الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزو الديكتاتورية وإقامة البديل الديموقراطي

عدنان فارس

2004 / 3 / 21
ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري


غريب أمر أولئك الذين لا زالت تهيمن على مخيلتهم فكرة المؤامرة وتحكم منطلقاتهم في التقييم واتخاذ الموقف ضدّ أعداء وهميين وتمجيد أصدقاء لا وجود لهم إلاّ في أشعارهم وشعاراتهم، ورغم أنّهم ذوو اتجاهات ومعتقدات مختلفة إلاّ أنّهم وفي بداية الاصطفاف الديموقراطي العالمي ضد نظام صدام وبعثه اشترطوا أن يكون إسقاط صدام "وطنياً" وعلى أن لا يؤثر ذلك على البنية التحتية "البعثية" للبلد!

لقد كان اشتراطهم هذا هو محاولة مُضحكة لتبرير عجز البعض منهم عن نَجدة شعبهم وعدم ثقة البعض الآخر وقلقه على المصالح الفئوية و "الولائية" فيما اذا تمّ إسقاط النظام البعثي بمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. هؤلاء السادة لم يكونوا على عجلةٍ من امرهم تماماً على عكس إرادة الشعب العراقي وتوجهات العالم الحر الديموقراطي في ضرورة الاستغناء العاجل عن ديكتاتوريات العالم الثالث وترحيلها الى نفس المصير الذي آلت اليه الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية.

فصائل اليسار العالمي وحلفاءهم الجُدَد يتسابقون في الهرولة أمام الإرهاب، الى أين ولصالح من؟

بعد أن أدّت أنظمة اليسار الشمولية والتي امتدت على مساحات شاسعة من الكرة الأرضية وعلى مدى عشرات السنين واجبها غير المقدّس في استهلاك طاقات الشعوب في "النضال" ضدّ الراسمالية والامبريالية والتصدّي لمحاولات الاستعمار في "تصدير الديموقراطية" واضعين بذلك أصلب وأقسى العصي في عجلة التطور الاقتصادي والحضاري لعدد كبير من شعوب وأمم البشرية، وهنا يُسجّل التاريخ السياسي كيف أنّ اليسار العالمي تلبّس بلبوس الخصوصية المحلية لتغذية الميول الانعزالية "الوطنية" والقومية الشوفينية ودعم الانقلابات العسكرية في تفكيك الدول وإشاعة الفوضى "الثورية" وعسكرة المجتمعات التي كُتِبَ لها العيش في حالة الثورة الدائمة. ولم يكن بذي أهمية لدى سدنة اليسار العالمي أن يكون هذا البلد شيوعياً وذاك قومياً والآخر إسلامياً، المهم هو السير في طريق "التطور اللارأسمالي" الذي ابتدعته حفنة من أعتى أعداء موضوعية التطور المجتمعي للبشر، إنّه الطريق الذي يحفظ ويصون التوازن الدولي لصالح الاصولية السياسية وجمهورياتها الوراثية التي ملأت الارضَ جوعاً وتسليحاً وقتلاً. لقد مَكَروا ومَكَرت قوانين التطور الموضوعية وكانت خير الماكرين، ورغم ماعانته البشرية وتكبّدته من خسائر جسيمة في عمرها وفي ابناءها، سقط فراعنة اليسار والشمولية السياسية مُخلفين وراءهم إرثاً قبيحاً أوجَبَ اصطفافاً عالمياً جديداُ يستهدفُ كنس الأرضِ وتنظيفها من الذين وُلِدوا وترعرعوا في كنف مُشعلي الحرب الباردة المقبورة.. وفي المقابل نرى نشوءَ تمحورٍ وتكتلٍ قوامه أيتام وأرامل اليسار العالمي والقومجيين العروبيين ورُؤوس الاصولية الإسلامية المُعمّمَة منها والفارعة محاولين باستماتة اليائس الصمود والتصدّي لرياح الحرية والتغيير الجارفة. وضمن دائرة توزيع الأدوار فإنّ "فلول" اليسار العالمي، بعد أن فشلت تظاهراتهم "المليونية، القارّية" في الحفاظ على رأس صدام، تقوم الآن بدور الهروب أمام الإرهاب في إشارةٍ من هذه "الفلول اليسارية" الى أنّ الإرهاب ينتصر.

القومجيون العرب يقومون بدور التغطية الإعلامية في تزكية الإرهاب الإسلامي والتبشير للحل الديني و"القبلية العروبية" كدواء أمثل لوجع الرأس الذي يُسبّبه المدّ الديموقراطي العالمي، ويا لها من تغطية إعلامية تعتمد الكذب والاسفاف والدجل واستغلال الجهل المعرفي وسطحية الحس السياسي لدى "الأغلبية" الناطقة بالعربية!.. جزيرة القومجيين والاسلاميين وفي معرض تعليقها على الذكرى السنوية الاولى لانطلاقة حملة حرية العراق تقول "فضائية الجزيرة": الشيء الوحيد الذي أثلج قلوب العراقيين في "الحرب على العراق" هو خبر إسقاط مروحية أميركية ب "برنو منكاش"!.. إن صحّ هذا الخبر وأنّه قد أثلج القلوب، فهل كان ذلك فعلاً هو الخبر الوحيد والمفيد في هذه الحرب؟

الإسلاميون بكل صنوفهم واينما وُجِدوا يمَوّلون عمليات تنظيمات الإرهاب الإجرامية "الاستشهادية" ومؤسساته المسلّحة منها والاعلامية، مَنْ غير الاسلاميين يُؤجّر ويستقدم الإرهابيين للتفجير والقتل في العراق؟ ، هؤلاء الاسلاميون الذين على أيديهم يتعرض دين الاسلام والمسلمين لأبشع صور التنكيل والاساءة والتشويه، وبجهودهم "الإسلامية" يسيل الدم، الذي حرّم الله، في العراق وغيره.. القاعدة وحماس والجهاد وحزب الله وأبو سياف ومصعب الزرقاوي والإسلاميون في الجزائر وفي السودان وقتلة السوّاح في مصر وأنصار صدام في الاردن واليمن، كلُّ هؤلاء هم الآن القدوة والنبراس لمُفلسي اليسار العالمي و يعوّلون عليهم في العودة الى المربع الاول من أجل إعادة الكرّة في التخريب.

التاريخ لا يعيد نفسه.. البعث لا يعود الى العراق والبعث في طريقه الى الزوال في سوريا، والاسلاميون المتعقلون منهم والمخبولون ليس بمقدورهم كتابة المستقبل!

بغداد نهضت وانتصبت قامتها من جديد، والمجد لحملة حرية العراق المُظفّرة في ذكراها السنوية الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مستمر بعد التصعيد العسكري في رفح: أين نذهب الآن؟


.. مخاوف من تصعيد كبير في رفح وسط تعثر مفاوضات الهدنة | #غرفة_ا




.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان | #غرفة_الأخب


.. إسرائيل تقول إن أنقرة رفعت العديد من القيود التجارية وتركيا




.. الصين وهنغاريا تقرران الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى