الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في الداخل

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن لأي متتبع عاقل إلا أن يقابل التصريحات الأخيرة لبطل أسطورة النصر الإلهي في غزة بالاستهجان؛ لأنها لا تصدر عن زعيم سياسي محنك يقود قضية شعبه بحكمة ؛ بقدر ما يمكن اعتبارها تصريحات عابرة لرجل عابر؛ مهمته صناعة الأوهام و تسويقها بين شعوب تعودت على الأساطير و الخرافات .
لقد كشف مشعل عن مفاجأة المفاجآت التي لم تكن كذلك عند كل المتتبعين للشأن الفلسطيني؛ و الذين حذروا غير ما مرة من أن صواريخ القسام ؛ لا تسعى إلى تحقيق أهداف خارجية ؛ فذلك ليس باستطاعتها ؛ و لكنها تسعى إلى تحقيق أهداف داخلية ؛ عبر تكريس وضع الانقلاب في قطاع غزة ؛ و محاولة توسيعه إلى الضفة الغربية ؛ لخلق وضع سياسي جديد ؛ يقوم على زعامة حماس للنضال الفلسطيني ؛ كمقاومة موجودة على الأرض – بتعبير زعمائها –
يحدثنا مشعل عن "تحرك تقوم به الفصائل سوف تفاجئ به الأطراف الأخرى ؛ لبناء مرجعية وطنية جديدة تمثل فلسطينيي الداخل والخارج ؛ وتضم جميع القوى الوطنية الفلسطينية وقوى الشعب وتياراته الوطنية " .
و هذا كلام ليس بالجديد علينا ؛ فقد ردده نصر الله من قبل سنة 2006 ؛ حينما بشر حوارييه بقلب المعادلة السائدة في لبنان منذ اتفاقية الطائف ؛ و هو فوق كل ذلك كلام مفهوم لكل من يعرف الأجندة السياسية للأصولية الدينية في العالم العربي ؛ و التي تستثمر النزاعات الخارجية لفرض خياراتها داخليا ؛ عبر قلب الأوضاع السائدة .
و ذلك ما يفعله الإخوان المسلمون الآن في مصر؛ حين يستثمرون النزاع في غزة لتحقيق أهداف سياسية في الداخل ؛ و هو نفس ما يقوم به إخوان سوريا الذين يحاولون استثمار هذه الأحداث لإعادة (لم الشمل) مع النظام البعثي بعدما فشلوا في معارضته ؛ و هو ما يقوم إخوان المغرب ؛ الذين يسعون إلى استثمار أحداث غزة للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها ؛ و هو نفس ما يقوم به سلفيو الكويت و السعودية ...
إنه فكر جرثومي لا يمكنه أن يعيش إلا في المياه العكرة ؛ لأنه لا يمتلك رؤية سياسية واضحة ؛ يمكنها أن تشرعن نضاله على أرض الواقع ؛ و لذلك فهو يسعى إلى استغلال كل التناقضات الداخلية و الصراعات الخارجية كمشروع وحيد لفرض أجندته السياسية الموهومة .
لقد سبق أن أكدت في مقال سابق بأن إسرائيل تقود هذه الحرب من منظور استراتيجي يتجاوز بكثير تقديرنا لها ؛ فهي منذ البداية كانت تسعى ليس للقضاء على حماس ؛ و لكن على العكس من ذلك للقضاء على المفاوض الفلسطيني المقبول دوليا ؛ والذي يمكنه لوحده أن ينتزع حقوق الشعب الفلسطيني .
خصوصا و قد تبدت بوادر أمل في أفق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع الإدارة الأمريكية الجديدة؛ و مع رغبة الاتحاد الأوربي في إيجاد حل نهائي لهذا الصراع الذي طال أمده؛ و يشكل تحديا للمجتمع الدولي ككل.
هكذا ستربح إسرائيل رهانا جديدا في صراعها مع الفلسطينيين؛ و ستتمكن من العودة بالقضية الفلسطينية إلى البداية؛ مع ما سيتحقق من هدم لجميع التراكمات المنجزة طيلة عقود من الصراع حول انتزاع الحقوق الفلسطينية المشروعة.
إن حماس الآن؛ و نيابة عن الأعداء الحقيقيين للقضية الفلسطينية؛ الذين لا يتحملون استقلاليتها ( إيران؛ سوريا؛ قطر... ) توجه الضربة القاضية للنضال الفلسطيني ؛ حين تسعى إلى الإطاحة بمجموع التراكمات المتحققة .
و بالتالي فهي تحقق حلم إسرائيل في تحطيم منظمة التحرير الفلسطينية ؛ الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في جميع المحافل الدولية ؛ و هي بذلك تشرعن ادعاء إسرائيل بغياب المفاوض الفلسطيني الحقيقي ؛ القادر على تمثيل إرادة الشعب الفلسطيني ؛ و هي كلمة حق يراد بها باطل ؛ لأن إسرائيل لا يهمها وجود هذا المفاوض ؛ و لكن ما تسعى إلى تحقيقه هو العودة بالقضية الفلسطينية إلى بداياتها الأولى ؛ عبر تحطيم كل التراكمات التي حققها النضال الفلسطيني عبر ممثله الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية ؛ و ما انبثق عنها من هياكل في الداخل و الخارج .
لا يمكن لكل غيور على قضية العرب الأولى ؛ إلا أن يندد بدعم هذا الخيار الحمساوي ؛ من طرف دول تسعى إلى خدمة مصالحها على حساب القضية الفلسطينية ؛ و منها دولة قطر التي خرج منها هذا التصريح ؛ و هي تدعمه بحثا عن موطئ قدم ضمن التوازنات الشرق- أوسطية ؛ هذا من حقها لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية ؛ التي يجب علينا دعم وحدة قيادتها للنجاح في تحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني بدل خلق التوترات ؛ التي لا يمكنها أن تخدم سوى العدو الصهيوني ؛ الذي يمتلك ديمقراطية داخلية تعتبر من أكبر الأوراق الرابحة التي يلعبها في صراعاته مع الفلسطينيين .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه