الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين/ دارفور/ الصحراء...تعددت الجراح والشريان العربي واحد..

ابراهيم تيروز

2009 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قد تكون الكتابة في هذا الوقت بالذات، و في الشأن الفلسطيني بالخصوص، غير حكيمة مطلقا، و خاصة إذا كنا نتغيى مقاربة هذه المعضلة الدامية، مقاربة تسمح بتبصر عمقها الخفي. وليس الانخراط بواسطتها ضمن الأصوات العصابية والتنفيسية، التي تعقب وفي شكل طبيعي مجازر بهذا الحجم من الدموية، التي شهدناها ابتدءا من يوم 27-12-2008 الأسود. وعموما إن كان الانفعال الذي يجتاحنا في مثل هذه المواقف حافزا قويا لنا على القيام برد الفعل اللازم، فإن رد الفعل لن يكون مجديا بتاتا إلا إذا استند على بصيرة العقل و استعان بها في تحديد دواعي ووسيلة وغاية هذا الفعل. إننا نروم من خلال هذه الورقة مد الجسور الفكرية بين قضيتين جرت العادة على أن لا يترادفا، لما بين موقعيهما الجغرافيين من تباعد، ومن خلالهما الوقوف على اوجه التشابه بين القضايا العربية الاقليمية، ألا وهما قضية قلسطين وقضية الصحراء الغربية. ولهذا سنحاول الكشف عن مكامن اللقاء بين هاتين القضيتين، و إن اختلفتا من مناح عديدة. وسنعتمد هنا ما يمكن أن أسميه بديالكتيك الوصل كمنهج، والذي أقصد به تقريب المتباعد ووصل المنفصل، عكس ديالكتيك الفصل الذي اقصد به مباعدة المتقارب و فصل المتصل، فالأول غايته ملاقحة المفاهيم والمقاربات (الاستيراد و التصدير و التعميم) أما الثاني فغايته أشكلة البداهات و كشف المفارقات (القطيعة والتخصيص).
إننا في هذه الورقة لن نزعم امتلاك الحقيقة التاريخية لهاتين القضيتين، ولكن سنحاول بالضبط الإسهام في صياغة فرضية لقراءة النص التاريخي، الذي مافتئتا تكتبانه منذ ردح من الزمن. ذلك أن الأحداث التاريخية مهما عمدنا إلى التدقيق في تسجيلها وتدوينها، لابد أن تتسرب إليها الذاتية من خلال عملية التدوين نفسها ومن خلال وجهتها. لذا فما دام التدوين يؤطره مشروع قراءة هو ما أسميناه بالفرضية فالأحرى أن نعمد باستمرار إلى تعديلها وتعميقها، وذلك في إطارالجدل بين كتابة و قراءة التاريخ.
إن قراءتي للقضية الفلسطينية ولمنشئها تتأسس بشكل رئيس على مماثلة الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، بالناعورة التي تضمن تدفق نفط الشرق الأوسط إلى حقول الغرب الاقتصادية ومن خلالها إلى جيوب طغمه المتسيدة . ذلك إن الصراع عادة ما يقرأ هنا بمسميات غير اسمه الحقيقي: الأغنياء/الفقراء، فالصراع- هذا ينظر إليه على أنه صراع دولتين أو ثقافتين أو شعبين أو دينين في حين هذه كلها طواحين هواء أو حصان طروادة يموه عبره الصراع، لتستمر رحى الصراع الحقيقي في الدوران الجائر في منأى عن أي مناوئة أو مقاومة بما يزيد الفقراء فقرا وتشبثا بأغلال تقتيلهم واستغلالهم ويزيد مصاصي الدماء وثروات الشعوب نهما و استقواءا. ومن حول فلسطين لا ينبغي إن ننسى حقول النفط العربية وشعوبها حيث إن فزاعة أو خيال مآتة إسرائيل يمنعها من استقبال طيور الحرية ومن توجيه أنظارها نحو إزالة مايحول دون حراكها أو نحو إيقاف نزيف ثرواتها المادية والرمزية و البشرية. وداخليا أصبحت حكومة حماس المقالة بجرها للشعب الفلسطيني نحو الضفة الجهادية تتمم دور السلطة التي تجره نحو الضفة التفاوضية المقابلة ليكتب على الشعب البقاء في وجه التيار الجارف أو التمزق .
إن ما أراه كحل للإنسان في فلسطين وإسرائيل، هو أن يعلو صوت الإنسان، فما وجدت الأديان والأوطان، إلا لخدمة الإنسان . والتوحد إن أزيحت أصوات العصاب والهذيان، وأيادي الإجرام والطغبان، هو في مكين الإمكان. فيا مدنيي فلسطين وإسرائيل اجعلوا من فيلسوف العمارة الفلسفية الشامخة شيخكم في هذا الأمر وبالأخص مايقوله عن جدل السيد والعبد فبالقتل و التصفية ما كان بمقدور الإنسان أن يصبح إنسانا أبدا، بل الآخر أو الغير ضروري لوجود الأنا. وهل توقف الإبداع الإنساني إلى هذا الحد ليصبح عقيما وغير مجد في إيجاد صيغة لنظام يشذب الاختلافات ليحافظ عليها و ليمكنها من الامتزاج والتلاقح ولتفرز ماهو أفضل و أجمل للإنسانية جمعاء؟ أم أن الطاغوت السياسي و الاقتصادي و العسكري الأعمى لا يريدنا إلا راكعين لأصنامه ملبين لنزواته؟.
على العموم كانت هذه قراءة موجهة بفرضية ما لن تكتمل الا بمجادلتها (تركيب ديالكتيكي) بقراءة موجهة بفرضية أخرى هي ما يعبر عنه القول أن ليس بالامكان أفضل مماهو كائن، وخصوصا عند النظر الى القضية من داخل الواقع الفلسطيني المريروليس من منظور علاقات الدول /الطغم العالمية والخارجية واقصد هنا النظر الى حماس كتجربة رائدة في صناعة الارادة الفلسطينية المستميتة و الصلبة.
لكن تظهر جدوى هذا المنظور المعتمد هنا في الوقوف على ترابط القضايا العربية فبالمثل أليست قضية الصحراء في المغرب العربي هي تلك الناعورة التي طالما دارت في الاتجاه الذي يضمن تدفق ثروات المنطقة المغاربية إلى الجهات المذكورة سالفا؟ أليست هذه القضية ذريعة تجميد مشروع المغرب العربي وسباق دويلاته نحو التسلح؟ أليست قضية الصحراء ذريعة تأجيل تنمية حقيقية في المغرب خصوصا واستنزاف ثرواته؟ ونفس الشيء يقال عن قضية دارفور في السودان وصراع العراق/ ايران سابقا و تقسيم العراق حاليا..... لا ادري إلى متى سنبقى متشبثين بأغلالنا، لأننا نخالها حبال خلاصنا؟
تلك تساؤلات رمت منها صياغة فرضية غائبة أو مغيبة من مجال قراءة الوضع العربي المأزوم عموما. ولنا ختاما إن نوجه النداء إلى الإنسان الغربي بان لا مبالاته وصمته عما يحدث خارج حدوده هو إيذان لا بنهاية التاريخ كما يزعم ولكن إعلان عن شيخوخته الحضارية وقرب اندحاره التاريخي إلى غير رجعة. فكلما أسهم في تخليق العلاقات الدولية كلما ضمن أن تكون به ألطف يوم يطاله الاستضعاف والاستهداف.
فليحيا الإنسان وليمت خدام الطغيان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟


.. مسؤولون أميركيون: إسرائيل عقبة أمام مستقبل المنطقة.. فهل تُغ




.. الردع النووي ضد روسيا والصين.. الناتو ينشر رؤوسا مدمرة | #مل


.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات وسط حر شديد | #رادار




.. شبكات | 20 لصا.. شاهد عملية سطو هوليوودية على محل مجوهرات في