الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسوّل الثقافي في عاصمة الضجيج

عمر الشيخ
شاعر - كاتب صحفي سوري

(Omar Alshikh)

2009 / 1 / 25
الادب والفن



عن دمشق ..
_______________
التسوّل زرنيخ المدينة أو لنقل أنّه رصاص ضد الحضارة ، ولكن هل هذا كفيل بجعل أحدهم يسخر من متسوّل صغير السن وهو يحاول أن ّ يقنعه أن هذه العلكة جيدة ومصدرها أجنبي أو أن علبة المحارم المصغرة ناعمة وتنفع لحالات ضرورية في السيارة ربمّا يشتريها .. ولكن عبث ..!!
أطفال الإشارات الضوئية في زحام المدينة يزينون بثيابهم البالية أرصفة الشوارع الفاخرة ، ينتظرون الشفقة من الليرة عند أصحاب المكانات المخملية و الغير مخملية ربّما ترأف لحالهم .

هنا في فضاء الضجيج حيث الإشارة حمراء بشدّة ، حيث أقف أنا كأيّ عابر ٍ لا يهمّ الآخرين ، أتأمل في شخوص عاصمة الثقافة العربيّة كي أحاول الفرح لأنّ عروبتنا في قداسة ِ الأدب سترتقي كثيرا ً إلى درجة انتشار أولاد وهم متكئين على أعمدة الإشارات الضوئية في برودة ِ إحساس العابرين ينتظرون مواكب الأثرياء بلا فائدة .

لا شيء سوى الاحتفاء بأبيات مدح للعاصمة تتصدر الكونكورد وتضيء ليلا ًخطوات العائدين من تعب النهار،لنكن واقعين لدرجة مقنعة قليلا ً ،انتشار ظواهر مؤلمة كتسوّل الأطفال لبيع أي شيء ،ربّما محارم سيئة ،أو دخان مهرّب ، أو علكة أجنبية (ثقيلة النكهة )، حقا ً مزبلة أنيقة لا تليق بشوارع المدينة ولا تليق بدروب مثقفي المشهد الذين يكتبون عن حالهم ويتباهون بتطوير الحالة الإبداعية بعيدا ً عن مواجع صغيرة قد تتفاقم لمرحلة مسّهم بشكل مباشر و مؤثر على مكانتهم اللازمة للإبداع ،لسنا بصدد وضع اللوم على المثقف وحسب بل على جهاز منع التسوّل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، لماذا الأطفال؟ اتركوهم ربّما يفعلون شيئاً يسرّ هذه الأمة المكتئبة .

حين لا تثير الكلمات أحد لا يتجمد الأمل بل تتراكم الإصرار في مقلة المستضعفين و لشحذ الأمل من جديد، موبايلات بفواتيرها كالمنشار على أعناق الجميع ولا ترأف بمليونير أو عامل بسيط ، الانترنت بوصفهِ كوة إلى عالم من صور و أناس افتراضيين يروّح قليلاً عن حقبة الضيق في أنفاس الشباب وما فوق الشباب ، والجميع يعاني مشكلة جذرية هي الحاجة إلى شيء ما يشبه الحبّ ..

جميعنا متيقن أنّ أحداث هذه الألفية تفرط أزرار الستار على مشكلات هذا الزمن ، ابشعها متطرفي التسوّل الصغار في طبائع الثقافة لأنها عنوان عريض في بلدتنا الحاضنة بردى وهي تبكي كل يوم في سرها على المنتشرين فوق جسر الرئيس بائعي اليانصيب الصغار و الحاملين مقاييس الوزن النابضة كي يتربعوا على إطلالة الميرديان يمينهم و الفور سيزن يسارهم ولا علاقة لهم لو بالحلم مع رفاهية تلك الأماكن ، هم حزينين لدرجة الملل ، ونحن سنكتب لدرجة اللاتحمل ..

عمر الشيخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07


.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب




.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج


.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت




.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال