الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايام معتمة

البتول المحجوب

2009 / 1 / 25
الادب والفن


إليه(…) إلى صمته الجميل، إلى عينين لااستطيع التحديق بهما طويلا
يتمدد وحيدا على سرير في غرفة ما، تمتد يده إلى الاباجورة مطفأ النور، مستسلما
للحلم، بعيدا عن صخب الآخرين.
تُصاب بالارتباك عند لقائه.تشعر انه يعرف مايجول بخاطرها.أثناء الحديث، تتحاشى التحديق في عينيه. يبتسم يشد على يديها مشجعا.تبتعد في صمت ويبقى إعجابها حبيس صدرها.يبتعد هو الأخر مسافات ومسافات، محاولا نسيان سنوات عجاف.يسافر بعيدا عله ينسى.يغرق في دخان سيجارة لا تكاد تشرف على الانتهاء حتى يعوضها بأخرى، كأنه يعوض سنين مرت من عمره.
يعب نفسا طويلا من سيجارته.عبر ضباب دخانها المتصاعد تبحث عن تقاسيم وجهه.بينما تعود ذاكرته إلى فترة موجعة.يتذكر رفاق درب العتمة الطويل من شباب وشيوخ ونساء في العنابر المجاورة.يتألم كلما تذكر صورة كهل أشرف على النهاية ومازال يُعلق على آلة التعذيب، صوت صراخ النساء كلما دنس الكرباج جسد امرأة طاهرة، تصرخ دفاعا عن شرف أنوثتها.رائحة “الشيفون”المبلل ببول حارس لعين يمرره على فمه وأنفه.أنف طالما تزود برائحة عبق عطر امرأة تحمل دفئا وحبا..طالما حلم بامرأة تلثم بدفء شفتيها أثار الجراح.كلما تذكر الانفرادي، تلك الزنزانة اللعينة في الليالي الباردة في ارض برودتها تحت الصفر في ليالي الشتاء الكئيبة.وحارس لعين يصب عليه دلو ماء بارد، احتمى بمعطفه الصوفي، بحثا عن دفء مفتقد.كابوس الانفرادي مازال يُطارده حتى بعد إطلاق سراحه.بغصة وحرقة يتذكر معاناة صديقه “م.م”تسأل عنه بإلحاح ، يصمت تحت رجاء نظراتها يجيب:
-”م.م”:رجل أسمر، قوي البنية،حاد النظرات،رجل هزم جلاده دون أن ينطق.صورته مقيد الأيدي والأرجل معا والجلاد ينزع أظافره من منبتها بألة صدئة،دمه النازف،نظراته الساخرة لجلاد مجنون يصب جام غضبه على إنسان مقيد.
-”م.م”سيزيف الأيام المعتمة ظل شامخا لم ينكسر.آه ياعزيزتي ما أمر قهر الرجال!يومها شعرت بقهر فظيع موجع.
يصمت، يشرد قليلا، ثم يأخذ نفسا عميقا من سيجارته، يهرب من نظراتها ويترك الحكاية تغرق في بحر الصمت.تحاصره من جديد، نظراتها تعذبه، تعاتبه كيف ينسى أو يتناسى..؟
نظراتها حارقة دوما،كلما حدق بعينيها يتذكر كل شئ.تسأله تلح في السؤال..يصمت بحثا عن تصالح مع ذاته،مع ماضيه،مع حاضره..لكن نظراتها المعاتبة تُذكره برفاق العتمة..
تعرف مدى عشقه للحبر ولرائحة الورق تسأله:
-لماذا لاتكتب عن أيام العتمة تلك..؟
اكتب تجربتك،تجربة من نُسي في تلك الدهاليز المظلمة..اكتب..يقاطعها قائلا:
-كيف..؟ اكتب في جو ملوث..؟مستحيل!قد ابحث عن فضاء نقي،كي أتنفس بحرية دون خوف،اما أن اكتب كل شئ، أتفهمين كل شئ ؟أوأصمت.
يسود الصمت بينهما.يمرر يده بلطف على شعرها، يطلب منها أن تتجاوز الجرح،عله يندمل مع الأيام.تنظر اليه طويلا،تُداري دمعة منسكبة دون استئذان.وتسأل نفسها..كيف يطلب منها هذا..؟ تتجاوز الجرح..؟ أين أمالها..؟أحلامها المجهضة..؟
شبابها المندثر كأوراق خريف.بسمتها الخائفة من فرح مشوب بالحذر.
تصمت وتعانقه بشوق، متمنية في أعماق نفسها أن تداوي جرحه العميق يوما ما.أن تؤنسه وتبعد عنه شبح الوحشة والوحدة.
يبتعد مسافات ومسافات، يتوارى عن الانظارويتمدد وحيدا على سرير في غرفة ما.تمتد يده إلى الاباجورة مطفأ النور مستسلما للحلم.بعيدا عن صخب الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل تبتسم الاحلام المعلقة علىصلبان اللاحول
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 1 / 24 - 19:47 )
ارق التحايا للقاصة المبدعة الاخت بتول المحجوب سرني ان اواصل قراءة ما يجود به قلمها المبدع...اتمنى لها الف خير


2 - لماذا لم يظهر تعليقي احبائي ادارة الحوار
عبد الوهاب المطلبي ( 2009 / 1 / 25 - 11:09 )
ارق التحايا للاخت القاصة المبدعة بتول المحجوب اتمنى لها مزيدا من الابداع

اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل