولعل الأهمية في تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي تنبع بدرجة أساس من انه هو السبب الأول لغضب الرأي العام العربي من سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، وظهور الحركات المسلحة، والعنف، علاوة على انه المصدر الأساس للنفوذ الإيراني في الدول العربية، ومن ثم، فانّ النظم العربية الموالية للولايات المتحدة الأمريكية تواجه الكثير من الضغوط الخارجية والداخلية، وهو السبب في تقوية نفوذ الحركات المسلحة في الشارع العربي، والتي تمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
ومع ذلك لاشيء يسمح بالقول: أن مجمل الترتيبات ستوضع موضع التطبيق فيما يتعلق بالعراق، والملف النووي الإيراني، والحرب على الإرهاب، وتسوية الصراع-العربي الإسرائيلي بشكل خاص، فضلا عن كون الرئيس الجديد قليل الخبرة فيما يتعلق بالسياسة الدولية، إذ انه لايمتلك ثقافة كافية، وفهم للعلاقات الدولية مشابه لتلك الثقافة التي تمتع بها الرئيس (بيل كلينتون).
وفي هذا السياق ينتظر أن يستأنف الفريق الديمقراطي الجديد السياسة التي اتبعت في عهد الرئيس (بيل كلينتون) التي تتلاءم مع الإجماع الحزبي في الولايات المتحدة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين ذلك الإجماع التقليدي حول السياسة الخارجية الأمريكية الذي خرج عنه الرئيس (بوش).
ويعتقد الكثيرون أن عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستحظى بالأولوية في الأجندة الأمريكية الشرق أوسطية للرئيس المنتخب (باراك اوباما)، لانّ السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين سوف يغيّر البيئة الإقليمية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، إذ ستفتح أمامها الكثير من الفرص لعقد تحالفات جديدة، فضلا إلى تحويل الرأي العام العربي ليكون موقفه ربما ايجابيا من الولايات المتحدة، وضد استخدام العنف ضد مصالحها في المنطقة من قبل الحركات المسلحة، فضلا عن العمل على التوصل إلى اتفاقية سلام بين إسرائيل والأنظمة العربية المجاورة، وخاصة سوريا التي ترتبط بعلاقات جيدة مع (حزب الله) اللبناني وإيران، وبذل قصارى الجهد للتوفيق بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق تفعيل الدبلوماسية من اجل التوصل إلى اتفاقية سلام تؤسس على حل قيام دولتين متجاورتين، وهو أمر يمكن الوصول إليه على الرغم من الانقسامات في الجانب الفلسطيني فيما سيكون تراجع السياسة الخارجية الأمريكية حول هذه الملفات ضاراً للغاية.
وعلى الأرجح سيستعين الرئيس (اوباما) بخبرة مجموعة من المستشارين الذين عملوا في عهد الرئيس (بيل كلينتون)، ومنهم: (دينيس روس) ممثل إدارة الرئيس كلينتون خلال مفاوضات السلام العربية-الإسرائيلية على الرغم من مواقفه الداعمة لإسرائيل، والسفير الأمريكي السابق لدى تل أبيب (دانيال كيرتزير)، وهو يهودي/ارثودوكسي يتحدث العبرية بطلاقة، وعمل سفير في إدارة الرئيس (جورج والكر بوش)، وكذلك (مارتن أنديك) المستشار السياسي السابق للرئيس (بيل كلينتون)، إذ أنّ اختيار (اوباما) للشخصية التي ستمثل سياسات إدارته تجاه الشرق الأوسط وقضاياه يمثل أهمية كبيرة، وعلى الرغم من تعاطفه العام مع إسرائيل، فانّ رؤية الرئيس (اوباما) لهذه القضايا مازالت غير واضحة إلى حد الآن.
ومع كل ذلك لاشيء يدفعنا إلى توقع مخاطر طيش مشابهة بما كان عليه الحال مع إدارة الرئيس (بوش) التي خلفت وراءها العقوبات الاقتصادية، والقرارات الأممية، والنظرة السلبية لإيران، وسوريا، والفلسطينيين في مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، ولدى وسائل الإعلام الأمريكية التي تجعل من الصعوبة تحقيق تقارب سريع بين الإدارة الأمريكية الجديدة، ونظامي إيران وسوريا، والفلسطينيين في القطاع.
وعامة تميل المرحلة القادمة للتغيير نحو اتجاهين:
على الأرجح يكون (الاتجاه الأول): نحو استمرار السياسة الحالية تجاه عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية مع تقديم إضافات إلى صيغة (انابوليس)، لاسيما وان مهمة الرئيس الأمريكي تتمثل دائماً في الهام الناس في المنطقة باستئناف التفكير بشان احتمالات السلام، إذ ليس أمام العرب واليهود من خيار سوى العيش جنباً إلى جنب بسلام نسبي، أو العيش جنباً إلى جنب بعنف دائم، حسب الرؤية الأمريكية.
وربما يميل (باراك اوباما) إلى عقد المنتديات والمؤتمرات بين المؤسسات الغربية، والعربية، والإيرانية، والإسرائيلية لعرض مجموعة من الأفكار والآراء المعتدلة والمتطرفة في المنطقة، إذ لايمكن التوصل إلى حل في الشرق الأوسط على حد رأي (مادلين أولبرايت) وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة دون تعديل بعض الأحلام على الأقل.
فيما يكون (الاتجاه الآخر): تصعيداً للازمات في كل المنطقة على منوال سياسة إدارة الرئيس (بوش) المنتهية ولايته إذا ما فكر الرئيس (اوباما) في استخدام القوة ضد إيران أو فرض حضر جوي على منطقة دارفور على نحو ما حدث في شمال العراق بعد تحرير الكويت، وهو الاتجاه الذي سيعمل على تصعيد الأخطار الجديدة في المنطقة، وهذا أمر مستبعد، ولا نرجّحه لانّ سياسة الرئيس (اوباما) قائمة على استعادة التوازن، وتلميع صورة الولايات المتحدة الأمريكية في الخارج.
وتبقى الإشكالية قائمة إلى حد الآن في أن الرأي العام في الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط لم تعثر إلى حد الآن على الدوافع والحوافز المشجعة من اجل الانفتاح القوي على الرئيس المنتخب (باراك اوباما)، والعثور على حافة الأمل لمستقبلهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا