الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنه سيزيف... من سفح الحزن نحو وادي حلبجة

أحمد جان عثمان

2004 / 3 / 18
الادب والفن


أمّا أن شمسنا العتيقة تشرق، ثم تتردّد برهةً في عظمتها عند الظهيرة، ومن ثم تنحدر نحو المغيب تاركةً فينا، نحن الكائنات السيزيفية، مزيجاً من الإحساس بالجدّة والرتابة، فذلك من أجل أن نسرّ إلى أنفسنا، ونظراتنا شاردة، بأن كل شيء ما يزال حسناً.

هكذا يفكّر الأكراد كما تفكّر الطيور وهي ترفع رأسها عن بركة ماء صافية في الوادي.

عندما قال دوستويفسكي "كل شيء حسنٌ" كان كردياً.
عندما قال رامبو "لا شيء باطلٌ" كان كردياً.
عندما قال الحلاج "الحقّ حقّ والخلق خلق ولا باس" كان كردياً.

للكرديّ فإن الشمس لا تشرق ولا تصعد إلى الظهيرة ثم لا تغيب إلا لأنها تشرق وتصعد إلى الظهيرة ثم تغيب.

لا يعرف الكرديّ أن يفكّر غائيّاً لأن تفكيره بدائيّ للغاية. فهو، كطائر ارتوى، تسرح نظراته في الأفق عندما يرفع رأسه عن النبع... إنه، مثل سيزيف، كلما مرّ بقامشلو، بسري كانيي، بالدرباسية، بعامودا، بتربه سبيي، بديريك، بالحسكة، بمهاباد، بهولير، بدياربكر... يرتاح قليلاً على سفح الحزن وقلبه يواصل التدحرج نحو وادي حلبجة... إنه، كصيصان الشاعر التركي أورخان وليّ، لا يفكّر... فقط يتمنّى. إنه يتمنّى نسيان أنه كردي.

ما أصعب أن تكون كردياً! أن تستيقظ صباحاً مع الشمس المشرقة ناسياً أنك كرديّ، وتتأمّل عند الظهيرة، وقد اتّحد جسدك الملتهب مع الظلّ، كيف أن قلبك ما يزال يتدحرج نحو وادي حلبجة، ثم، رويداً رويداً تنسى كرديّتك مع الشمس الغاربة. إذا كانت الخطيئة الأولى في التفكير الهيجليّ هي الابتعاد عن الطبيعة، وإذا كانت هي الحرية في التفكير السارتريّ، فإنها بالنسبة إلى الكرديّ أن يتذكّر أنه كرديّ.

أن يتذكّر الكردي أنه كردي يعني أن الشمس لم تعد تشرق وتغيب، هكذا يفهم الكردي الهيجلية.
أن يتذكر الكردي أنه كردي يعني أن العالَم مجال حريته، هكذا يفهم الكردي السارترية.
أن يتذكر الكردي أنه كردي يعني أن قلبه ما يزال يتدحرج نحو وادي حلبجة، هكذا يفهم الكردي الكردية.

يا قامشلو، لا تذكّري الأكراد بأنهم أكراد...
وإلا فسوف يتذكّرون بأن على شمسهم العتيقة أن تشرق وعليها أن تحقّق ظهيرتها العظمى قبل أن تنحدر في مغيب الشعوب. دعيهم، يا قامشلو، يرفعوا رؤوسهم كالطيور وهم يسرّون إلى أنفسهم بأن كل شيء ما يزال حسناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟