الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة والأزمة الاقتصادية العالمية

محمد نبيل الشيمي

2009 / 1 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تعد قضية العولمة من القضايا التي لها من الجوانب والزوايا التي تثيرالكثير من الاهتمام لكونها ترتبط عضويا بقضايا الإنسان على كافة المناحي (السياسية / الاقتصادية / الثقافية) .
في المصطلح :-
- يعد مصطلح العولمة من أكثر المصطلحات الفكرية انتشاراً وذلك لارتباطه بالعديد من القضايا المجتمعة سواء المتعلقة بالاقتصاد أو السياسة أو الثقافة وبدأ استخدام هذا المصلح على نطاق واسع مع انهيار الاتحاد السوفيتي وتحول النظام العالمي إلى نظام القطب الواحد والذي هيمنت فيه الرأسمالية على مقدرات العالم ومن ثم فإن العولمة أو الكوكبة هي إكساب الشيء طابع العالمية والمقصود بالعالمية رسملة العالم أي تحويل العالم إلى النظام الرأسمالي ... وهي من الناحية الاقتصادية تقوم على نشر الرأسمالية كنظام للتجارة ونظام للاستهلاك ونشر القيم الغربية للرأسمالية وبأن يكون العالم سائراً وفقاً للنموذج الغربي في كافة مجالات الحياة الاقتصادية وقد كان لتعدد أنواع العولمة ا لسبب في الاختلاف بين المعنيين حول وضع تعريف محدد لها .... ومن حيث أن موضوعنا يتعلق بتأثيرات العولمة الاقتصادية على الاقتصاد العالمي فسوف نقصر معالجتنا على العولمة الاقتصادية
العولمة الاقتصادية :-
- تعني نشر الفكر الغربي في مجال الاقتصاد وذلك الفكر الذي يعني العودة إلى الإفكار الأولي للرأسمالية من حيث إطلاق المبادرة الشخصية وحق الملكية والتأكيد على الحرية الاقتصادية وسيادة قوى السوق وفتح الأسواق وغل يد الحكومات في التدخل في الأنشطة الاقتصادية وربط اقتصادات الدول المتخلفة بالاقتصاد العالمي وتقوية العلاقات بين رجال الأعمال وصناع القرار والعولمة الاقتصادية ذات اتجاه ليبرالي يلغي الحواجز أمام حركة انتقال رؤوس الأموال والسلع والعولمة إجمالاً "اتجاه متنام يصبح منه العالم دائرة اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية تتلاشى في داخلها الحدود بين الدول .
- ويعرف المفكر الاقتصادي بول سويزي العولمة بأنها صيرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط الإنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة والتوزيع والتسويق والتجارة إلى دائرة عولمة الإنتاج الرأسمالية مع عولمة رأس المال الإنتاجي وقوى وعلاقات الإنتاج الرأسمالية مما يقود إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة وهيمنة وتوجيه القوى الرأسمالية العالمية والمركزية وسيادة نظام التبادل والشامل والمتميز لصالح الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة .الآثار الاقتصادية للعولمة
مع تسارع عمليات العولمة اختفت مصطلحات مثل التحررو التقدم و والحوار بين الشمال والجنوب / التنمية الاقتصادية و ارتبطت العولمة بالتخلي عن معظم الضوابط التقليدية التي كانت تسير العمل المصرفي والنظم النقدية لعهود طويلة وأصبحت السياسات النقدية غير خاضعة للسلطة النقدية التي عجزت عن الدفاع عن أسعار الصرف وأسعار الفائدة وأسعار الأوراق المالية في البورصات وهكذا تحولت اقتصادات العالم إلى مجرد قرارات بيد قلة من المضاربين الذين يتاجرون بالعملات والأوراق المالية دون تدخل من سلطة محلية أو عالمية لمحاسبيهم أو ردعهم .
- هناك عدداً من التيارات تتناول العولمة وتأثيراتها .
- تيار يرى فيها كثير من الفوا ئد أبرزها إنها تساعد على القضاء على الفقر وتوفير سبل حياة أفضل للمواطنين وهي رؤية رجال الأعمال‘وبعض المنظمات الدولية المحسوبة على الرأسمالية الدولية (البنك الدولي للإنشاء والتعمير / صندوق النقد الدولي ) .
- تيار يرى أنها أمر واقع في ظل القطب الواحد وأحد نتائج تطوير قوى الإنتاج الرأسمالية والتي صاحبها تقدم علمي وتقني استفاد منها بعض الشعوب في حين أن الغالبية العظمى من الشعوب لم تستفد منها فقط .
- تيار يرى أنها شر من شرور الرأسمالية فهي تسعى لنقل المزيد من عمليات الإنتاج بكاملها من مراكز الرأسمالية إلى البلدان النامية مع الاحتفاظ بقيادة العملية الإنتاجية في العالم أدى لزيادة الأغنياء غنى والفقراء فقراً مع مزيد من الفقر والبطالة نتيجة النهب المستمر لخيرات هذه الدول من خلال الشركات عابرة الجنسيات وميل معدلات التبادل الدولي لصالح الدول المتقدمة .
إن إبعاد الدولة عن التدخل في الحياة الاقتصادية بدعوى أن السوق يتوازن تلقائياً وأن السوق ينظم نفسه وأن كل مواطن يأخذ بحسب إنتاجيته لا تعدو عن كونها أوهام ستؤدى إلى تخريب المجتمعات ، ولقد كان لسياسة عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي والتى تأكدت ملامحها خلال فترة حكم ريجان ( 1981 – 1989 ) للولايات المدة الأمريكية والتى تزامنت مع فترة رئاسة ارريت تاتشر لبريطانيا (1979 – 1990 ) تقوم على ما يسمى في الوقت الراهن بالليبرالية المحدثة وهي عبارة عن مجموعة الأفكار التي ترى أن اقتصاد السوق أفضل إلى المجتمع الحر وزيادة رفاهية وتقدم شعوب العالم التي قامت بتحرير اقتصادها وانفتاحه على السوق العالمية ويقع مفكرو هذه الرؤية تحت وهم تجربة الاقتصاديات الرأسمالية التي تعمل من منطلق أيديلوجي يهدف لخدمة مصالح رأس المال بغض النظر عن باقي القوة الفاعلة في المجتمع وهو أمر تنبهت إليه بعض المجتمعات التي ما لبثت وعادت للمطالبة بزيادة دور الدولة في النشاط الاقتصادي ولعل نجاح الأحزاب الاشتراكية واليسارية في عدد كبير من دول أمريكا اللاتينية للوصول إلى الحكم دليل على فشل الفكر الليبرالي عن تحقيق الرفاهية.

العولمة والأزمة الاقتصادية العالمية :-
يرى العديد من الاقتصاديين أن الأزمة الاقتصادية العالمية هي الأسوأ منذ الكساد العظيم (1929- 1933) وأسباب هذه الأزمة في وجهة نظرهم تكمن في طبيعة النظام الرأسمالي الذي ترك الحبل على الغارب للرأسمالية المالية التي تمثل ركنًا هاماً في إطار الاقتصاد الحر والذي يعد المبدأ الرئيسي للعولمة التي تركت عوامل السوق تعمل بدون كابح لجموحها غير المحدد في تحقيق الأرباح لقد ساهمت العولمة في تحول رؤوس الأموال الصناعية إلى رؤوس أموال مالية وخدمية لقد كان ذلك بمثابة فرصة لاستفادة الرأسماليين من غياب الضوابط والقوانين المحددة لحركة رأسمال لتحقيق المزيد من الأرباح مع تخلي الدول عن دورها في رقابة حركة السوق والمال. لقد أدى ذلك إلى تحول رؤوس الأموال إلى أسواق المضاربات. لقد أدت العولمة إلى تسارع الأزمة فهناك سوقاً حرة بعيدة تماماً عن رقابة الدولة تحت زعم صلاحية آليات السوق لإحداث التوازن . يقول الأستاذ معتز حبسو في دراسته القيمة والأزمة الاقتصادية الراهنة وتحديات استنتاجات ) إن من المرجح دخول الاقتصاد العالمي في أزمة بنيوية تبدأ بالانكماش مروراً بالركود وصولاً للكساد مما يعني زيادة معدلات البطالة على المستوى العالمي نتيجة لتباطؤ الإنتاج وتوقفه في بعض الشركات والمؤسسات الإنتاجية وبالتالي تراجع معدلات النمو عالمياً وتشكل أزمة اجتماعية يزداد في سيرورتها المتنامية حدة التناقض والاستقطاب الاجتماعي .
إن العولمة وهى تقوم على إنهاء دور الدولة في التدخل أدت إلى نقص او إنعدام الرقابة أو الإشراف الكافي على المؤسسات المالية بما ساهم إلى حد كبير في خلق الأزمة وكان التوسع غير المنضبط في منح القروض بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير لقد فشل النظام الاقتصادي العالمي فى تجاوز الأزمة
إن معالجة تداعيات الأزمة وقف على استعادة الدولة لدورها في الإشراف على حركة رؤوس الأموال وتحديد مجالات الاستثمار وتوظيفها وتحديد وجهاتها ... لقد أضرت سياسات العولمة الاقتصادية باقتصاديات دول كانت بعيده عن مركز الأزمة .
وكان لارتباط اقتصاديات العالم وتداخله تداعيات تجاوزت الحدود ... لقد أصبح من الضروري إعادة تقييم العمولة بالقدر الذي يعيد للدولة مكانتها في إدارة الاقتصاد أما ما يدعيه أنصار العولمة بأن ثمة علاقة بين الديمقراطية وتحرير السوق وأن الاثنين طرفان متلازمان وأن السوق في حاجة للديمقراطية فإنهم بذلك يؤكدون على اختزال دور الدولة في الأمن والدفاع (مفهوم الدولة الحارسة وفقاً لمبادىء الأباء المؤسسين الاقتصاديين) والذي أجمل في مبدأ دعه يعمل دعه يمر.
العولمة التي يدافعون عنها عولمة تدافع فقط عن مصالح رجال الأعمال والمرتبطين عضوياً بالرأسمالية العالمية . إن الربط بين حرية السوق والديمقراطية وهم فالديمقراطية السليمة هي التي تحمي المواطنين من الفقر والمرض والحد من البطالة وتوفر لهم الحياة الكريمة وتساعدهم على المشاركة السياسية أما الديمقراطية الوهمية التي يبشر بها أنصار العولمة الداعيين لترك قوى السوق تعمل بعيداً عن التدخل الحكومي فإنها ستبقى أحد أهم أسباب التوتر المجتمعي الذي تشهده المجتمعات والذي تنمو فيه الجريمة المنظمة والعنف الطائفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟