الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتصار ليس الان

علاء نايف الجبارين

2009 / 1 / 25
القضية الفلسطينية


تنفس العالم الصعداء اثر وقف المجازر والجرائم الاسرائيلة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واخذ المواطنين يبحثون بين الركام عن ذكريات شوهتها قذائف الاحتلال، فهناك من فقد عزيز وآخرين دمرت بيوتهم.

على الجانب الأخر بدأت المناكفات السياسية وتوزيع التهم وصكوك الغفران على المهتمين، وكان أخرها خطاب الانتصار لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المقيم في دمشق، وتناول مجموعة من القضايا وعلى رأسها موضوع الانتصار الذي حققته حماس في الحرب الأخيرة الذي أرجعه لفشل قوات الاحتلال في القضاء على حماس وعدم تحقيقها أهداف هجمتها البشعة على غزة .

هنا لا نريد الانتقاص من احد ولا إحباط الجماهير المحبطة أصلا من شدة القتل والدمار الذي لاقته غزة، بموازاة حالة التشرذم العربي والهروب من المسؤولية، ومحاولة البعض التسلق على حساب دماء الشهداء ودموع الثكلى، ولكن الأمر يحتاج إلى الإمعان والتدقيق في التصريحات، فالنصر ليس كلمة تقال جزافا للهروب من الواقع المرير وان كنا نحتاج ما يخرجنا من حالة الذهول التي نعيشها.

فالحديث عن النصر أو الاقتراب منه ليس ألان وإنما على المدى البعيد، أي استراتيجيا، فإذا فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها ألان فما الذي حققناه نحن الشعب الفلسطيني ؟

نعم على مر التاريخ لم نسمع شعبا رضخ للاحتلال ودائما ما يكون النصر لصالح الشعوب ولكن السيد خالد مشعل اعتبر أن بقاء حماس في السلطة هو الانتصار، وإسرائيل أعلنت على لسان وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بأنها لا تريد القضاء على حماس، بالطبع ليس حبا بها وإنما وحسب التقارير الاسرائيلة خوفا من المستقبل والجهة التي يمكن أن يفرزها غياب حماس لتتسلم القيادة هناك والمقصود هنا تنظيم القاعدة، خاصة في ظل رفض السلطة الوطنية العودة إلى غزة من خلال الركام الذي خلفه العدوان، ولا ننسى هنا أن غياب حماس يعني وجود سلطة فلسطينية واحدة وبالتالي إنهاء الانقسام وهذا ما لا تريده إسرائيل، ولكن بقاء حماس في السلطة ضعيفة ومكبلة من خلال التعهدات الدولية بوقف التهريب هو أفضل الخيارات لتحقيق أهدافها ببقاء الانقسام الفلسطيني وحفظ امن إسرائيل من خلال الوقف الدائم لإطلاق النار الذي سيعمل باراك اوباما على تحقيقه كما صرح بذلك.

هنا لا انفي انتصار الدم الفلسطيني على الهمجية الإسرائيلية، فالعالم كله وقف مع قضيتنا وأعاد إليها بريقها وألزم النظام الدولي إعادة النظر في سياساته، ولكن اختصار مشعل الانتصار في حماس خطأ.

أما ما يتعلق بوقف إطلاق النار من جانب إسرائيل والذي اعتبره مشعل دليلا أخر على فشلها، يبدو انه لم يشاهد ليفني توقع الاتفاقية الأمنية مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس الذي تتعهد من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية بوقف تهريب الأسلحة إلى حماس، ولم يسمع باستعداد العديد من الدول الأوروبية المساهمة في هذا الأمر ، فإسرائيل للأسف لم تكتفي بالقتل والتدمير بل تريد وقف التهريب وبضمانات دولية ولنا في حزب الله وقوات اليونيفل خير دليل، والأمر المهم أيضا في هذا الجانب أن إسرائيل بإعلانها وقف إطلاق النار من جانبها أرادت حرمان حماس من أي اعتراف حتى في وقف إطلاق النار، وتعاملت بهذا الخصوص مع الدول وخاصة مصر
أردت مما سبق أن يستفيق البعض من نشوة انتصار البقاء وان ينتظروا القادم ويراقبوه ومن ثم نحكم هل انتصرنا أم لا؟

إسرائيل خسرت سمعتها عالميا وفضح المستور لديها وادعائها الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ولكن للأسف هذا العالم نفسه سيضمن وقف تدفق الأسلحة للمقاومة .

أكثر من نخشاه في هذه المرحلة، أن الانتصار سيؤدي إلى تعميق الانقسام في الصف الفلسطيني، فمشعل في خطابه أراد اتفاق تكون مرجعيته وأساسه المقاومة، ومن يمثل المقاومة باعتقاده ؟ إنها حماس، وبالتالي يريد فرض شروطه على أي اتفاق قادم.

ما أثار استيائي في خطاب مشعل ذلك الجزء المتعلق بالتبرعات التي جمعت لصالح أهالي غزة، فرئيس المكتب السياسي لحماس طالب باعتماد حكومة أخيه إسماعيل هنية للتصرف بها لأن الآخرين فاسدون ، أو قيام الدول نفسها بالإشراف على هذه المساعدات طبعا في ظل حكومة حماس، والصحف الفلسطينية تحدثت عن تقارير تؤكد أن أكثر من 89% من أهالي غزة لم يتسلموا أي مساعدات، ناهيك عن اختطاف العديد من الشاحنات المحملة بالمساعدات من الدول العربية وكانت البداية مع المملكة الأردنية.

هذا التصريح سابق لأوانه ونتائجه السلبية أكثر من الايجابية، وكان الأجدى به الحديث عن التوافق الوطني الذي سيساعد في إعادة اعمار غزة، والحصول على ثقة العالم بأن الأموال التي تدفع ستذهب في الاتجاه الصحيح، وان كان لنا تجارب قاسية مع الفساد في السلطة والذي أعلن عنه الرئيس محمود عباس عندما صرح بأن هناك 700 مليون دولار قد سرقت، أيضا لنا تجارب مع حركة حماس في التعامل مع أموال المساعدات واحتكارها لعناصرها تحت مبدأ والعاملين عليها .

تصريح مشعل بهذا الخصوص يؤكد لي بعد النظر لدى جدتي، تلك المرأة المسنة، فأثناء جمعي للتبرعات لأهلنا في غزة قالت لي " أمانة عليك يبني ما تعطي هالمصاري للزهار" .

الانتصار الحقيقي يكون بالوحدة الوطنية ، التي لو كانت لما استطاع المحتل ضرب غزة، ونتمنى على قياداتنا أن تصنع من دماء الشهداء جسورا للتواصل، ونسد الطريق على الصغار الذين يتسلقوا معاناتنا ليصبحوا بين الكبار، ونبني وطن حر لشعب من الأحرار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة