الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم السادس.. اليوم الحاسم

مها عبد الكريم

2009 / 1 / 25
الادب والفن



ربما مازال بعضنا يتذكر فلم الراحل يوسف شاهين" اليوم السادس" الذي يحكي قصة امرأة تعيش ‏صراعا مع مرض الكوليرا الذي أصاب ابنها الوحيد , حيث أن المصاب بهذا المرض يموت او ينجو ‏بعد اليوم السادس من الإصابة, ولهذا تحاول هذه المرأة إخفاء ابنها الأيام الستة التي يفترض أن ينجو ‏بعدها حتى لا يبلغ عنه السلطات التي كانت تجمع المرضى , بينما يختفي بطريقة درامية كل من ‏حولها بسبب الوباء ‏
‏ لقد وقع الاختيار على اليوم السادس باعتباره اليوم الحاسم لمريض الكوليرا حيث ينجو أو يموت ‏بعده , وهكذا هو الحال لكثير من الإمراض التي تصيب البشر حيث أن للكثير منها أياما حاسمة ‏تقرر مصيره , ومن نعم الاكتشافات والبحوث الطبية المتواصلة أنها توصلت في كثير من الإمراض ‏إلى ذلك اليوم بما يساعد في تحديد العلاج الأنجع والأسرع وتساعد المصاب على اجتياز ذلك اليوم ‏بنتيجة محسومة نحو النجاة والاستمرار ‏
ولان الأزمات التي تصيب حياتنا على اختلاف أنواعها وأسبابها , تشترك مع الإمراض التي تصيبنا ‏بقدرتها على إعاقة الاستمرار بشكل طبيعي لوقت قد يطول أو يقصر بحسب نوع وسبب كل أزمة , ‏لذا فهي تشترك معها بامتلاكها لذلك الجزء الحاسم الذي يمكن أن يكون تاريخا أو حدثا أو حتى ‏عمل-سأسميه هنا يوما -حاسما يؤدي إلى اجتياز قمة تلك الأزمة والانحدار الايجابي بعدها نحو ‏نهايتها التي تُؤذن بعودة الحياة إلى استمراريتها المعهودة , لكن المختلف هنا أن اليوم الحاسم ‏بالنسبة لأزماتنا لا يمكن تحديده أو اكتشافه كما في الأمراض وهذا من حسن الحظ وسوءه في آن ‏واحد , فلحسن الحظ أن الجهل بموعد هذا اليوم يترك مدى الأمل مفتوحا بلا حدود أن يكون اليوم ‏الذي نعيشه او غده القريب هو اليوم الذي نرجوه للانطلاق نحو الاستمرارية كما أن الجهل بموعده ‏يهون من صدمة المعرفة ببعده عندما يكون أحيانا بعيدا جدا بمدى اكبر من تقديرنا لمدى صبرنا ‏واحتمالنا , وهذا الأمر يصبح مفيدا أكثر في الأزمات والصراعات الكبيرة والطويلة وقد شهدنا الكثير ‏منها ممن استمر لسنوات قبل أن تنتهي او تصل الى نقطة الحسم ..ولسوء الحظ ان الجهل بموعد هذا ‏اليوم مع طول الانتظار قد يضعف كثيرا من القدرة على المقاومة مما يعجّل من سرعة الوصول إلى ‏النهاية السيئة التي تعقبه أحيانا ..‏
وكما يصبح اليوم الحاسم في المرض قمة للصراع بين الموت او الحياة مع اكتساب مناعة دائمة في ‏بعض الأحيان , يصبح اليوم الحاسم للازمات مهما وخطيرا خصوصا عندما ينتهي بتحول جديد , ‏وكما لا يعطى للمرض او الطفيلي الذي تسبب بالمرض إي ميزة لان غرضه لم يكن غير التطفل ‏والتكاثر ومد نفوذه ومستعمراته على حسابنا , لا يمكن أن ندين للازمات أو أسبابها إلا بقدرتنا ‏على اكتشاف نقاط الضعف وإصلاحها أو تقبلها باتجاه الاجتياز والاستمرار ‏
قد يكون من حسن الحظ او من الصدف القليلة الجيدة في ثقافتنا الاجتماعية ان يكون فيها أساس ‏وفكرة لليوم الحاسم وان يكون مفهومه ايجابي , يتمثل هذا بعدد من الأمثال والحكم الدارجة التي ‏تشترك في معناً واحد يشير إلى أن اشتداد الأزمات يشير إلى اقتراب انفراجها بما يعطي دفعة من ‏الأمل تساعد على الاستمرار والمقاومة دون التحريض المطلوب باتجاه ألمواجهه ..‏
‏ وهكذا يصبح تقصي "اليوم السادس" في كل ما يواجهنا من أزمات او عثرات او استعجاله او حتى ‏اختلاقه ان كان ذلك ممكنا , الهدف الأكثر أهمية وإلحاحا من إيجاد الحلول لما بعد الأزمة .. ‏متناسين خلال بحثنا هذا مخاوفنا من ان يكون ما بعده هو جل ما نخشى لان القوة والكرامة ‏والشجاعة تكمن دائما في المواجهة مهما كانت نتائجها ..‏










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
قاريء ( 2009 / 1 / 25 - 17:11 )
شكرا على الموضوع

اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا