الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي سيحدث لو عاد حزب البعث إلى السلطة ؟

يحيى السماوي

2009 / 1 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما الذي سيحدث في العراق ، لو أنّ خللا ً ما ، حدث في نظام الكون فعاد حزب البعث " لا سمح الله " إلى السلطة ؟

لا يحتاج المرء حتى إلى قليل من التفكير ، ليخرج بنتيجة مفادها : إنَّ العراق سيشهد ـ في حال عودة هذا الحزب إلى السطة ـ اندلاق نهر ٍ من الدم يمتدّ من زاخو حتى أبي الخصيب .. وأن المقابر الجماعية ستكون أكثر اتساعا من بساتين الجنوب وغابات الشمال .. وسيعود العراق من جديد : ثكنة عسكرية على شكل وطن !!

الإنتفاضة الجماهيرية لم تنجح باسقاط النظام الديكتاتوري ... ومع ذلك فقد كان انتقامه من جماهير الانتفاضة ، بالغ الوحشية والقسوة ، فقتل مئات الاف المواطنين ... فكيف سيكون حجم وقسوة انتقامه من الشعب الذي وقف موقف المتفرج المتشفي والشامت المبتهج بردم مستنقع هذا الحزب على رغم أن المجارف كانت أجنبية ولأصحابها أجندة كولونيالية ؟ إنّ النزعة الإنتقامية الدموية والشوفينية والعدوانية هي السمات الأكثر وضوحا لهذا الحزب ، وحروبه الداخلية والخارجية تقف دليلا على ذلك .

قد يحتجّ قائل فيزعم أن إعدام صدام حسين من شأنه إفساح المجال أمام ولادة قياداتٍ جديدة ٍوطنية ِ المنحى وإنسانية التوجّه ... والردّ على هذا الزعم ، هو : إن الحزب لم يكن وليدَ صدام حسين بقدر ما كان صدام حسين وليد الحزب وإفرازا من إفرازاته ، وبالتالي ، فإن المستنقع الحزبي أو الأيديولوجي الذي أنتج بالأمس القريب جرثومة صدام حسين ، سينتج جرثومة صدامية آخرى في حال توفـّر المناخ السلطوي المناسب .
فبالقدر الذي كان فيه الفوهرر أدولف هتلر ، الأداة التنفيذية لتطبيق فلسفة فريدريك ولهلم نيتشة التي ارتكز عليها الحزب النازي ، كان صدام حسين الأداة التنفيذية لتطبيق أفكار ميشيل عفلق التي ارتكز عليها حزب البعث في تجربتيه السلطويتين في العراق .

يقول ميشيل عفلق في كتابه " في سبيل البعث " : ( على الأمة العربية أن تغالب نفسها بعد تلك الغفوة الطويلة والإسترخاء والحياة اللينة ، عليها أن تخوض المحن والويلات صقلا ً للإرادة ) فحياة الاستقرار والرفاه في رأي ميشيل عفلق ، هي من العناصر التي يجب عدم الركون إليها ... فالحروب والمحن والويلات وفق هذا المنطق ، هي ضرورات وطنية وقومية بغية " صقل الإرادة " حتى لو كانت ستؤدي إلى إزهاق أرواح ملايين المواطنين الأبرياء ... ويقول الياس فرح : ( إن المسألة في الحرب هي ليست مسألة استرجاع أرض قبل أن تكون مسألة إرادة .. فالمهم هو أن توجد معركة وأن توجد حروب لمعرفة قدرتنا ، وقد استطاع الرفيق صدام حسين النهوض بالأمة بعد فترة طويلة من الخمول ) ... أي : إن صدام حسين قد نجح في تطبيق نظرية الحزب ... وبمعنى ً آخر : إن المحن والحروب والويلات هي من بين مقومات الفكر العفلقي .

ليس صحيحا الاعتقاد بأن إعدام صدام قد أدى إلى اقتلاع أنياب الحزب وتدجين وحشيته ونزعته الدموية ـ وبالتالي لا ثمة خشية من عودته ... فالنزعة الدموية والإنتقامية هي من بين أهم ميزات الحزب ، الأمر الذي يوجب على الشعب العراقي وقواه الوطنية عدم السماح لهذا الحزب بالعودة أيا ً كانت شعاراته البراقة وتباكيه على حال الشعب العراقي بعد تنظيف الوطن من الوحل الديكتاتوري ـ وهو حال أفضل ألف مرة مما كان عليه العراق في ظل نظام جمهورية الأمن والمخابرات والمقابر الجماعية والحروب العدوانية .

صحيح أنّ الحاضر العراقي ليس بمستوى الطموح .. لكنه أفضل بما لا يُقاس من الأمس القريب حين كان العراقيون تحت رحى الديكتاتورية ... والمؤكد أنّ الغد العراقي سيكون بهيا ً حين تـُسـتأصل أشواك المحاصصة الطائفية والقومية من البستان العراقي ، ويُقضى على الفساد المالي والإداري وعلى بقايا وحوش الإرهاب المتحالفة مع بقايا ذئاب الغابة العفلقية .

لقد لـُدِغ الشعب العراقي مرتين من جحر البعث عامَيْ 1963و 1968م فنجا منهما مهيض الجناح ... لكن اللدغة الثالثة ستكون مميتة حتما في حال حدوثها ـ لا سمح الله والشعب بذلك !!

إسم " العودة " الذي انتقاه الحزب مسمّى ً جديدا له ، يعني أنه لن يكف ّ عن التآمر بغية عودته إلى السلطة ، فعسى أن يتمّ غلق الثغرات التي تسلل منها " الرفاق " إلى بعض المواقع الحساسة خلال فترة حكومة السيد إياد علاوي !!!

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لارجعوا
خالد صبيح ( 2009 / 1 / 18 - 22:10 )
اهم شيء انك كنت تستدرك بلا سامح الله عند ذكر عودة البعثيين
.
لاارى ان لهم عودة في شكلهم السافر.. وحزب العودة وغريمه المضحك الدوري هم اختلاجات ماقبل الموت النهائي
.
كلامك كان عن حزب البعث بشكله البشع الذي عرفه العراقيون لكن ماذا عن شكله المتخفي وراء العملية السياسية وشعاراتها الديمقراطية. بالمناسبة لم اسمع رموز البعث في العملية السياسية( صالح المطلك وخلف العليان) يذكرون كلمة ديمقراطية لا في خطابهم ولا في دعاواهم
لارجعوا!!!
تحياتي


2 - هذا الحجي المعقول
مالك حسن ( 2009 / 1 / 18 - 23:37 )
هذا الحجي المعقول منك وخاصة قولك
صحيح أنّ الحاضر العراقي ليس بمستوى الطموح .. لكنه أفضل بما لا يُقاس من الأمس القريب حين كان العراقيون تحت رحى الديكتاتورية ... والمؤكد أنّ الغد العراقي سيكون بهيا ً حين تـُسـتأصل أشواك المحاصصة الطائفية والقومية من البستان العراقي ، ويُقضى على الفساد المالي والإداري وعلى بقايا وحوش الإرهاب المتحالفة مع بقايا ذئاب الغابة العفلقية .


3 - الامل موجود بغياب البعث
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 19 - 01:21 )
اؤيد تعليق الاخ خالد بان الخطر مكمنه داخلي ومن خلال العملية الديمقراطية المنقوصة...
الانسان هو اجمل معنى للوطن ولم يفعل البعث للانسان سوى التهجير والتعذيب والتقتيل والتجهيل ومسخ اجيال بغسل عقولها..

شكرا لطرحك النبيل الذي يفيض محبة واشراقا وشذى

محبتي واحترامي


4 - ماذا لو عاد البعث
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 1 / 19 - 05:50 )
الاستاذ السماوي
البعث كفكر تسلطي دكتاتوري موجود في النفوس وبعض الاحزاب لا تختلف بدكتاتوريتها عن البعث وتمارس القتل اكثر منه بدرجات واذا كانت ممارسات البعث تحت ستار القومية فهؤلاء تستروا بالطائفية التي هي اشد ضؤؤا من القومية والبعث موجود في السلطة العراقية تحت اطر ديمية ولا زال انصتره يملؤون البرلمان والسلطة التنفيذية ومراكز القرار في السلطة العراقية واذا حان اليوم الموعود نزعوا البراقع الدينية وارتدوا الملابس القومية لدينية ولا ننسى ان تاريخ البعث السياسي حافل بالمتناقظات وكان ميكافليا لا يتورع عن استعمال اي طريق للوصول الى السلطة والبعث كفكر تغريبي له اجنداته التي لم ينتهي مفعولها ولا زالت الجهات الداعمة له ترتجي منه تحقيق اهدافها لذلك ليس من المستبعد عودته كما عاد عام 1968 بوجه ولباس جديد ليمارس اعماله الدنيئة وحينها سيصفق له العراقيون كما صفقوا لغيره على عادتهم المعروفة في التهريج والتطبيل،وسوف يهلك الضرع والزرع ويبيد الحرث والنسل ولا يبقي جذوة من امل وذلك بفضل السياسات التي طبقتها الاحزاب الوافدة التي اثبتت فشلها وعدم قدرتها على توجيه الاحداث بما يخدم الوطن والمواطن


5 - مدمن
عراقي شابع قهر ( 2009 / 1 / 19 - 06:01 )
حزب البعث مدمن سلطه وقهر وانقلابات لذا الحذر ثم الحذر فعلاج الادمان ياخذ سنوات وسنوات ولا تستهينوا بالامر ابدا


6 - هؤلاء ندوب سوداء في ثوب الوطن الأبيض
يحيى السماوي ( 2009 / 1 / 19 - 09:55 )
الأخ الفاضل خالد صبيح : تحية ومحبة

المطلك ومثلاؤه ندوب سوداء في ثوب الوطن الأبيض ... كيف يؤمنون بالديمقراطية وقد كانوا بالأمس القريب عبيدا للطاغية ؟
شكرا لمرورك الكريم .


7 - لك امتناني
يحيى السماوي ( 2009 / 1 / 19 - 09:58 )
الأخ العزيز مالك الحسن : شكرا لطيوب حسن ظنك ... لك امتناني الجزيل . .


8 - لابد أن يكون غدنا جميلا
يحيى السماوي ( 2009 / 1 / 19 - 10:02 )
الأخ الفاضل محمد خليل عبد اللطيف : طالما تم تنظيف حقول الوطن من دغل الديكتاتورية الصدامية ، فإنّ بيادر الديمقراطية والمسرة والرغد لابدّ وأن تملأ الأفق العراقي ... الغد ينبئ عن تحقيق الآمال بتكاتف الجهود .

لك مني شكر الممتن وامتنان الشاكر .


9 - ما زال للبعث حضور حتى في برلماننا الجديد
يحيى السماوي ( 2009 / 1 / 19 - 10:14 )
الأستاذ محمد علي محي الدين : ما تقوله عين الصواب يا صاحبي ... فالكثير من الممارسات والتوجهات ـ الطائفية والمصلحية والفئوية ـ تلتقي مع نتائجها الوخيمة مع ممارسات النظام المقبور ...

أشاطرك الرأي أن الكثيرين من مريدي النظام المقبور قد نجحوا في التسلل إلى بعض الأحزاب متخذين من الدين حجابا ـ بل أن بعضهم أعادهم د . إياد علاوي باعتراف وفيق السامرائي .

أشكر لك صواب رأيك وخشيتك على شعبنا من عودة جلادي الأمس .


10 - أرجو أن تشبع فرحا ورغدا
يحيى السماوي ( 2009 / 1 / 19 - 10:16 )
العزيز - عراقي شابع قهر - : أرجو أن تشبع ـ وجميع العراقيين الطيبين ـ فرحا وطمأنينة بعدما أشبعنا النظام المقبور قهرا وتعسفا وإذلالا .

تحيتي ومحبتي


11 - رجاء
الحسناوي ( 2009 / 1 / 19 - 19:09 )
الاخ السماوي ان هذا الموضوع خطير ومهم جدا حيث يستوقف العنوان العدو قبل الصديق لما للبعثيين من غصص وويلات واهات لا تزال جاثمه على صدورنا ارجو منك اثارة الموضوع بين فتره واخرى من باب ذكر ان نفعت الذكرى اننا بحاجه لصوتك لتسمع من به صمم وشكرا

اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم