الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام العربي والحرب غزة نموذجا

فاطمه قاسم

2009 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


اعذروني قرائي الأعزاء، فغيابي كان بسبب ما أصاب البنية التحتية للمنطقة، التي اسكنها من خراب، بفعل الحرب التي لا شبيه لها إلا الزلازل الكبرى، التي تصيب بعض المناطق من الكون.
انفجرت الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة من جانب واحد في اليوم السابع والعشرين من ديسمبر الماضي ،بمقدمات سعت إليها إسرائيل بطريقة واضحة ،واعدت لها خطوة وراء خطوة ،بنفس الطريقة التي تقدمت منها ،باحثة عن أهداف أعلنت عنها وأخرى ظلت غير معلنة .فتعالوا نرى سويا كيف كان الخطاب الإعلامي العربي خلال أيام هذه الحرب وأسابيعها الثلاث ،والتي كانت أسابيع مرت طويلة جدا على الناس في قطاع غزة ،والين كانوا بدورهم منهكين على اثر انقسام فقد كل منطق ،وسقطت بالبنية لهم كل حججه ومبرراته ،ودفوع صانعيه عنه ،هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد أنهكهم أيضا الحصار القاسي المفروض عليهم ،والذي صممته إسرائيل ،كأبشع نموذج ،وأرادت له أن يجعل حياة الناس في قطاع غزة تمر عبر الحد الأدنى للحد الأدنى ،وتستمر في أضيق الحدود ،وتحت شروط الحد الأدنى ،حيث تتواصل الحياة لديهم دون أي أمل ،أو أفق يمكن الاتكال والركون إليه.
ففي البداية :
وحقيقة:ب على غزة مقدمات وعلامات كثيرة ،من بينها فشل جولة الحوار الوطني الشامل في القاهرة ،والتي كان موعدها في التاسع من نوفمبر الماضي ،وكان من الواضح أن الهروب من استحقاقات الحوار الوطني تم على خلفية التجاذبات الإقليمية التي كانت تتصاعد بشكل واضح ،حيث نجحت إيران مع الأسف الشديد ،أن تحدث اختراقا كبيرا في الصف العربي من خلال اجتذاب سوريا إلى خطابها الإعلامي والسياسي،وقبل ذلك خلال جعل حزب الله ذراعها في حرب لبنان ،ثم حدث الاختراق الكبير في الساحة الفلسطينية نفسها ،لدرجة أن الكثير من القوى الدولية أصبحت تنظر إلى قطاع غزة كما لو انه جيب إيراني ،بل إن الرئيس المصري أعلن ذات يوم نتيجة لتفاقم الأوضاع في قطاع غزة أن إيران أصبحت على حدودنا .
وحقيقة :
فانه بعد إفشال الحوار ،انتقل الحديث مباشرة إلى أن التهدئة التي توسطت فيها مصر منذ حزيران الماضي ،والتي كانت تنتهي في التاسع عشر من ديسمبر،تحتاج إلى تغيير عناصرها وبنودها وإلا فانه لن يتم تجديدها ،ورئينا كيف حاولت الشقيقة مصر أن تطيل عمر التهدئة ،ولكن المشاورات لم تفلح ،وقررت حماس ومعها بعض الفصائل إنهاء التهدئة من جانب واحد تحت حجة السعي لتحسين الشروط ،بما يعني فتح المعابر وخاصة معبر رفح،بل إن الوسائل الإعلامية المناوئة ،الناطقة باسم إيران وسوريا وحزب الله وبعض الجهات الأخرى وان كانت بدرجات متفاوتة ،شنت هجوما من خلال حملة واسعة من التضليل كما لو أن المعضلة كلها تكمن في فتح معبر رفح ،وان القضية الفلسطينية كلها تم اختزالها في معبر رفح ،وان مصر لاشيء يلزمها بعدم معبر رفح ،وان بقاء المعبر على ما هو عليه يعتبر مشاركة مصرية في الحصار ،وباختصار رأينا حملة قوية تحاول خداع الرأي العام العربي،وتحرض ضد مصر ،وتحاول وتحاول إقناع الرأي العام بان الدور الرئيسي هو ألان في يد قوى الممانعة ،أي انه في يد إيران وحلفائها ،وقد حاولت إيران أن توجه رسالة إلى العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والقادم الجديد للبيت الأبيض أنها اللاعب الرئيسي في المنطقة وليست مصر ولا السعودية ،ولا مجموع قوى الاعتدال في الوطن العربي .
جزء كبير من الإعلام العربي سقط بشكل مدوي بهذه الخدعة ،وخاصة بان ملايين من الدولارات دفعت من اجل ترويج هذه الخدعة ،وبعض الفضائيات العربية ،وخاصة الجزيرة ،فقد جندت هذه الفضائيات فريقا هائلا من الإعلاميين خاصة الذين يسمون منهم بفئة الشتامين ،للترويج لهذه البضاعة السياسية ،ولشن حملة ضد مصر والدور المصري ،بل لقد وصل الأمر إلى حد أن قطر التي كانت تحاول دائما أن تترك مسافة بينها كدولة ،وبين قناة الجزيرة كأداة ووسيلة إعلامية ،انجرت هي نفسها لتصبح جزءا من الحملة ،ورأيناها كيف تورطت في موقف مكشوف ضد المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي من قطاع غزة ،والتي كانت عبارة عن منظومة كاملة تنص على إنهاء الحصار ،وفتح المعابر بترتيبات شاملة ،وإنهاء الانقسام الفلسطيني ،ومن ثم الذهاب إلى جوهر المشروع الفلسطيني القائم حول دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 67 .
وبينما كانت المفاوضات مع حركة حماس تجري في القاهرة للوصول إلى موافقة على المبادرة المصرية والتي رحبت بها السلطة الفلسطينية بدون تحفظ ،فان دولة قطر طرحت فكرة قمة طارئة في الدوحة يوم الجمعة في 16-1 قاطعة بذلك الطريق على نجاح حوار حماس مع القاهرة ،ومحدثة مشكلة اكبر في جو الانقسام العربي،ومحاولة توجيه ضربة قاسية إلى وحدانية التمثيل الفلسطيني بدعوتها ثلاث فصائل فلسطينية هي حماس والجهاد والقيادة العامة لحضور هذه القمة التي لم يتوفر لها النصاب ،فتحوله إلى لكمة في الفراغ.
بل فان الأخطر من ذلك :
أن بعض الفضائيات استأجرت عددا كبيرا من الإعلاميين ،والمحللين السياسيين ،ومن يطلقون على أنفسهم اسم خبراء عسكريين ،لترديد أكاذيب مفضوحة عن سير الحرب في غزة ،وعن الإمكانيات وتأثيراتها ،والنتائج المتوقعة ،بالإضافة إلى أن هذه الأصوات المستأجرة ،حتى بعد اكتشاف الانضباط الحديدي لإيران وسوريا وحزب الله من مجريات هذه الحرب ،والانضباط بعدم توسيع إطار هذه الحرب بحيث لا تضطر للتدخل مباشرة ،راحت تبحث عن مبررات لهذا السلوك ألتوريطي ،كان تقول بان عدم قيام إيران وسوريا وحزب الله بأي عمل لامتصاص أي جزء من الجهد العسكري الإسرائيلي للتخفيف عن قطاع غزة له ما يبرره ،بالقول بان قطاع غزة وحده، وحماس وحدها تملك من السلاح والرجال والإمكانيات ما يجعلها تفرض هزيمة على الجيش الإسرائيلي ،يا سبحان الله.
بل إن هذه الأصوات المستأجرة ذهبت لما هو ابعد من ذلك، عبر استحضار بعض الجنرالات المتقاعدين ،وإعلاميين ومحللين سياسيين على الهامش والتي بدأت تضخم خسائر العدو،متجاهلة خسائر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ،وراحت تعقد مقارنات ظالمة بين نموذج فيتنام ونموذج غزة....الخ.
وأخيرا:
جاء الإعلان الإسرائيلي أحادي الجانب لوقف إطلاق النار ،بعد هدية كبيرة وثمينة تلقتها إسرائيل التي وقعت اتفاقا مع الولايات المتحدة الأمريكية تقوم أمريكا بموجبه بملاحقة أي شحنات سلاح يمكن أن يتم تهريبها إلى قطاع غزة ،ليس فقط عند النقاط لحدود القطاع ،بل من النقاط الحدودية للجهات التي ترسل السلاح ،أي من إيران أو بعض الدول الإفريقية ،أو بعض المواني الخليجية ،أو عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض وغيرها ،وما لهذه المسالة من خطورة ،إذ أن ملاحقة السلاح حتى وان تمت تحت عنوان منعه من الوصول إلى قطاع غزة ،فانه قد يتسع المنع من الوصول إلى لبنان مثلا.
وهنا :
الإعلام العربي المشارك في الخديعة وقف حائرا وعاجزا ألان عند وقف إطلاق النار من جانب واحد ،من الجانب الإسرائيلي ،ماذا يمكن أن يقول ؟ لان إسرائيل بهذا القرار وبعد ثلاثة أسابيع من حربها التي لا مثيل لها إلا الزلازل الكبرى والتي شنتها على قطاع غزة ،ها هي تعيد الأمور إلى نقطة الصفر ،بل إلى ما دون الصفر ،فها هي قواتها موجودة على تخوم قطاع غزة ،وهي فرضت وقف إطلاق النار بدون وخارجا عن المنظومة التي نص عليها قرار مجلس الأمن أو المبادرة المصرية ،أي انه وقف إطلاق نار لذاته ،بدون أن يكون مرتبطا مع إنهاء الحصار ،وبدون أي ثمن ،
وأنا الآن اسأل الإعلام المأجور:
ماذا يقول الآن ؟
لا شيء سوى العودة للمبادرة المصرية ،ولكن بعد أيام لم يدفع أي منهم ثمنا لها ،طالما إن هذا الإعلام المأجور مستفيد من الدعاوى لانتحار الشعب الفلسطيني بلا مقابل ،فليتلاعب بمشاعر الجماهير ولكن بلا هدف ،بل انه كان يقرع طبول الحرب الذي كان يعرف سلفا أنها لمصلحة العدوان الإسرائيلي،
وهنا أناشد كل الفلسطينيين أن يعودوا إلى رشدهم حيث لا ثمن يدفعوه جوقات الدعوة إلى الانقسام إلا من الجسم الفلسطيني، ومن الحق الفلسطيني، ومن القضية الفلسطينية، وان الحرب على قطاع غزة لهو خير شاهد على تلك الدعاوى المزيفة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة
فضيلة يوسف ( 2009 / 1 / 23 - 20:11 )
عندنا مثل شعبي يقول ان الحقيقة لا يعرفها الا ربنا وانا اعتقد ان الانسان يبقى يبحث عن الحقيقة طالما هو حي وان ذلك يقوده الى التقدم .استغربت حديثك عن الحقائق وليس وجهات نظر انا اعتقد انه لو فتحت مصر معبر رفح كان بالامكان ان لا تطلق حماس صواريخها ولا تقوم اسرائيل بالعدوان رغم ان اسرائيل كانت مبيتة النية للعدوان والله اعلم


2 - ماذا لو لم ترفض حماس الحوار الوطني
خالد عبد الحميد العاني ( 2009 / 1 / 24 - 05:51 )
الأخت فضيلة
لقد رفضت حماس الدعوة التي وجهتها مصر للحوار الوطني الفلسطيني وقد رفضت حماس الدعوة من دون بقية الفصائل. كان بالأمكان أن يتفق ( بضم الياء) على فتح المعبر لو تم الأتفاق على المصالحة الوطنية


3 - هل يستمر الحصار
فضيلة يوسف ( 2009 / 1 / 24 - 10:26 )
الاخ خالد السؤال الاهم من وجهة نظري انه اذا استمر الخلاف بين فتح وحماس فهل يستمر معاقبة مليون ونصف فلسطيني بالحصار في غزة كان بالامكان اخراج فتح المعبر من المناكفات التي تتم بين حماس وفتح وتشارك فيها باقي التنظيمات الفلسطينية من حين لاخر.باعتقادي انه لا يمكن لحركة فتح مدعومة من مصر ان تفرض شروطها على حماس بالضغط على الشعب في غزة بالحصار انا اعتقد ان ذلك عمل لا اخلاقي.


4 - العامل الفردي عند اعلاميينا
سعد السعيدي ( 2009 / 1 / 24 - 12:31 )
تحياتي لكاتبة المقال

اريد ان اضيف تساؤل هنا حول موضوع التعتيم الاعلامي هنا سواء في مثال غزة او غيرها. اولآ المثير للعجب هو السهولة التي وقع فيها الاعلام العربي في المطب. اتساءل عن العامل الفردي في الموضوع. اذ يتميز الاعلاميون العرب بانهم جهلاء باي موضوع بكل معنى الكلمة. فهم لا يدققون في مصادر الاخبار ولا يمتلكون اية خلفية تاريخية عن الموضوع الذي يطرقونه. وبعدها يرددون في مقالاتهم الاخبار غير الدقيقة بدون اي تمحيص ودون ان يسألوا انفسهم إن كان ثمة منطق في كل هذا. والنتيجة مقالات لا تمت للواقع بصلة. والمؤسف هو ان منبرآ كالحوار المتمدن هنا ينشر مرارآ لمثل لهؤلاء الجهلاء.
نقطة ثانية هو مشكلة انعدام الحيادية لدى البعض من إعلاميينا ومشكلة التجربة الشخصية لدى معظم كتابنا العراقيين مثلآ. فالاخيرين لا يستطيعون التعليق او الكتابة عن اي موضوع ـ خصوصآ اذا كان يتعلق باسلاميين ـ من دون ان تكون احداث العراق حاضرة في نفسيتهم ـ. ولذا فتنزل الاحكام المسبقة في المقالة بدون الانتباه للاوضاع الشديدة التباين بين الحالتين. وينطبق هذا هنا على الكتابة في موضوع غزة عند العراقيين.

اما مشكلة انعدام الحيادية في التغطية فهذا موضوع واضح ايضآ في مثال غزة مرة اخرى. فلا ادري هنا إن كان الكاتب يقوم بال


5 - محتكرو الحقيقة
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 24 - 14:28 )
محتكرو الحقيقة، الحكماء المعتدلون هم الدكتاتوريون الذين وقعوا وباركوا اوسلو التي انتجت سلطة فاسدة مهترئة رماها لشعب الفلسطيني في اول مقلب للزبالة صادفه...

عن اي حقيقة تتحدث الكاتبة واغلب القادة الفلسطينيون قد رموا بكل اوراقهم لدى قوى خارجية معتدلة وممانعة لايهمها الشعب الفلسطيني قدر مايهمها علو كعبها والحفاظ على كراسيها...

محتكرو الحقيقة لهم اعلامييهم الذين يطبلون لهم عن ضيق افق او انتهازية والنتيجة واحدة وهي المصائب النازلة على راس المواطن الفلسطيني المسكين الذي يدفع فاتورة المعسكرين الغبيين الجزيرة والعبرية العربية...
هنيئا لعباس وعصابته ومبارك وعبد الله والمطبلين لهم
هنيئا لمشعل والاسد ونجاد
ومسكين ياشعب فلسطين من النهر الى البحر

اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ