الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصطنَع والاصطناع

مازن لطيف علي

2009 / 1 / 20
الصحافة والاعلام


كتب بودريار في سبعينيات القرن العشرين العديد من مؤلفاته الفكرية المهمة منها : نظام الاشياء ، نحو نقد الاقتصاد السياسي للرمز ، التبادل الرمزي والموت ، مجتمع الاستهلاك ، والعديد من المؤلفات.. في الكتاب الصادر حديثاً " المصطنع والاصطناع " الصادر عن المنظمة العربية للترجمة ، يقدم بودريار وفي نظرة نقدية لعلاقة المجتمع الحديث بالواقع.. يرى بورديار إن الانتقال من الرموز الى تحجب أمراً ما الى الرموز التي تحجب عدم وجود اي شىء يشكل المنعطف الحاسم ، الرموز الاولى ترد الى لاهوت للحقيقة والسر (وما تزال الايويولوجيات تدخل في عدادها) اما الرموز الثانية فتفتح عصر المصطنعات والاصطناع حيث لايوجد رب ليتعرف إلى جماعته ولاتوجد دنيوية للفصل بين لباطل والحق ، بين الواقع وبعثه الاصطناعي ، لأن كل شىء يكون قد سبق له ان مات وبُعث مسبقاً .. يرى بودريار ان التاريخ سيناريو ماضوي وهو مرجعنا المفقود ، اي اسطورتنا وهو يحتل بهذا العنوان مكان الاساطير على الشاشة ، وعليه فأنه من الوهم ان نرتاح الى مايسمى " وعي السينما للتاريخ " لايعني بورديار ان التاريخ لم يظهر ابداً على الشاشة بوصفه زمن فوران وسيرورة راهنة وانتفاضة ، لابوصفه انبعاثا ، التاريخ يحضر في " الواقع " كما هي الحال في السينما لكنه لم يحضر ابدا فالتاريخ " المُعاد" لنا اليوم لاعلاقة له مع الواقع التاريخي.
يرى بورديار ان الإعلام يلتهم مضامينه بالذات ، وهو يلتهم الاتصال الاجتماعي وذلك لسببين :
1. بدل من يعمل الإعلام على خلق الاتصال فإنه يستنفذ ذاته في اخراج الاتصال .. وبدل من ان يتنج المعنى فإنه يستنفذ ذاته في اخراج المعنى ، انها سيرورة اصطناع هائلة نعرفها جيدا .
2. ان الميديا والإعلام المُلزم يتابعان خلف ها الاخراج المحتدم للاتصال ، تفكيكاً للاجتماعي لايقاوم وهكذا الى نوع من سديم مكرس لامزيد من الابداع ابداً بل بالعكس لخلق القصور الشامل .
يطرح بورديار اسئلته قائلا هل تقف الميديا إلى جانب السلطة في التلاعب بالجماهير ، ام تقف الى جانب الجماهير في القضاء على المعنى وفي العنف الموجه على المعنى وفي الانبهار ؟ ام هل الجماهير هي التي تحول الميديا إلى المشهد ؟ وهكذا يرى المؤلف إنه لمن الخطورة بمكان ان نخطىء في الاستراتيجية ، فجميع الحركات التي تشغل على قضايا التحرير والتحرر وبعث الذات التاريخية والجماعة وعلى الكلام على اكتساب الوعي اي على اكتساب " لاوعي " الذوات والجماهير لاتدرك انها تذهب في اتجاه النظام الذي يقوم متطلبه بالضبط اليوم على فيض إنتاج وعلى إحياء المعنى والكلام.
ان مانعيشه اليوم هو ابتلاع نط الإعلان لكل أنماط التعبير الافتراضية ، فكل الاشكال الثقافية الاصلية وكل الكلمات المحددة مبتلعة في هذا النمط لأنه بلاعمق وفوري وسريع النسيان فيصفه بورديار انه انتصار الشكل السطحي ، الحد الادني المشترك لكل مدلول درجة صفر في المعنى ، انتصار تراجع معنى كل الصور المجازية ، انه ادنى شكل لطاقة الرمز ، ان هذا الشكل عديم المفاصل والفوري وبلاماضٍ ولامستقبل ولاتحول ممكن ، يغلب على كل الاشكال الاخرى ، لأنه اخرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صرعة بودريارد
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 1 / 19 - 20:24 )
العزيز المتابع الدؤوب والمثقف الرصين مازن لطيف علي
تحيتي ومحبتي لك وانت من المرابطين الشجعان
ان مجمل فلسفة -بودرياد- تقوم على منهجية احياء العدمية الكلاسيكية التي افلت بعد عهود ثورات التحرر في الستينات من القرن المنصرم
وبودريارد هذا عضو في مراكز بحوث احدى اهم غاياتها هي الغاء العناصر الانسانية في كل فكر نتج عن افكار نيتشه (مع الاشارة الى ان افكار نيتشه نفسها لم تكن قصدية او ذات نوايا مجيشه ,فالرجل فرداني شديد الفردانية -غير ان تجيير فلسفته ذات الطابع الادبي ,غير السردي ,فلسفة التشظيات المحايثة للشعر,انتج وبتوجيه من مؤسسات راسمالية وشوفينية ذات مقاصد لا انسانية سلسلة من المدارس الراسمالية المعادية للانسان بدا بالبنيوية -التي تعتبر مجازا اكثرها انسانية نسبية -مرورا بالتفكيكية وما بعد التفكيكية وانتهاء بالعدميين الجدد ,وهي الفلسفة التي انتجها بودرياد انطلاقا من جامعة (النخب البراغماتية )جامعة-ييل -التي يشغل بودرياد كرسي الفلسفة الحديثة فيها ,وهي فلسفة شديدة العدمية مناوئة لكل مظهر انساني ,وهي لشدة تسفيهها وخلطها اوراق الفلسفة مثاليها بماديها ,صار يطلق عليها بشكل رسمي فلسفة (كله ماشي )
كنت اتمنى منك المزيد من التوضيح للقاريء عن هذه الجذور
مع انك لم تقصر في توضيح -على

اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل