الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحباط فرص السلام (ما وراء حمام الدم في غزة )2

فضيلة يوسف

2009 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


أكدّ توماس فريدمان من جانب آخر "بدل أن يقوم حزب الله بمواجهة الجيش الاسرائيلي" فقد قام باطلاق الصواريخ على المناطق الاسرائيلية المدنية المأهولة لتحريض اسرائيل على القيام بضربات ثأرية وقتل المدنيين اللبنانيين "لإلهاب الشارع العربي المسلم." وفي الواقع فإن عدداً كبيراً من الدراسات إضافة الى الموظفين الاسرائيلين أنفسهم اقروا أنه " خلال أعمال المقاومة التي قام بها حزب الله ضد الجيش الاسرائيلي المحتل في الجنوب اللبناني عام 2000– استهدف حزب الله المدنيين (فقط) بعد استهداف المدنيين اللبنانيين وفي حرب تموز 2006 أطلق حزب الله صواريخه نحو المراكز المدنية (بعد) أن قامت اسرائيل بعمليات قتل كبيرة للمدنيين اللبنانيين وصرّح السيد حسن نصر الله أنه سيتم استهداف المدنيين الاسرائيليين لأن اسرائيل تجاوزت الخط الاحمر في قصفها للمدنيين اللبنانيين.
ان استهداف اسرائيل للمدنيين والبنية التحتية في حرب تموز ليس لأنه لا يوجد عنده خيار آخر أو لأن حزب الله استفزها. لكن لأن إرهاب المدنيين كان نسبياً أسلوب مجاني لـ(التربية Eduction( وهو الاسلوب المفضل لدى اسرائيل بدل مواجهة العدو وخسارة عدد كبير من الضحايا لكن جدار مقاومة حزب الله منع اسرائيل من احراز نصر في الميدان (كما لم تتوقع).
وفي حالة غزة كان بإمكان اسرائيل أن تقوم بكلا الأمرين معاً تربية المدنيين وإنجاز نصر عسكري لأنه في غزة وبكلمات جدعون ليفي كان القتال (حرب ديلوكس) مقارنة مع الحروب السابقة. أنها لعبة اطفال يقصف الطيارون دون عوائق كما في حالة التدريب، تقصف المدفعية والدبابات المنازل والمدنيين من الاليات المحصنة، يدمر سلاح الهندسة الطرق بدون معارضة.
يقاتل جيش ضخم ضد مدنيين لا حول ولا قوة لهم وحركة حماس ضعيفة، غير منظمة وقد تركت الميدان ونادراً ما خاضت حرباً والتبرير الرابع الذي كتبه فريدمان على صفحات نيويورك تايمز لاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية بلغ (الدفاع عن العقائد المسيحية) لدولة الارهاب.
ويحسن الإشارة هنا أنه رغم أن هتلر سحب من Julius streicher الصوت الاعلامي للنازيين كافة قوته السياسية وأن جريدته كانت توزع 15ألف نسخة خلال الحرب فإن المحكمة الدولية حكمت بإعدامه كجرم حرب.
وما عدا رغبة اسرائيل في المحافظة على قدرتها على الردع من حربها على غزة فإنها هدفت الى تعطيل السلام الذي كان متوقعاً مع المعتدلين الفلسطينيين.
دعم المجتمع الدولي في العقود الثلاثة الأخيرة حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني (حل دولتيين بناء على انسحاب اسرائيل من الضفة وقطاع غزة) إلى حدود عام 1967 و(تسوية فقط) لقضية اللاجئين مبنية على حق العودة والتعويض وقد صوّتت الجمعية العامة في الأمم المتحدة حول قرار لحل النزاع في ديسمبر 2008 وكانت نتيجة التصويت 164-7 (السبعة المعارضين (الولايات المتحدة، اسرائيل، استراليا، جزر مارشال، جزر مايركوزينا ونارو وبالو).
إضافة إلى الخطة العربية للسلام منذ عام 2002 والتي يتم التأكيد عليها سنوياً أكدت حماس في السنوات القليلة الماضية موافقتها على هذا الحل. فمثلاً قال خالد مشغل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مقابلة صحيفة "هناك فرصة للتعامل مع هذا النزاع بطريقة مختلفة عما تقوم به إسرائيل اليوم ومن خلفها الولايات المتحدة. هناك رغبة فلسطينية لإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 وبما في ذلك حركة حماس وأيضاً هناك رغبة عربية وهذه فرصة تاريخية." لكن إسرائيل والولايات ترفض هذا الحد الأدنى الذي يقبل به الفلسطينيون والعرب. وتدرك إسرائيل تماماً أن حماس لا تتخطى حل الدولتين في حدود 1967" تعرف قيادة حماس أن هدفها الأيديولوجي لا يمكن تحقيقه في المنظور" قال قائد موساد سابق (إنهم مستعدون ويريدون بناء دولة في حدود عام 1967. ....أنهم يعرفون أن وقت الدولة قد حان وهم مجبرون على تغيير قواعد اللعبة، أنهم يتقبلون مساراً يقود بعيداً عن هدف معتقداتهم.)
إضافة لذلك التزمت حماس بوقف إطلاق النار تماماً في حزيران 2006 تبعاً لإعلامي إسرائيلي رغم أن إسرائيل واصلت خرقها للتهدئة (عدم فتح المعابر).
قامت بعض التنظيمات في غزة بإطلاق الصواريخ أثناء التهدئة لكن حركة حماس بذلت جهوداً لمنع ذلك ونجحت. أضاف الإعلامي الإسرائيلي وأكثر من ذلك كانت حماس مستعدة لتجديد التهدئة (رئيس الشين بيت يوفال ديسكين)
إذن التزمت الحركة الإسلامية (حماس) بكلمتها؛ وأصبحت موضع ثقة وهذا يزيد من مصداقيتها كطرف في الحوار وبينما تمتلك حماس القدرة على انتزاع تنازلات إسرائيلية عكس السلطة الوطنية البائسة التي تستجيب للدعوات الإسرائيلية بدون تراجع) عزز ذلك مكانة حماس بين الفلسطينيين.
تعتبر إسرائيل هذه التطورات كارثة لها فلا يمكن أن تبرر تملصها من حماس وسيكون تعرضها لضغط دولي (خاصة من الأوروبيين) للتفاوض مسألة وقت. وتوقعاتها أن الإدارة الأمريكية القادمة قد تتفاوض مع حماس وإيران وتسير مثل الأوروبيين في سبيل حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والذي يصرح به الآن بعض صانعي السياسات الأمريكيين يبرر مخاوف إسرائيل.
في سيناريو بديل تكهن به حسن نصر الله "تخطط الإدارة الامريكية لمؤتمر سلام دولي يحضره الامريكيون والاوروبيون واسرائيل والدول العربية المعتدلة للتوصل إلى استقرار والعائق الوحيد هو المقاومة الفلسطينية (حكومة حماس في غزة) والتخلص من هذا العائق هو الهدف الحقيقي للحرب" وقد قامت إسرائيل باستفزاز حماس لخرق التهدئة ثم لتقوم بتدميرها ومحوها كطرف منطقي للتفاوض وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بذلك.
دعم التيار الرئيس في منظمة التحرير في منتصف السبعينات حلا للنزاع مبني على قيام دولتين بحدود عام 1967 وحدث اتفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني (حيث تواجدت م ت ف) وبادرت السعودية والدول العربية بطرح مبادرة سلام عام 1981 مبنية على بناء دولتين بدأت إسرائيل في أيلول 1981 بالتخطيط لتدمير م ت ف.
قال المحلل الاستراتيجي افنير يانيف في تحليله لحرب 1982 أن ياسر عرفات وافق على حل تاريخي مع الدولة الصهيونية بينما القيادة الإسرائيلية (بما فيها الحمائم) لم توافق منذ عام 1967 على قيام دولة فلسطينية وخوفاً من الضغط الدبلوماسي رسمت إسرائيل لتدمير حل الدولتين وأعدّت للهجوم العكسري على الفلسطينيين والمدنيين اللبنانيين لإضعاف منظمة التحرير المعتدلة وتقوية الراديكاليين في المنظمة وضمان تفتيت المنظمة من أجل إحباط هجوم السلام الفلسطيني.
وبدأ الهجوم على لبنان بعد عام من وقف إطلاق النار رغم أن إسرائيل خرقت هذا الوقف عدة مرات وفي احد الخروقات قتلت 200 مدني في مستشفى فلسطيني في مخيم شاتيلا (منهم 60 طفلاً) وقد ردت منظمة التحرير فأصابت إسرائيليا واحداً وبرّرت اسرائيل اجتياحها الواسع للبنان نتيجة لهذه العملية. كان الهدف من هذا الاجتياح تدمير منظمة التحرير التي طالبت بإقابة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة كما قال يانيف ويستحق ان اذكر هنا ملاحظة عابرة ففي تأريخة لعملية السلام قدّم مارتن انديك سفير الولايات المتحدة السابق في اسرائيل ملخصاً للاحداث "في عام 1982 حرضت النشاطات الإرهابية لعرفات الحكومة الإسرائيلية بزعامة بيجين وشارون على اجتياح لبنان"
ولنعد إلى عام 2008 بسرعة قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني في بداية ديسمبر 2008 أنه رغم أن إسرائيل ترغب في فترة تهدئة مع حركة حماس إلا أن (التهدئة طويلة المدى) تؤذي الهدف الاستراتيجي لإسرائيل، وتقوي حماس وتعطي انطباعا أن إسرائيل تعترف بالحركة "وترجمة ذلك: وقف إطلاق نار دائم يحسّن من مصداقية حماس سيدمر هدف إسرائيل الاستراتيجي وهو السيطرة على الضفة الغربية.
وبعيداً في آذار 2007 صممت إسرائيل على مهاجمة حماس لكن التهدئة كانت مؤقتة لإعطاء الجيش الإسرائيلي الوقت الكافي للاستعداد وعندما أصبحت جميع القطع كل في مكانها افتقدت إسرائيل الحجة في 4 نوفمبر وبينما ينشغل العالم في انتخابات الرئاسة الأمريكية خرقت إسرائيل التهدئة بقتلها 7 مسلحين فلسطينيين اتهمتهم بأنهم يحفرون نفقاً لأسر جنود إسرائيليين وهي على ثقة تامة ان حماس سترد على ذلك.
"(نفق التكتكة) "حفر ظاهرياً لتسهيل خطف جنود إسرائيليين جاء في هآرتس في منتصف نوفمبر.
لم يشكل النفق خطراً واضحاً: مكانه معروف، ويمكن منع ما سيتم فيه من الجانب الإسرائيلي أو على الأقل يمكن إبعاد الجنود عن هذا النفق.لئلا يتم اختطافهم من المستحيل أن من فجّروا النفق لا يفكرون. المؤسسة العسكرية معنية بالتطبيقات الفورية مثل حقيقة أن سياسة ( الدخول) إلى منطقة ضيقة في القطاع تقود إلى نفس المكان: إنهاء التهدئة.
هذه سياسة وليست قراراً تكتيكياً من قائد عسكري في المنطقة استأنفت حماس اطلاق الصواريخ " الانتقام"(المركز الاسرائيلي للاستخبارات والإرهاب) ستقوم اسرائيل باجتياح قاتل وذلك من اجل احباط فرصة السلام الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ممنونين لك جهودك
صائب خليل ( 2009 / 2 / 3 - 12:09 )
السيدة فضيلة يوسف المحترمة
شكراً لك ترجمتك للمقالات الهامة لجومسكي وغيره وإيصالها إلينا. تقبلي تحيتي لتلك الجهود .


2 - شكرا لك
فضيلة يوسف ( 2009 / 2 / 3 - 18:05 )
شكرا على مرورك على هذه المقالة استاذ صائب

اخر الافلام

.. فيديو يوثق المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني


.. ما الأثر الذي سيتركه غياب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزي




.. جو بايدن يواجه احتجاجات من خريجي كلية مورهاوس في أمريكا


.. رجل سياسة ودين وقضاء.. تعرف على الرئيس الإيراني الراحل إبراه




.. ”السائق نزل وحضني“.. رد فعل مصريين مع فلسطيني من غزة يستقل ح