الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا علينا العمل على قانونية الاجهاض؟

هيثم المهندس
(Haitham Al Muhands)

2009 / 1 / 28
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


لعل الاجهاض واحد من اكثر القضايا الاجتماعية انتشارا وتعقيدا في المجتمع الى درجة تحول فيها الى ظاهرة اجتماعية جلية للغاية منذ زمن ليس بالقصير ولها اثار اجتماعية كبيرة على حياتنا وحياة الاخرين الامر الذي يضع على عاتق الكثيرين منا مسئولية التصدي لهذه الظاهرة بالتحليل والدراسة واعطاء الرأي والموقف بصددها .
ومما لاشك فيه ان عمل الاجهاض ( واعني به تحديدا عملية اسقاط الجنين الانساني بشكل متعمد ) هو دلالة واضحة على اغتراب الانسان في المجتمع الذي يعيش فيه وهو عمل غير انساني ينطوي على الكثير من المرارة والاْلم سواء بالنسبة للمرأة التي تقوم بهذا العمل او بالنسبة للغالبية العظمى من اعضاء المجتمع . ولكن هل هذا يدعونا الى حضر الاجهاض ومنعه قانونيا . في اعتقادي ان حضر القانون لظاهرة معينة في المجتمع هو للحد من هذه الظاهرة وتقليل حدوثها وبالتالي التقليل من النتائج المترتبة على تكرار هذ الظاهرة . ولكن هل هذا يحدث مع ظاهرة واسعة ومنتشرة ومعقدة مثل الاجهاض . بتصوري لا طبعا ، فحضر الاجهاض لا يمنع على الاطلاق وجود هذه الظاهرة كواقع مادي ملموس في مجتمعنا رغم عنا وعن ارادتنا وعن القوانين التي تحضرها . فنرى ونسمع باستمرارالكثيرات من النساء اللواتي يلجأن الى تناول حبوب الباراسيتول او حمل الاثقال اوالقفز من اماكن مرتفعة او حتى اللجوء الى الاستعانة بالممرضات في البيوت بشكل سري وخالي تماما من ابسط الشروط الصحية للقيام بالاجهاض. وقد تؤدي كل واحدة من هذه الاسباب او الطرق الى الحاق الاذى بالمرأة الحامل وفي بعض الاحيان قد تودي بحياة المرأة المجهَضة .الامر الذي يجعل عمل الاجهاض اكثر لا انسانية . وهو الامر الذي يدفعنا اكثر الى ضرورة جعل الاجهاض قانونيا .
ان التصور الموجود لدى الكثيرين ( ولا ذنب لهم في هذا بالتأكيد ) هو انعكاس لتصور السلطة الحاكمة والتي تنطوي في الاجابة على معضلات وويلات المجتمع بمعاقبة ضحايا تلك المعضلات وليس بمعالجة اسبابها بشكل جذري وبالتأكيد السبب يعود لكون السلطة هي السبب الرئيس بالدرجة الاساس وليس الوحيد في تلك المشاكل وادامتها . مثل ظاهرة الادمان على المخدرات والبغاء والعنف ضد الاطفال العنف ضد المرأة بمختلف انواعهما واشكالهما وغيرها . لقد ذكرت منذ البداية ان الاجهاض هو عمل غير سامي وهو وضع حد لحياة انسان ابتدأت بالخطوات لاولى للبدأ بالحياة ، ولكن في الوقت ذاته لو نظرنا الى المرأة التي تلجأ الى الاجهاض ، هل هي ترغب حقا بالاجهاض ام هي مضطرة للقيام بمثل هذا العمل .
من الناحية الواقعية لجوء المرأة الى الاجهاض هو اضطرار اجتماعي وضرورة تلجأ اليها المرأة المسلوبة الارادة مسبقا في ان تكون حاملا ام لا ، وكذلك التخلص من الجنين بالنسبة لها هو واقع مؤلم ومر لمنع العيش في واقع اكثر مرارة وعدوانية ولا انسانية في وجود الطفل . وجعل الاجهاض قانونيا هو ليس حق من حقوق المرأة كما يصوره البعض بل انه بالضبط كحق اختيار الطريقة التي يود الموت بها المحكوم بالاعدام.( بالتأكيد انا ضد عقوبة الاعدام جملة وتفصيلا ) . فالحقوق هي مسائل ومواد واقعية يتمتع بها الانسان وليس خيار وحيد ينطوي على الكثير من الأِلم والامتعاض كما هو الحال في الاجهاض فليس قانونية الاجهاض كجملة الحقوق المسلوبة من المرأة في هذا المجتمع ، مثل حرية السفر وحرية الملبس وحق اختيار شريك الحياة وحق الانفصال والمساواة التامة مع الرجل في قوانين العمل وقوانين الاحوال الشخصية ومنع العنف المنزلي ومنع التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي والحق في الضمان الصحي والاجتماعي وحق التعليم واكماله و..... عشرات الحقوق الاخرى .
في الوقت الذي اطرح فيه جعل الاجهاض قانونيا في مجتمعنا يجب ان يكون هذا الاختيار بيد المرأة وحدها وليس شخصا اخر وأن تكون هذه القانونية ذا فائدة واقعية للمرأة وذلك بجعله مجانيا وفي العيادات الطبية المتخصصة وبمتناول الجميع ، مع تطوير وتوفير وسائل منع الحمل وجعلها مجانية ايضا اضافة الى التعليم الجنسي السليم في المدارس ونشر الثقافة الجنسية في المجتمع ، كلها في تصوري هي خطوات عملية وواقعية للتقليل من لجوء المرأة الى الاجهاض واثاره الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز


.. الصحفية غدير بدر




.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت