الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للخروج من مأزق 61-ج

أبو مسلم الحيدر

2004 / 3 / 19
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


قانون إدارة الدولة العراقية (أو ما يسمى الدستور) المؤقت الذي تمت المصادقة عليه في الثامن من آذار 2004 بعد جدال ونقاش طويلين وبعد مخاض عسير لم يؤدي الى إقتناع أي طرف من الأطراف أو كتلة من الكتل قناعة تامة بل كانت عملية توافقية بين هذه الأطراف جميعاً. التوافق بين كل هذه الأطراف لم يكن وليد هذه الفترة الجديدة في العمل السياسي العراقي بل كان التوافق هو سيد الموقف في اللقائين الأكبر بين الأطراف الممثلة بمجلس الحكم العراقي المؤقت (وحتى الغير ممثلة) في صلاح الدين ولندن.
العملية التوافقية عملية صحية إذا ما تمت بظروف صحية وإذا ما كانت المصلحة الوطنية العليا هي المتغلبة على المصالح القومية أو الطائفية أو الفئوية أو الحزبية أو الشخصية الضيقة. وفي جميع الديمقراطيات العريقة في العالم نجد إن عملية الوصول الى تفاهمات توافقية هي أنسب الصيغ للخروج من المآزق والأزمات السياسية وقد أدرك أعضاء مجلس الحكم المؤقت هذه المسألة منذ البداية ولكن هذا التوافق أيضاً ما كان بعيداً عن تأثير الشارع العراقي السياسي والأجتماعي ومرجعياته (بالرغم من إنه لم يكن بالشفافية المطلوبة وكان محدودأ ) والتي كان لها تأثير كبير على مواقف أعضاء مجلس الحكم. فمثلا الأكراد في المجلس كانوا غالباً ما يستشيرون أعضاء البرلمان الكردي والشيعة والسنة كانوا يستشيرون مراجعهم الدينية وبعض الوجوه الاجتماعية والعشائرية. وهذه أيضاً حالة صحية وهي ليست بدعة في العمل السياسي والحكومي الديمقراطي، بل هي أيضاً صيغة متبعة في الدول الديمقراطية الأخرى.
من هذه المقدمة البسيطة يبدو واضحاً للعيان إن القادة السياسيين العراقيين(خارج وداخل مجلس الحكم) قد عرفوا مسلكاً مهماً من مسالك الخروج من الأزمات السياسية (والتي أظن إنها ستكون كثيرة وكبيرة في المستقبل القريب) وقد تعلموا أيضاً أهم درس من دروس الديمقراطية الحديثة، خصوصاً في حالة كالحالة العراقية المعقدة والتي ما عرف العراقيون سابقاً لونها أو رائحتها أو طعمها. كذلك فقد أظهرت هذه التجربة العراقية الفتية إن الساسة العراقيين قد وصلوا ألى مرحلة متطورة من إشراك المراجع السياسية والأجتماعية(والشعبية!! الى حد ما) في إتخاذ القرار النهائي (ولو إنه لم يكن بالمستوى المطلوب حيث كان من المفروض أن تكون المناقشات ذات شفافية أكثر ومن غير الضروري أن تكون هذه النقاشات نخبوية أو مرجعية فقط) وهذا مؤشر جيد جداً على إن العملية الديمقراطية ستكون بخير إنشاء الله.
بالرغم من كل ما سبق ذكره من مضاهر جديدة ورائعة في الحياة السياسية العراقية الجديدة، نلاحظ إن كثيراً من فقرات ومواد القانون المؤقت لأدارة الدولة العراقية يحتوي على ما وصفه بعض المحللين بالـ"قنابل الموقوتة" والتي قد تنفجر في أي لحظة وتطيح بكل هذه العملية الجديدة ويحصل ما لم يكن في الحسبان. من هذه المواضيع موضوع رهن القرارات التي سيتخذها أعضاء الجمعية الوطنية المنتخبون من قبل الشعب بموافقة من لم يتم إنتخابهم أصلاً وهذه ممارسة خطرة جداً إذا لم يتم معالجتها والتوصل الى صيغة أخرى مقبولة غيرهجينة على صيغ الديمقراطية. من المواضيع الشائكة الأخرى موضوع كركوك ( والذي سنتناوله لاحقا) حيث تم تأجيل البت فيه وهو من المواضيع الخطرة جداً والذي قد يكون هو الصاعق الذي سيشعل ما نخشاه (وما يراهن عليه أعداء الأمة العراقية). أما المعضلة الأكبر والأهم والتي سببت كثيرا من الجدل في الشارع العراقي والتي ستؤثر تأثيرا كبيرا على التوصل الى دستور دائم وستدخل العراق في دوامة الرفض والرفض المضاد وأقصد هنا الفقرة –ج- من المادة 61 (شائعة الصيت). هذه المادة التي تم إقحامها على مسودة القانون إقحاماً (قد يكون له مايبرره عند البعض ) وفي اللحضات الأخيرة مما أدت إلى إبراز خلافات كثيرة على السطح. ولكن (وكما جاء في بيان التحفظ لمجموعة الـ12 ) فإن التوقيع قد حصل على الوثيقة ولكن الوقت لم ينتهي بعد لأعادة النظر فيها وإجراء بعض التعديلات عليها لضمان إستمرار عملية بناء العراق الجديد.
من الواضح من تصريحات وأقوال أعضاء الكتل المختلفة في مجلس الحكم الأنتقالي إن هذه الفقرة تم إقحامها من قبل الكتلة الكردية في المجلس لضمان حقوقهم(وكما عبر أحدهم هولضمان عدم الوصول الى صيغة دكتاتورية الأكثرية!!) وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على تخوف ممثلي الأكراد في المجلس من العودة الى الماضي في سلب الحقوق القومية للأكراد. هذا التخوف له ما يبرره تاريخياً وأيضاً قد يكون مبرراً بسبب إن العملية الديمقراطية قد تؤدي الى فرز سلطة تشريعية وتنفيذية مركزية تقوم بإستغلال حتى الثغرات الصغيرة في الدستور(الذي ستتم صياغته والتصويت عليه) لتسلب من القومية الثانية بعض مكاسبها وحقوقها. فالخوف مبرر ولكنه يجب أن لا يصل الى مرحلة تعطيل العملية برمتها ومنع التوصل الى صياغة لدستور دائم وإبقاء العراق تحت رحمة الدستور المؤقت الدائمية والتي عانى منها العراقيون (عرباً وأكراداً وتركمانا وكلدانا وآشوريين وسرياناً ويهوداً ويزيديين وصابئة وسنة وشيعة) الويلات والمرار (وخاصة المادة 42 من الدستور المؤقت الصدامي-العفلقي والتي تمنح رئيس العصابة الحق في كل شيء ووجود ما يشابهها-ولكن بشكل أخف حدة- في القانون الجديد والذي يخول هيئة غير منتخبة إلغاء قرار هيئة منتخبة كما جاء في المادة الثالثة الفقرة أ.
إن هذا القانون يعد القانون الأعلى للبلاد ويكون ملزماً في أنحاء العراق كافة, وبدون استثناء. ولا يجوز تعديل هذا القانون إلا بأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية الوطنية (وهي منتخبة – الكاتب), وإجماع مجلس الرئاسة (المعين بدون إنتخابات- الكاتب)..."
إن لأبناء كردستان العراق حقاً طبيعياً كفلته لهم الأتفاقات والمواثيق الدولية وأيضاً الشرائع السماوية {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...}-صدق الله العظيم-. وبما إن الوثيقة – القانون قد أكدت على إحترامها لكافة المواثيق الدولية حيث جاء في ديباجة القانون " وهو يؤكد اليوم إحترامه للقانون الدولي" كما وجاء في المادة الثالثة والعشرين " .. أبناء الشعب العراقي.. يتمتعون بكل الحقوق اللائقة بشعب حر له كرامته الإنسانية, وبضمنها الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية وغيرها من وثائق القانون الدولي التي وقعها العراق أو إنضمّ إليها, أو غيرها التي تُعد مُلزِمة له وفقاً للقانون الدولي.." فإنه ومن الأجدى وخروجاً من هذا المأزق أن نلتزم بمبدأ حق تقرير المصير لأكراد العراق والذي هو حق لجميع شعوب العالم.
إن إعطاء حق تقرير المصير لأكراد العراق ليس منحة من أحد فهو حق طبيعي. وإن من يخشى على العراق الواحد من التمزق والتجزئة عليه أن يكون جريئاً بعدم مصادرة حق الآخرين بسبب هذا التخوف. ثم إن هذا القرار لو تم إتخاذه ولو تم إلغاء الجزء الثاني من الفقرة ج من المادة 61 وأصبحت صياغتها كالآتي - يكون الاستفتاء العام ناجحاً، ومسودة الدستور مصادقاً عليها، عند موافقة أكثرية الناخبين في العراق. (ويتم حذف: وإذا لم يرفضها ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات أو أكثر) وفي نفس الوقت يتم إضافة مادة جديدة تعطي للكورد العراقيين الحق بتقرير مصيرهم في إستفتاءٍ عام لجميع القاطنين في حدودأقليم كردستان الحالية الواقعة الآن ضمن سيطرة حكومة الأقليم حصراً ولا يجوز تجاوزها الى أبعد من ذلك بأي حال من الأحوال. ومن الشبه المؤكد إن الأخوة الكورد سوف لن يختاروا غير ما هم عليه وسوف يختارون العيش ضمن العراق الموحد(ولو إنه من حقهم الطبيعي الأنفصال) وذلك ما أكده قادتهم والذي هو أكثر صلاحاً لهم وضماناً لمستقبلهم (بسبب الضروف الأقليمية والدولية الحالية).
إن التوصل الى إتفاق كهذا وتضمينه الى وثيقة قانون الأدارة المؤقت سيؤدي الى إزالة عقدة إلأحساس بالظلم وسلب الحق التي يعاني منها أخواننا الكورد العراقيين وسيكون إندماجهم مع إخوانهم العرب والتركمان وسائر القوميات العراقية الأخرى (إن هم إختاروا هذا) إندماجاً إختيارياً وليس قسرياً وهذا ما سيؤدي حتماً الى إلقائهم السلاح الذي طالما حملوه (ولا زالوا يحملونه تحسباً) والى التعايش الأخوي بين جميع القوميات العراقية.
إن التفاهم على صياغة جديدة لقانون المرحلة الأنتقالية بهذه الروحية سيسهل عملية الوصول الى دستور دائم مما يجعل البلد مستقراً والناس فيه آمنين مطمئنين. إنها دعوة لكل الخيرين من أبناء العراق النجباء لضمان مستقبل أفضل لعراقنا الحبيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في