الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المستفيد من العزوف عن المشاركة في الانتخابات ؟!

طالب الوحيلي

2009 / 1 / 30
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


التجربة الديمقراطية الفتية في العراق هي اليوم قد تجاوزت التجارب في دول المحيط العربي والاقليمي كثيرا برغم قصر عمرها ،وقد ساهم في تطورها هذا امر واحد هو انها خرجت من رحم المعاناة العراقية التي افرزتها مراحل الاضطهاد والتهميش والحكومات الديكتاتورية التي افرغت كل مهاراتها في ابتزاز الشعب وقهره والتنكيل به بهدف قمع كل رغباته في التطلع الى حياة يكون له الدور المباشر في صناعتها وتسويقها والتمتع بخيراتها، بعيدا عن سلطة الفرد او الحزب او الطائفة والتي لابد لها ان تقف غارزة بمخالبها في الجسد العراقي دون ان تعبأ بما ينزفه من دماء وكرامة وثروات ، وقد كانت هذه التجربة منذ سقوط الطاغية مثار اهتمام القاصي والداني بين معجب بها وبين مزدر لها وبين ذاهل أمامها ،وكل ذلك يقع بازاء مستويات التقبل للتغيير السياسي الذي تحقق بسقوط طور الحكم الاستبدادي ،او رافض له او غير مبال به ،وقد تعدى ذلك خطابات الأنظمة العربية او الإقليمية الى شعوبها ،مما ساهم في إثارة ودعم موجات الإرهاب التي عصفت بالحياة في العراق والتي لا يمكن عزلها عن تلك الخطابات ماديا او معنويا ،فالتجارب الانتخابية الثلاث أي انتخابات الجمعية الوطنية والاستفتاء العام على الدستور وانتخابات مجلس النواب كانت بحقيقتها نماذج كبيرة للمشاركة الشعبية الفاعلة التي تجاوزت مقاييس الدول الديمقراطية العريقة ،وقد انعكس نجاحها على التأسيس لدولة المؤسسات واستقلال السلطات الثلاث فيها عن بعضها ، ومع ذلك تصارعت الأضداد بعنف امام هذه المعطيات ،وهذه الأضداد هي بقايا النظام السابق ومريدوه ممن لم يكتووا بناره او وجدوا أنفسهم اوفياء لبحبوحة العيش التي أورثها لهم وبذلك فهم لا يجدون له بديل يرضيهم ولو وضعت في أفواههم ملاعق الذهب ، لذا نجدهم اليوم بعد ان أفلسوا في الانتخابات السابقة قد فهموا اللعبة حين صاروا على مقربة من مراكز القرار والسلطات الإدارية والتنفيذية برغم الموقف المعلن منهم ،فسبحان الذي حول الذباحين وزمر الإرهاب والبعثيين الى مجالس إسناد وصحوات لا يمكن لا احد ان يشير إليهم باي ماض دموي !!هؤلاء امام تجربة شرعنة وجودهم عبر الانتخابات ومنها انتخابات مجالس المحافظات ،وان لم يكونوا قد رشحوا أنفسهم ولكن لهم القدرة على تحشيد الأصوات لمن يشاءون ،وتلك هي اصول اللعبة .
في مقابل ذلك نجد الملايين التي انتخبت الجمعية الوطنية واقرت الدستور وانتخبت مجلس النواب ،قد وجد بعضه نفسه وهو يندب حظه من فرط الفشل الذي صاحب سياسة العهد الجديد ،ولاسيما الحكومة المنتخبة ومجلس النواب ،اذ لا يشك احد في عدم استطاعة هذا النظام تلبية كل استحقاقات الشعب الذي كان مشروع قتل وجوع مستحكم ،ولم يجد في ما بعد تحرره من طغيان النظام الصدامي سوى امتدادات غريبة للقتل على الهوية والفقر وتخلف مستحكم ايضا في كل مرافق الحياة برغم التلويح بالميزانيات العملاقة ورصد المليارات من الدولارات التي تضاهي ميزانيات الدول العظمى وهي تكفي لبناء العراق على وفق خارطة حضارية تماهي الدول المجاورة الفقيرة على اقل تقدير ،لكن نظرة واحدة الى مدارس الاطفال في مدينتي الشعلة او الصدر تكفي للرثاء على الطفولة وعلى الحياة الجديدة ،ناهيك عن حسرتنا على ما دخل بيوت الكثير منا من سلع الكترونية ولو من مناشئ رديئة ،الا انها بقيت دون طاقة كهربائية فلا خير فيها برغم اننا كنا نحلم باقتنائها ،الكهرباء هذه النعمة الانسانية والحضارية التي يصعب تصديق انقطاعها في أي من الدول الفقيرة للحظات ،هي اليوم مصدر كبير لأحزاننا وهمومنا ،لاننا نجد فيها اولا اكبر فشل للدولة في قدرتها على معالجة ازمة لم يمهلها النظام الصدامي البائد والمقبور والفاشستي وغير ذلك من الاوصاف ،لم يمهلها أشهر لتعود بنظام القطع المبرمج برغم ما اصابها في حروبه القذرة من أضرار قاتلة،اللعنة على القدر ان يجعلنا في القياس مع ذلك العهد البغيض ،ولكن يحق للمواطن المبتلى ان يقارن ويقارن بل حتى فشل الفريق العراقي لكرة القدم في مسابقاته الدولية يعده فشل للتجربة السياسية ومن اشترك فيها ،وقد مل من ايجاد التبريرات والحديث عن الاعذار المتمثلة بالارهاب والاحتلال والاصطفافات الطائفية وغيرها ، ولا ريب ان الكثير من مثقفينا قد يرسم اكثر من خارطة للحلم العراقي وقد يضع نفسه محل الحكومة وما يحيطها من هموم ،لكن ذلك لايرضي الكثير من ابناء شعبنا والذين هم مركز ثقل الاغلبية الانتخابية التي ان تقاعست عن اداء دورها في انتخابات مجالس المحافظات او الانتخابات البرلمانية القادمة فلا عذر لاحد ان تغيرت الخارطة السياسية للغبة الانتخابية ، واستحواذ القوى المضادة على مقاعد المجالس التشريعية محلية كانت ام برلمانية ، وبرغم المؤشرات التي توحي بها بعض الجهات الاعلامية او منظمات المجتمع المدني التي تراقب التباينات في استطلاعات الراي وتصاعدها باتجاه المشاركة الانتخابية ،الا ان المقلق حقا ان لا يكون مستوى المشاركة كسابقاته من حيث الزخم الاجتماعي حين هرعت الاسر بكبيرها وشبانها لتشارك في اختيار ممثليها بكل قناعة من جدوى تلك المشاركة !!
كل مهتم بشؤون التجربة الديمقراطية في العراق لا يمكن ان يرضى بتقاعس الناخب في التمتع بحقه المشروع في المشاركة الانتخابية ،لكن الكم الكبير من المواطنين قد لا يشعر باهمية وقدسية هذا الحق ،بالرغم من النداءات الكثيرة والزخم الإعلامي بهذا الاتجاه ،بل حتى المرجعية الدينية قد رصدت من جانبها اهم قواعد الممارسة الديمقراطية فأكدت في الكثير من بياناتها على وجوب مشاركة الجميع بالانتخابات دون الالتفات الى النتائج السابقة وما اذ حقق المنتخبون السابقون ما كان يصبو اليه الناخب ام لا مع اعلان عدم رضا هذه المرجعيات بتلك النتائج ،لذا نجد راي المرجع الكبير السيد السيستاني من خلال خطبة الجمعة في كربلاء المقدسة حيث اكد أن "المرجعية الدينية، وآية الله السيد علي السيستاني من الانتخابات، لا تزال على موقفها من عدم تأييد مرشح أو كتلة انتخابية بعينها" لكنه لفت إلى أن "المرجعية تؤيد انتخاب العناصر الكفوءة والنزيهة."
وكان المرجع السيستاني قد أعلن موقفه من الانتخابات بأنه لا يؤيد مرشحا بعينه، ويقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وحث الناخبين العراقيين على المشاركة الواسعة في الانتخابات.
ووصف الصافي عزوف بعض الناخبين عن المشاركة في الانتخابات بحجة عدم وجود مرشحين أكفاء، بأنه "أمر غير معقول" مبينا أن "عدد المرشحين في كربلاء قد تجاوز 1200 مرشحا" متوقعا أن "يكون من بين هؤلاء من يقدرون على تحمل مسؤولية إدارة المدينة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة