الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرائم المرتقبة في الذكرى الأولى للحرب وأهمية تنشيط يقظة الشعب في العراق!

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

2004 / 3 / 19
ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري


يقف الشعب العراقي على أبواب الذكرى الأولى لحرب الخليج الثالثة التي انتهت بانهيار النظام الاستبدادي غير المأسوف عليه واعتقال أبرز قادته وكوادره وعلى رأسهم المستبد بأمره صدام حسين. لم تكن للشعب العراقي يد بهذه الحرب ولا بالحروب التي سبقتها ولكنه كان دوماً ضحيتها الأولى والأخيرة. وكانت وما تزال الفرحة كبيرة لدى الشعب العراقي بخلاصه من أكثر الدكتاتوريين الذين عرفهم القرن العشرين في العراق ومنطقة الشرق الأوسط استبداداً ودموية وكرهاً للإنسان العراقي وتراثه الحضاري وقيمه الإنسانية وتقاليده الطيبة وروحه المرحة.
ولكن نهاية الحرب وسقوط النظام لم تضع نهاية لمآسي الشعب العراقي, كما أن تداعيات الحرب ما تزال تلتهم الكثير من البشر دون ذنب اقترفوه. وأصابع الاتهام تتوجه بصدد كل التفجيرات وقذائف الهاون والصواريخ والاغتيالات التي شهدها العراق خلال الأشهر المنصرمة حتى الوقت الحاضر صوب القوى العسكرية للنظام المخلوع المدربة لمثل هذه الأعمال وكذلك القوى القومية الشوفينية المتطرفة المتعاونة مع فلول صدام حسين, إضافة إلى قوى تنظيم القاعدة وأنصار الإسلام الكردية والعربية وغيرها من جماعات قوى الإسلام السياسي المتطرفة والإرهابية. وعلى المحققين أن لا يهملوا أي واحدة من هذه الجهات, إذ أنها اليوم تعمل بشكل مستقل مرة وبالتعاون والتنسيق في ما بينها مرة أخرى, ولكها جميعاً تستهدف إنزال الضربات بالشعب العراقي وإشاعة عدم الاستقرار والخوف في نفوس الناس وإعاقة مسيرة البناء والتقدم وإنهاء الاحتلال وتسلم السلطة من جانب القوى الوطنية العراقية.
وكلما اقترب يوم إنهاء الاحتلال رسمياً وتسلم السلطة من قبل الشعب العراقي وقواه السياسية, كلما جن جنون هذه القوى الظلامية والعدمية وازداد حقدها وتفاقمت رغبتها في القتل ورؤية أشلاء الضحايا الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة متناثرة في ساحات مدن العراق وشوارعه وفي البيوت الناس المهدمة على رؤوسهم وفي دماء النساء والرجال والأطفال الزكية المسالة في كل مكان. إن هؤلاء الأوباش من أبناء "حملة التدين", كما مارس قبل ذاك "حملة ضد تسمين عجول الفئة الحاكمة", التي مارسها النظام في السنوات الأخيرة ومن القوى التي تريد العودة بالعراق قروناً كثيرة نحو الوراء وتخشى النور والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات وتخشى تطلع المرأة إلى المساواة والتقدم والمشاركة في بناء المجتمع, تلك القوى التي تفقد أعصابها يومياً كلما اقترب موعد ممارسة قانون إدارة الدولة المؤقت مع كل نواقصه, إذ أنها ستجد الشعب العراقي لها بالمرصاد يلتقطها واحدة فواحدة ويرميها خارج الحدود أو يضعها وراء القضبان بإرادة الشعب وفي سبيل تحقيق مصالحه.
ليس الغريب في أن تقوم عصابات الأوباش بمثل هذه العمليات الإجرامية الجبانة التي تقتل فيها الناس الأبرياء ابتداءاً من المجندين الأجانب ومروراً بقوى منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر وأصحاب الأعمال العرب والأجانب العاملين في إعادة بناء المؤسسات والمنشات العراقية التي دمرتها الحروب وانتهاءً بالشرطة العراقية وأبناء الشعب العراقي من كل القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية, والجماعات الأخيرة بشكل خاص هي المستهدفة من كل العمليات الإجرامية الجارية حالياً, بل الغريب في الأمر أن تعجز أجهزة الأمن والاستخبارات وسلطة وقوات الاحتلال لأقوى وأعظم دولة في العالم زائداً المملكة المتحدة وقوى حليفة أخرى لها تعمل في العراق في مطاردة قوى الشر والدم والتخريب, تعجز عن اكتشاف أوكار هذه العصابات الشريرة ووضع القيود في يديها ووضعها في السجون لتلقي عقابها الصارم عبر محاكمات شرعية وديمقراطية. الغريب أن تعمل قوى التخريب في كل مكان وبكل حرية وتتنقل من موقع إلى آخر في كل يوم دون أن يكون في مقدور القوى المطاردة لها تشخيص الفاعلين ووضع اليد على ما يصدرونه من تعليمات إلى أتباعهم أو وضع اليد على الأسلحة والمعدات وخراطيش البنادق والعتاد والمتفجرات المستخدمة في عملياتهم الدموية. والغريب في أن المسؤولين لم يتوصلوا حتى الآن, بمن فيهم القوى العاملة في وزارة الداخلية العراقية والشرطة العراقية, إلى تحديد هوية الفاعلين للعمليات السابقة, في حين استطاعت السلطات الأسبانية في ظرف 24 ساعة تحديد هوية الفاعلين واعتقال بعضهم ومطاردة أتباعهم في الدول المغاربية وخارجها.
إن المشكلة المعقدة والمركبة الراهنة في العراق في هذا الصدد تكمن في أن قوات وسلطة الاحتلال وحدها غير قادرة حتى الآن على وضع حد لمثل هذه الأفعال الدنيئة,. كما لم تستطع القوى المتعاونة معها في وزارة الداخلية والمليشيات الحزبية تحقيق ذلك أيضاً. والسؤال المشروع الذي يفرض نفسه هو: ما العلة في ذلك؟ هل لأن الشعب في العراق ما يزال غير متفاعل مع سلطة الاحتلال, رغم إسقاطها نظام الدم والرذيلة والاستبداد؟ وهل لأن قوى وزارة الداخلية ما تزال بعيدة عن الحرص الكافي في تتبع تلك القوى وما تزال قليلة الخبرة بهذا الأمر؟ وهل أن مجلس الحكم الانتقالي لم يستطع حتى الآن تعبئة كل القوى السياسية العراقية والشعب العراقي ليضعها قوة واحدة في مواجهة قوى الظلام والكراهية والقتل للكشف عن أوكارها وتسليمهم إلى المسؤولين ليأخذوا عقابهم العادل؟ كل هذه الأسئلة العادلة تحتاج إلى جواب. والجواب هو نعم لكل تلك الأسئلة. فالشعب العراقي ما يزال مهمشاً في السياسة اليومية تقوم وتنوب عنه بعض القوى السياسية العراقية, وهو أمر لا يرتضيه الشعب بعد معاناة طويلة. والشعب ما يزال معوزاً ومشغولاً بإشباع بطنه وحصوله على الكهرباء والماء والهاتف والدواء والتخلص من القمامة المنتشرة في كل شوارع وأزقة العراق التي يمكن أن تتسبب في أوبئة مرعبة تذكرنا بكوارث القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر التي كانت تحصد أرواح العراقيين بالجملة, رغم بعض التحسن النسبي في كل ذلك. الشعب العراق غير مطمئن للمحتلين الذين كانوا يريدون تحريره وإذا بهم يفرضون احتلالهم عليه, وغير مطمئن لتلك القوى التي تريد فرض إرادتها عليه بغض النظر عن إرادة الشعب في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتريد العودة بها إلى ماضٍ سحيق وتتحرك على أسس طائفية مقيتة ومن مختلف الأطراف المذهبية.
كان وما يزال في مقدور الشعب العراقي أن يكشف عن هؤلاء بسهولة لو منح الفرصة, إذ أن كل جار في العراق يعرف جاره ويمكنه الإخبار عن جاره الغريب لكي يضع حداً للمآسي اليومية التي يواجهها الشعب يومياً, يستطيع أن يعلن للملأ عن وجود هذا الشخص أو ذاك أو هذه الجماعة أو تلك الذين يتحركون في الليالي السوداء ليمارسوا أغراضهم السوداء ضد الشعب. العراق بحاجة ماسة وفي كل ساعة إلى مشاركة الشعب ورقابة الشعب وحس الشعب المتضرر الأول بهذه الأفعال الشنيعة, فهي المساعدة الفعلية الحقيقية التي يمكنها وضع اليد على المجرمين من سكان العراق أم القادمين من الأقطار العربية والأقطار المجاورة. إنهم يعملون في الليل والنهار ولا يمكن أن يفلتوا من الشعب إن أبدى الشعب استعداده الكامل لمطاردة هذه الخفافيش الموبوءة بالخبث والدناءة والكراهية والبعيدة كل البعد عن المشاعر القومية والإنسانية والإسلامية. الشعب بحاجة إلى الشعب, ولكن لا يمكن أن يتحرك الشعب ما لم يجد أذاناً صاغية لمطالبه واستعداداً لسماع رأيه ورغبة في تنفيذ أهدافه وابتعاداً عن احتقاره والإساءة إليه أثناء عمليات التحري والتفتيش عن الأعداء. من حق القوى التي تطارد هؤلاء الأوباش أن تتحرى كل البيوت والجوامع والمدارس وكل شيء في البلاد, ولكن من واجبها أيضاً, سواء أكانت قوات أمريكية أم بريطانية أم غيرها أم شرطة عراقية, أن تحترم كرامة الناس وتصونها ولا تسيء إليها عند ولوج بيوت الناس والجوامع وغيرها. وهو الذي لم يحصل حتى الآن بشهادة الكثير مكن المراسلين الصحفيين العالميين الذين لا يضمرون الكراهية للشعب ولا متهمون بالتعاطف مع القوى الظلامية. حتى الصحفيين من الولايات المتحدة والدول المشاركة في الاحتلال تؤكد صحة ما نذهب إليه من أفعال غير مقبولة تقوم بها تلك القوى التي تطارد فلول النظام أو غيرها. والحدود هي الأخرى غير محروسة تماماً, والرشوة تتسبب في مرور الكثير عبر الحدود.
لا ينفع تغيير تكتيكات قوى الاحتلال في أنها سوف لن تتعقب قوى ورموز النظام السابق, بل ستركز جهدها على قوى القاعدة وأنصار الإسلام, أي ضد قوى الإسلام السياسي المتطرفة. فقوى الإسلام السياسي تعمل منفردة وتعمل سوية مع الآخرين وتنسق بطرق مختلفة للوصول إلى العتاد, وهو ما ينبغي عدم نسيانه. ليس صحيحاً القول بعدم وجود انتحاريين في صفوف البعثيين من أتباع وفلول النظام المخلوع وصدام حسين, ليس صحيحاً إبعاد هؤلاء من المطاردة, إذ أنهم يمارسون كل الأفعال التي تمارسها قوى الإسلام السياسي المتطرفة. فحملة العودة إلى الدين الإسلامي والتدين التي نظمها صدام حسين في السنوات الأخيرة, لا إيماناً بل تقرباً من القوى الإسلامية المؤمنة في العالم, قد وضعت الكثير من الشبيبة البعثية والعسكريين المتدينين على هذا الطريق الذي تمارسه قوى القاعدة أيضاً. لذلك ينبغي الحذر من إهمال جماعة دون أخرى في عملية المطاردة, وإلا فسنعض على النواجذ ونندم حين لا ينفع الندم. إن القيام بتوزيع العمل على أجهزة الأمن الداخلي في ضوء تصنيف القوى المعادية للشعب العراقي والتي تقوم بعمليات الإجرام الراهنة وضمان التعاون بين تلك الأجهزة سيساهم في تسريع عملية الملاحقة والكشف عن مخابئ هؤلاء القتلة والمرشحين للقتل.
ليس كل بعثي مستهدف من حملة المطاردة, ولا يمكن أن يكون الأمر كذلك, بل كل بعثي انخرط في النشاط الإجرامي الراهن. ولهذا لا بد من التمييز ولكن لا يجوز الإهمال في ذلك, فالأمر يتعلق بحياة الناس, وكل فرد يقتل في مثل هذه العمليات هو خسارة فادحة للشعب العراقي كله.
إن عمليات أربيل والسليمانية والإسكندرية وكربلاء والكاظمية وكركوك وبغداد وفندق جبل لبنان الأخيرة وغيرها كلها تسجل على حساب كل القوى الظلامية والعدمية دون استثناء وعلينا التفتيش في أوراق كل هؤلاء المجرمين. فالتحري يفترض أن يتوجه إلى كل الجهات ولا يقتصر على جهة واحدة. ولكن لا يمكن تحقيق الكثير دون تعاون الشعب الكامل ضد هذه القوى وعلينا أن نجهد لتعبئة الشعب لهذا الغرض أيضاً شريطة أن نستجيب وبأسرع وقت ممكن لحاجاته الأساسية وأن لا نترفع عليه وننظر إليه من عل أو نحتقر مساهماته.
وبدلاً من التظاهر اليومي الذي تنظمه قوى الإسلام السياسي المعتدلة وتزيد من إشكالية الفوضى في الشوارع وتترك الآخرين يحيكون عملياتهم لينفذوها ليل نهار, عليها أن تمارس مهماتها في هذا المجال أيضاً. على جميع السيدات والسادة أعضاء مجلس الحكم الانتقالي أن يكفوا عن الإحساس بالغبن بسبب فقرة لم تعجبهم, فقانون إدارة الدولة المؤقت ليس عهداً ثابتاً ومستقراً ومن حق الشعب تغييره بكل الاتجاهات وفق موازين القوى, ولكن لا يجوز الخروج الراهن على إرادة الأكثرية وإشغال الناس بالتفاصيل بدلاً من المشاركة في وضع حدٍ لسيل الدماء وانتشار الأشلاء في شوارع العراق. دم العراقيات والعراقيين في رقاب الجميع ولا يجوز عدم تحمل المسؤولية ككاملة إزاء ما يجري اليوم في العراق المستباح من قوى القتل والظلام والخراب.
برلين في 18/3/2004 كاظم حبيب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن