الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلا! لن يفعلها مجلس النواب في بغداد! لنبحث عن من يفعلها بحق

عدنان عاكف

2009 / 1 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عقبت " طريق الشعب " البغدادية في عددها 93 على تقديم السيد رئيس مجلس النواب استقالته من رئاسة المجلس بقولها ان البلاد بتلك الاستقالة قد " تجنبت أزمة سياسية
جديدة، تضاف الى ما تعانيه من أزمات وصعوبات، بعضها موروث من العهد المقبور وأخرى مستحدثة ساهمت في بلورتها عوامل ودوافع عدة من بينها: اللهاث وراء المكاسب والمغانم والسيطرة على مراكز القرار والاستحواذ على مواقع النفوذ، فضلا عن الدوافع الحزبية والطائفية - الاثنية الضيقة. ". وتواصل الجريدة تمنياتها بأن تكون مناسبة رحيل الرجل الأول في المؤسسة التشريعية الرئيسية في البلاد مناسبة أمام القوى السياسية الفاعلة للقيام بمراجعة نقدية لمسار العملية السياسية وحصيلتها " مؤكدة على " ان تجربة شعبنا قد أثبتت وبشكل لا يدعو الى الشك فشل نهج ونظام المحاصصات، والطائفية خاصة، كأساس للحكم، واستحالة نجاح اي نهج يقوم على الاستئثار والإقصاء والتهميش ". وبناء على ذلك ترى الجريدة آنه قد آن الأوان للإقدام على خطوات جريئة واستثنائية تهدف الى إخراج البلاد من أزمتها للشروع ببناء دولة عراقية ديمقراطية عصرية... وترى ان استقالة رئيس مجلس النواب يمكن ان يكون خاتم سليمان الذي يمكن ان ينقذ البلاد، وذلك وفق المبدأ القائل " رب ضارة نافعة ":

" ما دام الكل الان يتحدث، في العلن،عن مخاطر ومنزلقات استمرار المحاصصة الطائفية - الاثنية، ويبدي استعداده للتخلي عنها وعن الامتيازات التي جلبتها له ، فنرى انه قد حانت الآن الفرصة لاختبار صدق النوايا واقران القول بالفعل، اذ على جدول عمل مجلس النواب مهمة انتخاب رئيس له. فهل سيكون مجلس النواب اول من يبادر، حقا وفعلا، الى كسر الحلقة، والبدء باخراج البلاد من نظام المحاصصة المقيت. واختيار الشخص الكفء والمناسب في العلن وبكل شفافية؟ هل سيفعلها المجلس؟."..

نعم، ان الملايين من أبناء الشعب قد انكوت بنار الطائفية والغالبية راحت تدرك مخاطر مواصلة النهج القائم على المحاصصة الطائفية الأثنية – مع ان الملايين قد حذرت من سلوك هذا النهج منذ بدايته - ، ولكن من هذا الذي أبدى استعداده للتخلي عن الامتيازات التي حصل عليها؟ " ، عشم إبليس بالجنة !! هل حقا ان " طريق الشعب " جادة في أمنياتها الأخيرة هذه أم انها كانت مجرد تمنيات طيبة بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الهجرية والسنة الميلادية؟؟ ان كانت مجرد أمنيات طيبة بريئة فلتسمح لنا ان نشاركها تمنياتها، حتى ولو كان ذلك تماشيا مع قول الطغرائي :

أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

ولكن الطغرائي لم يكن زعيم سياسي مسئول أمام شعبه وأمته بل كان عالم وشاعر حالم، و الآمال التي كان يعلل بها نفسه كانت آمال شخصية بحتة. لقد بدد ثروة طائلة ورثها عن أبيه وهو يحلم بتحويل النحاس والرصاص الى ذهب وفضة، ولم يجد في النهاية ما يفعله إلا ان يتشبث بحبال آمال خادعة.. كيف يمكن لمجلس النواب الذي هو الوليد التشريعي الشرعي المشوه لسياسة حمقاء بنيت منذ البداية على مبدأ الطائفية والمحاصصة ان يكون المبادر الى إحداث التغيير المطلوب، والذي يهدف الى انهاء دولة المحاصصة الطائفية والشروع ببناء دولة عراقية ديمقراطية عصرية بديلا عنها . ان بناء الدولة البديلة يعني من جملة ما يعنيه ان الغالبية من السادة أعضاء مجلس النواب سيفقدوا شرعية تواجدهم في المجلس الموقر. وبصراحة ان موقف طريق الشعب غير منسجم مع مواقف سابقة عبرت عنها الجريدة أكثر من مرة، وكان آخرها ما ورد في البلاغ الختامي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية في شهر تشرين الماضي، والذي حدد بكل وضوح معالم المرحلة الحالية والمقبلة والتي ستشهد نشوء تحالفات اجتماعية وسياسية جديدة سيحددها بالدرجة الأولى الموقف من القضايا الاجتماعية الاقتصادية الكبرى، والتي ستحدد ملامح الدولة التي يراد بناءها. وقد أكد البيان : " من الواضح اننا امام خريطة جديدة من علاقات القوى الطبقية والاجتماعية التي يجري الآن تشكيلها ".. والجريدة تعلم علم اليقين ان حصيلة الصراع حول هذه القضايا ستتوقف على توازن القوى، ولن تحسم في القاعة الكبرى في مجلس النواب، بل ستحسم خارج تلك الأبواب وسيكون موقف الناس الذين يعود اليهم الفضل بتواجد هؤلاء النواب داخل المجلس الدور الرئيسي في حسم الموقف. والى هؤلاء الناس بالذات، والذين ظلوا طيلة السنوات الخمس الماضية على الهامش ينبغي ان يتوجه النداء وعلى موقفهم ستتوقف نتيجة المعركة الاجتماعية الاقتصادية في البلاد. هؤلاء هم أصحاب المصلحة الحقيقية في انهاء النظام الفئوي الطائفي وبناء الدولة الديمقراطية الفدرالية الحقيقية.

العجيب في الأمر ان تمنيات " طريق الشعب " جاءت بعد ثلاثة أشهر فقط على تصريحات الرفيق حميد مجيد الجريئة والصريحة، التي عبر من خلالها عن حاجة مجلس النواب الى صحوة سياسية لاستعادة هيبته. وكان النائب الشيوعي قد أعلن ان مجلس النواب " لم يوفق حتى الآن في تثبيت دوره الرقابي كجهة تشريعية ". وأشار الى ان المجلس " يعكف حاليا على عقد اجتماعات متواصلة لتفعيل دوره الرقابي والخروج بنتائج إيجابية في هذا الشأن". وحذر النائب من ان " بقاء الحال على ما هو عليه الآن من شأنه أن يقلل من هيبة المجلس ودوره ".. ولا أظن ان هناك من يستطيع ان يشكك بوطنية النائب الشيوعي أو ان يتهمه بالعداء لمجلس النواب ..

لا نعرف ان كان البرلمان قد استفاق من غفوته السياسية وان كانت اللجان التي شكلها للبحث في " أسباب تخلفه عن أداء دوره الرقابي وتشخيص المعوقات التي حالت دون ذلك " قد توصلت الى نتائج معينة تبعث على الاعتقاد بان البرلمان قد يفعلها وينهي المحاصصة الطائفية والفئوية. ولكن ما نعرفه حقا ان استقالة السيد المشهداني من رئاسة المجلس لم تكن نتيجة لصحوة أعضاء المجلس وثورتهم على المحاصصة الطائفية بل جاءت على العكس، كنتيجة لعراك الديكة الذي يشهده المجلس بين فترة و أخرى ولأسباب لا علاقة لها بمصلحة الشعب والمجتمع...

خلاصة القول علينا ان لا نواصل تعليل النفس بالآمال ونقولها بصراحة ان مجلس النواب الحالي لن يفعلها، حتى وان كان نحو نصف أعضاءه قد حجوا هذا العام الى بيت الله الحرام ( وفق ما نشر في بعض وسائل الإعلام )، لن يفعلها حتى ولو توفرت النية الصادقة، لسبب بسيط، لأنه مجلس " أعوج وأعرج ". والظل كما هو معروف ، لا يستقيم ما دام العود أعوج.. نقولها صراحة: تعليق الأمل على ان البرلمان قد يفعلها كالمستغيث من الرمضاء بالماء

***

كنت قد اطلعت على مقالة طريق الشعب " هل يفعلها مجلس النواب " بعد نشرها على موقع " الطريق "، العدد 1203 ، بتاريخ 28/12/2008. ومن محاسن الصدف ان هذا العدد قد تضمن مقالة للكاتب رضا الظاهر، وكانت بعنوان " متى ينتهي موسم الصدقات ؟" يقدم لنا الكاتب صورة قاتمة عن المأساة التي يعاني منها القسم الأعظم من أبناء الشعب. صورة مأساوية تزيد المحبطين إحباطا، لكنها صورة واقعية مدعمة بالأرقام. ويتساءل الكاتب في الجزء الثاني من المقالة :


" لا يمكن للمرء، بالطبع، أن ينسى ما اقترفه مهندس المقابر الجماعية، وما فعله "المحررون" وما يزالون جراء سياساتهم وتخبطهم وجهلهم بثقافة المجتمع وواقع البلاد .. غير أن ما يثير السخط والاحباط أننا، نحن المساكين، وربما المغفّلين، ما نزال أسرى أوهامنا من أن "المقررين"، المنشغلين بكراسي المحاصصات وصفقات "التسييس" وثمار الامتيازات، يمكن أن يشعروا بحرج من بؤس الملايين .."..

ليس من الصعب على القارئ الفطن الذي يتمتع بقدر معقول من الحنكة السياسية ان يدرك بان الكاتب قد أجاب على تساءل " طريق الشعب " هل يفعلها مجلس النواب؟ بالنفي- ولو بشكل غير مباشر – وذلك لسبب بسيط وهو ان عددا غير قليل من أعضاء المجلس ينتمون الى فئة " المقررين، المنشغلين بكراسي المحاصصات وصفقات التسييس وثمار الامتيازات ". لكني بصراحة لا أشاركه مشاعر " السخط والإحباط " التي عبر عنها، ولا أراه محقا في جلد نفسه وجلد زملائه ( وأنا واحد منهم ) الذين وصفهم بالمساكين والمغفلين لكونهم ما زالوا أسرى الأوهام وبعض الأحلام الوردية، خاصة اننا ومنذ سقوط نظام صدام ( بل ومن قبل ذلك ) وحتى يومنا هذا، قد أدمنا على اختيار ما يفرض علينا وليس ما نراه صحيحا؟ ما ذنبنا ان كنا تعودنا، مجبرين، على القبول بـ " أفضل السيئات "!!.

مباشرة بعد الفقرة التي توقفنا عندها يصدمنا الكاتب بموقف مغاير تماما، بعد ان تخلى عن لهجة الإحباط واستبدلها في الفقرة التالية بنبرة ملؤها العزم والتحدي. انه يدعوا الفقراء والمحرومين للتخلي عن صمتهم والثورة على دولة المحاصصة الطائفية محتذيا بقول ذلك الشاعر العربي القديم الذي وقف قبل نحو ألف عام على ضفاف دجلة وصرخ بأعلى صوته وهو ينفجر غضبا ويدعو الى إزالة دولة لم يعد يرى فيها أي أمل:

يا دولة ليس فيها من المعاني شظية

زولي فما أنت إلا على العباد بـــليــة

واذا كانت " طريق الشعب " استغاثت بمجلس النواب طالبة العون لإنقاذ البلاد من مستنقع الطائفية والمحاصة، نرى ان الكاتب وجد نفسه مجبرا على الاستعانة بالتاريخ. وبالفعل فقد وجد ضالته في الموقف المبدئي لأعظم ثوريين في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، وهما علي ابن أبي طالب، كرم الله وجهه والصحابي أبو ذر الغفاري. يقول الأستاذ رضا الظاهر :

"..بل إن ما يثير السخط والإحباط، على نحو أعظم، أن ترتسم أمامنا أسئلة حارقة: لماذا يستمر المحرومون بالصمت ؟ لماذا لا يرفعون أصوات الاحتجاج ؟ لماذا لا ينفضون عن أنفسهم غبار الخنوع ؟ لماذا لا يهزون العروش ؟ .. بل لماذا لا يقتدون بإمامهم الذي كرم الله وجهه، علي بن أبي طالب، إذ قال: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، وبالصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، إذ قال: "عجبتُ لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الإنس شاهراً سيفه" ..."

السؤال المطروح أمامنا : هل حقا ان الكاتب يدعوا الى إشهار السيوف ؟ ما أعرفه عنه، ومن خلال ما قرأت له، انه من أهل القلم وليس من أصحاب السيوف. ومن تابع ما يكتبه في السنوات الأخيرة سيجد بانه اليوم منسجم كليا مع طروحاته الصريحة السابقة. ويتلخص جوهر موقفه، وكما في هذه المقالة في الدعوة، للتوجه المباشر الى أصحاب المصلحة الحقيقية بالتغيير الثوري الذي سوف يعيد النظر في توزيع الثروة في البلاد، وهؤلاء هم الفقراء. أما لماذا لا " ينفضون عن أنفسهم غبار الخنوع ؟ لماذا لا يهزون العروش؟ " فانه السؤال الرئيسي الذي ينبغي على القوى السياسية التي تسعى لتحقيق التغيير الحقيقي ان تركز عليه كل جهودها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشكالية البرلمان واحلام الدافعين عن الفقراء!!!
عادل ( 2009 / 1 / 24 - 19:53 )

نحن امام اشكالية كبيرة باعتقادي الا وهي البرلمان، حين تكون القوائم على اساس طائفي ديني او قومية فها يضعنا امام برلمان يمثل مصالح طوائف اجتماعية ضيقة يفتقد ايضا ذلك التحليل الذ يقول ان الاسطفاف القادم هو على اساس التطورات الاجتماعية والاقتصادية ! لان جل ما يفكر بههؤلاء الواب هو مصالح طوائفهم وما سيغتنموه! ان ما يزيد الكارثة هو ان هذا البرلمان هو برلمان مليشياوي اي ان غالبة الاحزاب المكوة له لها ملشيات عكرية تقتل وتحرق وتفجر وتحاكم وتعدم خارج طار القانون الذي سن وشرع اسس تكوين السلطة التشريعية!! الامر الاخر هو ان الدستور الذي يطالب به رئيس الوزراء اان او يطالب بتغييره وهو اذا ادرك هذا الامر متاخرا افضل من لا شيء! كان كارثي اكثر من خلالما فرضه البعضمن جندة ضيقة تخدم مصلحهم الضيقة واقول الضيقة لانا لا تخدم مصلحة العموم بالاضافة الى انه دستور سقط في التصويت وانجح بقرار الدفع اي ايضا التزوير من اجل الوطن كما هي الحب من اجل الشعب ، لتزوير من اجل الوطن ، البرلمان من اجل النظام! التوقيع عل الاتفاقية من اجل الحفا على اموال العراق . الخ اي دائما هناك كارثة قادمة اذا لم نفعل هذا او ذاك الشيء ولهذا حلم الرئاسة او رئاسة البرلمان حقا هي امنية كتبها هاوي على بطاقة معايده في ليلة راس السنة.


2 - عيش و شوف..جنك عايش ابغداد
زيد عبد الصمد نعمان ( 2009 / 1 / 25 - 16:26 )
لماذا الاستغراب و انت العارف ببواطن الامور؟ الجريدة و اصحابها قرروا التصويت لصالح دستور مشوه و خطير بحجة ان الاخفاق يدفع البلاد الى عنف اكثر و المجهول. فحصلنا على الاثنين! سكتوا عن المحاصصة من اجل مقعد وزاري يتيم باسم حكومة الوحدة الوطنية. صوتوا للاتفاقية لانها افضل السيئات! و هكذا ينكمش الحزب بما يكفي لتمرير المشروع القائم. في المؤتمر الصحفي لحميد مجيد قال ان الحزب لن يتردد في التصويت ضد الاتفاقية اذا لم تلب الحد الادنى لكن موقع الطريق ظهربعنوان -ان الحزب لن يتردد في التحفظ على الاتفاقية- يحق للقارئ ان يسأل من الذي يقرر سياسة
الحزب: الكادر ام مسؤل الموقع و مدير التحرير؟
في نصف العقد الذي انصرم راهن الحزب و قادته على اطراف العنلية السياسية و ليس الجماهير. هل رسالتك بداية تغيير هذا الاتجاه؟

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة