الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هزيمة الدونكيشوت الصهيوني وفضيحة السانشوبانسا

محمد مقصيدي

2009 / 1 / 19
القضية الفلسطينية


ربما قرأ أحدهم في النظام الإسرائيلي رواية دونكيشوت لسيرفانتيس , وقرأ روايات فروسية كثيرة أخرى حتى جف دماغه , فركب دباباته كما ركب السيد ديلامنشا حصانه الهزيل وأخد يتوجه شمالا وجنوبا . الغريب , أن الأنظمة العربية وافقت أن تكون سانشوبانسا رغم أنها لا تملك حتى حمارا هزيلا , لعلها ينالها من غنائمه الوهمية بعض الثروة . لقد صدقت خرافاته , فهي لم تقرأ نهاية رواية سيرفانتس لحفلاتها الكثيرة . في الفصل 18 من الرواية تحت عنوان المغامرة مع فارس المرايا : كلما كثر الموتى , قل الأعداء . وربما فهمها القارئ الإسرائيلي المتحادق على شاكلته ولم يأخدها في سياق أن من قالها هو مجنون وسوف يموت منهزما في نهاية الرواية بعد اعتراف أن كل ما قاله وفعله سالفا هو من تاتير وهلوسات الجنون . القارئ السادج بعد قراءتها , وقبل أن يتجه إلى غزة , كان بالأحرى أن يتوجه إلى الأدباء أولا ليشرحوا له الرواية جيدا . إن استفاقة دونكيشوت المتأخرة من الجنون بعد أن أهلك نفسه بحروبه الوهمية لم تشفع له لتجنب الموت , كنتيجة طبيعية وحتمية لجنونه .

إن ما جناه النظام الإسرائيلي من العدوان ضد الإنسان وضد الأخلاق وضد شعب فلسطين , هو الكراهية التي نبتت في العالم بجدور سميكة ضد الكيان الصهيوني بعدما سقاها بالدماء . ما جناه هو تقارب وتحالف الأقطاب الممانعة في العالم من كل المرجعيات والإيديولوجيات والأديان . ما جناه هو شحن بطاريات المقاومة وتجديد حيويتها , حيث كل طفل قتله خلق به عائلة مقاومة وجيرانا لتلك العائلة مقاومين أيضا . ما جناه بقتله للقيادات هو إثبات أن الحركة هي نظيفة ولا تمانع رغبة في المال , بل من أجل مواقف , وأنها لا تختبئ في المستشفيات والملاجئ , بل تدفع شهداء أيضا كالشعب لأنها تنتمي إليه ...وإن كان يعتقد أنه بقتل القيادات هو نصر فهو أغبى من ديلامنشا . إن قتل القيادات يخلق منها مرجعيات أسطورية وبطولية ويخلق أضعافها من القيادات , بل إنه حتى لو اغتال كل المكاتب الساسية لكل الأحزاب المقاومة وكل لجانها المركزية بدون استتناء , وليس فقط الشهيدين ريان وصيام , فإنه سيجد نفسه بعد شهر أو أقل أمام المئات من أعضاء المكاتب السياسية واللجان المركزية الأكثر شراسة وشرعية ...

وسوف أشير على من حاول تطبيق الدونكيشوت والسانشوبانسا , أن يقرؤوا كتاب فن الحرب للجندي القائد سان تزو مند أكثر من 25 قرنا بإمعان رغم أنهم ربما حاولوا تطبيق مقولته : " التفوق الأعظم هو كسر مقاومة العدو دون أي قتال " قبل أن يتهور ديلامنشا ويدهب إلى حتفه . يقول سان تزو : "مسؤولية حماية أنفسنا من تلقي الهزيمة تقع على عاتقنا , لكن فرصة هزيمة العدو يوفرها لنا العدو نفسه" . لقد حافظت القوى الممانعة على مواقعها وتفادت الهزيمة . وإسرائيل وفرت بحربها الخاسرة فرصة تاريخية لحقوق الشعب الفلسطيني . وشحدت كل الدعم العالمي الدي يحترم الأخلاق ويحترم حرية الإنسان ويحترم نفسه . ويقول سان أيضا : قد تعرف السبيل إلى قهر عدوك , دون أن تكون قادرا بالضرورة على تحقيق دلك , فإن كانت إسرائيل بالسانشوبانسا وباستخباراتها قد عرفت الكثير عن المقاومة فكان من الخطأ الإعتقاد أن المعرفة بكيفية النصر سوف يسمح لهم بالإنتصار عليها . ويقول أيضا : من لا يستطيع قهر عدوه , عليه اتخاد الوضع الدفاعي . وإسرائيل باعترافاتها هي لم تقهر المقاومة , إدن فلتنتظر دائما الضربات من المقاومة ولو حاولت تسويق فكرة النصر المضحكة للشعب الإسرائيلي . ويقول سان تزو أيضا الدي لم يدرس في أكاديميات بل درس من الميدان : القائد الإستراتيجي هو من يدهب للقتال بعدما ضمن النصر . ويقول أيضا : الطرف الدي يصل إلى ميدان القتال أولا وينتظر قدوم عدوه إليه سيكون أكثر استعدادا . وهدا ما تتبته المقاومة على أرضها في كل أنحاء العالم مند فجر التاريخ إلى اليوم . والخطأ الإسترتيجي الدي وقعت فيه المخططات الإسرائيلية هو بتعبير سان تزو : "عندما تحاصر شيئا اترك له منفدا ليهرب منه ... ولا تضغط بقوة على عدو يائس " ...فالضغط بقوة يبني مقاومة أقوى , وإسرائيل بتصرفاتها المجنونة والهمجية خلقت وضعية في غزة لا تسمح إلا بالمقاومة حتى النهاية ...

المشاريع الإسرائيلية تسقط الواحدة تلو الأخرى .

وتحية صمود للمقاومة الشجاعة بكل فصائلها التي واجهت الآليات الثقيلة بصدورها , وأضحكني أحد الناطقين الدي ربما قرأ أيضا الدونكيشوت ,ويقول أنه شجاع ,وهو في الميدان , والمقاومة جبناء ويختبؤون , وينتظر مواجهتهم . في حين هو يأتي بالطائرات وطلقات المدافع المتطورة وأجهزة الرادارات التي تتعقب وملايير الدولارات من الأسلحة الأمريكية , وهم يواجهونه فقط بأجسادهم وبعض المفرقعات المصنوعة في المنازل في انتظار وجبة الغداء . إنه فقط بقاءهم أحياء أعتبره أكثر من نصر بل معجزة , يجب تدريسها في المعاهد والأكاديميات الحربية العالمية .

المقاومة انتصرت لفلسطين , وانتصرت لأحرار العالم . وإن كانت تعتبر إسرائيل أن ما حققته نصرا وأنها حققت هدفها الدي هو الأمن القومي من حربها الهمجية , فدلك خرافة , فمن تعريفات الأمن البديهية ما أورده سبينوزا حين يقول : "الأمن فرح يتولد عن فكرة شيء مقبل أو ماضي لم يعد هناك مجال للشك فيه " . وأظن أن إسرائيل تعرف انها فتحت بيديها فوهة الغول الدي سوف يبتلعها , بتوسيع شعبية حماس وتحالف غالبية اليسار العالمي معها ومع حقوقها . إنها تعرف أنها تتوجه نحو المجهول الأسود في المستقبل .

وليأكل شانسوباسا في الأيام المقبلة لحم الأطفال الدي تركه له الدونكيشوت قبل موته ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم