الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلوب خضراء وأخرى عامرة بالسواد

باسنت موسى

2009 / 1 / 21
الصحافة والاعلام


"مشعل السديري" كاتب عربي لا أعرف تحديداً جنسيته تنشر مقالاته بجريدة "الشرق الأوسط الدولية" بشكل دوري وحقيقة لقلمه خط واتجاه مميز يجعلك تشعر بصدق مقولة أن الحياة أعظم مدرسة ومفرداتها أكثر المعلمين نجاحاً في التواصل.
مقالات السديري ما هى إلا مواقف من حياته وانطباعاته عن ما يدور في عالمه الشخصي ولصدق حروفه أظن أن تأثيره أقوي من المقالات التي تتناول أحداث اجتماعية أو سياسية بالبحث والتحليل الدقيق نعم نظرياً والممل عملياً حيث يعجز الغالبية العظمى من أصحاب مقالات الدقة والفحص والتمحيص في الوصول بأفكارهم لشرائح عريضة
من المتلقين، ومع الوقت يسعد أغلبهم بكون ما يكتبونه غامض عن الفهم وتجرفهم سعادتهم تلك في كثير من الأحيان للوصول للنهاية حيث العجز عن تطوير الذات.
تحت عنوان"قلوب خضراء"نشر السديري محتوى خطاب وصله من أحد القراء العرب المغتربين جاء فيه تعجب بل ودهشة من القارىء لحال قلوب مواطني الدول العربية والذين أصبحوا أكثر رفاهية ومعرفة والكثير من تلك الأمور، ولكنهم في موازاة لذلك كله أصبحوا أكثر سواداً في القلب وانغلاقاً في العقل في حين أن والدي هذا
القاريء المغترب كانوا في ستينات القرن الماضي أكثر انفتاحاً وإيماناً رغم أن زمنهم البعيد هذا لم يكن يحمل الكثير من وسائل التطور المعرفي كما هو حادث الآن، ويكفي أنهم كانوا يسمحوا له باقتناء الكتب الفكرية بأنواعها المختلفة حتى لو أنها كانت متعارضة مع بعض الأفكار الدينية،كانوا أيضاً محبين لمن حولهم من بشر سواء شاركوهم معتقدهم الديني أم لا،كانوا رغم إيمانهم يقرأون أشعار الحب ويغنون ويرقصون ويفرحون دون أن يعتبروا أن أفعالهم تلك معوقة لواجباتهم الدينية ..كانوا وكانوا بالنهاية كانوا بشراً أحياء يشعرون بالحياة التي يعيشون فيها.
الآن لم تعد القلوب خضراء كحال أباء هذا القاريء بل أصبحت سوداء بلون حالك بل يمكنني أن أقول أنها أكثر درجات السواد قتامه على الإطلاق أجدها حولي في مجتمعي الذي يشبه المجتمعات المجاورة له،فالجميع يتحدث بأسم الله وأوامره ونواهيه يذهبون للجوامع والكنائس ويقضون ساعات في ترديد الصلوات ثم يخرجون ليسرقوا
ويخدعوا ويكذبوا ويكرهوا ويدمروا ويعودون مرة أخرى لترديد الصلوات لعل قلوبهم تنال قدراً ولو ضئيلاً من تخفيف حده السواد لكن هيهات.
بالأمس في ستينات القرن الماضي وما قبله كانت غالبية قلوب الناس خضراء لأنهم كانوا يثقون بالله أكثر مما يثقوا بالنص والحرف والطقس والأمر والنهي لذلك كانوا أكثر إنسانية وقرباً من الله الذي أحبوه الآن الغالبية لم تعد تثق في الله بل يثقوا في الحروف لذلك ليس عجيباً أن لا نجد في حياتنا صديق محب حقيقي و لا يمكننا أن نقرأ أشعار الحب ولا يمكننا الضحك أو الرقص أو اللهو بل أصبح كل ما في إمكاننا أن نحيا مجمدين في انتظار الموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخلاف حول جزيرة الياسات.. خلاف -متجذر- أم -سحابة صيف عابرة-


.. زعيم حزب -فرنسا الأبية-: أنا قادر على تولي منصب رئيس الوزراء




.. في حفل الزفاف.. عريس يسحل عروسه في مصر! • فرانس 24 / FRANCE


.. قمة مجموعة السبع في إيطاليا تركز على مواجهة روسيا والصين ودع




.. غواصة روسية نووية ترسو بالقرب من ميناء هافانا