الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق

أحمد الناجي

2004 / 3 / 20
ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري


الذكرى السنوية للتاسع من نيسان ستمر بعد أيام معدودة، تلك الذكرى الذي أرخت انهيار الديكتاتورية في العراق، وحملت معها خيوط الأمل ببزوغ فجر الحرية، نرقبه يلوح في الأفق قريباً بعد كل هذا الانتظار الطويل، نأمل أن ينبلج الصبح وتقصر فترة الوجل المخيف، نحلم أن ينحسر ويتبدد كيد من يضمر سوءاً بنا والعراق، نتوق أن يفرد هذا المخاض العسير عن كينونة نبل، لن تحتمل الغفلة والتفريط، أنه العراق الجديد، يغمرنا بالكرامة، والعدالة، والمساواة، تلك القيم التي افتقدناها بالقسر، وتلمسنا انطلاق بريق شعاعها آلفا من ساحة الفردوس في ذلك اليوم المشهود.
من أجل أن نقف عند كل الحقائق التي تضع البلد على عتبة السكة الصواب، ولا نضيع بالعواطف التي تأسر مداركنا، وتفضي بنا الى المتاهات، وتحيد بكل تطلعاتنا الوطنية المشروعة عن جادة الصواب، لابد من استقراء تلك المناسبة وانعطافاتها بمنظور عراقي وطني بحت، دون التعمية على هشاشة أسباب الحرب التي صيرت هذه المناسبة واقعاً على أرض العراق، ولا التغاضي عن كون تلك الخطوة فاقدة للشرعية الدولية التي جاءت شرعنتها فيما بعد بقرار من الأمم المتحدة كواقع مفروض.
أن التاسع من نيسان هو يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق، وجل ما أخشاه أن تتزايد الدعوات وتتناثر الرغبات الفردية لاعتباره عيد وطني عراقي، فأن ذلك فيه نوع من التسرع والتجني الذي يبتعد عن مقومات الوطنية العراقية الحقة، ولكي نكون بعيدين عن هواجس الانفعالية التي يصعب أسر انفلاتها في مثل هذه الظروف، وتزايد كوامن الاسترسال العفوي في التماهي المفرط بهذه المناسبة، فإنني أدعو أعضاء مجلس الحكم الموقرين الى التروي في إصدار مثل هذا القرار والابتعاد عن إدلاء التصريحات التي تربط هذه المناسبة بالعيد الوطني العراقي، وترك موضوع البت في تعينه للجمعية أو المجلس الذي سينتخب لاحقا، وأن مغزى دعوتي هذه ليست بصدد التقليل من شأن مناسبة سقوط النظام الديكتاتوري، ولا حتى افتعال ضجيج يعكر صفو المنتشين بزهوها، أو الوقوف بالضد من إقامة احتفالات واسعة بها.
في ظل تعقيدات الواقع العراقي حرياً بنا أن نتوجس من كل الدعوات الفردية التي تظهر هنا وهناك، ونحاذر بل نتهيب من تلاشي القدرة على التعبير الجمعي عن أولويات حاجاتنا الوطنية الملحة، بحيث يغدو الواحد منا بعيداً عن السرب يغني كل على ليلاه، ويظل الاحتلال يرتع في بلدنا ولا ينفع حينها الخطابات الرنانة أو البكاء على الأطلال.
أن استحضار الإرث الثر للنضال الوطني العراقي خير قاعدة نجتمع عليها لتأسيس رؤى الوعي الجمعي التي اهتزت ثوابته نوعما، وصار التشتت يلعب دوره في تمييع ثوابته ومعاييره بسبب ما فرضته المتغيرات المتسارعة محلياً وإقليميا ودولياً، وعلى مختلف الأصعدة .
لست حالماً حين أطلق مثل هذه الدعوة التي أناشد فيها من يتصدى اليوم لقيادة العراق ويتحمل المسؤولية في هذا الزمن الصعب، ممن ارتضى أن ينوء بالمتاعب الجمة في سبيل بناء المستقبل المشرق الذي نروم، بل أطمح الى أن يتعدى مدى تلك الدعوة الى كل العراقيين الغيارى من كتاب وصحفيين ومثقفين وأدباء وفنانين ومن يعنيهم شأن العراق، بأن يحيلوا هذه الأمنية المشروعة لواحد منهم، الى صرخة جماعية مدوية يستنفرون فيها مدادهم، وكل أدواتهم الشريفة التي يرفدون بها ارث العراق، علماً وثقافةً، في تأييدها والمطالبة بأن يكون العيد الوطني العراقي هو يوم إيفاء أمريكا بتعهدها...
يوم رحيل قواتها من العراق الحر الديمقراطي التعددي الفيدرالي الذي نريد بناءه...
يوم تأطير دولة المؤسسات على أرض الواقع الذي نمني النفس برؤية بزوغها المنشود قريباً...
ذلك هو اليوم الذي نحسبه عيد العراق الوطني الحق...
فذالك الموقف هو الارتقاء بعينه للنهل من معين تاريخ العراق الحضاري والسياسي الذي يتواءم مع ما سطر في سفر الوطنية الحقة من قبل رموزه من الوطنيين وأبناءه البررة ، وإستجلاء متفهم لمتطلبات المرحلة الراهنة وما ينبغي اتخاذه في هذا الظرف لكي نبعد بعضا من نصال المتصيدين في الماء العكر ونحد من تسويق طنينهم، والمزايدات الرخيصة يطلقونها في هذا الزمن المأزوم بالعقد واستجداء المواقف .
لا شك أن في تلك الدعوة استذكار لكل شهداء العراق، بل الوفاء لدمائهم الزكية التي روت أديم أرض الفراتين، ولا ريب أن أجداثهم الشريفة ستشرئب ترفرف عالياً، كما عهدناهم من قبل منارات، في سمو نبل المواقف، يهتفون في الفضاء الأثير لبلاد النهرين ويرجع الصدى إهزوجة مدوية تشنف آذان كل الجموع الخيرة (أنها وقفة تشرف من ينادي بها وتعز العراق) .
إن هذه الدعوة على تواضعها تحمل في طياتها مقومات الشروع بالعمل لا الكلام في تحقيق المصالحة الوطنية من خلال تطابق الغاية مع كل القوى السياسية والشخصيات وأصحاب الأقلام التي نادت بها وهي بذالك تتبنى المصالحة الفعلية مع الذات قبل الآخر بتشريع ما هو وطني محض يجتمع عليه كافة العراقيون دون الالتفات بالنظر يميناً أو يساراً ... تحاشياً أو تحسباً لمدى التقبل والتوافق مع الإدارة المدنية الأمريكية الحالية للعراق.

أحمد الناجي
العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يؤكد إن إسرائيل ستقف بمفردها إذا اضطرت إلى ذلك | الأ


.. جائزة شارلمان لـ-حاخام الحوار الديني-




.. نارين بيوتي وسيدرا بيوتي في مواجهة جلال عمارة.. من سيفوز؟ ??


.. فرق الطوارئ تسابق الزمن لإنقاذ الركاب.. حافلة تسقط في النهر




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. ورقة بايدن الرابحة | #ملف_اليوم