الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستكون طبخة العرب بعد حرب غزة من حصى أم من عدس ؟

كامل عباس

2009 / 1 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


تُذّكِر الحرب ألأخيرة على غزة بويلات الحروب في التاريخ وتطرح على قادة دول العالم الحاليين سؤالا مفاده : متى سيصبح العقل نعمة على الجنس البشري بدلا من أن يكون نقمة عليه ؟ (( في عام 1987 أنفق العالم حوالي 995 مليار دولار على العسكرة أي ما يعادل 2,7 مليار دولار في اليوم الواحد :
- إن إقامة خطة عمل للغابات الاستوائية يكلف سنويا ما يعادل كلفة نصف يوم من الإنفاق العسكري في العالم .
- ان تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة لمكافحة التصحر يكلف سنويا اقل مما يكلفه الإنفاق العسكري العالمي لمدة يومين.
- ان عقد الماء والصحة المعلن يعادل إنفاق عشرة أيام من برنامج التسلح العالمي. )) (1) .
لو لم يكن للحروب من ويلات سوى على صعيد البيئة لكفى
((أما في فيتنام فقد شُنت على نطاق واسع حرب كيميائية على الغطاء النباتي , وأسقطت مبيدات الأعشاب على قرابة 10% من مجموع مساحة فيتنام الجنوبية و كذلك استخدمت الوسائل الميكانيكية لإزالة كثير من الغابات فضلا عن قذفها بالقنابل : بمقدور قاذفة قنابل واحدة من طراز B-52 ازلة الغطاء النباتي من فوق قرابة 300 هيكتار من الغابات المدارية . ولا تتجدد هذه الغابات دائما عند إزالتها وإنما قد تشكل الأعشاب الخشنة بصفة دائمة تعاقبا محرفا . ويبدو ان ان المستفيد من الحرب كان بعوض الملاريا الذي نما وترعرع في البرك الراكدة الكثيرة والنمور التي تغذت على جثث القتلى . )) (2)
من المؤسف ان يشير تاريخ النوع البشري حتى الآن الى استعمال العقل - الذي خصه به الله تعالى عن بقية الأنواع - بشكل يجعل منه عبئا على الحضارة الانسانية بدلا من ان يكون العكس , ولكن ان تأتي متأخرا خيرا من ان لا تأتي , تاريخنا كان وما زال يتحكم فيه القوة بدلا من العقل , ولكننا محكومون بالأمل كما قال الراحل السوري سعد الله ونوس , شعاع الأمل يسطع من نافذة الادارة الأمريكية الجديدة التي تبنت التغيير وعاهدت العالم على استعمال العقل في إدارتها له بدلا من استعمال القوة .
...................................................................................
لكن العالم لن يستطيع مساعدتنا كعرب اذا لم نساعد أنفسنا وهنا الطامة الكبرى.
من أهم دروس الحرب على غزة انها أظهرت العرب لشعوبها وللعالم وكأنهم في ذيل الأمم والحضارة بعد ان كانوا خير أمة أخرجت للناس .
عصرنا عصر التكتلات والاتحادات المناطقية والقومية , ونحن نمتلك كل المقومات من تاريخ وموقع جغرافي وعصب للطاقة , فاذا بنا غارقون في جهالتنا, منقسمون على أنفسنا واذا بعدو اقل إمكانيات منا بكثير على مستوى الاقتصاد والسكان يستبيح حرماتنا بشكل همجي وقبيح جدا ,واذا بأمبراطوريات مجاورة كانت اقل شانا منا بكثير مثل الفرس والترك تتقدم وتزاود علينا في تصديها لاسترجاع أراضينا المحتلة .
ان المصلحة العربية العليا لنا كشعوب وكأنظمة هي في إنهاء انقسامنا وتشرذمنا وفرض وجودنا على المنطقة والعالم كما جرى بعد حرب تشرين(3) وتوحدنا يشكل الأرضية الموضوعية لإصلاح من أعلى هو في مصلحة الأنظمة قبل الشعوب العربية , والا فالطوفان قادم , والطوفان كما هو معلوم يجرف كل شيء , وتكون نتائجه وخيمة على الجميع .
ما من شك في ان إنهاء الانقسام العربي سيساعد على إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي يستفيد منه بشكل مباشر عدوهم ويلعب عليه بذكاء ,
يلام في هذا المجال الأخوة في حماس أكثر من بقية الفصائل الفلسطينية , وأوجه اللوم عديدة وفي مقدمتها استعمالهم السياسي للدين بهذه الطريقة .
لا يذكرني خطاب خالد مشعل وخطاب اسماعيل هنية الا بالخطاب الديني الذي كان سائدا في قريتي أوائل الخمسينات ومحوره دغدغة مشاعر المؤمنين البسطاء من قبل مشايخ أتقنوا حفظ ألآيات القرآنية والأحاديث النبوية وزادوا عليها بأدعية جميلة فيها الكثير من السجع والجناس اللغويين ’ ولكن يا سادتي نحن في أوائل القرن العشرين والفضائيات هي من اجل عرض كل فصيل او فرد لبرنامجه السياسي وليست جامعا او مكانا للدعاء . .
أول دروس الحرب على غزة ان يعمل الإخوة في حماس مع بقية الفصائل الفلسطينية على قاعدة الديمقراطية هي الحل وليس الإسلام هو الحل , ولقد استعملت حركات دينية كثيرة الاسلام سياسيا بشكل براغماتي محض قبل حماس وارتد استعمالها عليها على ما اعتقد (4) .
ان لم تضغط القوى القومية العربية بكافة اتجاهاتها ومكوناتها - أفرادا ومؤسسات وقوى وأحزابا وتجمعات شعبية وديمقراطية - باتجاه إكمال المصالحة العربية التي بدأت في قمة الكويت من أجل تقديم طبخة من عدس تسد رمق الجماهير العربية وتجعلها سندا لنا في صراعنا مع عدونا الهمجي , فستتمكن الأنظمة العربية الفاسدة من تحويل الطبخة الى طبخة من حصى تلهي بها شعوبها فترة أخرى من الزمن .
كامل عباس – اللاذقية
هوامش :
1- ماذا لو فاض البحر ؟ تأليف فيصل مصطفى الحسن ص 155
2- البيئة والإنسان عبر العصور , تأليف ايان سسيمونر , ترجمة محمد عثمان ’ سلسلة عالم المعرفة ص 71 .
3- أقول هنا بصراحة تامة أنني لست ضد العلاقة القائمة بين الحكومة السورية وبين إيران وحزب الله ومنظمة حماس , لكنني أريد ان تكون لخدمة القضية العربية ومن داخل الصف العربي .
4- موضوع الدين الإسلامي وحضوره الكثيف في بلداننا حاليا يحتاج الى بحث مستقل وما يمكن قوله هنا باختصار : ان الذي قوى ويقوي حضوره الحالي أمران رئيسيان .
أولهما : الفكر الديني الوهابي الذي صرف بسخاء على كل الحركات الجهادية قبل ان ينقلب السحر على الساحر.
وثانيهما استعمال القوة المفرطة كما استعملتها ادارة بوش وحليفتها اسرائيل في العراق وفي غزة ومن قبلها الأنظمة الشمولية, و ذلك وفّر الأرضية لأن تلجأ جماهيرنا الى الدين وترى فيه من جديد ملازا يحميها من هذه القوة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع