الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة لحماية الحيوان وحفظ كرامته واحترام حقوقه..!

سامي فريدي

2009 / 2 / 1
حقوق الانسان


عرض التلفاز البريتاني- القناة الرابعة في الساعة العاشرة من يوم التاسع والعشرين من شهر يناير 2009 برنامجا لتشجيع زراعة الحيوان البريتانية، عرض خلاله بالصورة الحية وأمام جمهور من مشاهدي الستوديو، طريقة استحلاب المادة المنوية من (خنزير كهل) وعرض المادة – في كيس- أمام الجمهور والمشاهدين باعتبار انها تكفي لانتاج ثلاثمائة خنزير، ثم عرض طريقة تلقيح صناعي لعدد من إناث الخنازير بالصورة الحية بواسطة انبوب زجاجي طويل مدفوع في الشرج بما يثير الاستياء وينافي الذوق العام. اشتمل البرنامج على ثلاثة أجزاء تتخللها الاعلانات التجارية. وإضافة لهذا الأمر تضمن حالتين أثنين اجتمعت لها مظاهر الازدراء وقلة الذوق وعدم احترام الحيوان والانسان.
كانت الصورة الثانية لطريقة قتل خنزير وذبحه باستخدام الرجّة الكهربية على الصدغين ثم سحبه من قبل شخصين أحدهما مقدم البرنامج وتعليقه من أحد قدميه الخلفيتين وطعنه بالسكين في اللهاة ليتدفق الدم في سطل أسفل الضحية بعد أن تناثرت بقع دم على الشخصين المشاركين في العملية، فيما ترتعش القدم الثانية الطليقة في الهواء وينتفض الرأس بين آونة وأخرى نحو الخلف لتندلق موجة دم مصحوبة بلمف في السطل.. الكامرة تعرض بعض النساء وهن يغطين وجوههن بأكفهن، وينظرن من خلل الأصابع، بين استنكار واستحياء. فها هنا جريمة حيوانية يتم ارتكابها بكل فخر على شاشة التلفاز بدون خجل أو اعتذار. بعد قليل كانت جثة الضحية مقسّمة في قطع متفاوتة تعرض على طاولة التطبير والتجزير.
أما الصورة المنافية الثالثة فكانت طريقة اخصاء خنزير وقد أمسك به أحد الأشخاص من صدره لافا حوله ذراعيه، وراح شخص آخر يمدّ أصابعه بين فخذي الخنزير ويسحب قطعتين من لحم دقيق من أحشائه حتى تنفصلا منه فيما الخنزير المسكين يصرخ بصوت رفيع يشبه أصوات الفيران دون أن يصيخ له أحد، أو يجد استنكاراً من قبل جمهور الستوديو. بعد ذلك مسح الجزار مكان العملية بسائل أصفر ثم ألقي به على الأرض. توقف الخنزير للحظة يستعيد وعيه، ثم اندفع راكضا في البعيد، محتميا بين القطيع.
شخصيا (*) أستنكر فعلة التلفاز البريتاني وأدينها على عدم احترامها حقوق الحيوان والانسان والذوق العام. وأستغرب مثل هذا التدني والانحطاط الحضاري مهما كانت المبررات، سواء على صعيد الخلق الشخصي أم الخطاب الاعلامي والثقافي. ولا شك أن ثمة كثيرا من البدائل الجديرة والمحترمة واللائقة الممكن توظيفها لخدمة الاقتصاد الوطني ودعم الفلاحين والمزارعين. لقد أثارت صور البرنامج وطريقة تقديمه مع وجبات الشي والطهو وتوزيع الوجبات للتذوق شديد استيائي وتسببت في تدهور حالتي النفسية والمعوية. وكان من الشناعة الاجرامية بمكان، أن يعرض شيّ قطع من كتف وفخذ خنزير سبق أن عرض وهو حي قبل لحظة، ثم استعرضت طريقة قتله وتشخير دمائه أمام المشاهدين الذين سوف يشاركون في تناوله.
لقد اثيرت قبل سنوات احتجاجات في فرنسا ضد نحر ذبائح الحيوان في أمكنة عامة خلال مناسبات دينية محدودة ، فهل يحتج الانجليز على عرض قتل الخنازير وشيها واخصائها في وسائل الاعلام وقدام الملأ المعدود بالملايين من مشاهدي القناة الرابعة الانجليزية.
ولا بدّ من إشارة إلى العبارات التي أنهى بها مقدم البرنامج مهمته الوطنية باللغة الانجليزية كما أذكرها..
.. to save the wounderful british farm industry ,if you’re waching this program and do not buy you should shy, you should shame..
ففي حين يمثل الجزء الأول من الجملة تدخلا سافرا يمس حرية الفرد الشخصية، فـأن الجزء الثاني يصادر تلك الحرية والاستقلالية الفردية، ويشتمه في حال عدم إطاعة رغبة المذيع وتأييد دعواه التجارية البخسة.

ففي حين أثار هذا البرنامج وطريقة عرضه السوقية مشاعر الاستياء والاشمئزاز من الموضوع ومن كثير من الأطعمة، ووضعت بريتانيا نفسها في درك غير محسود من قاع الأمم والانفصال عن المدنية الأوربية على مستوى جديد لم يكن بالحسبان؛ فأنني أرجو أن يكون جهاز هذا انذار لكثيرين، في الغرب والشرق لتبين موقفهم من ذلك واستنكار مهانة الحيوان في وسائل الاعلام والأماكن العامة والعلنية وباستخدام الدعاية الكلامية والصورية الفاضحة. وفي النهاية انغمس كثير من جمهور الستوديو في التهام قطع لحم الضحية المشوية على السكرين. فإذا كان كل شيء يباح من أجل المال والاقتصاد، فأيّ قيمة لشيء، إذا هدرت الكرامة واختزلت القيم الخلقية والانسانية الرفيعة.
ان اقتصاد بريتانيا وعجز ميزان مدفوعاتها المتوارث لن يكون حله في استمرار الحربية البريتانية في قتل البشر خارج الحدود ولا قتل الحيوان داخل حدودها، دون تفكير في اصلاح نظامها الاقتصادي ومعالجة مواطن الخلل والفساد المستشري منذ منتصف القرن الماضي. ان بلد آدم سمث وستيوارت مل وجون لوك وكينز يجد نفسه اليوم بأيدي أثرياء الصرعات الاعلامية وانتهازيي الربح السريح متأملاً أن ينقذوه من درك، هم في صدارة من أوصلوه إليه. ولا يتساءل الفلاح البريتاني عن تكلفة البرنامج وأجور المساهمين في فقراته السقيمة، والتي تستقطع أصلا من قوته وريعه السالب. ان الطريقة التي يكسب بها الانسان قوته ويحقق بها الاقتصاد الوطني (رفاهه) يعكس الطابع المدني والهوية الاخلاقية لذلك البلد. وهنا ينقسم العالم إلى خندقين عظيمين: بلدان تعتمد على قدراتها الذاتية وطاقاتها الانتاجية العالية في بناء نفسها وخدمة ركب الانسانية عموماً كاليابان وألمانيا والصين، ودول تتوسل القرصنة والهيمنة الخارجية لتحقيق قوتها الاقتصادية معتمدة على الخارج. وما ينكشف اليوم وينعكس بآثاره السيئة هو الفصل بين نمطين من الحياة والفكر والتوجه.
ان تسخير الحيوان للاقتصاد المختبري (و) قصر حياته على الوظيفة الاقتصادية كعنصر مادي وسلعة اقتصادية يحصر مغزى حياته في التلقيح الصناعي والتسمين الصناعي والنحر الصناعي لرفع العائد الزراعي الفلاحي وزيادة الاعتماد على الانتاج الغذائي المحلي في وجه الأغذية المستوردة، وسوق الاتحاد الأوربي؛ يعني بالدرجة الأولى، حرمان الحيوان من حق الحياة الطبيعية، عبر حرمانه من بيئته والاتصال الطبيعي بين أجناسه والتحكم في طريقة غذائه ومعيشته ومعدل حياته وفق حاجات الاقتصاد وعومال الربح والاتجار، مما يكشف عن وكسة فكرية في العقل البشري، وانعدام أية حركة أو كرامة للنوع الحيواني وحقه في الحياة الطبيعية، وعندها.. أين يكون الانسان..
ان سعي الراسمالية المجنون وراء تحقيق الوفرة وبطرق غير مشروعة يقود العالم إلى مزيد من الجنون، وتدهور مستويات الحياة والآخلاق والنظم البشرية في العالم، الذي يمثل تصاعد أزمة البطالة والكساد الراهن بعض نتائجه المبكرة والمقلقة. ولا بد من صحوة تعيد العالم إى مسار صحيح.. ووقف الاستغلال من الانحدار إلى مسويات وحشية همجية، فيصير الربح غاية مكافيلية دون اهتمام بطريقة حصوله، ويصير الغذاء حاجة غريزية دون اهتمام واحترام مصدره. فماذا يمكن أن يحدث في الأيام التالية والسنوات المقبلة..
ان عدم احترام الحيوان وحقوقه وحفظ كرامته انما هو لعدم احترام الانسان وتقدير كرامته.
ولا قيمة لحياة بدون كرامة!..
*
لندن
29- 1 2009
الساعة الثانية عشرة ليلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
3b13c3 ( 2009 / 2 / 1 - 15:41 )
سيدي المحطه التللفزيونيه التي ذكرتها أصلا مثيره للجدل
أتذكر برنامجين بثتهما المحطه المذكوره
الاول
كان عن فتات تحب ممارست العلاقه الحميمه مع أبيها !!
(طبعا ثارت ثائرة الجمهور في الاستديو )
الثاني
كانت عن علاقة الانسان و الحيوان الجنسيه المشتركه !!!
(أقصد مع بعض !!)
تحياتي للكاتب الكريم على مشاعره!

اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك


.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين: