الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يومان بعد المحرقة

أماني أبو رحمة

2009 / 1 / 27
الادب والفن



يغمر مدُّ الأحزان العظيمة القلوب , والحزن , أيضا, مدِّ ينداح في الصدور , ويسري في الدم. تتكدس الأحزان على الروح كصنوج من طين . هي الحياة , ولكنها الحياة التي لم تُحيا.
كل شئ يبتعد, وصمت هائل يطبق ,والمستقبل المجهول يرفرف صامتاً .
********
صورُ تتداعى من سيرةٍ ذاهلة!!!
جنود يرتدون زرد الدم ويطئون البراءة بحوافر كحوافر البغال.
مقصات مشرعة قصت حبل الكون السري؛ فتناثرت الأجنة فوق الركامات.
موت انفلت من عقاله لا يرى في الخلق إلا محض عبث .
دمار هيأ ذاته على نحو يليق به.
شر يشوي الخير المذعور في الزواريب والشقوق.
موتورون يديرون دفة الثأر وقد تساوت أمامهم سطور الحياة بسطور الموت.
*********
شَبَهُ قاسٍ يتجلى رويدا رويدا وسط النظرات المتبادلة تستجلي ماحدث.
دُمَى من فخار ما اكتمل احتراقها أم أخاديد حفرتها ,على عجل, آلهة الموت والأزمنة الرديئة.
قامات محروقة أم شهقات جمدها الذعر أمام بوابة الموت.
حدقات عيون أم منافض سجائر.
طقطقة عظام /جماجم ستنفجر عما قليل/ دبيب وهمس مشيعين لموتى آخرين/ فتية وفتيات التصقوا بيباسهم بعدما دلق الموت من أجسادهم ماء الحياة /أجسام تنقسم على أعضائها/ أعضاء شاردة/أشلاء إذا جُمعت انتقصت قدما أو ذراعا /أحشاء مندلقة/ صبار ملطخ بالدم وعوسج يابس/ أفاعي وحر باءات/ ذباب يتناسل فوق الجثث وحشرات تتناغى/ جرذان وقطط وكلاب على مائدة من لحم البشر/ هاوية لا قاع لها .
********
والمخيم : هياكل بيوت رثة / إطارات متناثرة / شظايا وغبار بطعم لاذع / خزانات مياهٍ متطايرة /جدران وطيئة متهاوية / زجاج هرّ هازئا من هشاشة الفولاذ/شجر متهالك يتكئ بعضه على بعض/ أقدام مبتورة اختلطت بالطماطم والفجل في سوق الخضار / يد ممتدة بين الركام ووجه الله/شرفة معلقة كغيمة/ سقوف من حطام/ مواسير مياه نفرت من الجدران / أسلاك كهرباء مقطوعة / قلوب أم جمرات مطفئة /صابونه عرس/ خصلات من شعر اسود أشعل الليل وغار في ظهيرة ملتهبة/دِفءٌ وقبلات تدحدلت بين حطام وسدود حرام/وجوه ما سقطت في راحات العاشقين/ أنفاس فارهة أرخت نفسها لطيش القصف وأسلمت شهوتها للجفاف /أناشيد أطفال خجلى/ أثار قضمات عجلى على رغيف يابس/ غربان فرشت ظلالها على التخوم وطيور مذعورة لا تسكن أجنحتها و ديكة توقت للذبح.
*******
أمهات, حاسرات الرؤوس, يضربن صدورهن بأيد كمخالب ذئبه, ويغصن في صباحات كالعمى, يركضن خلف ظباء ميتة, ويطلقن نباحاً من الأعماق كأنما اشتعلت حناجر مائة ذئبه في آن, دمدمات عويل مكتومةو نواح وغُنّات حُرّقة .
أباء يبحثون عن أولادهم فوق التراب وتحت التراب ,ومتحلقون كثر ينحنون على الأنقاض و يكتمون أفواههم بالأيدي . شهقات تتغرغر في الحلوق كسعال مسلول.

*******

الأرض الغضبى تُشرع بواباتها لتلملم أبناءها العائدين إلى رحمها .
تسفح على مهل سفوف التراب فوق قبورهم, تدلق عليها دلاء من ماء السماء .
تنصب شواهدهم .
الأرض الغضبى , تضرب وجوهنا بأصوات من لهب , تطفئ قناديل أرواحنا, وتجتثث جذور حروفنا.تغلق باب الكلام برتاج الصمت ,وتترك أصواتنا معلقة في الفراغ.

أماني أبو رحمة
22/1/2009
غزة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????