الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلفية الجهادية بالمغرب: أحداث غزة، هل تحمل التنظيم على نهج خيارات جديدة؟..

خالد ديمال

2009 / 1 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حاول صقور البيت الأبيض تحقيق إجماع دولي حول الحرب ضد ما يسمونه "إرهابا "، والذي انطلقت الحملة ضده مباشرة بعد الحادي عشر من شتنبر، إلا أن أغلب المراقبين أكدوا أن "هذه الحرب لم تحقق أهدافها"، بدليل أن العمليات الإرهابية استمرت، بل طالت دولا أخرى. فتنظيم القاعدة، ورغم الهزائم التي تكبدها ببلاد الرافدين، فهو مازال قائم الوجود، ومازال يمارس تفجيراته كما المعتاد والتي يسميها"جهادا"، كما أن حركة طالبان لازالت هي الأخرى تحصد الإنتصارات في أفغانستان. وتؤكد تقارير أمنية أن جماعات مسلحة أخرى انضمت إليه تعتنق نفس الإيديولوجية، وآخر هذه الجماعات، "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" والتي تسمي نفسها اختصارا" الجسدق" والتي أصبحت تتزعم الإرهاب بشمال إفريقيا ودول الساحل بعد أن أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.
في بلادنا سيظل شبح" القاعدة" مخيما، وكذلك المرتبطين بها، فالإبقاء على أكثر من حالة في المعتقلات السرية، ولمدد طويلة، يكشف، بما لايدع مجالا للشك، استمرار عدم توصل الأجهزة الإستخباراتية إلى الحلقات المفقودة، أكثر من ذلك، عجزها عن الوصول إلى ما تسميه معطيات هامة تفيد التحقيق، يمتلكها هؤلاء.
بينت المحاكمات العلنية خلال سنة 2002، أن الذين يدورون في فلك" القاعدة" ومعها" التيار السلفي الجهادي " بالمغرب، أنه تنظيم لا يتحرك ضرورة وفق إملاءات خارجية، ولا ينفذ عمليات مسلحة بناءا على أوامر قادمة من جبال كابل أو قندهار. ف" طلحة" و" أبو الحارث" و" هشام" و" أبو اليزيد"ومن يدور في فلكهم، لم يكن ينقصهم لتنفيذ عمليات ضد اليهود بكل من مكناس والدار البيضاء، آنذاك، سوى التوفر على الأسلحة والتمويل.
وإذا كان تنظيم القاعدة يتبنى " السرية" أسلوبا في الحركة، ومنهجا تدبيريا لتنفيذ مخططاته، فقد كان من الطبيعي تعثر الوصول إلى حقيقة وجود" خلايا نائمة" له بالمغرب. سواء كان المنتمون إليه مغاربة أو من الأجانب، لكن الأكيد في كل هذا أن معتنقي فكر القاعدة موجودون بيننا بصورة تعصى على العد. هناك من المراقبين من يرون في التنظيم "كيانا هلاميا" يصعب جمع رتقه في وحدة منسجمة، وهي جزء من تفصيلات يميزها طابع السلبية ، ويعزون هذا التنافر إلى توزع القناعات التي تعود في أساسها إلى اختلاف تجزيئات الإجتهاد الفقهي في قضايا متعددة من مثل" الجهاد" وما يدور في فلكها من مسائل اجتماعية أخرى موازية في النظر والتفسير، وهي تنعكس في مجملها على العمل الميداني الذي يطبع كل تنظيم على حدة في علاقته بباقي التنظيمات الجهادية، أو التي تعتبر نفسها قائمة بأعمال المعروف والنهي عن المنكر.
إن اختلاف وجهات النظر يعزوه المهتمون إلى اختلاف القناعات لدى هذه التنظيمات، وفهم تحركات نشطائها يدخل في ممكنات الفهم هذه، لأن اتخاذ قرار التعامل المناسب مع الظاهرة في عمومها يسير في دائرة هذا المعطى بالذات، أي فهم التمايزات الموجودة بين الفصائل الجهادية من حيث كونها تعود إلى الواجهة في كل لحظة وحين.
فإذا كان" طلحة"- وهذا هو لقبه لحظة إلقاء القبض عليه- قد تدرب بمعسكرات أفغانستان، واستفتى أسامة بن لادن، وحمل أل" كلاشينكوف" في المعارك القتالية بالجبهات الأفغانية، فإن باقي شركائه لم يسبق لهم أن دخلوا على الخط، ، ورغم هذا التوصيف، فإنهم لم يترددوا في قبول طلبه، بحكم اقتسام القناعات، والتي تعززها الأحكام الفقهية، كمشترك يصهر فكر " التيار السلفي الجهادي"، في حمل السلاح والقيام بعمليات تسميها في أدبياتها" العمليات الجهادية".
فمجموعة "طنجة" مثلا، والتي جرى اعتقالها على خلفية ما كان يعرف بعصابة" يوسف فكري"،فأغلب ما كانت تقوم به، استتابة المتلبسين بالزنا،و سلبهم ممتلكاتهم بعد القيام بتعنيفهم، رغم أن عصابته، خاصة بعض الأفراد فيها كانوا يقومون بتجاوزات لم يعطي فيها يوسف فكري الضوء الأخضر للقيام بها، ومع ذلك جرى تلقيح الأفكار مع بعضها البعض، وكانت عصارته تقريب وجهات النظر من خلال التخطيط للقيام بعمليات منسقة تتجاوز التعنيف أو ما تسميه " النهي عن المنكر"، إلى الدخول في تفاصيل أخرى، التحريض على" القتل عن طريق العمليات التفجيرية".
إن القاسم المشترك بين مختلف هذه الملفات هو توجيه الإتهام إلى أصحابها بضلوعهم في مؤامرات تتجاوز التخطيط ، إلى كونها أعمال ميدانية غايتها تخريب البلد والتآمر على أمنه الداخلي ، من خلال القيام بأعمال مسلحة، لكن تكييفها القانوني، وطريقة التعامل معها، اختلفت بحسب توافر معطى الإرتباط الخارجي من عدمه.
مخالفة الشق القانوني، في ارتباطه بالمقاربة الأمنية في مجملها، والهامش الضيق الذي تم منحه للسلطات المغربية للتحري في مضمون الملفات، بما وفرته المعطيات الميدانية، ودخول المخابرات الأمريكية و نظيرتها السعودية على الخط ، وازدياد الإهتمام الدولي ب"الخلايا النائمة بالمغرب"، لم يؤدي، بحسب مراقبين، إلى نتائج إيجابية، خاصة وأن الجيش الإحتياطي ل" السلفية الجهادية" لم يفعل أسطوله بعد، حيث تقديرات المرحلة لا تدفعه بهذا الإتجاه،خاصة ارتباطاته الداخلية ،لكن ، بحسب مراقبين، قد يغير من مواقفه، وينتقل إلى مباشرة العمل الميداني خاصة بعد أحداث غزة في فلسطين. والتي يراها التنظيم حربا صليبية يتلكأ الحكام- المسلمون- في دخولها للتصدي لمن يسميه ب" الكفرة".
إن الخيار الجديد، والمتجه صوب ضرب اليهود، إنما يعتبره مراقبون، رد فعل على فشل إيقاف نزيف الدم المتواصل بالأراضي الفلسطينية، مضافا إليه فقدان الثقة في الخطابات الرسمية، أو الأخرى الشعبية، خاصة تلك التي تذهب باتجاه فرض الخيار السلمي في مستوياته المحلية.
والعديد من المتدينين يكثفون التعاطي مع القضية في خطابها الرفضي بالأساس،لكن التكييف الجديد في تعاطي" السلفية الجهادية" هو التحول في المعايير والتي غدت مزدوجة بعد أحداث11 شتنبر، بحيث صارت الأهداف " الجهادية" تشمل كلا من إسرائيل وأمريكا ، بعدما كانت أحادية الرأس، ومركزة في خطابها حول ضرورة ضرب أمريكا منفردة دون غيرها، وهذا تطور مستحدث في منحى المواقف، يؤكد مراقبون.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات