الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية

خسرو بيربال

2004 / 3 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بعد التحية و الاحترام ...

أكتب إليكم هذه الرسالة المفتوحة , كي أطلب من سيادتكم التدخل السريع لوقف
المجازر البشعة التي تتم بحق الشعب الكوردي في سوريا ووضع حل جذري لها , هذه
المجازر و الأعمال العنيفة التي ترتكب باسمكم و باسم الشرطة و قوى الأمن في المدن
السورية : عامودا و الحسكة و ديريك و درباسية و رأس العين , سري كاني , و كوباني
و عفرين و قامشلي ( كوردستان سوريا )

في هذه الرسالة المفتوحة و القصيرة , لا أود أن اسرد على سيادتكم التاريخ و الشواهد و
الوثائق التاريخية المعروفة المطبوعة و المنشورة في العالم العربي و الإسلامي , تلك
الوثائق التي تؤكد و تثبت تقسيم كوردستان إلى أربعة أجزاء بعد الحرب العالمية
الثانية و أن هناك حقيقة و هي وجود قسم من كوردستان في الجزء الشمالي الشرقي من
وطنكم دولة سوريا العربية .

أود أن أبين لسيادتكم أنني أعجبت بشخصكم الكريم , و بطريقة تعاملكم و خطابكم في
المؤتمر الأخير أثناء مؤتمر القمة العربية في بيروت , لقد لاحظت أفق التفكير العميق
و الدقة الموضوعية في خطابكم , وتحدثت عن إعجابي هذا للكثير من الأصدقاء المفكرين و
الكتاب في كوردستان , قلت لهم : ( بأن دولة سوريا الجديدة , ستكون دولة ذات سياسة
مضيئة و متجددة و حضارية ديمقراطية و متفتحة على العالم الخارجي و سياسة الرئيس
الجديد السيد بشار الأسد ستكون مختلفة جذرياً و أكثر تفتحاً من الأساليب السابقة
المتبعة من قبل الحكومة العربية السورية وبالتحديد تجاه القضايا المتعلقة بسياسة حكومتكم الداخلية و الخارجية و أقصد هنا تجاه التجربة الديمقراطية في كوردستان العراق , و بالأخص نظرتكم و تفهمكم للقضية الكردية في كوردستان الغربية كوردستان سوريا )

سيادة الرئيس بشار الأسد ,

أن العالم اليوم هو عالم التفاعل والتفاهم والديمقراطية والانفتاح أمام الآخرين
هؤلاء الذين يعيشون معنا وحولنا رغم الاختلاف في اللغة والجنسية , وهناك في
دولتكم العريقة شعوب وأقليات مختلفة ومن بينهم الشعب الكوردي الذي تمثله بعض
التيارات و الأحزاب الكوردية الوطنية في سوريا .

عالم اليوم عالم صغير جداً , و كما أكدتم أنتم بمؤتمر القمة العربية في بيروت إن
الشعوب تتأثر ببعضها البعض , والحقيقة هنا يا سيادة الرئيس إن الشعب الكوردي في
كوردستان متابع و مطلع عن تطورات و تقدم الأحداث و الأمور وخاصة مجرى و خطى مسيرة
التقدم والنضال الذي يسلكه الشعب الكوردي في كوردستان بأجزائها الأربعة ،الانتفاضة الشعبية في كوردستان العراق و تشكيل حكومة كوردستانية في عام 1992 , و الكورد في شتى أنحاء العالم يتتبعون كيف إن الكورد في كوردستان العراق نجحوا بإعادة بناء بلدهم و أعماره و تطوير الحياة الاجتماعية و الاقتصادية للمواطن الكوردي في كوردستان العراق , منذ البداية لم يرغبوا في بناء دولة مستقلة , لأن البرلمان الكوردستاني تبنى مبدأ الفيدرالية مع الدولة العراقية . و في هذا الإطار القومي للقضية الكردية , فإن المطالب القومية للشعب الكردي في سوريا أثرت و سوف تؤثر كثيراً بالأحداث في العراق عامة و هذه حقيقة جغرافية و قومية و سياسية . يعيش الشعب الكردي في سوريا اليوم حالة من الظلام و الخوف و القهر , و ذلك عبر اقتحام الشرطة السورية للبيوت الآمنة في كل المدن التي يتواجد فيها الكورد و إطلاق الرصاص الحي على الجماهير و هنا أسألكم يا سيادة الرئيس : أين تتوجه هذه الطلقات الحية و ما هي أهدافها ؟

تقتل من ؟ و تجرح من ؟ الضحايا هم من جلدة واحدة , و حضارة واحدة و شعوب عاشت معاً و
سوف يبقون إلى الأبد , و ألتمس منكم التدخل السريع لوقف حمام الدم في المدن الكردية
السورية.




سيادة الرئيس
أنني ككاتب كوردي أود أن أحيطكم علماً بأن اليوم كل الشعب الكردي في كوردستان
والخارج يتألمون ويشتكون الألم والعنف والقوة المستخدمة من الشرطة في سوريا .
أؤكد لكم بأن الشعب الكردي قبل السلطات الأمنية في سوريا , مطالبه لا تقل ولا تزيد
عن مطالبة أي إنسان فوق هذه الأرض وهي الحياة البسيطة وضمان حقوقه في اللغة الأم و
حق حيازة هوية تثبت شخصيته القومية و احترام النفس و احترام ثقافته و حق تقرير
مصيره , و هذا كله تضمنه سياسة جديدة متبعة من قبل سيادتكم و الحكومة السورية
للجلوس على طاولة المفاوضات و إيجاد الحل العادل للقضية الكردية في سوريا و إقرار
مبدأ الفدرالية أو الحكم الذاتي للمنطقة الكردية و إتباع سياسة جديدة في التنمية و
التقدم و العمل لازدهار البلد بصورة عامة و تنمية المجتمع السوري عامة .

نحن الكورد نؤكد على التآخي القومي بين الكورد من جهة و بين بقية الشعوب من كافة
البلدان و ثقافاتها و خاصة دول الجوار وعلى تعايشهم السلمي معاً , ونأمل أن تدعوا
سيادتكم إلى نبذ العنف و القوة في حل المشكلات حيث ثبت في كوردستان العراق أن العنف
لا يولد إلا العنف و هو غير مقبول في العلاقات بين الثقافات و الحضارات .
أنكم تستطيعون الدخول إلى التاريخ الجديد من أوسع أبوابه , و سوف تشكركم الشعوب
القاطنة في المنطقة إذا سارعتم اليوم في هذه اللحظات التاريخية بفتح الملف الكوردي
و لا خوف من قول الآخرين أن الكورد يريدون دولة كوردية , أن هذه الاتهامات ينشرها
بعض الأفراد لغرض التشويش و استمرار دوامة العنف و عدم الاستقرار في المنطقة .
الكورد اليوم يريدون ضمانا لحقوقهم الثقافية و القومية و الاجتماعية , أنكم قادرون
للدخول إلى قلوب كل شعوب المنطقة عبر إعفائكم للمسجونين السياسيين الكورد و فتح
مائدة مستديرة للأحزاب الكردية في سوريا .

عالم اليوم هو عالم التفاعل و الاتصال و التشابك و التعاون الثقافي و الاقتصادي نحن
جميعاً ندرك الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها بلدكم و هو بلد الكل , هناك
مقولة لكاتب عربي : ( أن لكل إنسان بلدين , الأول بلد الولادة و الثاني هو سوريا) .

اليوم و بعد تحرير العراق من أبشع الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط يشارك الكورد و
العرب و كل شعوب العراق في بناء عراق جديد و متقدم . وسوريا العزيزة دولة جارة ,
بمقدوركم يا سيادة الرئيس , تغيير وجه المنطقة و بناء جسر على فيش خابور و تطوير
المنطقة اقتصادياً و ثقافياً و اجتماعياً ... , إنكم تدركون يا سيادة الرئيس كيف
أن الاقتصاد التركي تطور بشكل ملحوظ بتحرير كوردستان في عام 1991 , و أن الحدود مع
تركيا كانت و ما زالت معبراً حيوياً لهم و كذلك استفادت الشعوب العراقية .. , لماذا
لا تبنون أنتم أيضاً جسراً على دجلة للتواصل و الاستفادة من خيرات بلدكم الثاني
العراق عبر التجارة ؟

سيادة الرئيس إنكم الآن تعيشون لحظات تاريخية حاسمة , لحظات تنتظرها شعوب المنطقة
كاملة , و الشعب الكردي خاصة , اليوم ينتظر الإنسان الكردي منكم الجلوس إلى طاولة
المفاوضات و إتباع سياسة واقعية و بناء أسس التعاون و نشر المحبة و السلام بين الشعب الكردي و شعوب المنطقة .

إن الأحداث و التطورات و السياق الزمني للقضية الكردية لا ترجع إلى الوراء , اليوم
لا رجعة عن أحقية حقوق الشعب الكردي في العيش و امتلاكه لحقوقه الثقافية و

القومية و حقه في العيش بشرف و أمان تحت أجنحة الاستقرار و السلام ...
و لكم مني يا سيادة الرئيس كل الاحترام و التقدير

خسرو بيربال / كاتب من كوردستان العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح والعلاقات بين مصر واسرائيل .. بين التوتر والحفاظ على الم


.. الجدل المتفاقم حول -اليوم التالي- للحرب في غزة.. التفاصيل مع




.. حماس ترد على عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-.. فما انعكاس


.. قتلى ومصابون في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #ر




.. جدل مستمر وخلاف إسرائيلي وفلسطيني حول مستقبل حكم غزة | #التا