الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الأرض المحروقة

كاظم الحسن

2009 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



في فترة الحرب الباردة وظهور حركات التحرر الوطني والاحزاب الثورية وبعض الحركات السياسية المتطرفة لم يصل بها الامر الى حد ان يكون القتل هو غايتها او احتجاز الرهائن لغرض تصفيتهم على اساس الدين او الهوية ولم يتفاخروا يوما بالقتل والذبح والتفخيخ حتى لاعدائهم بل كانت ثمة خطوط ومحرمات وروادع اخلاقية وقيمية تجعلهم ينأون عن اعمال دنيئة وخسيسة كهذه لاتنتسب الى البشر او الاديان او القوانين ولذا حاز اولئك الاشخاص على حب وتعاطف الناس واخذت ذاكرتهم تحفظ صورهم كابطال ومحررين وقادة يذكرهم التاريخ باجلال وتقدير

انهم يحملون احلام وامال الناس في الحرية والانعتاق والعدالة والرغبة في خلق عالم افضل انهم ينتسبون الى البشرية جمعاء واصبحت صورهم وافكارهم المضيئة تنتشر في الادب والثقافة والتاريخ، نعم انهم كانوا حقاً معادلا موضوعياً لقبح العالم وقسوته، التي انتهكها تجار الحروب والموت والاستغلال ولكنهم كانوا نبلاء وفرسانا لايعرفون الطعن من الخلف او الغدر او الانتهازية فأين الثرى من الثريا؟

اين اولئك الابطال من هؤلاء المجرمين الذين لايتورعون عن استباحة الحرمات من مراقد ومساجد ومستشفيات ومدارس انها عدمية انها سياسة الارض المحروقة وماذا بعد حرق الزرع والضرع والنسل: هل هو الوطن الذي تشيده الجماجم والدم؟

وماذا يخلف وطن كهذا غير التعاسات البشرية والخراب والنساء الثكالى والايتام والروح المعطوبة التي لن تداويها الايام بسهولة.
عندما حدثت جرائم (11 ايلول) كان العقل الاستخباراتي الاميركي في حالة صدمة فلم يحدث ان قام احد بمثل هكذا اعمال، وحتى من يقوم بخطف الطائرات يحاول استثمار ذلك سياسياًَ وليس قتل الجميع على طريقة( علي وعلى اعدائي ) ولذلك تم استحداث شعبة خاصة عليها مهمة تخيل الجرائم التي من الممكن ان يقدم عليها هؤلاء الارهابيون
.
وحتى عملية قتل ( شاه مسعود) احد القادة المعارضين لنظام طالبان، تمت بطريقة غير مسبوقة من قبل اشخاص ادعو انهم صحفيون، وظهر فيما بعد انهم ينتمون الى تنظيم القاعدة الارهابي.

والجرائم المروعة التي تحدث في العراق الان، من هذا النوع فعملية تفخيخ الحيوانات والاطفال والمتخلفين عقلياً، كل هذه الاعمال وغيرها سلوكيات شاذة تدل على مخيلة موغلة في الجريمة والقتل وارتكاب احط الافعال المشينة والفاحشة.

ان هذه الحركات تنتمي الى عالم ما قبل السياسة بمعناها الحديث والنظامي وهو عالم تسود فيه لغة الثأر والانتقام الجماعي من الاغنياء واصحاب الهويات المخالفة لمعتقداتهم دون ان تكون هنالك رؤية واضحة للبناء او اقامة نظام بديل وفي احوال كثيرة تكون الدعوة السائدة هي الحنين الى الماضي (النوستالوجيا)
.
انها حالة نكوص تصيب الجماعات اللاتاريخية نتيجة عدم استيعابها دروس التاريخ والحياة فترتد الى الماضي يقتاد بها وتقتاد عليه وهي بذلك تحكم على ذاتها بالموت التدريجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحزب الله... على حافة الحرب؟ - ثلاثة أسئلة وثلاثة أج


.. تأثير المطورين بالذكاء الاصطناعي في استبدال المؤثرين الحقيقي




.. تحذيرات من تحول الحرب في السودان إلى صراع إقليمي | #رادار


.. عادل مارديني: نفذنا 371 ألف رحلة حول العالم في 2023




.. مشاهد لإصابتين في مدينة جنين برصاص الاحتلال الإسرائيلي