الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترجمة العملية لمقولة نتنياهو: -العمال هم أعداء!!

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2004 / 3 / 21
الحركة العمالية والنقابية


* اقتراح الحكومة: "تعديل قانون نزاعات العمل"*
* الهدف: ضرب حق العمال في الاضراب *
* كالعادة: التصريحات الرسمية شيء، والحقائق شيء آخر..*
*والصراع الحقيقي: بين يميني متطرف وبين فكر عمالي*
منذ صعود قوى اليمين السياسي والاجتماعي الى سدّة الحكم في آواخر السبعينيات وما سمي "بالانقلاب" يومها، وهي تواصل تنفيذ برامجها ليس فقط التوسعية الاحتلالية، بل ايضا تقويض كل ما يتعلق بعلاقات العمل والحقوق العمالية، وخصخصة القطاع العام وتقديم المناخ الملائم لأرباب الرأسمالية.
فهؤلاء الأخيرون تزداد قوتهم ونفوذهم وبذلك يتنامى غناهم وبالمقابل تضرب الحقوق العمالية، وتقلص اتفاقيات العمل وحريات العمل النقابي ويجري هجوم على الحقوق الاجتماعية، وبذلك تتسع الفوارق حيث يزداد غنى الاغنياء وبالمقابل تتسع دائرة الفقر والفقراء حتى لدى من يعملون ويحاولون الكسب بعرق جبينهم.

خلال نزاعات العمل التي نشبت في الفترة الاخيرة سمعنا التهديدات المتواصلة من قبل وزراء هذه الحكومة، بل اطلقت تهديدات تناسب حكومات تعمل وفقاً للمعايير الدكتاتورية فقط! وكانت هذه التهديدات تُعبر عن فكر من يطلقها ولم تكن محض صدفة بتاتاً، لأنهم من اصحاب الفكر اليميني النيوليبرالي القائم على اساس حماية مصالح القوى الرأسمالية وسوق "كل مين ايده إلُـه" أي الاسواق الحرة التي تعني فقط حرية الاستغلال لا غير. ومن هنا جاء تصريح وزير المالية المُشين ضد العمال عندما قال "العمال هم اعداء" والعدو وفقا للمبادئ التي تـَربّى عليها الوزير نتنياهو مصيره معروف!!
اما وزير القضاء لبيد الذي تلفع برداء "العلمانية" ذات مرة واقتنص اصواتا كثيرة من يساريين، فقد كان أطلق العديد من التصريحات والتهديدات ضد كل ما هو عمالي. ومنها قوله بأن العمال هم "طابور خامس" يجب التعامل معهم على هذا الاساس، وفي تصريح آخر قال بما معناه ان العمال ونقاباتهم "ارهابيون"، والهستدروت مؤسسة يجب القضاء عليها. وشارك في هذه الحملة ايضا الوزير ايهود اولمرت (وزير التجارة والصناعة والعمل والاتصالات) وهو مثل نتنياهو ولبيد، الابناء المدللين للقوى الرأسمالية التي تحرك خيوط السياسة الاقتصادية حماية لمصالحها المسيطرة على معظم الموارد وتحظى "بالهدايا" الحكومية ضمن سياسة الخصخصة، ولها السيطرة في وسائل الاتصال والاعلام وبذلك تقوم باعداد الرأي العام لتنفيذ مآربها هذه، والهدف الاول هو توجيه الضربة القاضية.. لمن؟! لأبناء الطبقة العاملة والتنظيمات العمالية أي النقابات. وبذلك تُفتح ابواب الاستغلال والعبودية على مصراعيها للقوى الرأسمالية والعالمية. وبذلك فإن الاقتراح الحكومي للحد من حرية الاضراب ينساق مع هذا الهدف وهو ضرب التنظيم العمالي والوحدة العمالية.

يتحدثون عن الحرية ويقصدون عكسها تماما
من يسمع التصريحات الحماسية الصادرة عن "الجوقة" الحكومية بخصوص التعديلات التي تنوي الحكومة اقرارها ضمن "قانون نزاعات العمل" والمتعلقة بالحق في اعلان الاضراب يعتقد للوهلة الاولى انهم سينعمون علينا بالمزيد من الدمقراطية، لأن عملية الاضراب يجب ان تمر اولا عبر "معركة انتخابية"، واجراءات تصويت يشارك فيها العمال فعليا، وفقط اكثرية بنسبة 20% فقط (أي الاقلية) تضمن الاعلان عن الاضراب!

ترى هل نبكي ام نضحك على هذا الاحتيال الحكومي المفضوح. من يقرأ الاقتراح الوزاري الذي أقرته اللجنة الوزارية يوم الاحد الاخير، يكشف الحقيقة المُرة كالعلقم. لأن اقتراح التعديل القانوني هذا هدفه منع امكانية اعلان الاضراب نهائيا، بل سلب العاملين حقا اساسيا تضمنته المواثيق الدولية وحقوق الانسان.

البروفيسور روت بن يسرائيل الخبيرة في علاقات العمل والمحاضرة في جامعة تل ابيب تقول عن هذا التمويه الحكومي: "اذا نشب نزاع عمل بخصوص شروط عمل قسم يضم خمسين موظف في دائرة الادعاء مثلا، فلن يكون بإمكانهم اعلان الاضراب الا اذا صوت معهم عشرة آلاف موظفا يشكلون نسبة 20% من مجمل مستخدمي الدولة".. وتقول ايضا ان اقتراح القانون يشمل اجراءات نقابية تمنع دفع كامل الاجور ليس فقط للخمسين موظفا في القسم المذكور بل للخمسين الف موظف في القطاع الحكومي وتقول: ".. جميع مستخدمي الدولة لن يحصلوا على اجر مقابل ساعات العمل الاضافية الشاملة حتى لو لم يشاركوا في الاضراب. وهذا يهدف الى الضغط عليهم ومنعهم من التصويت مع الاضراب.. مما يعني منع اية امكانية للاضراب وهذا الامر هو مس بحريات العمل النقابي. لذلك فالقانون المقترح ينافي المعايير والمواثيق الدولية لمنظمة العمل الدولية التي تمنح حق الاضراب" (هآرتس 27/2/2004).

اذن يتحدثون عن حق التصويت، والدمقراطية، وان الاقلية (20% فقط) هي التي ستحدد الاعلان عن الاضراب، والحقيقة التي لا يعلمها الجمهور ولا يكترثون لها هي منع اية امكانية لاعلان الاضراب.. يتحدثون عن هدف دمقراطي ويقصدون فرض الدكتاتورية الشاملة في علاقات العمل.

الوضع اليوم هو ان فترة نزاع العمل تستمر مدة 15 يوما تجري خلالها مفاوضات لتجاوز النزاع القائم. نزاع العمل هذا يعلن بعد فشل المفاوضات التي تقوم بها اللجنة العمالية في مكان العمل او النقابة القطرية او الهستدروت كاتحاد نقابات عام. ومع انتهاء مدة الاسبوعين بالامكان المباشرة في الاضراب، وفي كثير من الحالات، بل في معظمها لا يعلن الاضراب فورا، بل تجري عملية استنفاد كافة الوسائل للحوار والتفاوض.

الاقتراح الحكومي المطروح ينص على تمديد فترة نزاع العمل لمدة 30 يوما للعمال، ولارباب العمل تقليصها الى خمسة ايام، أي ان صاحب العمل بامكانه الاعلان عن "اضراب" (اي اغلاق مكان العمل) بعد خمسة ايام من نزاع العمل، وللعمال سيتطلب الامر شهرا! الا ان وزير العمل لديه صلاحيات تمنحه الحق بتمديد الفترة لمدة 60 يوما ثم 90 يوما وفي حالات خاصة الى موعد غير محدد.. بكلمات اخرى الهدف هو الغاء حق الاضراب وسلب العمال سلاحا كفاحيا يستعملونه عندما تفشل لغة الحوار مع صاحب العمل حتى لو كان الحكومة في هذه الحالة.

الجانب الآخر في الاقتراح يتعلق بالحق الحكومي بالاعلان عن مرافعة كمرافعة "حساسة"، وبذلك فحتى لو صوت العمال في هذه المرافعة مع اعلان الاضراب فهم يُمنعون العمال من اعلان الاضراب، لأن الوزير او الحكومة اعلنا انها "مرافعة حساسة"!! ومن يراجع القائمة المرفقة باقتراح القانون يتوصل الى النتيجة الطبيعية بأن اقتراح القانون يعني منع حق الاضراب تماما. وهذا بالاضافة الى ادخال بنود تحمل في طياتها التهديد الواضح لكل عامل يعبر عن رغبته بالمشاركة في عملية التصويت على اعلان الاضراب. مثل الموافقة على الخصم من راتبه، التصريح للمدير خطيا بانه يريد المشاركة في التصويت، تقديم صيغة استمارة التصويت للادارة للموافقة عليها وغيرها من البنود الهادفة الى قمع اية محاولة لاعلان الاضراب او حتى الى مجرد التفكير فيه.

فاشية في علاقات العمل
صحيح ان استعمال سلاح الاضراب من قبل جمهور العاملين يحمل في طياته أحيانا تنغيصًا لبعض المواطنين، لكن هذا السلاح يستعمل من قبل العاملين فقط دفاعا عن حقوقهم وضمانا للقمة عيشهم. ولم يكن هدفا بحد ذاته. حق الاضراب جاء نتاج مسيرة كفاح عمالي استمرت على مدار قرون، وتم ارساء هذا الحق ضمن المواثيق الدولية للامم المتحدة ولمنظمة العمل الدولية التي تأسست العام 1919، وضمن مواثيق هذه المنظمة التي تتفرع عن هيئة الامم المتحدة وضمن قانونها وقرارات مؤتمراتها، والتي وقعت عليها دول كثيرة ومنها اسرائيل تم ضمان حرية التنظيم النقابي (اتفاقية 87 واتفاقية 98 واتفاقية 135 واتفاقية 151 وغيرها). وهذه المواثيق تضمن ايضا ضرورة احترام حقوق الانسان وحرياته.

اننا نجد ضمن هذه المواثيق ان حق الاضراب هو واحد من الاسس الثلاثة التي تشكل حرية التنظيم للعمال، وهي حرية التنظيم النقابي وحرية ادارة مفاوضات جماعية لضمان شروط العمل بالاضافة الى حرية الاعلان عن الاضراب. والاسس الثلاثة هذه في محورها يقف هدف الدفاع عن الانسان العامل وضمان حقه الانساني بالعيش الكريم وعدم استعباده واستغلاله. مواثيق العمل الدولية وقانون العمل المتفرع عنها في الدول الدمقراطية لا تهدف في مضمونها الى ضمان دفع اجر لا يقل عن اجر الحد الادنى فقط، وضمان ساعات عمل وراحة لا تنم عن استغلال الانسان العامل، بل انها تضمن ايضا الوسائل التي يستطيع استعمالها من اجل التأثير الفعال وضمان تحسين شروط عمله والاعتراف بحقوقه ليس كفرد فقط بل كمجموع. هذا الاعتراف سببه عدم وجود تكافؤ في علاقات العمل، وخلال المفاوضات على شروط العمل والاجور ما بين الانسان العامل ونقابته وبين صاحب العمل ومؤسسته (اتحاد ارباب العمل، حكومة وغيرها). لأن سيطرة صاحب العمل على رأس المال ووسائل الانتاج تمنحه افضلية من حيث القوة في هذه العلاقات.

لهذا فأن الاضراب هو حق اساس للطبقة العاملة تستعملها عندما تتهدد حقوقها او لا تدفع اجورها، او عندما تتعرض الى سياسة الاستغلال وتوجه اليها الضربات المختلفة من قبل ارباب العمل حتى لو كانوا الحكومة وشركاتها.

اعلان الاضراب في ايامنا هذه ووفقا للقانون القائم ليس بالأمر الهيّن ولا الاوتوماتيكي، ويستعمله العمال ونقاباتهم المنتخبة فقط عندما يشعرون بالخطر. ولذلك فإن الاقتراح الحكومي بتعديل القانون القائم هو محاولة تهدف الى سلب حق اساس حصل عليه العمال بعد نضالات مريرة ضمن المواثيق الدولية وقوانين واتفاقيات العمل. والخطوة التي اقرتها اللجنة الوزارية هي محاولة لفرض اساليب فاشية ودكتاتورية على علاقات العمل القائمة وتعبر عن حقيقة الصراع القائم اليوم في المجتمع الاسرائيلي، والذي يتمثل بين ايديولوجيا يمينية متطرفة تتبناها حكومة يمينية تمثل قوى الرأسمالية وبين فكر عمالي قائم على اساس فكر عمالي يتبنى معايير النضال والوحدة العمالية. نحن نعي حقيقة التسوية التي تقوم بها هذه الحكومة من اجل طمس حقيقة نواياها واهدافها من خلال تجيير كافة الوسائل المتوفرة لديها لذلك.

هناك ضرورة في مواصلة تعميق الوحدة العمالية وزيادة الالتحام المشتركة لابناء الطبقة العاملة من اليهود والعرب من اجل صد هذا الهجوم الخطير والذي يحمل في طياته بوادر فكر يميني ستكون له ابعاد خطيرة ليس فقط على حرية حق استعمال الاضراب كسلاح عمالي كفاحي، بل على مستقبل الدمقراطية والحريات العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا?ول مرة - فيديو لفرقة العمال المصرية أثناء الحرب العالمية


.. بصوت منى الشاذلي.. قصة العمال المصريين الذين شاركوا في الحرب




.. وجه سياسي جديد لبريطانيا.. العمال يسحقون المحافظين في نتيجة


.. زعيم العمال -ستارمر- يصل إلى قصر باكنغهام ليُكلف من الملك تش




.. نايجل فاراج: الحكومة العمالية المقبلة ستكون في ورطة قريبا