الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق يهزم الارهاب

ابراهيم علاء الدين

2009 / 2 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


احر التهاني للشعب العراقي العظيم عرسه الديمقراطي حين برهن انه على قدرته بالانتصار على ثقافة التخلف وثقافة الموت وثقافة الاجساد المتفجرة والاشلاء المتطايرة، والسيارات المفخخة، التي زرعت العراق رعبا وقتلا ودماء واشلاء.
فبغض النظر عمن فاز ومن لم يفز، وبغض النظر عما رافق الانتخابات المحلية من مشاكل ونقائص وتجاوزات وقصور في التنظيم والسجلات، فان العراق هو الفائز عندما يؤمن شعبه العظيم بلغة الحوار، ويؤمن بالتعددية السياسية، ويؤمن بصندوق الانتخاب كأحد معالم الديمقراطية، ووسيلة الوصول للمواقع السيادية، واختيار الحاكم.
هنيئا للعراق هزيمته المشروع الظلامي للقاعدة ولكل التيارات الظلامية الاسلاموية والقومجية، التي مزقت العراق الى طوائف وجماعات وملل ونحل، ونثرت اشلاء اعضائها المجرمين على ابواب الجامعات والاسواق واماكن العبادة والجسور وبين الامنين من العراقيين البسطاء، واشاعت القتل على الهوية، واباحت الموت في الطرقات.
هنيئا للعراق وشعبه العظيم الذي تمكن بفضل صموده وصبره ونضاله الدؤوب من سحق دعاة "قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار"، وهزمت مشاريع الخرافة الاسلاموية سنية وشيعية، واثبت للعالم ان شعنا تمتد جذوره الى الاف السنين، يمكنه ان يكون قدوة للعالمين كما كان على مر تاريخه صانعا وبانيا للحضارة منذ اخترع الحرف، الى اختراعه الاله، الى سنه القوانين الى اعمار الارض بالعجائب لتستمر الاف السنين.
هذا هو العراق الذي انتصر امس، عندما شارك شعبه العظيم في الانتخابات في طول البلاد وعرضها (الا من جزء منها) دون ان تقع جريمة واحدة او يعكر صفو امنها مجرم واحد، هذا هو العراق الذي قطعت بعض نسائه عدة كيلو مترات سيرا على الاقدام لتدلي بصوتها في صندوق الاقتراع، وليغضب بعض اهله عندما حالت السجلات دون مشاركته في الانتخابات.
هذا هو العراق الذي تنافس في انتخاباته نحو 100 كيان سياسي من جميع الاتجاهات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وكان اغلبها ذو برامج علمانية ليبرالية وطنية، وخرج معظمها من عباءة الدين والطائفة.
هذا هو العراق الذي انتصر بالامس، بعد نحو ست سنوات من الظلام الاسود، وبشاعة الاحتلال ووحشية الارهاب، وغياب الرؤية وفقدان الامل ، والتهجير القسري داخل الوطن وخارجه، وشيوع الفقر والبطالة.
ها هو العراق ينهض من جديد مشافى معافى ليحتل موقعه في صدارة ومقدمة المعركة الحضارية التي تخوضها شعوب المنطقة ضد التخلف والفقر ومشاريع التقسيم والتجزئة، والامارات الطائفية، وسطوة الظلاميين القتلة الارهابيين.
وقد ياتي البعض ليقول انك ترسم صورة وردية لعراق ما زال تحت الاحتلال، وما زال النفوذ الفارسي متغلغل في بعض ثنايا الوطن، وان الحاقدون لم يلقوا سلاحهم بعد، فارد عليهم بما قالته معلمتي نادية المصرية المناضلة الشيوعية عندما كنت يانعا في بداية الطريق حين قالت " يا ابراهيم لا تقارن بين الواقع وبين ما ترغب ان تكون عليه، وما تامل ان تحققه من اقصى الطموحات، بل قارن بين ما كنت عليه بالامس، وما انت عليه اليوم" لان المقارنة الاولى تؤدي الى اليأس والاحباط، فيما الثانية تؤدي الى التوثب والتحفز والتفاؤل والانجاز.
نعم ايها الاخوة والاخوات العراقيين لا تقارنوا بين ما انتم عليه الان وبين طموحاتكم التي تصبون اليها لعراقكم العظيم، بل قارنوا بين ما كنتم عليه قبل 3 سنوات، وبين الان حين كان الموت يختطف احبائكم في الطرقات والاسواق والجامعات وبيوت العبادة، وحين كانت جثث احبائكم تلقى في نهر دجلة، وحين تمكن الظلاميون من اعلان امارتهم الاسلامية في بعض الاجزاء الغربية من الوطن، وحين كان الملالي يتحكمون بالهواء والامن وبابسط مقدرات الحياة، حين نشط دعاتهم المتخلفون ينشرون الوهم والتضليل في كل الارجاء، حين سيطرت العصابات المتسترة بالدين على مقدرات الوطن. وبين ما انتم عليه الان.
قارن ايها الشعب العظيم بين ما كان عليه العراق في ظل الديكتاتورية الوحشية، عندما كان مجرد الاعتراض على سرعة سيارة في الشارع يقودها احد اتباعه المهووسين كفيل برمي المواطن في غياهب السجون، وربما الاعدام ، واذا رفض مواطن اعلان الخضوع كل يوم صباح ومساء ويقيم الصلوات ويكثر من الدعاء للقائد الضرورة، يكون ذلك سببا لاختفاء الانسان ، ومعاقبة اهله وعشيرته وقبيلته قريته او ناحيته كلها.
قارنوا بين ما كان عليه العراق قبل سنوات مسروقا مسلوبا منهوبا من شلة القائد الضرورة ، والذي تبدو مظاهره جلية في الاردن وفي العديد من دول اوروبا وامريكا، حيث اقام الهاربون من انصار واتباع وشيعة وقبيلة واقرباء الديكتاتور الاف المشاريع بمليارات الدولارات، بينما كان الشعب باسره يتضور جوعا يحيا على البطاقة التموينية تحت الحصار الظالم. وبين ما انتم عليه الان..؟ يتطلع كل مستثمروا العالم للمساهمة في بناء اقتصاد الدولة الي تمتلك ثاني اعلى احتاط نفطي في العالم.
هكذا يجب ان تجري المقارنة، ويجب عدم الانصات للخطاب اللفظي الثوري او الرجعي، القومجي او الديني ، عن المقاومة والثورة والتحرير، فيما قادتهم يرتعون باحضان اسيادهم في دمشق او طهران ، او يعيشون بنعيم لندن وباريس ولوس انجلوس والعواصم الاوروبية.
ان المقاومة الحقيقة ايها العراقيون انما تكون بتعزيز الثقافة الديمقراطية، الثقافة التي ترفض الموت، الثقافة التي تعشق الحياة، الثقافة التي تؤمن بالبناء وليس التدمير، الثقافة التي تؤمن بالانسان، وبعظمته وقدرته.
الثقافة التي تؤمن بالحب، سبيلا للعلاقة بين البشر، الثقافة التي تؤمن بالسلام والتعايش ونبذ الطائفية والعصبية القبلية والعشائرية. الثقافة التي علمها العراق للبشرية كلها وزرع بذورها منذ الاف السنين في بلاد الرافدين ومنها الى كل الدنيا.
صحيح ايها الاخوة والاخوات انه ما زالت هناك امراض كثيرة، وما زالت المفاهيم والقيم القبلية والطائفية شائعة، وما زال لها ركائز قوية في المجتمع، ومن المؤكد ان هذه الامراض لا بد وانها القت بظلالها على الانتخابات المحلية، ولكن كما تمكن شعب العراق من هزيمة الارهاب وهزيمة ثقافة الموت والاشلاء المتطايرة، فانه سيتمكن من هزيمة الموروث البائس والثقافة البائسة التي تعيد انتاج الارهاب والموت والطائفية والعصبية القبلية.
وكما يبرهن العراقيون في كل مكان يحلوا فيه في هذا العالم على تفوقهم وبراعتهم ونجاحهم فانهم سوف يتمكنوا من بناء عراق الغد، عراق المجد، عراق الحرية والنور، عراق الديمقراطية والتعددية السياسية، عراق العلم والحضارة.
مرة اخرى هنيئا لكل عراقي وعراقية يساهمون في بناء الوطن الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دعني ياابي
علي السعيد ( 2009 / 2 / 1 - 20:27 )
في الامس اتصلت بعائلتي وانا خارج العراق مستفسرا عن امورهم وعن الحالة الامنية التي يعيشوها . طلبت من ابنتي , وهي مدرسة في احد المعاهد العلمية , ان يصوتو لقائمة معينة كنت اتمنى لها الفوز . في تلك الاثناء ساد صمت وسكتت عن الكلام . صحت بها الو.. الو اتسمعيني ؟ اجابت نعم ياابي اسمعك لكن لااسمعك في توجيهك عن دفعي لانتخاب قائمة معينة .. لقد اخترت قائمتي التي اقتنعت بها وماوصلت اليها لولا تفكيري بصحة اختياري ..قائمة تتشكل من اساتذة الجامعة المستقلون ..اخترت تلك القائمة لوجود نخبة ممتازة من الاساتذة والاكاديميين , لااعرف بينهم من هو الشيعي ومن هو السني والصابئي والمسيحي ..نخبة من عقولنا واساتذتنا ..ثم اكملت ..كل ماتامربه ياأبي على عيني ..لكنك اثرت استغرابي وانت التقدمي المتنوركيف تريد ابناؤك يقادون كما تقاد النعاج .نعم ..سادني شعور مزدوج بين خجلي من ابنتي ..لانها هي الاصح رأيا وبين استبدادي وتسلطي كاب ابتعدت طول عمري عن فرض ارادتي وعقلي على الاخرين وعلى ابنائي .في قرارة نفسي بعد ان اغلقت الخط هل ممكن ان اكون انا رجعيا مستبدا ..؟ نعم ..لايجوز أن تسود أخلاقي وافكاري على من هم بمعيتي ..لانهم يعيشون في زمنا ليس بزمننا . افتخر بوعيها ومنطقها وردها وعقلها .


2 - شكرا لك ايها الطيب
ابو سلام ( 2009 / 2 / 1 - 20:51 )
مني تقبل تحياتي اجملها متمني لك كل النجاح مشاعر جميلة وانسانية شكرا لكم يا ابا خليل


3 - برافو
مختار ( 2009 / 2 / 1 - 21:22 )
قلت في نفسي بعد قراءتي لمقالك هذا المشحون بالمحبة والإنسانية والتفاؤل يجب أن أشكره وأسكت، فماذا بوسعي أن أزيد على هذه القصيدة الإنسانية الجميلة؟ ولكني قررت مع ذلك أن أكتب شيئا نشازا ومعذرة، دفعني إليه هذا النفاق الذي تميزت به كتابات الإسلاميين أو المخدوعين بخطاباتهم من البعثيين وبعض اليساريين بالاسم. بالنسبة للعراق فقد اختار شعبه منذ التدخل الأمريكي إحداث قطيعة نهائية مع نظام صدام المستبد، أي أن الأغلبية الساحقة (أكثر من ثمانين في المائة) عبروا عن فرحتهم بعد أن تخلصوا من ذلك النظام البغيض من خلال المشاركة الواسعة في الانتخابات النيابية الأولى. هذه الحقيقة تجاهلتها أوساط واسعة في البلدان العربية، واعتبرت أن هذه الغالبية الغالبة من العراقيين خونة وعملاء ولا يمثلون عراق العروبة والإسلام كما يحبون. وحدهم ألئك الأوباش من القتلة والتكفيريين كانوا يمثلون العراق، وحدهم القتلة حظوا بأكاليل المجد: فهم المقاومون ضد المحتل، وهم المجاهدون ضد الكفار وهم الأحرار. وبينما تسيل دماء العراقيين مدرارا على أيدي هؤلاء الوحوش يتلذذ عروبيونا وإسلاميونا بنشر مآثر البطولة والمقاومة. وبعضهم يعبرون عن الشماتة والتشفي في انتظار انهيار كلي لهذا البلد حتى يقنعونا أن البلاد الإسلامية عاجزة عن ممارسة الديمقراطية وال


4 - العراق العظيم
nadaaljawadi ( 2009 / 2 / 1 - 23:09 )
لقد امتلا قلبي فرحا يوم عرس العراق عرس الانتخابات وانا اسمع النجاح الذي تحقق من خلال التنافس الشريف بين القوائم والظروف الامنيه التي سادت بفضل تعاون الجميع..لقد كانت هذه الخطوه عظيمه جدا وكان العراق اول من يجرب هذه الخطوه لوحده من بين بلدان العالم العربي الخطوه الاولى نحو الديقراطيه التي تخيف حكامهم ,لكنهم لن يستطيعوا ان يوقفوها رغم كل الاساليب القذره التي استعملوها في قتل العراقيين.


5 - انتصر الخيار الوطني والطائفية الى المزبلة
طيف ( 2009 / 2 / 2 - 01:48 )
انتصرت العقلانية العراقية .. وأول الغيث قطر !!
رغم المعوقات ورغم كل الظروف العصيبة التي تعصف بالعراق الا ان العراقي اوصل صوته برفض من فرضوا انفسهم اوصياء على الشعب وعلى الدين .. فشكرا لمن أختلس واحتال ومارس الدجل باسم الدين وتعاون مع المحتل فقد استعجل نهايته باكرا وانتهى دوره ولن تنطلي على الشعب الشعارات الزائفة التي رفعها المعممون والدجالون .. لايزال الطريق طويل لاستعادة سيادة العراق وخروج الاحتلالين الايراني والامريكي وبداية مرحلة جديدة تبني فيها الامة العراقية ذاتها ووجودها



6 - شكراً استاذ ابراهيم
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 2 - 11:34 )
نعم وكم قلت ولم أستطع ان اضيف حرفاً لقد سقط اصحاب الشعارات الدينية الشيعية والسنية وظهر على السطح الديمقراطيين والليبرالين ؟ نعم ليس المقياس الا كما قالت رفيقتك لاتنظر الا الى الامام ومن يُريد ان يعيد للخلف فليس له مكان بين العراقيين وليس الان ولكن انظر الى المستقبل فصدقني سوف يكون كل هذا المخاض لصالح القوى المتنورة اما الظلاميين اصحاب العمائم السوداء والبيضاء فالى سلة المهملات ؟ تحياتي سيدي


7 - العراق مارد قادم
س. السندي ( 2009 / 2 / 2 - 16:58 )
1؛ العراق مارد قادم بحضاراته ومجده التليد وعبقرية ابنائه..رغم سيوف المتخلفين

2؛لقد ولى زمن الشعارات والخرافات ...والحقائق لم تعد تستطيع ان تحجبها العمامات

3؛مرة قال الشاه بعد النكسة الحضارية في ايران...أنه سياتي اليوم اللذي لن ينجو فيه رجال الدين

في إيران بفروة روؤسهم وان الغد لناضره ليس ببعيد...وهذا ماسيكون في العراق

4؛مااللذي سيقوله العراقيين بعدأعراس الديمقراطية هذه ...للرئيس السابق بوش والاصحاب حذاء الزيدي

ولكل المعممين واصحاب أسوأ امة بها إبتليت الناس

5؛شكرا لك سيدي ولكل الخيرين في العالم ولكل من يقر ان الانسان هو الانسان  

اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع