الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصداقية رهاننا رغم أموال -النهابين-

جاسم الحلفي

2009 / 1 / 30
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


حينما يتابع المرء الحملات الانتخابية يتضح له بشكل لا يقبل الشك، ان المال السياسي استغل في الحملات استغلالا كبيرا، وربما بنفس القدر الذي استغلت فيه الطائفية في الانتخابات السابقة او أكثر. وهذا ما يقلق كل من يتطلع الى إحداث التغييرات المطلوبة في البنية السياسية وتبديل خارطتها باتجاه احترام إرادة المواطن العراقي في الاختيار الحر. وهناك خشية واضحة من تأثير المال السياسي وشراء الذمم وإطلاق الوعود الرنانة وغير الواقعية التي هدفها التأثير على وعي الناخب.

ان من يستخدم المال السياسي ليس له وازع للضمير يردعه من اللجوء إلى كل الأساليب غير المشروعة، المتمثلة في غش الناس وخداعهم، وهنا مرد القلق والخشية من" النهابين" وأساليبهم الذين يوهمون بسطاء الناس بالوعود الزائفة، متوهمين بان ذاكرة الناس قصيرة سرعان ما تنسى، وعودهم السابقة، التي لم يفوا بها أصلا حينما سنحت لهم الفرصة، وكان لهم ذلك ممكنا.

ليست الوعود البراقة غير القابلة للتصديق، وشراء الأصوات، وعرض الوظائف، ورمي القسم، هي وحدها مثار استهزاء قطاعات واسعة من المواطنين وسخريتهم، بل ان الصرف الهائل على الحملات الانتخابية سواء بطبع مئات الآلاف من البوسترات، وتوزيع ملايين المنشورات، ونصب مئات الفلكسات والجداريات في اغلب الساحات والشوارع الداخلية للمحافظات وعلى طول الطرق الخارجية بين المحافظات من زاخو حتى الفاو، هي محط تساءل: من أين لهؤلاء السياسيين كل هذه الأموال؟ يكفي ان نَعَتَهم الناس بـ" النهابين".

ليس هذا وحسب، بل ان الحديث عن تأسيس الفضائيات وإدارتها وتمويلها وهو حديث له شجون، يطرح سؤالا آخر هو: من اين لهؤلاء السياسيين ملايين الدولارات سنويا لإدارة كل هذه الفضائيات ؟! وهل يمكن لهذه القوى ان تعلن عن مصادر تمويلها، فسؤال من أين لك هذا؟ ات لا ريب فيه.

ان القوى الديمقراطية التي تعلن عن ضعف وضعها المالي لا تشكو من عوز، ولا تنذر بعجز، بل هي تفخر برأسمالها العزيز، ثقة الناس بها، فاشتراكات أعضائها وتبرعات أصدقائها مستمرة وفي تصاعد، وهي عزيزة لأنها تأتي عبر قناعة تامة بالنهج الذي اصطفوه، وبالسلوك الذي تميزوا فيه وامتازوا به، فيكفي ان أطلق الشعب عليهم، "الأيادي البيضاء".

ان من اتخذوا النزاهة سمة والمصداقية صفة ويسعون لبناء وعي ثقافي وفكري وطني ديمقراطي بصبر وأناة، لا عبر شعارات براقة ولا يتنافسون على كسب رخيص، هؤلاء الذين كتبوا تاريخا ناصعا في حب العراق والتضحية في سبيل شعب العراق، هؤلاء الذين كافحوا الدكتاتورية وعارضوا الحرب وبينوا مخاطر تداعياتها، الذين يحترمون وعدهم ويتمسكون به، هؤلاء هم الذين يقفون اليوم كما الأمس ضد كل إشكال تزييف الوعي وتشويه إرادة المواطن وتزويرها.

هؤلاء الأغنياء بقيمهم الراقية يتطلعون اليوم إلى ترسيخ قيم المحبة والتسامح والتعاون والبناء والتعمير، والتمسك في صناعة المستقبل الجميل للعراق العزيز.
حينما ينظر المواطن بالشك والريبة الى "النهابين" مطلقي الوعود الزائفة، التي سرعان ما تتلاشى لأنها بلا رصيد حقيقي، فهو يراهن على رؤية تغييرٍ ما سيحدث. اما القوى الديمقراطية فرهانها على دور المواطن في إحداث التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخلاف التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟ | ال


.. بايدن وترامب.. وقضايا بارزة في المناظرة الرئاسية




.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مرشحون وشروط


.. بالمناظرة التاريخية.. بايدن يتعثر مبكرا وترامب يدعوه للخضوع




.. بايدن يتلعثم خلال المناظرة الرئاسية أمام ترمب