الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
جدلية التحرير ( المقاومة ) والتغيير الديمقراطي الاجتماعي - 1 /3 -
بدر الدين شنن
2009 / 1 / 27القضية الفلسطينية
مرة أخرى .. وعلى مستوى المجزرة المحرقة .. وضعنا العدوان الإسرائيلي 2008 - 2009 على شعب غزة ، أمام وجوب أن لاننسى ، أن الكيان الصهيوني ، قد قام في فلسطين في قلب الوطن العربي بدعم القوى الاستعمارية ، على الجريمة العنصرية الممنهجة ، لاقتلاع وإبادة الشعب الفلسطيني ، وإعاقة وتدمير أي مشروع قومي عربي نهضوي ، لتمكين القوى الصهيونية والإمبريالية من السيطرة على البلدان العربية ، لكونها المنطقة الجغرافية السياسية البترولية الأكثر غنى وأهمية في العالم ، حيث أنها ، بخاصة ، تحتوي على الممرات المائية الاستراتيجية تجارياً وعسكرياً ، المتمثلة بقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز وتشرف على مضيق جبل طارق ، وحيث أنها ، بعامة ، تتوسط القارات الأساسية في العالم أوربا وآسيا وأفريقيا ، والتي تمتلك مخزوناً هائلاً من موارد الطاقة والثروات الطبيعية ، وتشكل مساحة وا سعة من أسواق الاستهلاك .
بمعنى أن المحرقة الصهيونية المباركة من الدول الاستعمارية ، هي وليدة تلك الجريمة المحرقة الكبرى الأولى ، التي جاءت بالكيان الصهيوني ( إسرائيل ) ، ومرتبطة بمخططات هذا الكيان وحلفائه السابقة واللاحقة .
ومرة أخرى .. تضعنا بعض الطروحات اللامسؤولة على الأقل ، التي تتعاطى مع المحرقة في غزة ، إن في تحميل المقاومة مسؤولية الشهداء والمشوهين والجرحى والدمار ، أو في تخطيء المقاومة كلية كفعل ثوري تحرري ، وتسويق التسوية والمسالمة مع الكيان الصهيوني ، تضعنا أمام ضرورة العودة إلى الجذور وإضاءة ملابسات نشوء ودور هذا الكيان ، وما يمليه ذلك من مسؤوليات لتصويب الموقف من المقاومة ، وتحديد الخيارات والمسارات ، التي تؤدي إلى إفشال المشروع الصهيوني ، وتخليص البلدان العربية من محارقه واحتلالاته ومعاهداته .
لم يعد من ضرورة لتكرار عرض تاريخية وتفاصيل الجريمة الصهيونية الأولى ، وفضح حمولتها العقائدية المزيفة ، فالمجازر التي ارتكبها هذا الكيان بحق شعبنا الفلسطيني على امتداد ثلاثين عاماً ، قبل نشوئه منذ إعلان وعد بلفور 1917 إلى 15 أيار 1948 ، والأفعال المدمرة لوجودنا ونهوضنا ، بعد نشوئه حتى الآن ، على مدار ستين عاماً من الحروب ، التي شنها بدعم مباشر وغير مباشر من الدول الاستعمارية على سوريا ومصر لبنان والأردن ، مستبيحاً فيها بعدوانية متوحشة السيادة الوطنية لهذه البلدان ، ومغتصباً أجزاء من أراضيها ولايزال ، وساحقاً بلؤم حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين والمصريين والأردنيين واللبنانيين وشرد الملايين منهم كلاجئين ، ومازال يهدد بالمزيد ، وكذلك ما قام به خلال تلك الأعوام من دور تحالفي قذر مع الدول الإمبريالية في كافة الحروب والمؤامرات التي وقعت على البلدان العربية لاستدامة نهب وعجز وتخلف هذه البلدان ، وهدر طاقاتها وموازناتها للتقية قدر المستطاع من شروره ، تكفي لكل ذي حس فطري بالكرامة ، وإدراك بسيط للمسؤولية ، وحرص متواضع على البقاء ، تكفي لاستنفار الذاكرة الدائم ، والعمل بما يستدعيه هذا الاستنفار لمواجهة هذا الكيان ، الذي قام على الجريمة ومحكوم بقاؤه الاستعماري الاحتلالي العنصري على الجريمة الأكثر .. فالأكثر بشاعة وتدميراً ، بممارسة السياسات القهرية ( المرهقة ) والحروب العدوانية ( المحرقة ) والقرصنة اللصوصية لقيم ومقدرات المنطقة ، والهيمنة الاستعلائية المستغبية والمستغفلة لشعوبنا ، وذلك بدوافع حمولة عقائدية مافوق النازية تسوغ له الإرهاب والمجازر ، وبحمولة لصوصية قرصنية لامتناهية تغريه بالمزيد من التوسع والهيمنة ، التي تزيد وتنمو ويشتد بطشها بالاستناد إلى ما يناله هذا الكيان من دعم مالي واقتصادي وعسكري وتكنولوجي من الدول الرأسمالية الكبرى ، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية ، التي بلغ مجموع دعمها السنوي المالي والعسكري له ( 5475 ) مليار دولار . فضلاً عن الدعم الأمني اليومي والاستراتيجي بمواجهة البلدان العربية والمحيط الإقليمي ، ما يجعل من هذا الكيان جزءاً عضوياً من المظومة الاستعمارية . وتجعل من العلاقات المتعددة ما بين الكيان الصهيوني والدول الرأ سمالية الكبرى تجعل منها حلفاً موحداً ضد بلادنا .. حلفاً يلعب دوراً مشتركاً لسحق أية فرصة مقاومة لشعوبنا إن على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي .. بل حتى الوجودي كأمة لنا حق تقرير المصير وبناء كياننا السياسي الموحد .
أي أن الكيان الصهيوني ( إ سرائيل ) لم يكن .. وليس هو الآن جزءاً مشروعاً من خريطة الشرق العربي . والصراع معه ، ليس كأي صراع قد ينشأ حول مسألة بين بلدين متجاورين تاريخياً ، وإنما هو كيان قرصني ذو طابع ا ستيطاني مثل كل المشاريع المشابهة ، التي وجدت في أوستراليا ونيوزلاندا وزيمبابوي ( روديسيا سابقاً ) والولايات المتحدة الأميركية وجنوب أفريقيا ، كيان فرضته علينا الدول الاستعمارية بآليات وعد بلفور ومعاهدة سايكس - بيكو ، لتحقيق مصالحها عبر ا ستخدامه ومشاركته في مشاريعها الاستعمارية في بلداننا المستضعفة نتيجة الاحتلال العثماني ، الذي فرض علينا طوال قرون عديدة التخلف والعجز . الأمر الذي يثبت أن الصراع العربي - الصهيوني ، هو صراع وجودي ، لابد وأن ينتهي بنفي أحدهما للآخر عبر أ شكال متعددة من الصراع الطويل المدى .
بيد أن الخواتم لهذا الصراع ، حسب تحولات المنطقة الديموغرافية ، وعوامل التطور على كل المستويات ولو كان بطيئاً أو محدوداً في الجهة العربية ، والتصميم الملحوظ عند الأجيال العربية الجديدة على عدم التحول إلى هنود حمر في بلدانهم وخاصة فلسطين ، وا ستخدام مصادر القوى المحلية الفعالة ، لن تكون بنفي مئات الملايين العرب لصالح بضعة ملايين من الصهاينة . لكنها أي الخواتم للصالح العربي لها ثمن .. وثمن باهظ . وخاصة أن العدو الذي لاتفوته هذه الحقائق يمتلك قدراً فاجراً من الإجرام ، الذي يدفعه إلى ممارسة الكثير من المجازر والمحارق بحق شعوبنا . وهذا ما يطرح السؤال : كيف نقوي أنفسنا بمستويات تلجم وتحجم قوى العدو وتفرض علييه الإقرار بهزيمة مشروعه والقبول بالحل العربي التحرري الديمقراطي الإنساني للمسألة الفلسطينية وتحرير المحيط العربي من المشروع الصهيوني ، وذلك على ضوء موازين الفصول الأخيرة من الصراع وعلى ضوء تجربة جنوب أفريقيا وزيمبابوي ، ومن هي القوى التي يعول عليها القيام بهذه المهمة التاريخية ، وما هي السبل الناجعة التي يمكن أن تستخدم للوصل إلى هذه الخواتم ؟
ما بعد حرب 1948 وتكريس حدود الهدنة مع الكيان الصهيوني ، ا ستشعرت القوى التحررية العربية بالمهانة ، وعم الغضب الشارع العربي ، وجرى التعبير عن ذلك من خلال القيام بسلسلة من الانقلابات العسكرية والتحولات السياسية لإسقاط الهزيمة المذلة ودحض المشروع الصهيوني وخاصة في مصر وسوريا . على أن الواقع السياسي العربي لم يكن يملك القدرة على تحقيق هذا الهدف التحرري الكبير . ففي تلك الحقبة في نهاية الأربعينات وأوائل الخمسينات ، كانت كل دول المغرب العربي تحت الاحتلال الفرنسي ، وليبيا ومصر والسودان والعراق والأردن وكيانات ما سمي لاحقاً بدول الخليج ، عدا المملكة السعودية ، تحت الاحتلال البريطاني , لم تكن بعض الحكومات العاملة تحت الاحتلال بموجب معاهدات لتصريف الأعمال المحلية ، لم تكن تملك من حقوق وإرادة السيادة شيئاً . بينما الكيان الصهيوني يستند إلى قاعدة صهيونية عالمية تتمتع بقدر عال من النفوذ المالي والسياسي في البلدان الرأ سمالية الكبرى ، وتحصل على دعم تشاركي تحالفي فعال مع البلدان المذكورة ضد الجبهة العربية المفككة المفوتة ، التي تكابد الاحتلال الأجنبي وإرث التخلف التاريخي .
المشهد الشرق أوسطي في اوائل الخمسينات من القرن الماضي ، يقدم عرضاً يجسد نهوض المشروع الصهيوني المدعوم عسكرياً ومالياً وسياسياً ( البيان الثلاثي 1951 أميركا وفرنسا وبريطانيا ) لتكريس وإنجاح هذا المشروع ، ويقدم في المقابل عرضاً يجسد الجسد العربي ( الفلسطيني ) الذي يحاول التخلص من الكساح العثماني الذي شل قدراته قروناً عديدة ، ويحاول التخلص من القيود الاستعمارية ( أحلاف .. معاهدات .. قواعد عسكرية ) التي تكبح بالقوة أية بادرة تمرد تحرري لدى هذا الشعب العربي أو ذاك .. يقدم عرضاً يمكن اختزاله بجبهتين متصارعتين .. جبهة الكيان الصهيوني وحلفلئه من الدول الأوربية العظمى والولايات المتحدة الأميركية .. وجبهة بضعة من أشباه دول عربية مفوتة وشعوب عربية مكبلة بالاحتلال والفوات والعجز من المحيط إلى الخليج .
مع أوا سط الخمسينات إيّاها، بدأت خيوط فجر جديد تشق ستائر الظلام .. مبشرة بنهوض تحرري .. بمقاومة المشروع الصهيوني الدولي .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر