الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم ذاكرتنا مخدرة باليأس

إبتهال بليبل

2009 / 1 / 31
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ربما كانت لحكمة لويس مافريد القائلة " في المدن الكبيرة الخالية يصير الوقت مرئياً " ..... فصباح هذا اليوم كان غريباً في بلادي ، تجولت عيناي صوب ذاك الفضاء والسكون الذي يملؤه ، عجباً هل هناك شيء!!! ؟؟ أم أن هناك خطراً ما ؟؟؟ تأملت زمني فلم أر شيئاً ، بالضبط ، شاهدت الاشياء متشابهة أكثر مما ينبغي ! .. وجوه تشبه بعضها بعضاً ، اليوم أرى تلك الرياح التي تكرر نفسها ولكن إيقاعاتها تعددت ، بدا لي الزمن مثل مشهد يجرجر مخاوفي نحو ماضي ربما لم يندثر حتى الآن ، فثقوب قلبي كثيرة هي ، من جروح ترابك يا وطن ...
ربما هي نفسها تلك المشاهد ولكن هذه المرة الأشخاص مختلفون ، جوهرهم واحد ومشاهد المسرحية نصف مملة واللحظات أجدها موجعة وربما مخيفة ، تلك هي مناظر بغداد لصباح يوم (29/1/2009 ) ، حاولت ربط خيوط ماسمعت من إشاعات بالقرب من مدينتي التي أسكن فيها ، الكثيرون بدون تحديد يقولون أن عناصر القاعدة ( الارهابيين ) موجودين ومتخفين وأنهم حاولوا إيصال رسالة للجميع بأن لا يحاولوا الذهاب لترشيح احدهم في الانتخابات ...
تكٌوم ، في صدري يا خوفي الدفين ، فأني أحببتك حقاً ذات يوم ، ولكنك لا تدر رغم ما فعلته بي ذات دهر ما كنت أريد أن أقوله لك !!! فالحوار بيننا ميت مادامت الكلمات لا تعني في عالمك شيء ، وكل ما حاولنا قولهُ ونحاول ، كان كالرياح لأنك وبكل بساطة لم يخلق الله لك آذان لتستمع من خلالها للكلام ـ و أيامنا المقبلة مجهولة الهوية ، وفكرتنا عنك دائماً أنك شرير ، وأنا لا أعرف كيف أفسر لهم أنك لست شريراً وإنما ما يحصل لنا هو من أيدينا وربما هي أقدارنا منذ البداية ... ومع ذلك ، كان يكفي لي في هذا الصباح الشعور بأنك في الطرف الآخر من تلك الأكذوبة التي نسجتها نازية عصورنا ، كان يكفي لتلك الإشاعات أن تمتلئ صدورنا بها بإصرار ، ومادام الضجيج اليومي خافت لهذا الصباح فحتماً هناك أمر ؟؟؟
انتخابات 2005 لم تكن في بالنا طيلة تلك السنوات التي تلتها ، لان أيام الانهيار كانت مستمرة ، والتستر على ضعفنا وتهربنا من مواجهة المسؤولية العملية وإخفاء ذلك بغطاء جوي للتهرب بخطابات طنانة ، ويوماً بعد يوم وبعد يوم ، صارت أرض الهزيمة مستنقعاً من الرمال المتحركة نغوص فيها ببطء دون أن نلحظ إنها توشك أن تبتلعنا نهائياً ، لتنتابنا حالة من الخدر ، حالة من التسمم بالوضع المرهون بوجودنا ، تسمم بطيء ولكنه مستمر ، مثل تسمم أهل الدار بمدفأة الغاز في ليل بارد ليموتوا جميعاً وهم نيام دون أن يدروا ماذا حل بهم ...
وألفنا اليأس والخوف وألفنا السكوت والصمت ، في الانتخابات السابقة كانت عبارة عن أمل وصلح لنا مع الدهر وأيامهُ ، كانت كافية وحدها لإلهاب الشعب والقلوب والذاكرة بذاك الأمل وذاك الحلم ، لكن الذاكرة تخدرت اليوم وألفت المهانة واليأس والخوف ، وصرنا نستمع عن حوار ألأمل وتحقيق الحلم ونقرأ عنه بلا مبالاة ، كأننا نقرأ طالع أبراجنا في صحيفة مطبوعة تنسخه يومياً متصورة بأنه لا يوجد من يلتفت لتلك الأكاذيب والحيل ...
الخوف من المجهول وحده كان ينعش ذاكرتنا المشلولة ، ومع ذلك يتبعه الجميع ، خدر على خدر في خدر ، والكل لا يعي للخطر الحقيقي الذي يشكله هذا الخوف واليأس ....وهكذا الناس لم يصحوا بعد من سكرة تلك السنوات المريرة بعد الانتخابات السابقة ، والدماء الملونة والطراطير والزمامير التي لم تكنس بعد من شوارعنا فهي قابعة حد التشبث السرطاني ، أما بالونات الوعود فما زالت تتفجر في سمائنا .. لا أنفجارات ملونة ولا أحلام ولا بالونات ـ ولا أمل ولا ضحكات ، أنما انفجار مفخخات كانت أنما قتل وتهجير ودماء وضياع يتبعهُ ضياع ...
إنها معركة من طرف واحد وهو اليأس ، فقد رسخت قواعدها بمجيء نفس الوجوه أو غيرها لمطاردتنا مرة ثانية واستكمال ما بقي من لهاثنا ...
بغض النظر عن ما يقال ويذاع من وعود وتحقيق أحلام وبغض النظر على الآمل الذي يحاولون زرعهُ فينا ، نقول هل لكم أن تعيدوا أبناءنا الذين قتلوا بغير ذنب ؟؟ هل لكم أن ترجعوا البسمة التي لوثتها جراحنا ؟؟؟ وهل لكم أن ترجعوا لنا كل ما نزف منا ؟؟؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل ؟؟؟؟ لتظل هناك حقيقة لا مفر منها ، وهي أن تلك السنوات أنعشت ذاكرة الناس جميعاً حد الموت فيها والإدمان على خدرها ...
رد الناس في هذا الوقت بالذات ... ذلك الرد العفوي المستميت الشرس الذي أخمد في النفوس ذلك الحنين الوطني ذلك الأمل وذلك الحلم المتراكم في وجدانهم منذ قرون ، والذي لا يسهل غسل أدمغتهم منه بأيام قبل الانتخابات ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت