الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان ... الحلقة المفقودة

إبتهال بليبل

2009 / 2 / 2
حقوق الانسان


أشعر بقرف مشوب بالذل كلما تذكرت حقوق الإنسان ، ولما يحصل الآن ما هو ألا دليلاً قاطعاً على تلك الحقوق ، فحقوق الإنسان في هياكل المجتمع ليست إلا مجرد بداية غير متبلورة لفهمها مدنياً وسياسياً من قبل المواطنين ، فضلا عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية ، وعلى النحو المحدد لذلك ... حيث أن أبرز المعارك التي جرت بخصوص حقوق الإنسان كانت لقضية مركزية واحدة الجدل وهي أنها تهدف إلى تطوير النظرة والتصور عن تلك الحقوق ، فلا تزال هناك الكثير من القضايا التي من شأنها أن تثقل كاهل الشعب في البحث عنها ، رغم أن الواقع يشير إلى انخفاض مستوى طموح الدولة عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان ، فحاليا ، الالتزامات الرسمية وقوانين حقوق الإنسان موجودة في معظم بلدان العالم ، لكن التحدي الحقيقي والقدرة على ترجمة تلك الالتزامات كواقع سياسي وعملي مفقود . فنحن نعلم جميعاً أن عمل حقوق الإنسان الفعلي ، هو الحرية الحقيقة للوصول إلى الحياة الكريمة ، وتمكين المواطنين من المشاركة الديمقراطية والشعور بالأمن والانتماء للوطن وتكافؤ الفرص ، والازدهار والتنوع الحضاري والثقافي ، والتنمية الاقتصادية ، والتي تؤدي جميعها إلى خلق وتوفير ثروة اجتماعية شاملة ، أما إذا انتهكت حقوق الإنسان ، فسيكون لها أثر سلبي على مستوى التنمية في كافة المجالات ، وكلما كان هناك سوء في ممارسة الرقابة ورصد الخروقات والانتهاكات حتى وان كانت هناك تشريعات ولوائح إدارية وقانونية فسيؤدي هذا إلى انعدام الأمن وانتهاك لسيادة القانون ، مما يولد تأثيرات سلبية قوية على ثقة المواطنين بالدولة ، وكذلك على الاقتصاد والخدمات للمجتمع ، وعلاوة على ذلك فأن ظروف العمل وتنظيمها تتوافق مع معايير حقوق الإنسان ، على ألأقل الحق في خصوصية العمل فهي أيضا ضرورية لخلق اقتصاد مستدام للدولة على المستويين الجزئي والكلي.... ولكن للأسف لم يكن هناك اهتمام في عملية التصديق على قوانين حقوق الإنسان في مجالات الحقوق المدنية والسياسية فضلا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، مما يظهر حاجتنا الملحة للالتزام العملي والسياسي ، حيث أنه لم يظهر دور كبير للإرادة السياسية في مواجهة هذا التحدي ، بل على العكس أظهرت استمرارية مقاومتها لمعالجة المجالات الحيوية للمجتمع ، في احترام حقوق الإنسان . كما وأننا لم ننسى أن من أهم الفقرات الأساسية هو مبدأ عدم التمييز فهذه الفقرة معطلة التنفيذ كما أنها تفتقر إلى المرجعية لمعايير العمل الدولية في احترام الخصوصية والأمن ، فلا يكاد يكون هناك أي تركيز على التهديدات التي تشكلها الخصوصية للمزيد من التدابير في رصد وصول المواطنين للحقائق وأن خير مثال على ذلك فقدان الكثير من أبناءنا في سجون نحن لا نعرفها ، ولا حتى نستطيع التوصل اليها ولو لمعلومة تؤكد وجودهم أحياء أم لا ، ومن مبادئ حقوق الإنسان أيضاً التركز بشكل كامل تقريبا على الأمن والتهديدات والجرائم ....وحتماً الإرهاب هو من أكبر وأقوى الجرائم التي تصنع ضد مجموعة أو شعب ، فالأفعال المدمرة التي يخلفها الإرهاب تحيل تلك المجموعة أو الشعب إلى أرض هشة ، محطمة ... وحقوق الإنسان في هذا المجال والذي أقصد به ( الإرهاب ) تكاد تكون مفقودة ، حيث أن الكثير من المواطنين قد امتدت يد الإرهاب إليهم ، ولما نقول الكثيرين بل أن العراق لا يخلوا اليوم من بيت لم يوشم بوشم الإرهاب من خطف أو قتل وحرق ممتلكاتهم أو تهجير وغيرها الكثير من أوجه أخفاء وجودية المواطن العراقي لفترات سالفة ومستمرة حتى الآن ... وأن ما حصل أخيراً بقضية الأرهابين السعوديين ومحاولة السعودية البحث عنهم في العراق والمطالبة بهم ، واعتبارهم مفقودين في العراق وليسوا إرهابيين على حد أقوال وزيرة حقوق الإنسان ، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه ...لا ، ولا ، ولا .. يجب أن نصرخ بلا ، أن تسبق صرخة الاحتجاج هذه ، كل كلمة قد لا نقوى على خلقها ونجهضها في أفواهنا ، وكعادتكم اليوم تناسيتم جراحنا ، وكعادتكم لم تلتفتوا إلى الدماء التي نزفت ولم تجف بعد ، أيكون هذا المسخ مفقود ؟؟؟ أتسمونه مفقود ؟؟ وأبناءنا أين هم ؟؟؟ هل ذكرتم شيئاً عنهم ؟؟؟ من يترجم لكم الجراح كي تفهمون ، من ؟؟؟ لا أعلم أين حقوق الإنسان وقد دمرت حياتنا وأسرنا ونحن ننتظر التفاته منكم ألينا ، لكنه كان من التوجب النظر بحقوق الإرهابيين !!؟؟؟ وبصراحة لا يمكنني نسيان ذاك اللقاء مع معالي وزيرة حقوق الإنسان يوم طرحت عليها سؤالا يتضمن رجاءاً وتوسلاً عن المخطوفين من قبل الإرهابيين وما ستقدمه حقوق الإنسان لهم كي تعينهم على الحياة ، يومها قالت معاليها أنهم يقومون بإعداد برنامج لهؤلاء الفئة المتضررين من الإرهاب ، وأن تنفيذه سيكون على مدى السنوات القادمة لأن إمكانيات وزارة حقوق الإنسان لا تستطيع البت فيه ...يومها أصبت بخيبة كبيرة ، وكم كرهتك يا عراق ، يا من تأخذ ولا تعطي ، وحتى عندما تأخذ يكون بقسوة ، وظلم ، ورضينا بالحال وحمدنا الله كثيرا على ما ابتلانا به ، لكن أن يوصف هؤلاء الذين مزقونا بالمفقودين !! فلا يا ربي لا هذا كثير علينا ، يكفينا يا رب تحمل جراحنا وجرحانا لكننا لا نتحمل ولا نصبر على الموت بغصة قهر ... أن هذا الأجراء الذي وصف الإرهابيين بالمفقودين يتضمن فهماً عميقاً لمدلول الخلق الإنساني ، واحتراما لحقوقهُ ، فالتجرؤ على حرمة القتلة جرم جزائي ، وفي هذا اعتراف ضمني بأن القاتل ( الإرهابي ) كائن حي له حقوقهُ ، والاستهتار به أو التجني عليه يعتبر جريمة تشبه جريمة الاعتداء على إنسانيته ...وهذا يجري في العراق ، لا في الوجه الثاني من القمر !!!وهذه العدالة المرهفة ، والاحترام الواعي لمفهوم الإرهاب هو من صلب موضوع حقوق الإنسان ، ومن صلب الأخلاق العربية ونزف الدم العراقي الذي مازال يجري في بلاد النهرين ، ومازال يلون شرائعها وقوانينها بالإحساس مقابل الدماء التي لم تبرد ولم تجف حتى الآن ، بالتقدير الكبير لحقوق الإنسان من أمة تمتلئ بالأحاسيس المرهفة والشاعرية ... أما عن حقوقنا فقد ولدت لقيطة ، ثم يباح دمنا لكل عابر سبيل ، واليوم بات علينا أن نرمي السلام والتحية على كل عابر سبيل ( من باب الاحتياط ) خشية أن يكون بينهم من يمتلك حقوقاً إنسانية ويبيح دمنا وقتلانا ... بل أننا تعودنا أن لا يكون لنا حقوقاً ، فحقوقنا صارت كأحكامنا على الناس نتخذ منها الاسم والشكل فقط ، أما جوهرها فلا ننظر إليه ... هذه هي قوانين حقوق الإنسان العربية ( دماً وروحاً ) التي أضاعتنا في غمرتها وبين أيادي أناس غير مؤهلين للحفاظ على حقوقنا ، وثرثرتهم في المؤتمرات الخطابية لاسترداد حقوقنا الإنسانية التي هي أكثر مما ثرثرت عوانسنا ، وأثبتوا أنهم فئة من الممثلين كل منهم يحاول سرقة الكاميرا ، ويتخذ من أوجاعنا إطارا بطولياً ملائماً ينتحل ضمنه أوضاعاً مختلفة ... فصارت حقوقنا كليشة في كل بيان خطابي ... وحقوقنا ضاعت ، وكما قيل " في كل يوم تمعن في إبحارها في الخريطة العربية ، ورياحنا نحن هي التي تقودنا بعيداً " ...لماذا ؟؟؟ ولماذا ؟؟؟ وكيف ؟؟ وأين حقوقنا نحن ؟؟؟ ربما كان في قراراتهم هذه جواب على ذلك ما دام تطبيق حقوق الإنسان صورة عن حياة الشعوب الداخلية ... ربما كان في أحدى الظواهر البارزة في تطبيق حقوقنا الإنسانية نافذة نستطيع أن نطل على حقيقة موت مأساة المواطن العراقي في ضميركم ، أنها ظاهرة خلو إنسانيتكم بشكل خاص وقوانينكم بشكل عام من الأثر الخالد الذي أستطاع أن يحيط بأبعاد حقوقنا كلها كفجيعة نفسية كبيرة علينا ، وككارثة جماعية تهدد صورة أوجاعنا وجروحنا في خاطرنا ، وكزلزال في عالم قيمنا ومسلماتنا ، وكإذلال جائر يسحق كبريائنا ويهدد وجودنا وخبزنا وضميرنا ...اليوم نحن عائمون على صفحة وجودنا نتسول زماناً ومكاناً ، ورائحة تهشمنا مازالت تفوح من بيادر حقوقنا الإنسانية !! وهكذا استحالة عملية حقوقنا الإنسانية ، إلى إدعاء ، كادعاء الحاوي الذي يخرج الطيور والأرانب من قبعتهُ ليوهم المتفرجين بأنه خالقها ...أننا اليوم ضد الالتزام بتطبيق حقوقنا الإنسانية ، وضد أن تلصق كلمة حقوقنا على الجدران لمجرد أن عليهم أن يفعلوا ذلك ، ولكن ؟؟؟ هل تتأثرون بنكبتنا ؟؟ وهل ترسبت بين حقوقنا ثورة أو استسلام أو حزن أو خيبة أو تحد ؟؟؟ هل امتصت مأساتنا حتى جذور كل حق لإنسانيتنا ..لقد كشف موقفكم .. أننا فقدنا كل شيء ، وحنطنا حقوق إنسانيتنا في دواخلنا ، وحتى مأساتنا أصبحت ليس لنا ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماهو رايك انت
عادل ( 2009 / 2 / 2 - 15:25 )
بكل ما كتبت وما به من الم في الكثير من المقاطع وكون السعودية الدولة طالبت العراق الدولة عن مواطنيها المفقودين في العراق وهم كما تقول انت ارهابيين وربما منهم من قتل في عمليات تفجير! ولكن لا انا ولا انت نمتلك الوثائق التي تدينهم في لدى الحكومة التي اعتبرت مواطنيها في الخارج اجانب من اصول عراقية!!! اعود الى كتابتك انت اول الناس الذين تخلط المفاهيم على طريقة عراثية واسف اقول لك بطريقتنا العروفة - ثريد - بكل شيء انت تعط مفهوم من خلال كتابتك بان حقوق الانسان يجب ان يكون لديها مدافع ودبابات وثانيا اختزلت كل حقوق الانسان بالسيدة الوزيرة! وثالثا ان حقوق الانسان في العراق لا تبداء ولا تنتهي بالسعوديين وانما هي اقدم من ذلك هي فينا نحن الراقيين اولا في الانتهاكات التي مر عليها دهر في الاحزاب المتدينة الي ذبحت المواطن باسم الدين وبالاحزاب القومية التي ذبحته باسم القومية فالذبح والانتهاك ليس له وطن كلهم من تربة واحدة تربة القتل ومصادرة الراي وحقوق الاخر وان انصب نفسي بمكان الرب على العباد علينا قبل ان ندين الارهابيين العرب ان ندين انفسنا متمثلين بالاحزاب التي قتلت المواطن بالحرب التي قتلت المواطن بالحزب الواحد الذي قتل المواطن بانفسنا التي عجزت او اغمضت عينها او تساهلت عن الدفاع عن حقها وال

اخر الافلام

.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا


.. الأونروا: النفايات تتراكم في أنحاء قطاع غزة وينتشر البعوض وا




.. القوات الإسرائيلية تشن حملة اعتقالات في طولكرم


.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد




.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06