الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامبالاة والتطرف وجهان لعملة واحدة

ختام نعامنة

2002 / 6 / 6
القضية الفلسطينية


اعتقال عربيات بتهم امنية

اللامبالاة والتطرف وجهان لعملة واحدة

 

العواطف التي تفتقد التوجيه السياسي العقلاني والمبرمج، لا تشكل اساسا كافيا لاتخاذ قرارات مصيرية، خاصة بما يتعلق بالنضال ضد السياسة الاسرائيلية الهمجية. الثمن الشخصي الغالي الذي قد تدفعه الشابات وعائلاتهن في حال اثبات التهم ضدهن، لن يقربنا من الفرج اذا بقيت اغلبية الناس غير مبالية وسلبية وبعيدة عن السياسة.

 

ختام نعامنة

 

في الاسابيع الاخيرة اجتاحت البلاد اخبار حول اعتقال شبان من الوسط العربي باتهامات امنية،  وكان بينهم لاول مرة عدد بارز من الشابات. ويدور التحقيق معهم حول الانتماء الى تنظيمات فلسطينية، والتخطيط، او الضلوع في التخطيط، لعمليات انتحارية داخل اسرائيل.

ومن الملاحظ انه في حين لا يولي الشارع العربي اهتماما خاصا بقضية الاعتقالات، فان الصحف الاسرائيلية تفرد الصفحات والمقالات المطولة لبحث الظاهرة التي اعتبرت جديدة نوعيا.

الصحيفة الاكثر انتشارا "يديعوت احرونوت" كرست للموضوع مقالين في 20 ايار، الاول للمحلل العسكري اليكس فيشمان تحت العنوان التحريضي: "في هذا العام: اعتقال 110 من مواطني اسرائيل العرب بشبهة ‘الضلوع في نشاطات ارهابية‘". وفي نفس الصفحة المقال الثاني للمستشرق الدكتور ايلي ريخيس من جامعة تل ابيب بعنوان "الحركة القومية تزداد قوة". صحيفة "هآرتس" خصصت للموضوع في 21 ايار مقالا كبيرا بقلم الصحافي اوري نير، المختص بشؤون العرب.

ونقل فيشمان عن مصادر امنية تقديرها بان عدد المعتقلين وصل الى رقم قياسي، يفوق ثلاثة اضعاف التقدير السابق. كما يقتبس اوري نير في مقاله من احد الضباط الكبار في الجهاز الامني قوله: "ان هناك العديد من الحالات التي تشير الى مناخ معين له علاقة بالارهاب، منتشر خاصة بين الشباب، الامر الذي يجب ان يشعل لدينا ضوءا احمر". الى جانب ذلك، فان خبراء امنيين آخرين اقتبست اقوالهم في نفس المقالات، تجنبوا تضخيم الظاهرة.

 

بين اللامبالاة والعواطف

رغم اعتقال عدد متزايد من الفتيات العربيات لاسباب امنية، الا ان الشارع العربي يبدو سلبيا ولا يولي اهتماما كبيرا بالموضوع. الصحف العربية والشخصيات السياسية تبنت نظرية تقول ان المخابرات الاسرائيلية تحيك مؤامرة ضد الشباب العرب وتستغل عملاء من الضفة الغربية لتوريطهم.

والواقع ان الظاهرة بعيدة جدا عن هموم الناس ومشاكلها اليومية، خاصة بعد ان هدأت ثورة الغضب بعد الاعلان الرسمي عن انتهاء عملية "السور الواقي" التي دمّرت البنية التحتية في الضفة الغربية. واذا تم التطرق للموضوع في الشارع العربي فغالبا ما يكون الرأي السائد تجنب الموضوع وتغييره. احد الاسباب في ذلك هو خوف دفين من امكانية ان يؤدي اثبات التهم ضد الفتيات الى زيادة الجو التحريضي ضد المواطنين العرب الذي ازداد على كل حال منذ اندلاع انتفاضة اكتوبر 2000.

ولكن ماذا وراء هذه الظاهرة اذا لم يكن المزاج الشعبي؟ هل نحن امام صحوة وطنية او اسلامية جديدة؟ ردا على هذا السؤال يقول مسؤول كبير في جهاز الامن الاسرائيلي للصحافي اوري نير: "معظم الحالات التي امامنا تشير الى فتيات انجررن وراء رجال من سكان المناطق الفلسطينية، اقمن معهم علاقة عاطفية عبر الهاتف او الانترنت. ليست هناك شبكة سرية او خلية تخريبية تابعة لاحدى المنظمات، كما ليست هناك علاقة بين الفتيات". ويشير نفس المحللين الى ان المتهمين اندفعوا للقيام بالاعمال المنسوبة اليهم، من منطلق التعاطف الكبير مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة.

من الواضح اننا امام ظاهرة تحكمها بالدرجة الاولى العاطفة، وليس امام ظاهرة سياسية او تنظيمية جديدة. وقد لوحظ دور العاطفة والتضامن مع الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال، في تفجير انتفاضة اكتوبر بين الشباب العرب داخل اسرائيل، الذين كانوا على استعداد للاستشهاد وقُتل منهم بالفعل 13 شابا.

المشكلة ان العواطف دون توجيه سياسي عقلاني ومبرمج ليست اساسا كافيا لاتخاذ قرارات مصيرية، خاصة بما يتعلق بالنضال ضد السياسة الاسرائيلية الهمجية. الثمن الشخصي الغالي الذي قد تدفعه الشابات وعائلاتهن في حال اثبات التهم ضدهن، لن يقربنا من الفرج اذا بقيت عامة الشعب لا مبالية وسلبية وبعيدة عن السياسة.

السؤال الثاني هو كيف يمكن تفسير الفجوة بين هذا التعاطف غير المبرمج سياسيا، وبين ابتعاد الاغلبية الساحقة في الشارع العربي عن السياسة عموما؟ والواقع ان الامرين متعلقين ببعضهما البعض، اذ ان انجرار الشباب وراء العواطف نابع تحديدا من الفراغ السياسي الذي تركته القيادات السياسية العربية.

ان عقدا من الزمن ساد فيه تأييد شامل لاتفاقات اوسلو والسلطة الفلسطينية وحزب العمل، قادت الجماهير العربية والفلسطينية الى طريق مسدود بعد ان ابعدتها عن السياسة. واكتفت القيادة العربية بزيارات خاطفة للمقاطعة والحواجز، وتنظيم حملات اغاثة للمناطق المحتلة، للتغطية على النتائج المأساوية لسياستها التي خدمت شريحة ضيقة على حساب الشعب الفلسطيني كله.

الظاهرة الاكثر انتشارا بين الشباب العرب، هي عدم الاكتراث بالسياسة والاستهتار بها واعتبارها امرا غير مجدٍ. هذا ما يفسر انقسام الشارع الذي تسوده ظاهرة اللامبالاة ما يترك مجالا لانفجار العواطف التي تدفع البعض لدعم العمليات الانتحارية التي تعبر هي الاخرى عن فقدان البرنامج السياسي. من المهم ان ندرك ان المهمة الماثلة امامنا هي اعادة السياسة الى الحوار اليومي، من خلال صياغة برنامج سياسي نظيف يربط بين مشاكل الجماهير الفلسطينية في اسرائيل وبين مشاكل الشعب الفلسطيني كله والطبقة العاملة العالمية.

المهمة الاهم هي اقناع الاغلبية الساحقة من الشارع العرب بهذا البرنامج، وشق الطريق للعمل السياسي الجماهيري على اسس سياسية متينة. حين ينغمس جيل كامل من الشباب والشابات بالعمل السياسي المبرمج ستجد العواطف والطاقات تعبيرها الايجابي بعيدا عن السلبية والتطرف.

june 2002 -الصبار 153








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل