الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفجر، بديل اشتراكي للاقتصاد العالمي‏

فنزويلا الاشتراكية

2009 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تعتقد الدول المتقدمة والغنية أنها وبحكم استغلالاتها العديدة في العالم وسيطرتها غير الشرعية على حقوق الآخرين قادرة على إيهام العالم بأنها تمتلك الحق في استكمال تصرفها بمصائر الشعوب وإيجاد الحلول الأنسب لها في ظل المشاكل التي تواجه الكرة الأرضية. ويبدو أنها تتوقع طريقاً مليئا بالورود وكأن العالم ليس فيه من يدرك خطورة مثل هذا التحكم. ففي هذه المرة بالذات، مع الأزمة الاقتصادية العالمية، تكشفت حقائق قد لا تخدم القوى الامبريالية خاصة حقيقة أن كوارث العالم الاقتصادية قد نتجت بالأساس عن السياسات الخاطئة التي اتبعتها هذه الدول.
"هل يمكن لأي شخص أن يعتقد فعلاً أنه من الممكن أن يبرز من هناك، من واشنطن، حل لهذه الأزمة التي خلقتها الولايات المتحدة بذاتها؟ نحن هنا في فنزويلا لا نعتقد أن ذلك ممكن." كانت هذه إحدى عبارات الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في الخطاب الذي ألقاه لدى افتتاحه القمة الاستثنائية الثالثة التي عقدتها مجموعة الألبا - البديل البوليفاري لشعوب أمريكا. أضاف الرئيس تشافيز بعد سماع وجهات نظر دول مجموعة العشرين التي سارعت بالاجتماع للتباحث وتقديم الحلول لأزمات العالم وكأنها وصية على الشعوب "إن رؤساء أمريكا الجنوبية أيضاً لديهم ما يقولونه. إن الجنوب أيضاً موجود، سنناقش ونتخذ قرارات. هنا نحن نمتثل إلى المسؤولية التي ألقتها شعوبنا علينا. أهلاُ بكم، تحيا مجموعة الألبا، تحيا أمريكا الجنوبية وتحيا شعوبنا."
أ ل ب ا : هي اختصار لجملة "البديل البوليفاري لشعوب أمريكا" حين تكتب باللغة الاسبانية (ألترناتيفا بوليفاريانا بارا لاس أميريكاس) وتعني كلمة (ألبا) بالاسبانية أيضاً "فجر". الألبا هي تكتل طرح من قبل الحكومة الفنزويلية كبديل لمنطقة التجارة الحرة للدول الأمريكية القائمة برعاية الولايات المتحدة. وتختلف عن الأخيرة بأنها تتبنى مبدأ التكتل التجاري ذو البعد الاجتماعي بدلاً من السعي وراء زيادة الربح وحسب. تدعو الألبا إلى المساواة والعدالة المتأصلة في ذات الإنسان، وإلى رفاه القطاعات الاجتماعية الأكثر اضطهادا وإلى التضامن مع الدول النامية في نصف الكرة الغربي من أجل أن ينخرطوا في المفاوضات التجارية بناء على أسس أكثر عدلا وإنصافا من تلك التي تكون تحت أوامر الدول المتقدمة.
الألبا هي منظمة تعاون إقليمية تقوم على فكرة التكامل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بين دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. والدول الأعضاء في الألبا هي هندوراس ونيكاراغوا وكوبا وبوليفيا وفنزويلا والدومينيك. أما الإكوادور فهي دولة صديقة للمنظمة.
يوم الأربعاء الذي صادف السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2008 كان اليوم الذي أثبت فيه أن الحل المطروح امبرياليا ليس هو الحل الوحيد لأزمات ومشاكل شعوب الأرض خاصة عندما يكون هذا الحل ليس حلاً في الأصل. ففي هذا اليوم اجتمعت دول مجموعة الألبا في قمة استثنائية هي الثالثة للمجموعة للتباحث في تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وتقديم حلول بديلة تستند أساساً على مصالح الشعوب. وعلى غير عادة مؤتمرات الدول الغنية والمتقدمة، خرجت قمة الألبا بتوصيات واقعية تفرض وجودا جديدا لبديل حقيقي هو الأول من نوعه الذي يتخذ صف الشعب ليس إلا.
في كاراكاس، الميرافلوريس، القصر الرئاسي الفنزويلي، قام الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز باستقبال كل من رئيس وزراء الدومينيك ونائب رئيس وزير المجلس الكوبي والرئيس الهندوراسي والرئيس البوليفي والرئيس النيكاراغوي والرئيس الإكوادوري الذي يحضر القمة كضيف شرف إذ إن بلده ليست عضوا في مجموعة الألبا.
جاءت هذه القمة لتثبت أن الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة وانتشرت لتفتك بالعالم أجمع هي قضية الجميع وأن للجميع الحق ليس فقط بالمعاناة منها بل أيضاً بصياغة الحل الأمثل الكفيل بإخراجه منها. خاصة بعد محاولة القوى الامبريالية أن تحتكر المصير العالمي مجددا من خلال قيام مجموعة الثماني ومن ثم مجموعة العشرين التي أضيف إليها عدة دول تم انتقاؤها لتكون مساعداً في الحكم على المصير البشري والاتحاد الأوروبي وهيئات مالية أخرى كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالاجتماع لتحديد مصير العالم الجديد وسبل مواجهة الأزمة. وفي هكذا مرحلة فقد آن الأوان لدول أخرى أن تتباحث وتأتي بحلول لهذه الأزمات.
في خطاب الافتتاح قال الرئيس تشافيز "الألبا هي مقدمة لطريقة جديدة للتعاون التجاري بين الدول وشعوبها." وأضاف "إن الأزمة العالمية ليست فقط أزمة اقتصادية كما يدعي البعض. إنها أزمة عامة لأنها أزمة غذائية وبيئية وصناعية ومالية وغير ذلك."
وفي إشارته لأن هذه الأزمة هي نتيجة للسياسات الرأسمالية قال "يجب علينا أن ندفن الرأسمالية. فالحل لهذه الأزمة يكمن فقط في إطار الاشتراكية."
كما دعا الرئيس الفنزويلي إلى إغلاق صندوق النقد الدولي معللا ذلك بأن "الصندوق هو أداة اقتصادية شكلتها الإمبراطورية (الولايات المتحدة) من أجل الهيمنة علينا."
انتهت القمة باتفاقيات تكامل هامة جداً. فقد صادقت دول مجموعة الألبا على قيام بنك الألبا بتمويل دراسات من أجل البدء في تنفيذ مشاريع إقليمية في إطار هذا التكامل اللاتيني. كما أبدت هذه الدول نيتها لدعم ومنح استمرارية لحملة محو الأمية التي يتم تنفيذها في بعض الدول كبوليفيا ونيكاراغوا.
وفي سياق الأزمة المالية العالمية، برز اقتراح إنشاء نطاق نقدي لعملة تعمل على حماية دول الألبا من الأزمة العالمية ونتائجها بالإضافة إلى ترويج التطوير الاقتصادي للدول الأعضاء.
في حال تم تنفيذ هذا الاقتراح سيشكل صندوق احتياط وموازنة مدعوم من قبل أعضاء الألبا مما قد يسمح بمواجهة الأزمة والإبقاء على سياسة استثمار تهدف إلى تطوير نشاطات اقتصادية متكاملة.
كما طرحت فكرة أعمق مفادها تشكيل عملة موحدة كخيار للاستقلالية عن السوق المالي العالمي وكعلامة استفهام واضحة على تواجد الدولار في المنطقة.
أما الرئيس تشافيز فقد اقترح تشكيل مجلس عالمي للعملة من شأنه تنسيق اتفاقيات العملات بين التكتلات الإقليمية. وأن يكون هدفه الرئيسي هو نظام نقدي وبنكي عالميين وتشكيل عملة عالمية تضمن الشفافية والاستقرار في إصداراتها وتحركاتها المالية.
ومن أجل تحويل كل هذه التوصيات إلى جهود تنفذ على أرض الواقع، قام رؤساء دول الألبا بتعيين فريق على أعلى مستوى مكون من ممثلين رئاسيين يشرف عليهم الرؤساء مباشرة.
وقد عبر الرئيس تشافيز عن كل هذه الخطوات الاقتصادية التي تشكل نقطة تحول في النظام العالمي بقوله "سنقوم بتشكيل نطاق نقدي خاص بنا. لن ننتظر مكتوفي الأيدي حتى يأتي صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي لمعالجة مشاكلنا." وأضاف قائلاً "يجب أن تنتهي سيطرة الدولار."
إن هذه الخطوة بتشكيل أساس نقدي (عملة) ستبدأ على أساس التعويض الفعلي ومن ثم تتحول إلى عملة صعبة وبها ستصبح أمريكا اللاتينية أقل عرضة للطمع ولتأثيرات الأزمات العالمية بحسب الرئيس تشافيز.
وقد كان هذا الاقتراح الفنزويلي مصحوب باقتراح اسم للعملة والذي اختار الرئيس تشافيز أن يكون "سوكر" تقديرا لآنتونيو سوكر، بطل أمريكا الجنوبية الاستقلالي. كما أن كلمة "سوكر" هي اختصار لجملة "نظام التعويض الإقليمي الموحد" عند كتابتها باللغة الاسبانية.
قال الرئيس النيكاراغوي دانييل أورتيغا إن الألبا قد "وضعت أسسا جعلتنا نحتل مرتبة بالغة الإفادة والقوة وسط الأزمة المالية العالمية."
أما الرئيس البوليفي إيفو موراليس فقد أيد هذا التعاون والدعم المشترك بين دول المنطقة، وهو أحد أهداف الألبا. قال "أولائك الذين من بيننا يؤمنون بالحياة لن يجدوا أي طريق آخر إلا أن يعملوا معا ويكملوا بعضهم البعض من أجل مصلحة الجميع." وأضاف "في الرأسمالية، لا يوجد الإنسان بل المستهلك. لا توجد أمنا الأرض بل المواد والأدوات."
ضيف الشرف الذي حضر القمة كدولة مراقبة وراصدة للحدث، الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا، طالب بدعم من دول الألبا. فهو ينتظر من المحكمة الدولية أن تنقذ الإكوادور من الديون التي تسببت بها الحكومات السابقة. فتلك الحكومات كانت قد حكمت انطلاقا من قيم المؤسسات المالية العالمية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة. أوضح الرئيس كوريا "نحن نطالب الألبا بمساندتنا، يجب أن تتوضح الحقيقة. إن هذه الديون ليست شرعية وليس هناك أي مبرر لنا لدفعها."
هو "ألبا" فعلا....فجر مختلف يشكل نموذجاً نادرا لتكتل يتألف من دول مستهدفة وفقيرة بدأت بكسر الخط الأحمر الذي صنعته الدول المتسلطة من أجل الإبقاء على هيمنتها غير العادلة. فجر الألبا – البديل البوليفاري لشعوب أمريكا هو فرصة من أجل إعطاء الشعوب، صاحبة الحق ولأول مرة حقها في التعامل مباشرة مع مصيرها وتشكيله بالطريقة التي تضمن حقوقها ورفاهها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح


.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟




.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش


.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا




.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء