الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من نتائج أحداث غزة : حماس قوية داخليا ضعيفة خارجيا

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 1 / 20
القضية الفلسطينية


إن كل متابع لما يحدث في قطاع غزة من أحداث مأساوية ؛ يستنتج أن قوة الدمار الحاصل ترتبط في العمق ببعد استراتيجي ؛ خططت له إسرائيل بدقة و إحكام ؛ لتدق آخر مسمار في نعش القضية الفلسطينية .
و تقوم هذه الإستراتيجية على إعلان حرب مدمرة على قطاع غزة ؛ وضرب قوة حماس الصاروخية في العمق ؛ مع إفشال خطة الأنفاق التي تستعملها حماس لتهريب الأسلحة ؛ لكن من دون الوصول إلى إنهاء حكم حماس في القطاع ؛ بل على العكس من ذلك تدعيم هذا الحكم ؛ لزرع بذور الشقاق بين الفر قاء الفلسطينيين .
ولعل ذلك هو ما تبدو بوادره واضحة في الأفق ؛ حيث يتحدث خالد مشعل على أن المشروعية السياسية لمن يحارب على الأرض ؛ و هذا ما ينذر بعواقب وخيمة ستزيد في تعميق الجرح الفلسطيني أكثر من أي وقت مضى ؛ لأن حماس تهيؤ الأجواء لإعلان نصر إلهي على الجيش الإسرائيلي ؛ على شاكلة حزب الله في حرب 2006 ؛ و ذلك لتفرض نفسها كفاعل قوي ؛ يمكن أن ينازع منظمة التحرير مشروعية قيادة و تمثيل الشعب الفلسطيني .
و لعل هذا هو ما ظهرت بوادره بشكل جلي في قمة الدوحة التي استدعي إليها خالد مشعل كممثل للشرعية الفلسطينية ؛ و هذا ما فطنت إليه قيادات فتح و احتجت عليه بقوة ؛ وصلت إلى حدود اتهام دولة قطر بالتآمر على القضية الفلسطينية ؛ عبر محاولة شق الصف الفلسطيني .
إن الصورة إلى حدود الآن تبدو جلية إلى أبعد الحدود ؛ فقد استطاعت إسرائيل تحقيق جميع هذه الأهداف ؛ بحيث شلت قدرة حماس على مواجهتها – و ذلك ما ستؤكده الأيام القادمة – و في نفس الآن فرضت حماس كلاعب أساسي في الساحة الفلسطينية ؛ لعرقلة أية تسوية يمكن أن تفرضها الإدارة الأمريكية الجديدة بتنسيق مع الاتحاد الأوربي ؛ و ذلك على ضوء المبادرة العربية لحل الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام .
و هكذا سيعود العرب و منهم الفلسطينيون إلى نقطة الصفر؛ و ستحتج إسرائيل مستقبلا بغياب المفاوض الجاد؛ و أن من يمثل الشرعية الفلسطينية هي حركات (إرهابية) تسعى إلى تدمير إسرائيل و الرمي بها إلى البحر... و ما دامت الظروف غير مناسبة للتفاوض؛ فإننا – سيحتج الإسرائيليون - في انتظار الممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني؛ و هناك فقط يمكن أن نتابع التفاوض.
و هكذا ستربح إسرائيل الرهان مرة أخرى في تأجيل حل الصراع مع الفلسطينيين؛ و في نفس الآن سيخسر الفلسطينيون الرهان في طرح قضيتهم العادلة ؛ مع ما سيرافق ذلك من تأجيج للصراع الداخلي بين الفلسطينيين في الداخل و الخارج ؛ حول من يمكنه أن يمثل المشروعية الفلسطينية ؛ و هذا ما يهدد في المستقبل القريب وحدة الصف الفلسطيني ؛ الذي يعاني أصلا من تداعيات استفراد حماس بالقطاع ؛ و إصرار الرئيس الفلسطيني على التعامل مع الحدث باعتباره انقلابا على الشرعية الفلسطينية .
إن المطلوب اليوم من كل الحكومات العربية؛ و من كل النخب المثقفة هو تدعيم وحدة الصف الفلسطيني؛ و تدعيم منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الوحيد و الشرعي للشعب الفلسطيني؛ و ذلك لإفشال جزء من الخطة الإسرائيلية – على الأقل – و فرض القضية الفلسطينية ؛ من خلال ممثليها المقبولين على الساحة الدولية ؛ على قائمة أجندة المجتمع الدولي ؛ كحركة تحرر وطني ؛ تسعى إلى استعادة حقوق شعبها المهضومة من طرف الكيان الصهيوني ؛ و ليس كحركة أصولية تهدد باستئصال إسرائيل كما يروج الصهاينة و من يدعمهم على الساحة الدولية .
أما بخصوص حركة حماس ؛ فالواجب يفرض عليها بعد هذا الدمار الهائل أن تضع قضية الشعب الفلسطيني على قائمة اهتماماتها ؛ و أن تتنازل عن خطبها العنترية ؛ التي لا و لن يمكنها أن تصنع الانتصارات على عدو متمرس ؛ يعرف ما ذا يفعل و يخطط له بإتقان .
و ذلك عبر فك ارتباطاتها الخارجية ؛ مع دول تسعى إلى توريطها في المستنقع الإسرائيلي خدمة لمصالحها في المنطقة ؛ سواء أكانت إيران التي وقفت في الحرب الأخيرة متفرجة على ما يحدث ؛ بل و أضافت أن منعت شعبها من نصرة الفلسطينيين عبر الفتاوى التي أصدرها آياتها .
أو سواء كانت قطر التي تبحث عن مكان لها في المنطقة ؛ عبر استثمار أموال البترول و الغاز في شق الصف الفلسطيني سياسيا و إعلاميا عبر قناة الجزيرة ؛ التي لا يمكن أن يأمن أي متابع في نوايا القائمين على شؤونها .
أو كانت كذلك سوريا؛ التي توظف الفلسطينيين لخدمة قضيتها؛ و ذلك عبر التعامل معهم كرهائن في مقابل الجولان؛ بحيث يمكن للأسد أن يهدد إسرائيل في كل مرة بأنه مستعد لدعم المقاومة؛ إذا فشلت جهود التفاوض حول الجولان.
إن قوة حماس تكمن في قوة ارتباطاتها الداخلية ؛ و ليس في ولاءاتها الخارجية ؛ لذلك لا يمكن لقادة حماس أن يقدموا شيئا للقضية الفلسطينية في غياب وحدة الصف الفلسطيني ؛لأن إسرائيل تحقق أهدافها عبر استثمار تماسكها داخليا ؛ سواء على مستوى الموقف الشعبي ؛ أو على مستوى الموقف السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقاط مهمة واخرى غير مفهومة
صائب خليل ( 2009 / 1 / 20 - 11:03 )
رغم انك اثرت نقاطاً مهمة، لكني لا افهم لماذا يجب ان تكون مجموعة اللصوص التي رفضها الشعب الفلسطيني في الإنتخابات، -الممثل الشرعي والوحيد له-
تحياتي


2 - الممثل الشرعي والوحيد رغم الانتخابات
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 20 - 14:14 )
يااستاذ ادريس...لماذا هذا اللي لعنق الحقيقة؟...تقول- قمة الدوحة التي استدعي إليها خالد مشعل كممثل للشرعية الفلسطينية ؛ و هذا ما فطنت إليه قيادات فتح و احتجت عليه بقوة -

هذا الكلام مناف للحقيقة فمقعد فلسطين ترك فارغا بسبب تعنت ودكتاتورية عباس الذي يرفض الرضوخ لخيار الشعب الفلسطيني

شكرا لسعة صدرك

اخر الافلام

.. التوتر بين روسيا وإسرائيل يتصاعد.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتي


.. إيران تؤكد أنها ستدعم حزب الله في حال تعرضه لهجوم إسرائيلي




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لسوق بحي الزيتون


.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف خلية في مخيم نور شمس بطولكرم أ




.. الدفاع الروسية تعلن استهداف 5 مقاتلات أوكرانية بصواريخ إسكند